المشكاة في تربية الصّغار عَلى الصّلاة

الغريبة

مديرة المنتديات الإسلامية
فريق الإدارة
مديرة المنتديات الإسلامية

معلومات العضو

إنضم
15 يوليو 2021
الأوسمة
4
الإقامة
الاسكندرية
الجنس
أنثى
نشاط الغريبة:
4,157
0
3,405
  • المشكاة في تربية الصّغار عَلى الصّلاة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ستخصص تلك المساحة لفهرس المشاركات
المقدمة

صرف الصلاة والعبادة لله وحده

Oouytwwwq999333.gif
الصلاة أحد الأركان

Oouytwwwq999333.gif
الصلاة هي الحد بين المسلم والكافر

Oouytwwwq999333.gif
حكم الصلاة: الوجوب

Oouytwwwq999333.gif
أجر المحافظة على الصلاة

سوء عاقبة من أضاع الصلاة

الانشغال عن الصلاة

الاطمئنان والخشوع في الصلاة

فضل الصلاة لوقتها

بعض أحكام الصلاة

Oouytwwwq999333.gif
صلاة الجماعة

حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ : عَنِ النَّبِيِّ : مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ أَوْ رَاحَ أَعَدَّ اللَّهُ

Oouytwwwq999333.gif
إمامة قارئ القرآن

Oouytwwwq999333.gif
لا ينفع الإنسان إلا عمله

Oouytwwwq999333.gif
إِلى أولياء الأمور ( )

سئل الشيخ عبد العزيز بن باز السؤال التالي

Oouytwwwq999333.gif
المراجع
 
التعديل الأخير:
توقيع الغريبة

26543.imgcache.gif

الغريبة

مديرة المنتديات الإسلامية
فريق الإدارة
مديرة المنتديات الإسلامية

معلومات العضو

إنضم
15 يوليو 2021
المشاركات
4,157
مستوى التفاعل
3,405
الأوسمة
4
الإقامة
الاسكندرية
الجنس
أنثى


المشكاة في تربية الصّغارعَلى الصّلاة





المشكاة

في

تربية الصّغارعَلى الصّلاة


إعداد

حسان بن سالم عيد

غفر الله له ولوالديه



مراجعة وتقريظ

الشيخ :



بسم الله الرحمن الرحيم

تقديم وتقريظ





بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة الطبعة الأولى والثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ العزيز الحكيم الذي قال وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ،

مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ، إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ
 ( ).

والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين الذي قال: « … وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاةِ »( )،

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ

كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ

كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

وبعد:

فهذه آيات بينات من كلام الله جل وعلا شفعتها بقول وسنة خاتم الأنبياء

والمرسلين ﷺ تبين أهمية الصلاة ومكانتها في الإسلام،



وجمعت هذه الآيات والأحاديث لينتفع بها الصغار، وخاصة الأطفال الناشئة الذين يدرسون

في حلقات تحفيظ القرآن الكريم؛ لِمَا رأيت الحاجة إِلى ذلك؛

ولأنّهم في محل القدوة لغيرهم.

ولأهمية الصلاة فقد فرضها الله سبحانه من فوق سبع سماوات( )،

وبين الله عز وجل أهميتها وأجرها وسوء عاقبة من ضيعها في مواضع كثيرة من كتابه الكريم،

وكذلك الرسول ﷺ وضّح أنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ

وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاةِ - وسيأتي -.

فيجب أن نعوّد أولادنا على الصلاة والمحافظة عليها والخشوع فيها من الصغر؛

لأن من شَبَّ على شيء شاب عليه، وقال رسول الله ﷺ

« مُرُوا أَوْلادَكُمْ بِالصَّلاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ،

وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ
»( ).

والآيات والأحاديث وإن كان هدف جمعها الرئيسي هو الصلاة إلا أنها جامعة

لكل أبواب الخير التي تهم المسلم، مثل توحيد الله، وبقية أركان الإسلام،

وبر الوالدين، وصلة الرحم، والجهاد في سبيل الله، والأمر بالمعروف

والنهي عن المنكر، وقول الصدق، واجتناب الكبائر والفواحش والمحرمات…الخ،

وهي ليست مرجعاً شاملاً لكل ما يتعلق بالصلاة، ولكنها بداية

فقط يستفيد منها الطلاب - بحول الله -،

ويمكن أن يشرحها لهم معلمهم: كل يوم آية أو حديثاً أو أكثر،

ويمكن أن نشجع الطلاب على حفظ الأحاديث بإجراء المسابقات

والجوائز على حفظها وفهمها، ويمكن أن يتولى شرحها الطالب

أمام زملائه ويُعلِّق على شرحه المعلم، وغير ذلك من الأمور

التربوية المعروفة التي تخدم الهدف المنشود.

والآيات الكريمة مضبوطة على ما يوافق رواية حفص عن عاصم،

وتفسير الآيات اقتبسته - بتصرف - من (التفسير الميسر) كما سيأتي في المراجع،

والأحاديث جمعتها أولاً مما اتفق عليه البخاري ومسلم، ثم ما انفرد به أحدهما.

وهناك بعض التصرف في نقل الحديث، مثل: حذف الأسانيد، أ

و اختيار رواية واحدة للحديث، أَوْ عبارة واحدة إِذَا شك الراوي.

وترقيم الأحاديث كان حسب ترقيم: (العالمية) وهو برنامج على

جهاز الحاسوب كما سيأتي في المراجع. وشرح الأحاديث كان المرجع

فيه إِلى: (( فتح الباري بشرح صحيح البخاري )) لابن حجر،

و (( شرح مسلم )) للنووي ، و (( وتحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي )) ،

و (( شرح سنن النسائي )) للسندي وآخر للسيوطي ، و (( عون المعبود شرح سنن أبي داود )) ،

و (( شرح سنن ابن ماجة )) للسندي ، و (( المنتقى شرح موطأ مالك)) ،

وفيض القدير شرح الجامع الصغير ،
كما هو مبين في مراجع الحاسوب.

هذا ، ووجدت من المفيد إضافة مطوية بعنوان

(أبناؤنا والصلاة) لـ(عبد الملك القاسم)

طباعة دار القاسم بالرياض ، وهي موجهة لأولياء الأمور.



هذا وقد تفضل الشيخ :

وأسأل الله  أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وأن يوفقنا لعمل

كل ما يرضيه؛ إنه سميع قريب مجيب الدعاء.

رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا.( )



وكتبه: حسان بن سالم عيد

غفر الله له ولوالديه

الطائف: الاثنين, 18 من رجب 1421هـ الموافق: ‏16‏‏/‏10‏‏/‏2000‏م











ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1) الذاريات (56-58).

( 2) رواه أحمد في: باقي مسند المكثرين، باقي المسند السابق ،ح13526

والنسائي في كتاب عشرة النساء، باب حب النساء، ح3879.


( 3) انظر: الحديث المتفق عليه: البخاري، كتاب الصلاة، باب كيف فرضت الصلاة في الإسراء، ح336،

ومسلم، كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله إِلى السماوات وفرض الصلوات، ح234.

( 4) رواه أبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، 418،

واللفظ له، ورواه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء متى يؤمر الصبي

بالصلاة، ح372 وقال ’’حَدِيثُ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ،

وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَبِهِ يَقُولُ أَحْمَدُ وَإِسْحَقُ،

وَقَالا: مَا تَرَكَ الْغُلامُ بَعْدَ الْعَشْرِ مِنَ الصَّلاةِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ ‘‘،،

ورواه الدارمي في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الصبي بالصلاة،

ح1395، ورواه أحمد في مسند المكثرين من الصحابة،

مسند عبد الله بن عمرو بن العاص، ح6402.

( 5) سورة الفرقان [الآية : 74] ..





يتبع بإذن الله
 
توقيع الغريبة

26543.imgcache.gif

الغريبة

مديرة المنتديات الإسلامية
فريق الإدارة
مديرة المنتديات الإسلامية

معلومات العضو

إنضم
15 يوليو 2021
المشاركات
4,157
مستوى التفاعل
3,405
الأوسمة
4
الإقامة
الاسكندرية
الجنس
أنثى


صرف الصلاة والعبادة لله وحده

مِنَ القُرآنِ الكرِيم:

1) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ( ).

المعنى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) إنا نخصك وحدك

بالطاعة والعبادة، (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) ونستعين بك وحدك في جميع أمورنا،

فالأمر كله بيدك، لا يملك منه أحد مثقال ذرة.

وفي هذه الآية دليل على أن العبد لا يجوز له أن يصرف شيئاً من أنواع العبادة إلا لله وحده،

وفيها شفاء القلوب من داء التعلق بغير الله، ومن أمراض الرياء، والعجب، والكبرياء.

* * *

2) قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ،

لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ
 ().

وَنُسُكِي : الذبح.

المعنى: (قُلْ) - يا محمد - لهؤلاء المشركين:

(إِنَّ صَلاَتِي، وَنُسُكِي) أَيْ: ذبحي لله وحده،

لا للأصنام، ولا للأموات، ولا للجن، ولا لغير ذلك مما تذبحونه لغير الله،

وعلى غير اسمه كما تفعلون، (وَمَحْيَايَ) وحياتي،

(وَمَمَاتِي) وموتي (لِلّهِ)

تعالى (رَبِّ الْعَالَمِينَ).

(لاَ شَرِيكَ لَهُ) في ألوهيته ولا في ربوبيته

ولا في صفاته وأسمائه، (وَبِذَلِكَ) التوحيد الخالص

(أُمِرْتُ) أمرني ربي جلّ وعلا،

(وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) أول من أقرّ

وانقاد لله من هذه الأمة.

* * *

مِنْ سُنَّة الرسول ﷺ:

1) حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبٍ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه:

أَنَّ أَعْرَابِيًّا عَرَضَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ فِي سَفَرٍ

فَأَخَذَ بِخِطَامِ نَاقَتِهِ أَوْ بِزِمَامِهَا ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ! أَخْبِرْنِي بِمَا يُقَرِّبُنِي

مِنَ الْجَنَّةِ وَمَا يُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ، قَالَ: فَكَفَّ النَّبِيُّ ﷺ

ثُمَّ نَظَرَ فِي أَصْحَابِهِ ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ وُفِّقَ أَوْ لَقَدْ هُدِيَ، قَالَ: كَيْفَ قُلْتَ؟

قَالَ: فَأَعَادَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: تَعْبُدُ اللَّهَ لا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا،

وَتُقِيمُ الصَّلاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، دَعِ النَّاقَةَ
( 3).



أَعْرَابِيًّا : البدوي، أي: الذي يسكن البادية. عَرَضَ : بدا وظهر.

بِخِطَامِ : حبل يقلد به البعير ويعقد على أنفه لينقاد.

نَاقَتِهِ : الأنثى من الإبل.

بِزِمَامِهَا : الزمام: ما تقاد به الدابة.

وَتَصِلُ : الصلة: البر وحسن المعاملة.

الرَّحِمَ : القرابة. دَعِ : اترك.



المعنى: أن أبا أَيُّوبٍ الأَنْصَارِيِّ وهو الصحابي الجليل :

خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد عوف ، و يقال : ابن عمرو بن عبد عوف بن غنم ،

أبو أيوب الأنصاري الخزرجى . تُوُفِّي سنة : 50 هـ و قيل بعدها .

قال: بينما كان النَّبِيّ ﷺ فِي سَفَرٍ وكان راكباً ناقته

إذ ظهر أَعْرَابِيّ في طريق النَّبِيّ ﷺ ،

فَأَخَذَ الأعرابي بحبل نَاقَة النبي ﷺ لتقف الناقة

ويتمكن من سؤال النَّبِيّ ﷺ ثُمَّ قَالَ هذا الأعرابي:

يَا رَسُولَ اللَّهِ ! أَخْبِرْنِي وأرشدني إِلى عمل إِذَا عملته يُقَرِّبُنِي مِنَ الْجَنَّةِ

وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ، فَكَفَّ النَّبِيُّ ﷺ ثُمَّ نَظَرَ فِي أَصْحَابِهِ

ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ وُفِّقَ وهُدِيَ هذا السائل؛ لأنه سأل عن شيء مهم،

وهو مراد كل مؤمن أن ينجو من النار ويدخل الجنة. فماذا يعمل؟

قَالَ النَّبِيّ ﷺ: كَيْفَ قُلْتَ أيها الأعرابي؟

فَأَعَادَ الأعرابي سؤاله السابق وهو: أَخْبِرْنِي بِمَا يُقَرِّبُنِي مِنَ الْجَنَّةِ وَمَا يُبَاعِدُنِي

مِنَ النَّارِ، فَقَالَ له النَّبِيُّ ﷺ:



• أولاً: تَعْبُدُ اللَّهَ وحده لا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا؛

لأن الله سبحانه لا شريك له في ألوهيته ولا في ربوبيته ولا في صفاته

وأسمائه. والعبادة لابد أن يكون فيها إخلاص وترك الرياء.

• ثانياً: تُقِيمُ الصَّلاةَ التي أمر الله بها على الوجه

الذي شرعه وبينه.

• ثالثاً: وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ المفروضة إِلى أهلها.

• رابعاً: وَتَصِلُ الرَّحِمَ أي: تحسن إلى أقاربك

ذوي رحمك بما تيسر على حسب حالك وحالهم من إنفاق أو سلام

أو زيارة أو طاعتهم أو غير ذلك.



وخص الرسول ﷺ هذه الأعمال نظراً إلى حال السائل،

كأنه كان لا يصل رحمه فأمره به؛ لأنه المهم بالنسبة إليه.

ويؤخذ منه تخصيص بعض الأعمال بالحض عليها بحسب حال المخاطب

وافتقاره للتنبيه عليها أكثر مما سواها، إما لِمَشَقَّتِها عليه، وإما لتسهيله في أمرها.

وقولـه ﷺ: (دَعِ النَّاقَةَ)؛ لأن الأعرابي كان ممسكاً بخطامها

أو زمامها ليتمكن من سؤاله بلا مشقة، فلما حصل جوابه قال اترك الناقة لتمشي.










ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( 1) الفاتحة (5).

( 2) الأنعام (162-163).

( 3) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان الذي يدخل به الجنة، ح14.
 
توقيع الغريبة

26543.imgcache.gif

الغريبة

مديرة المنتديات الإسلامية
فريق الإدارة
مديرة المنتديات الإسلامية

معلومات العضو

إنضم
15 يوليو 2021
المشاركات
4,157
مستوى التفاعل
3,405
الأوسمة
4
الإقامة
الاسكندرية
الجنس
أنثى




الصلاة أحد الأركان

مِنَ القُرآنِ الكرِيم:

1) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ

وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ
( ).

المعنى: الذين وعدناهم بنصرنا هم

(الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ)، واستخلفناهم فيها

بإظهارهم على عدوهم، (أَقَامُوا الصَّلاةَ) بأدائها في أوقاتها بحدودها،

(وَآتَوُا الزَّكَاةَ) وأخرجوا زكاة أموالهم إِلى أهلها،

(وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ) وهو كل ما أمر الله به

من حقوقه وحقوق عباده.

(وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ) وهو كل ما نهى الله عنه،

(وَلِلَّهِ) وحده

(عَاقِبَةُ)
مصير (الأُمُورِ) كلها. والعاقبة للتقوى.



* * *



2) اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ

إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ
( ).



الْفَحْشَاءِ : ما عظم قبحه من الذنوب.

الْمُنْكَرِ : ما رفضه الشرع ونص على قبحه.



المعنى: (اتْلُ مَا أُوحِيَ) أُنزل

(إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ) هذا القرآن، واعمل به،

(وَأَقِمِ) وَأَدِّ (الصَّلاةَ) بحدودها،

(إِنَّ) المحافظة على (الصَّلاةَ تَنْهَى)

صاحبها (عَنِ) الوقوع في (الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)

المعاصي والمنكرات؛ وذلك لأن المقيم لها، المتمم لأركانها وشروطها،

يستنير قلبه، ويزداد إيمانه، وتقوى رغبته في الخير؛ وتقل أَوْ تنعدم رغبته في الشر،

(وَلَذِكْرُ اللَّهِ) في الصلاة وغيرها،

أعظم و(أَكْبَرُ) وأفضل من كل شيء.

(وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) من خير وشر،

فيجازيكم على ذلك أكمل الجزاء وأوفاه.



* * *



3) وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ

وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ
( ).



مُخْلِصِينَ : قاصدين وجه الله الدِّينَ : العبادة.

حُنَفَاءَ : مائلين عن الباطل إلى الإسلام.

دِينُ الْقَيِّمَةِ : الملة المستقيمة.



المعنى: (وَمَا أُمِرُوا) في سائر الشرائع

(إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ) وحده (مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) قاصدين بعبادتهم وجهه

(حُنَفَاءَ) مائلين عن الشرك إِلى الإيمان،

(وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤْتُوا)

ويُؤَدُّوا (الزَّكَاةَ) (وَذَلِكَ) هو (دِينُ الْقَيِّمَةِ) دين الاستقامة، وهو الإسلام.



* * *



مِنْ سُنَّة الرسول :

1) حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:

بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسَةٍ: عَلَى أَنْ يُوَحَّدَ اللَّهُ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ،

وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَالْحَجِّ
( ).



يُوَحَّدَ : أَيْ: يُفْرَد بالتوحيد

المعنى : روى هذا الحديث

عن رسول الله ﷺ ابن عمر - رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا -

وهو : عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشى العدوى ، أبو عبد الرحمن المكي المدني ،

أسلم قَديماً مع أبيه و هو صغير لم يبلغ الحلم ، و هاجر معه ،

و شهد الخندق و ما بعدها من المشاهد مع رسول الله ﷺ ،

و هو شقيق حفصة أم المؤمنين ، مات سنة ثلاث وسبعين .



ومعنى الحديث : أن الدين عند الله الإسلام،

وهو مبني عَلَى خَمْسَة أركان:



1) عَلَى أَنْ يُوَحَّدَ اللَّهُ، أي: يفرد بالتوحيد، بمعنى: أن يُعبَد الله وحده، ويُكفَر بما دونه.

2) وَعلى إِقَامِ الصَّلاةِ بأدائها في أوقاتها بحدودها، والمداومة عليها.

3) وعلى إِيتَاءِ الزَّكَاةِ، أي: إخراج زكاة الأموال إِلى أهلها.

4) وَعلى صِيَامِ شهر رَمَضَانَ، وهو الشهر التاسع من الشهور القمرية.

5) وَعلى الْحَجِّ إِلى بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلاً.

وهذا الحديث أصل عظيم في معرفة الدين، وعليه اعتماده، وقد جمع أركانه. والله أعلم.









ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الحج (41).

(2) العنكبوت (45).

(3) البينة (5).

(4) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الإيمان، باب بيان

أركان الإسلام ودعائمه العظام…، ح 19.




يتبع بإذن الله
 
توقيع الغريبة

26543.imgcache.gif

الغريبة

مديرة المنتديات الإسلامية
فريق الإدارة
مديرة المنتديات الإسلامية

معلومات العضو

إنضم
15 يوليو 2021
المشاركات
4,157
مستوى التفاعل
3,405
الأوسمة
4
الإقامة
الاسكندرية
الجنس
أنثى




الصلاة هي الحد بين المسلم والكافر

مِنَ القُرآنِ الكرِيم:

1) فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ

حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا

وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
( ).



انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ : انقضت الأشهر الأربعة التي كانت عهداً.

وَخُذُوهُمْ : ائسروهم.

وَاحْصُرُوهُمْ : احبسوهم أَوْ امنعوهم من التصرف في البلاد.

كُلَّ مَرْصَدٍ : كل طريق وممر ومكان مُراقَب.



المعنى: (فَإِذَا انْسَلَخَ) انقضت (الأَشْهُرُ الْحُرُمُ)

الأشهر الأربعة التي أمَّنْتُم فيها المشركين،

(فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) فأعلنوا الحرب على أعداء

الله حَيْثُ كانوا.

(وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ) واقصدوهم بالحصار في معاقلهم. (وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ) وترصدوا لهم في طرقهم.

(فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ) فإن رجعوا عن كفرهم

ودخلوا الإسلام والْتَزموا شرائعه من إقام الصلاة وإخراج الزكاة،

(فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ) فاتركوهم،

فقد أصبحوا إخوانكم في الإسلام.

(إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ) لمن تاب وأناب، (رَحِيمٌ) بهم.



* * *



2) فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ

فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ
( ).



المعنى: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ) فإن أقلعوا عن عبادة غير الله،

ونطقوا بكلمة التوحيد، والْتَزموا شرائع الإسلام من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة،

(فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ) فإنهم إخوانكم في الإسلام،

(وَنُفَصِّلُ) ونبين (الآيَاتِ) ونوضحها

(لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) ينتفعون بها.



* * *



مِنْ سُنَّة الرسول :

1) حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا

أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ.

فَإِذَا فَعَلُوا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَ هُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ
( ).



عَصَمُوا : حفظوا ومنعوا.



المعنى : روى هذا الحديث عن رسول الله ﷺ

ابن عمر - رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا - وهو : عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشى العدوى ،

أبو عبد الرحمن المكي المدني ، أسلم قَديماً مع أبيه و هو صغير لم يبلغ الحلم ،

و هاجر معه ، و شهد الخندق و ما بعدها من المشاهد مع رسول الله ﷺ ،

و هو شقيق حفصة أم المؤمنين ، مات سنة ثلاث وسبعين ،

(قَالَ) عبد الله بن عمر : (قَالَ رَسُولُ ﷺ : أُمِرْتُ)

أي: أمرني ربي (أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ) حَتَّى يفعلوا ما يأتي:



• (يَشْهَدُوا أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ) وحده لا شريك له،

ويشهدوا (أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ)، وهو خاتم النبيين والمرسلين.

• (وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ): أي: يداوموا على الإتيان بها بشروطها.

• (وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ): أي: يخرجوا زكاة أموالهم إِلى أهلها.



وخص الصلاة والزكاة لعظمهما والاهتمام بأمرهما، لأنهما أُمَّا العبادات البدنية والمالية.

(فَإِذَا فَعَلُوا) ذلك: بأن شهدوا بالوحدانية لله،

وبالرسالة لرسوله ﷺ ، وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة إِلى أهلها

- (عَصَمُوا) أي: منعوا (مِنِّي دِمَاءَ هُمْ وَأَمْوَالَهُمْ)؛

لأنه لا يجوز قتالهم بعد ما فعلوا ذلك، (إِلاَّ بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ) في أمر سرائرهم.

وفيه وجوب قتال مانعي الزكاة أو الصلاة أو غيرهما من واجبات الإسلام.

وفيه دليل على قبول الأعمال الظاهرة والحكم بما يقتضيه الظاهر،

والاكتفاء في قبول الإيمان بالاعتقاد الجازم. ويؤخذ منه ترك تكفير

أهل البدع المقرين بالتوحيد الملتزمين للشرائع، وقبول توبة الكافر من كفره،

من غير تفصيل بين كفر ظاهر أو باطن.



* * *



2) حَدِيثُ جَابِر  يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ:

إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاةِ
( ).



المعنى : روى هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه

وسلم جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري الخزرجى السلمي ،

أبو عبد الله و يقال أبو عبد الرحمن ، و يقال أبو محمد المدني صاحب

رسول الله ﷺ ، و ابن صاحبه . توفي بعد سنة 70 هـ بالمدينة المنورة.

ومعنى الحديث: أن الحد الفاصل بين الرجل والشرك بالله هو ترك الصلاة.

ومعنى بينه وبين الشرك والكفر ترك الصلاة أن الذي يمنع من كفره كونه

لم يترك الصلاة، فإذا تركها لم يبق بينه وبين الشرك حائل، بل دخل فيه.



وتارك الصلاة إن كان منكراً لوجوبها فهو كافر بإجماع المسلمين،

خارج من ملة الإسلام إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام،

ولم يخالط المسلمين مدة يبلغه فيها وجوب الصلاة عليه.

وإن كان تركه تكاسلاً مع اعتقاده وجوبها كما هو حال كثير من الناس

فذهب جماعة من السلف إلى أنه يكفر.



واحتج العلماء على قتل تارك الصلاة بقوله تعالى:

فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ  ( )

وقوله ﷺ: « أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا

أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ.

فَإِذَا فَعَلُوا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَ هُمْ وَأَمْوَالَهُمْ( )»
والله أعلم.











ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) التوبة (5).

(2) التوبة (11).

(3) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس

حتى يقولوا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ …، ح33.

(4) رواه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، ح116.

(5) التوبة (5).

(6) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس

حتى يقولوا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ …، ح33. وسبق.



يتبع بإذن الله
 
توقيع الغريبة

26543.imgcache.gif

الغريبة

مديرة المنتديات الإسلامية
فريق الإدارة
مديرة المنتديات الإسلامية

معلومات العضو

إنضم
15 يوليو 2021
المشاركات
4,157
مستوى التفاعل
3,405
الأوسمة
4
الإقامة
الاسكندرية
الجنس
أنثى


حكم الصلاة: الوجوب

مِنَ القُرآنِ الكرِيم:

1) وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ

يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ

وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
( ).



المعنى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ) بالله ورسوله (بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ) أنصار

(بَعْضٍ، يَأْمُرُونَ) الناس (بِالْمَعْرُوفِ) بالإيمان والعمل الصالح، (وَيَنْهَوْنَ)

الناس (عَنِ الْمُنْكَرِ) الكفر والمعاصي، (وَيُقِيمُونَ) ويؤدون (الصَّلاةَ، وَيُؤْتُونَ)

ويعطون (الزَّكَاةَ، وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)، وينتهون عما نهو عنه.

(أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ) فينقذهم من عذابه ويدخلهم جنته. (إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ)

في ملكه، (حَكِيمٌ) في تشريعاته وأحكامه.



* * *



2) قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً

مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ
( ).



بَيْعٌ : فدية. خِلالٌ : صداقة ومحبة.



المعنى: (قُلْ) - يا محمد - (لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا: يُقِيمُوا) يؤدوا (الصَّلاةَ) بحدودها،

(وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ) ويخرجوا بعض ما أعطيناهم من المال في وجوه الخير

(سِرًّا وَعَلانِيَةً) مسرّين ذلك ومعلنين. (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ) يوم القيامة الذي

(لا) ينفع (بَيْعٌ) فداء (فِيهِ وَلا خِلالٌ) صداقة.



* * *



3) وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ( ).



وَاصْطَبِرْ : داوم.

المعنى: (وَأْمُرْ) - يا محمد - (أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) واصطبر على أدائها،

(لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا) مالاً، (نَحْنُ نَرْزُقُكَ) ونعطيك. (وَالْعَاقِبَةُ) الصالحة

في الدنيا والآخرة (لِلتَّقْوَى) لأهل التقوى.



* * *



4) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ. وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ

مِنْ حَرَجٍ. مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ.

وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ.

فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ. فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ
( ).



هُوَ اجْتَبَاكُمْ : هو اختاركم لدينه وعبادته ونُصرته. الدِّينِ : شريعة الإسلام.

حَرَجٍ : ضيق بتكليف يشُق ويعسُر. مِلَّةَ : شريعة.

مَوْلاكُمْ : مالككم وناصركم ومتولي أموركم. وَاعْتَصِمُوا : الْزَمُوا وتمسكوا.



المعنى: (وَجَاهِدُوا) الكفار والظلمة، والنفس، والشيطان (فِي اللَّهِ)

مخلصين فيه النية لله عز وجل مسلمين له قلوبكم وجوارحكم

(حَقَّ جِهَادِهِ) جهاداً عظيماً. (هُوَ اجْتَبَاكُمْ) هو اصطفاكم لحمل هذا الدين.

(وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) وقد مَنَّ عليكم بأن جعل شريعتكم سمحة،

ليس فيها تضييق ولا تشديد في تكاليفها وأحكامها، كما كان في بعض الأمم قبلكم.

(مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ) هذه الملة السمحة هي ملة أبيكم إبراهيم.

(هُوَ) الله جل وعلا (سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ) في الكتب المنَزلة السابقة،

(وَفِي هَذَا) القرآن. وقد اختصكم بهذا الاختيار؛ (لِيَكُونَ الرَّسُولُ)

خاتم الرسل محمد ﷺ (شَهِيدًا) شاهداً (عَلَيْكُمْ)

بأنه بلَّغكم رسالة ربه، (وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) الأمم أن رسلهم

قد بلَّغتهم بما أخبركم الله به في كتابه. فعليكم أن تعرفوا لهذه النعمة قدرها،

فتشكروها، وتحافظوا على معالم دين الله: (فَأَقِيمُوا) أدوا (الصَّلاةَ) بأركانها وشروطها،

(وَآتُوا) أخرجوا (الزَّكَاةَ) المفروضة، (وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ) الْجئوا إِلى الله سبحانه،

(هُوَ مَوْلاكُمْ) فتوكلوا عليه، (فَنِعْمَ الْمَوْلَى) ) فهو نعم المولى

لمن تولاه، (وَنِعْمَ النَّصِيرُ) لمن استنصره.



* * *



5) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا. فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا.

لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ. ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ.

مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ.

مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا. كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ
( ).



فَأَقِمْ وَجْهَكَ : قوِّمْه وعَدِّلْه. لِلدِّينِ : دين التوحيد والإسلام.

حَنِيفًا : مائلاً إِلَيْهِ مستقيماً عليه. فِطْرَةَ اللَّه : الْزموها وهي دين الإسلام.

فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا : جَبلَهُم وطَبَعَهُم عليها. لِخَلْقِ اللَّهِ : لدينه الذي فطرهم عليه.

ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ : المستقيم الذي لا عوج فيه. مُنِيبِينَ إِلَيْهِ :

راجعين إِلَيْهِ بالتوبة والإخلاص.

فَرَّقُوا دِينَهُمْ : بدّلوا دينهم شِيَعًا : فِرَقاً مختلفة الأهواء.



المعنى: (فَأَقِمْ) - يا محمد أنت ومن اتبعك - (وَجْهَكَ لِلدِّينِ) واستمر على الدين

الذي شرعه الله لك. (حَنِيفًا) مائلاً إِلَيْهِ مستقيماً عليه.

والْزموا (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا)، وهو الإسلام الذي فطر الله الناس عليه.

فبقاؤكم عليه، وتمسككم به، تمسك بفطرة الله من الإيمان بالله وحده.

(لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ) ودينه. (ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) فهو الطريق المستقيم

الموصل إِلى رضا الله رب العالمين وجنته.

(وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) أن الذي أمرتك به - يا محمد - هو الذين الحق

دون سواه. (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ) وكونوا راجعين إِلى الله بالتوبة وإخلاص العمل له،

(وَاتَّقُوهُ) بفعل الأوامر واجتناب النواهي، (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) تامة بأركانها

وواجباتها وشروطها، (وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) مع الله غيره في العبادة.

ولا تكونوا من المشركين وأهل الأهواء والبدع. (مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ)

بدّلوا دينهم، وغيّروه، فأخذوا بعضه، وتركوا بعضه، تبعاً لأهوائهم.

(وَكَانُوا شِيَعًا) فصاروا فرقاً وأحزاباً، يتشيعون لرؤسائهم وأحزابهم وآرائهم،

يعين بعضهم بعضاً على الباطل. (كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) مسرورون،

يحكمون لأنفسهم بأنهم على الحق وغيرهم على الباطل.



* * *



مِنْ سُنَّة الرسول ﷺ:

1) حَدِيثُ مُعَاذٍ رضي الله عنه قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ

ﷺ قَالَ: إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَادْعُهُمْ إِلَى

شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ. فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ

أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا

لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ فِي

فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ؛

فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ
( ).



افْتَرَضَ : أَوْجَب وَكَرَائِمَ : أعز وأفضل أموالهم إِلى نفوسهم.



المعنى: روى هذا الحديث عن رسول الله ﷺ

معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ بن عدى بن كعب بن عمرو

الأنصاري الخزرجى ، أبو عبد الرحمن المدني ، توفي سنة : 18 هـ بالشام.

(قَالَ) معاذ بن جبلرضي الله عنه: (بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ )

إِلى اليمن وكان سنة عشر قبل حج النبي ﷺ , وقيل غير ذلك ،



واتفقوا على أنه لم يزل على اليمن إلى أن قدم في عهد أبي بكر،

ثم توجه إلى الشام فمات بها سنة 18 هـ , واختُلف هل كان معاذ والياً أو قاضياً؟.

(قَالَ) له الرسول ﷺ : (إِنَّكَ) يا معاذ

(تَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ)، أَيْ: اليهود فقد كثروا يومئذ في أقطار اليمن،



وكان أصل دخول اليهود في اليمن في زمن أسعد وهو تبع الأصغر.

(فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ) أَيْ:

فادعهم بالتدريج إلى ديننا شيئاً فشيئاً، ولا تدعهم إلى كله دفعة؛

لئلا يمنعهم من دخولهم فيه ما يجدون فيه من كثرة مخالفته لدينهم.

وإنما وقعت البداية بالشهادتين لأنهما أصل الدين الذي لا يصح شيء

غيرهما إلا بهما. وهذا يدل على أن اليهود والنصارى ليسوا بعارفين الله تعالى ؛

وإن كانوا يعبدونه , ويظهرون معرفته .



وقال العلماء : ما عرف الله تعالى

من شبهه وجسمه من اليهود , أو أجاز عليه البداء , أو أضاف إليه الولد منهم ,

أو أضاف إليه الصاحبة والولد , وأجاز الحلول عليه , والانتقال والامتزاج من النصارى ,

أو وصفه بما لا يليق به , أو أضاف إليه الشريك والمعاند في خلقه من المجوس

والثنوية فمعبودهم الذي عبدوه ليس هو الله وإن سموه به إذ ليس موصوفا

بصفات الإله الواجبة له .



فإذن ما عرفوا الله سبحانه. (فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ)

أَيْ: شهدوا وانقادوا للإسلام، (فَأَعْلِمْهُمْ) من الإعلام بمعنى الإخبار

(أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ) الفجر ، والظهر ، والعصر ،

والمغرب ، والعشاء (فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ . فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ

فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً) أَيْ: زكاة لأموالهم ،

(تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ

فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ) جمع كريمة وهي خيار المال أو أفضله،

أَيْ: احترز من أخذ خيار أموالهم، والنكتة فيه أن الزكاة لمواساة

الفقراء فلا يناسب ذلك الإجحاف بمال الأغنياء إلا إن رضوا بذلك،

(وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ) أَيْ: اتق الظلم خشية أن يدعو عليك المظلوم،

وفيه تنبيه على المنع من جميع أنواع الظلم، والنكتة في ذكره عقب

المنع من أخذ كرائم الأموال الإشارة إلى أن أخذها ظلم ؛



(فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا) أي : دعوة المظلوم (وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ)

أَيْ: أنها مسموعة عند الله تعالى

ولا تُرَدّ . وقيل هو كناية عن سرعة القبول ، وفي حديث آخر عن رَسُول

اللهِ ﷺ قال : « اتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ

وَإِنْ كَانَ كَافِرًا فَإِنَّهُ لَيْسَ دُونَهَا حِجَابٌ »
( ).



وفي حديث معاذ :

 أن السنة أن الكفار يدعون إلى التوحيد قبل القتال.

 وفيه أنه لا يحكم بإسلامه إلا بالنطق بالشهادتين.

واستدل به على أنه لا يكفي في الإسلام الاقتصار

على شهادة أن لا إله إلا الله حتى يضيف إليها الشهادة

لمحمد ﷺ بالرسالة.



 وفيه أن الصلوات الخمس تجب في كل يوم وليلة.

 وفيه بيان عظم تحريم الظلم , وأن الإمام ينبغي أن يعظ ولاته ,

ويأمرهم بتقوى الله تعالى , ويبالغ في نهيهم عن الظلم, ويعرفهم قبح عاقبته ،

وتوصية الإمام عامله فيما يحتاج إليه من الأحكام وغيرها.

 وفيه أنه يحرم على الساعي أخذ كرائم المال في أداء الزكاة بل يأخذ الوسط؛

لأن الزكاة لمواساة الفقراء , فلا يناسب ذلك الإجحاف بالمالك إلا برضاه.

ويحرم على رب المال إخراج شر المال .

 واستدل به على أن الإمام هو الذي يتولى قبض الزكاة وصرفها

إما بنفسه وإما بنائبه , فمن امتنع منها أخذت منه قهراً.

 وهذا الحديث ليس مسوقا لتفاصيل الشرائع بل لكيفية الدعوة إلى الشرائع

إجمالاً، وأما تفاصيلها فذاك أمر مفوض إلى معرفة معاذ رضي الله عنه ،

فترك ذكر الصوم والحج في هذا الحديث لا يضر، كما لا يضر

ترك تفاصيل الصلاة والزكاة.









ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) التوبة (71).

(2) إبراهيم (31).

(3) طه (132).

(4) الحج (78).

(5) الروم (30-32).

(6) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الإيمان، باب الدعاء إِلى الشهادتين وشرائع الإسلام، ح27.

(7) رواه أحمد في : باقي مسند المكثرين ، مسند أنس بن مالك ، ح12091.





يتبع بإذن الله​
 
توقيع الغريبة

26543.imgcache.gif

الغريبة

مديرة المنتديات الإسلامية
فريق الإدارة
مديرة المنتديات الإسلامية

معلومات العضو

إنضم
15 يوليو 2021
المشاركات
4,157
مستوى التفاعل
3,405
الأوسمة
4
الإقامة
الاسكندرية
الجنس
أنثى


أجر المحافظة على الصلاة

مِنَ القُرآنِ الكرِيم:

1) وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ ( ).



يُمَسِّكُونَ : يعملون بما فيه.



المعنى: (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ) يتمسّكون (بِالْكِتَابِ)، ويعملون بما فيه

من العقائد والأحكام، (وَأَقَامُوا الصَّلاةَ) ويحافظون على الصلاة

بحدودها، ولا يضيعون أوقاتها، (إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ)

فإن الله يثيبهم على أعمالهم الصالحة، ولا يضيعها.



* * *

2) إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ

سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ. لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ،

إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ. وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا

لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ، إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ. ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا

مِنْ عِبَادِنَا، فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ، وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ، وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ

بِإِذْنِ اللَّهِ، ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ. جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا

مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا. وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ. وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ

الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ، إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ. الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ

مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ.

وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ

مِنْ عَذَابِهَا، كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ. وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا

رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ. أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ

مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَ كُمُ النَّذِيرُ. فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ 
( ).



تَبُورَ : تكسد وتهلك. اصْطَفَيْنَا : اخترنا.



ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ : رجحت سيئاته. مُقْتَصِدٌ : استوت حسناته وسيئاته.

سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ : رجحت حسناته. الْحَزَنَ : كل ما يحزن ويغم.

أَحَلَّنَا : أنزلَنا. الْمُقَامَةِ : الإقامة الدائمة في الجنة.

نَصَبٌ : تعب. لُغُوبٌ : إعياء.

يَصْطَرِخُونَ : يستغيثون. النَّذِيرُ : الرسول ﷺ ومعه القرآن.



المعنى: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ) يقرؤون القرآن، ويعملون به،

(وَأَقَامُوا) وداوموا على (الصَّلاةَ) في أوقاتها، (وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ)

من أنواع النفقات الواجبة والمستحبة (سِرًّا وَعَلانِيَةً) وجهراً. هؤلاء

(يَرْجُونَ) بذلك (تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ) لن تكسد ولن تهلك، ألا وهي رضا ربهم،

والفوز بجزيل ثوابه؛ (لِيُوَفِّيَهُمْ) الله تعالى (أُجُورَهُمْ) ثواب أعمالهم

كاملاً غير منقوص، (وَيَزِيدَهُمْ) ويضاعف لهم الحسنات (مِنْ فَضْلِهِ).

(إِنَّهُ) إن الله (غَفُورٌ) لسيئاتهم، (شَكُورٌ) لحسناتهم، يثيبهم عليها الجزيل

من الثواب. (وَالَّذِي أَوْحَيْنَا) أنزلناه (إِلَيْكَ) - يا محمد -

(مِنَ الْكِتَابِ) القرآن (هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا) المصدّق (لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ)

للكتب التي أنزلها الله على رسله قبلك. (إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ)

لا يخفى عليه شيء. (ثُمَّ أَوْرَثْنَا) أعطينا - بعد هلاك الأمم -

(الْكِتَابَ) القرآن (الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا) اخترناهم (مِنْ عِبَادِنَا) أمة محمد :



(فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ) بفعل بعض المعاصي. (وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ).

وهو المؤدي للواجبات المجتنب للمحرمات. (وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ

بِإِذْنِ اللَّهِ)، أَيْ: مسارع مجتهد في الأعمال الصالحة فرضها ونفلها، (ذَلِكَ)

الإعطاء للكتاب واصطفاء هذه الأمة (هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ). (جَنَّاتُ عَدْنٍ)

إقامة دائمة للذين أورثهم الله كتابه (يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ

مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا)، (وَلِبَاسُهُمْ) المعتاد (فِيهَا) في الجنة (حَرِيرٌ) أَيْ:

ثياب رقيقة. (وَقَالُوا) حين دخلوا الجنة: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا)

كل (الْحَزَنَ، إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ)؛ حَيْثُ غفر لنا الزلات (شَكُورٌ)؛ حَيْثُ قبل

منا الحسنات وضاعفها. وهو (الَّذِي أَحَلَّنَا) أنزلنا (دَارَ الْمُقَامَةِ) الجنة (مِنْ فَضْلِهِ)،

(لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ) تعب (وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ) إعياء.



(وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ) الموقدة، (لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ) بالموت،

(فَيَمُوتُوا) ويستريحوا، (وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا)، (كَذَلِكَ)

ومثل ذلك الجزاء (نَجْزِي) يجزي الله عز وجل (كُلَّ كَفُورٍ) جحود له

ولرسوله. (وَهُمْ) وهؤلاء الكفار (يَصْطَرِخُونَ) يصرخون من شدة العذاب

(فِيهَا) في نار جهنم مستغيثين: (رَبَّنَا أَخْرِجْنَا) من نار جهنم، وردَّنا إِلى

الدنيا (نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) نعمله في حياتنا الدنيا،

فنؤمن بدل الكفر. فيقول لهم: (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ) نُمْهِلْكم في الحياة

قدْراً وافياً من العمر، (مَا يَتَذَكَّرُ) يتعظ (فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ) اتعظ،

(وَجَاءَ كُمُ النَّذِيرُ) النَّبِيّ ﷺ ومع ذلك لم تتذكروا

ولم تتعظوا؟. (فَذُوقُوا) عذاب جهنم، (فَمَا) فليس (لِلظَّالِمِينَ)

للكافرين (مِنْ نَصِيرٍ) ناصر ينصرهم من عذاب الله.



* * *



3) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى، وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى( ).



تَزَكَّى : تطهر من دنس الذنوب.



المعنى: (قَدْ أَفْلَحَ) فاز (مَنْ تَزَكَّى) من طهّر نفسه من الأخلاق السيئة،

(وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ) وذكر الله، فوحّده ودعاه وعمل بما يرضيه، (فَصَلَّى)

وأقام الصلاة في أوقاتها ابتغاء رضوان الله وامتثالاً لشرعه.



* * *



مِنْ سُنَّة الرسول :

1) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ

كَانَ يَقُولُ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى

رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ
( ).



المعنى : (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ) وهو عبد الرحمن بن صخر الدوسي

اليماني تُوفِّيَ سنة 57هـ بالمدينة المنورة (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ

كَانَ يَقُولُ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ) أَيْ: صلاة الفجر والظهر والعصر والمغرب

والعشاء ، إِذَا داوم عليهن ، ( وَ ) من صلاة (الْجُمْعَة إِلَى) صلاة (الْجُمْعَةِ)

إِذَا أداها احتساباً لله ، ( وَ ) من شهر (رَمَضَان إِلَى) شهر (رَمَضَانَ)

إِذَا صامه احتساباً لله (مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ) من الذنوب (إِذَا اجْتَنَبَ)

فاعلها الذنوب (الْكَبَائِر) ، أَيْ: لم يرتكب الكبائر مثل الإشراك بالله

و السحر وغيرهما ، ومعناه إن الذنوب كلها تغفر إلا الكبائر

فإنها لا تغفر إلا بالتوبة الصحيحة أو رحمة الله تعالى وفضله ،

وإن لم يصادف صغيرة ولا كبيرة يرفع بها الدرجات.



* * *



2) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:

مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ مَشَى إِلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ لِيَقْضِيَ

فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ كَانَتْ خَطْوَتَاهُ إِحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً وَالأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً
( ).



المعنى : (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه) وهو عبد الرحمن بن صخر الدوسي

اليماني تُوفِّيَ سنة 57هـ بالمدينة المنورة. (قَالَ) أبو هريرة :

(قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ)

فأحسن الوضوء ؛ بأن راعى فروضه وشروطه وآدابه

(ثُمَّ مَشَى إِلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ) وهي المساجد ؛ (لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً

مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ) وهي الصلوات الخمس والجمعة (كَانَتْ خَطْوَتَاهُ

إِحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً) تمحو سيئة . ( وَ ) الخطوة (الأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً).

فأي فضل بعد هذا !.



* * *



3) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ

أَتَى الْمَقْبَرَةَ فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاحِقُونَ.

وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا. قَالُوا: أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَنْتُمْ أَصْحَابِي،

وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ. فَقَالُوا: كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ

أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلاً لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ

بَيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ أَلا يَعْرِفُ خَيْلَهُ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ.

قَالَ: فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ، وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ،

أَلا لَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ أُنَادِيهِمْ: أَلا هَلُمَّ،

فَيُقَالُ: إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ: سُحْقًا سُحْقًا
( ).



خَيْلٌ غُرٌّ : التي في جبهتها بياض. خيل مُحَجَّلَة : الخيل التي قوائمها بيضاء.

خَيْلٍ دُهْمٍ : الشديدة السواد. خيل بُهْمٍ : الخالصة السواد.

غُرًّا : نور يسطع من جباههم. مُحَجَّلِينَ : نور يسطع من أيديهم وأرجلهم.

فَرَطُهُمْ : سابقهم ومتقدمهم. لَيُذَادَنَّ : الذود: المنع والدفع.

هَلُمَّ : تعالوا أو أقبلوا. سُحْقًا : بُعْداً.



المعنى : (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه) وهو عبد الرحمن بن صخر الدوسي

اليماني تُوفِّيَ سنة 57هـ بالمدينة المنورة: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه

وسلم أَتَى الْمَقْبَرَةَ فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ) أهل (دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) يسلم

عليهم مع كونهم أمواتاً، (وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاحِقُونَ. وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا)

تمنٍّ منه ﷺ لرؤية من يأتي بعده من أمته. (قَالُوا) أي :

الصحابة : (أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ) ﷺ :

(أَنْتُمْ أَصْحَابِي ؛ وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ) وهذا ليس نفيا لأخوتهم

ولكن ذكر مرتبتهم الزائدة بالصحبة فهؤلاء إخوة صحابة ، والذين

لم يأتوا إخوة ليسوا بصحابة. (فَقَالُوا: كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ

أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ)؟ يعنون أنه لم يرهم في الدنيا فبأيّ شيء يعرفهم

في الآخرة؟ (فَقَالَ) ﷺ : (أَرَأَيْتَ) أَيْ: أخبرني والخطاب

مع كل من يصلح له من الحاضرين أو السائلين، (لَوْ أَنَّ رَجُلاً لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ)

التي في جبهتها بياض ، (مُحَجَّلَةٌ) الخيل التي قوائمها بيضاء (بَيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ)

الشديدة السواد (بُهْمٍ) الخالصة السواد (أَلا يَعْرِفُ خَيْلَهُ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ.

قَالَ: فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا) نور يسطع من جباههم (مُحَجَّلِينَ) نور يسطع من أيديهم

وأرجلهم. جعلنا الله منهم برحمته. وهذا يدل على أن سائر الأمم لا تكون

على هذه الصفة ؛ ولذلك يعرف الغر المحجلين منهم ، (مِنَ) آثار (الْوُضُوءِ)

يريد ﷺ أنه يعرفهم بسيماهم ؛ كما يعرف ذو الخيل

الغر المحجلة خيله في جملة خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ. (وَأَنَا فَرَطُهُمْ) سابقهم

ومتقدمهم (عَلَى الْحَوْضِ) ويجدونه ﷺ عند الحوض

يهيئ لهم ما يحتاجون إليه. (أَلا لَيُذَادَنَّ) الذود: المنع والدفع (رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي

كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ) يعني : لا يفعلن رجل فعلاً يذاد به عن حوضي ؛

كما يذاد البعير الضال (أُنَادِيهِمْ: أَلا هَلُمَّ) تعالوا أو أقبلوا ، يحتمل

هذا أن المنافقين والمرتدين وكل من توضأ منهم مسلماً فإنه يحشر بالغرة

والتحجيل من أثر الوضوء، ولذلك يدعوهم النبي ﷺ ،

(فَيُقَالُ: إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ ، فَأَقُولُ: سُحْقًا سُحْقًا) بُعْداً بُعْداً. قيل معنى بَدَّلُوا :

غَيَّرُوا سنتك، ويحتمل أن يكون ذلك لمن رأى النبي ﷺ

فبَدَّلَ بعده من أهل الردة ، ويحتمل أن يكونوا ممن يأتي بعده إلى يوم القيامة .



ومما يدل عليه الحديث :



 إباحة زيارة القبور بضوابطها الشرعية.

 جواز التمني لا سيما في الخير ولقاء الفضلاء وأهل الصلاح.

 البشارة لهذه الأمة - زادها الله تعالى شرفا -

فهنيئا لمن كان رسول الله ﷺ فرطه.









ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الأعراف (170).

(2) فاطر (29-37).

(3) الأعلى (14-15).

(4) رواه مسلم في كتاب الطهارة، باب الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ…، ح344.

(5) رواه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة،

باب المشي إِلى الصلاة تمحى به الخطايا… ح1070.

(6) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الطهارة،

باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء،ح 367.



يتبع بإذن الله



 
توقيع الغريبة

26543.imgcache.gif

الغريبة

مديرة المنتديات الإسلامية
فريق الإدارة
مديرة المنتديات الإسلامية

معلومات العضو

إنضم
15 يوليو 2021
المشاركات
4,157
مستوى التفاعل
3,405
الأوسمة
4
الإقامة
الاسكندرية
الجنس
أنثى




سوء عاقبة من أضاع الصلاة

مِنَ القُرآنِ الكرِيم:

1) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ( ).



خَلْفٌ : ذرية وأتباع فاسدين. غَيًّا : خسراناً.



المعنى: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ) فأتى من بعد هؤلاء

المنعم عليهم (خَلْفٌ) ) أتباع سوء (أَضَاعُوا الصَّلاةَ) تركوا الصلاة كلها، أو فوّتوا

وقتها، أو تركوا أركانها وواجباتها، (وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ) واتبعوا ما يوافق شهواتهم

ويلائمها، (فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) شراً وضلالاً وخيبة في جهنم.



* * *



2) كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ، إِلاَّ أَصْحَابَ الْيَمِينِ،

فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ، عَنِ الْمُجْرِمِينَ، مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ، قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ،

وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ، وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ، وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ،

حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ. فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ
( ).



رَهِينَةٌ : محبوسة مرهونة بعملها. مَا سَلَكَكُمْ : أَيّ شيء أدخلكم.

نَخُوضُ : نشرع في الباطل لا نبالي به. الدِّينِ : البعث والحساب والجزاء.



المعنى: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) محبوسة بعملها،

مرهونة عند الله بكسبها، ولا تُفَك حتى تؤدي ما عليها من الحقوق والعقوبات.

(إِلاَّ) المسلمين المخلصين (أَصْحَابَ الْيَمِينِ) الذين فكّوا رقابهم بالطاعة،

هم (فِي جَنَّاتٍ) لا يُدْرَك وصفها، (يَتَسَاءَ لُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ) يسأل بعضهم بعضاً

عن الكافرين الذين أجرموا في حق أنفسهم: (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) ما الذي أدخلكم جهنم،

وجعلكم تذوقون سعيرها؟. (قَالُوا) قال المجرمون: (لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) في الدنيا،

(وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ) ولم نكن نتصدق ونحسن للفقراء والمساكين،

(وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ) وكنا نتحدث بالباطل مع أهل الغواية والضلالة،

(وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ) الحساب والجزاء، (حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ) جاءنا الموت،

ونحن في تلك الضلالات والمنكرات. (فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ)

جميعاً من الملائكة والنبيين وغيرهم؛ لأن الشفاعة إنما تكون

لمن ارتضاه الله، وأذن لشفيعه.



* * *



3) كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ، وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ، وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ،

وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ، إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ، فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى،

وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى، ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى، أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى،

ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى
( ).



بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ : وصلت الروح أعلى الصدر. مَنْ رَاقٍ : من يداويه وينجيه من الموت.

الْفِرَاقُ : فراق الدنيا. وَالْتَفَّتِ : الْتَوَتْ أَوْ الْتَصَقَتْ.

الْمَسَاقُ : سوق العباد للجزاء. وَتَوَلَّى : أعرض.

يَتَمَطَّى : يتبختر في مشيته مختالاً. أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى : قاربك من يهلكك.



المعنى: (كَلاَّ) حقاً (إِذَا بَلَغَتِ) وصلت الروح إِلى (التَّرَاقِيَ)

أعالي الصدر، (وَقِيلَ) وقال بعض الحاضرين لبعض: (مَنْ رَاقٍ) هل من راق

يرقيه ويشفيه مما هو فيه؟. (وَظَنَّ أَنَّهُ) وأيقن المحتضر أن الذي نزل به هو (الْفِرَاقُ)

فراق الدنيا؛ لمعاينته ملائكة الموت. (وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ)

واتصلت شدة آخر الدنيا بشدة أول الآخرة. (إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ) يوم القيامة (الْمَسَاقُ)

مساق العباد يوم القيامة: إما إِلى الجنة وإما إِلى النار. (فَلا صَدَّقَ)

فلا آمن الكافر بالرسول والقرآن، (وَلا صَلَّى) ولا أدى لله تعالى فرائض الصلاة،

(وَلَكِنْ كَذَّبَ) بالقرآن، (وَتَوَلَّى) وأعرض عن الإيمان، (ثُمَّ ذَهَبَ) مضى (إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى)

يتبختر مختالاً في مشيته. (أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى) هلاك لك فهلاك، (ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى)

ثم هلاك لك فهلاك.



* * *



مِنْ سُنَّة الرسول :

1) حَدِيثُ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله

عليه وسلم الْعَصْرَ بِالْمُخَمَّصِ فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الصَّلاةَ عُرِضَتْ

عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَضَيَّعُوهَا، فَمَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ،

وَلا صَلاةَ بَعْدَهَا حَتَّى يَطْلُعَ الشَّاهِدُ، وَالشَّاهِدُ: النَّجْمُ
( ).



المعنى : (حَدِيثُ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ رضي الله عنه)

وهو : حميل بن بصرة بن وقاص الغفاري ،

توفي في مرو. (قَالَ) أبو بصرة الغفاري: (صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ)

صلاة (الْعَصْرَ بِالْمُخَمَّصِ) وَادٍ مِنْ أَوْدِيَتِهِمْ وهو موضع معروف (فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الصَّلاةَ)

أي : صَلاةَ الْعَصْرِ (عُرِضَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَضَيَّعُوهَا، فَمَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا

كَانَ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ) فيه فضيلة صلاة العصر وشدة الحث عليها. (وَلا صَلاةَ بَعْدَهَا)

أَيْ: بعد صلاة العصر (حَتَّى يَطْلُعَ الشَّاهِدُ، وَالشَّاهِدُ: النَّجْمُ) كناية

عن غروب الشمس لأن بغروبها يظهر الشاهد . والأَعْرَابُ يُسَمُّونَ الْكَوْكَبَ شَاهِدَ اللَّيْلِ.



* * *



2) حَدِيثُ سَمُرَة بْنُ جُنْدُبٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ

ﷺ مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ لأَصْحَابِهِ: هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رُؤْيَا؟

قَالَ: فَيَقُصُّ عَلَيْهِ

مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُصَّ، وَإِنَّهُ قَالَ ذَاتَ غَدَاةٍ: إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي،

وَإِنَّهُمَا قَالا لِي: انْطَلِقْ، وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ

وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ

فَيَتَهَدْهَدُ الْحَجَرُ هَاهُنَا فَيَتْبَعُ الْحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ، فَلا يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ

كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى، قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا:

سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ؟ قَالَ: قَالا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا

فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ،

وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ،

وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ، قَالَ: ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ الآخَرِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ

بِالْجَانِبِ الأَوَّلِ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الْجَانِبُ



كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى، قَالَ:

قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ؟ قَالَ: قَالا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا

فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ، قَالَ: فَأَحْسِبُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ

وَأَصْوَاتٌ، قَالَ: فَاطَّلَعْنَا فِيهِ فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ،

وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا،

قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَؤُلاءِ؟ قَالَ: قَالا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، قَالَ:

فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ حَسِبْتُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ

وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ سَابِحٌ يَسْبَحُ، وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ

حِجَارَةً كَثِيرَةً، وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ، ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الَّذِي

قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الْحِجَارَةَ فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا، فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ

ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا، قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا:

مَا هَذَانِ؟ قَالَ: قَالا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ،



قَالَ: فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ كَرِيهِ الْمَرْآةِ كَأَكْرَهِ مَا أَنْتَ رَاءٍ رَجُلاً مَرْآةً،

وَإِذَا عِنْدَهُ نَارٌ يَحُشُّهَا، وَيَسْعَى حَوْلَهَا، قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَا؟ قَالَ:

قَالا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَوْضَةٍ مُعْتَمَّةٍ فِيهَا

مِنْ كُلِّ لَوْنِ الرَّبِيعِ، وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَيِ الرَّوْضَةِ رَجُلٌ طَوِيلٌ لا أَكَادُ أَرَى

رَأْسَهُ طُولاً فِي السَّمَاءِ، وَإِذَا حَوْلَ الرَّجُلِ مِنْ أَكْثَرِ وِلْدَانٍ رَأَيْتُهُمْ قَطُّ،

قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَا؟ مَا هَؤُلاءِ؟ قَالَ: قَالا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ،

قَالَ: فَانْطَلَقْنَا فَانْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَةٍ عَظِيمَةٍ لَمْ أَرَ رَوْضَةً قَطُّ أَعْظَمَ

مِنْهَا وَلا أَحْسَنَ، قَالَ: قَالا لِي: ارْقَ فِيهَا، قَالَ: فَارْتَقَيْنَا فِيهَا فَانْتَهَيْنَا

إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ وَلَبِنِ فِضَّةٍ، فَأَتَيْنَا بَابَ الْمَدِينَةِ فَاسْتَفْتَحْنَا،

فَفُتِحَ لَنَا، فَدَخَلْنَاهَا فَتَلَقَّانَا فِيهَا رِجَالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ

مَا أَنْتَ رَاءٍ وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ، قَالَ: قَالا لَهُمُ: اذْهَبُوا فَقَعُوا

فِي ذَلِكَ النَّهَرِ، قَالَ: وَإِذَا نَهَرٌ مُعْتَرِضٌ يَجْرِي كَأَنَّ مَاءَ هُ الْمَحْضُ فِي الْبَيَاضِ،



فَذَهَبُوا فَوَقَعُوا فِيهِ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْنَا قَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ فَصَارُوا

فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، قَالَ: قَالا لِي: هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ، وَهَذَاكَ مَنْزِلُكَ،

قَالَ: فَسَمَا بَصَرِي صُعُدًا فَإِذَا قَصْرٌ مِثْلُ الرَّبَابَةِ الْبَيْضَاءِ، قَالَ: قَالا لِي:

هَذَاكَ مَنْزِلُكَ، قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمَا ذَرَانِي فَأَدْخُلَهُ، قَالا:

أَمَّا الآنَ فَلا وَأَنْتَ دَاخِلَهُ، قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا،



فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْتُ؟ قَالَ: قَالا لِي: أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ: أَمَّا الرَّجُلُ الأَوَّلُ

الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ

وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاةِ الْمَكْتُوبَةِ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ

إِلَى قَفَاهُ وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو

مِنْ بَيْتِهِ فَيَكْذِبُ الْكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ، وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ

الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي

أَتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِي النَّهَرِ وَيُلْقَمُ الْحَجَرَ فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا،



وَأَمَّا الرَّجُلُ الْكَرِيهُ الْمَرْآةِ الَّذِي عِنْدَ النَّارِ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَهَا فَإِنَّهُ

مَالِكٌ خَازِنُ جَهَنَّمَ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ

ﷺ ، وَأَمَّا الْوِلْدَانُ الَّذِينَ حَوْلَهُ فَكُلُّ مَوْلُودٍ مَاتَ

عَلَى الْفِطْرَةِ، قَالَ: فَقَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَوْلادُ الْمُشْرِكِينَ؟

فَقَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ : وَأَوْلادُ الْمُشْرِكِينَ،

وَأَمَّا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنًا وَشَطْرٌ قَبِيحًا

فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ
( ).



غَدَاةٍ : الصبح. فَيَثْلَغُ : يكسر ويشج.

فَيَتَهَدْهَدُ : ينحط ويتدحرج. بِكَلُّوبٍ : حديدة معوجة الرأس.

فَيُشَرْشِرُ : يشق ويقطع. شِدْقَهُ : جانب فمه.

التَّنُّورِ : الفرن الذي يخبز فيه. لَغَطٌ : أصوات لا تفهم.

ضَوْضَوْا : ارتفع صوتهم ولغطهم. فَيَفْغَرُ : فيفتح.

يَحُشُّهَا : يوقدها ويزيدها اشتعالاً. ارْقَ : اصعد وارتفع.

شَطْرٌ : نصف. الْمَحْضُ : الخالص.

الرَّبَابَةِ : السحابة البيضاء المنفردة. يَغْدُو : يخرج أول النهار.

الآفَاقَ : ما بين السماء والأرض وَيُلْقَمُ : يأخذ بفمه.

الْفِطْرَةِ : الخلقة التي خلقه الله عليها قبل أن يتعلم الكفر والفسوق.

تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ : غفر الله لهم.



المعنى : (حَدِيثُ سَمُرَة بْنُ جُنْدُبٍ رضي الله عنه )

هو أبو سعيد سَمُرَة بْنُ جُنْدُبٍ بن هلال الفزاري توفي بالبصرة سنة 58هـ.

(قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ) إِذَا صَلَّى صَلاة الصُّبح

أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِه فَقَالَ مَنْ رَأَى مِنْكُمْ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا؟ قَالَ سَمُرَة

فَإِنْ رَأَى أَحَدٌ رُؤْيَا قَصَّهَا فَيَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ. فَسَأَلَنَا يَوْمًا فَقَالَ

هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رُؤْيَا؟ قُلْنَا لا ، قَال أنتم ما رأيتم شيئاَ

لَكِنِّي رأيت رؤيا فاسمعوا مني .



وكان ﷺ (مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ لأَصْحَابِهِ) عقب صلاة الفجر غالباً :

(هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رُؤْيَا؟ قَالَ) سَمُرَة بْنُ جُنْدُبٍ رضي الله عنه : (فَيَقُصُّ عَلَيْهِ)

ﷺ (مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُصَّ) أي :

الصحابة يقصون عليه رؤياهم التي رأوها ،



(وَإِنَّهُ قَالَ) ﷺ (ذَاتَ غَدَاةٍ) بعد صلاة الفجر :

(إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ) جبريل وميكائيل - كما سيأتي آخر الحديث -

أَتَيَانِي فَأَخَذَا بِيَدِي فَأَخْرَجَانِي إِلَى أَرْضٍ مُقَدَّسَةٍ. (وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي)

أرسلاني , يقال ابتعثه إذا أثاره وأذهبه , (وَإِنَّهُمَا قَالا لِي: انْطَلِقْ ،

وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا) إلى أرض فضاء أو أرض مستوية , (وَإِنَّا أَتَيْنَا)

مررنا (عَلَى رَجُلٍ) آدمي (مُضْطَجِع)ٍ مستلقٍ على قفاه (وَإِذَا آخَرُ)

يعني : مَلَك ، (قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِي) يسقط (بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ)

أي : وبيد الملك صخرة يضرب بها هامة الأدمي، (فَيَثْلَغُ) يكسر ويشج

(رَأْسَهُ فَيَتَهَدْهَدُ) ينحط ويتدحرج والمراد أنه دفع الحجر من علو إلى أسفل ,

وتدهده إذا انحط, فَإِذَا ضَرَبَهُ تَدَهْدَهَ (الْحَجَرُ هَاهُنَا) أَيْ: إلى جهة الضارب.

(فَيَتْبَعُ) الملك (الْحَجَرَ) أَيْ: الذي رمى به (فَيَأْخُذُهُ) . فإذا ذهب ليأخذه

(فَلا يَرْجِعُ إِلَيْهِ) أَيْ: إلى الذي شدخ رأسه (حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ)

حَتَّى يَلْتَئِمَ رَأْسُهُ وَعَادَ رَأْسُهُ كَمَا هُوَ . (ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ

مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى) أي : فَعَادَ إِلَيْهِ فَضَرَبَهُ ، فيصنع مثل ذلك ،

وهكذا يعذب على ذنبه . وما ذنبه؟ هذا ما نعرفه آخر الحديث .

(قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: سُبْحَانَ اللَّهِ ! مَا هَذَانِ؟ قَالَ: قَالا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ).

يعني : انطلق وسنخبرك بعد ذلك.



(قَالَ: فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا) مررنا (عَلَى رَجُلٍ) آدمي (مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ، وَإِذَا آخَرُ)

مَلَك يعذبه (قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ) والمعنى : وبيد الملك حديدة معوجة الرأس

(مِنْ حَدِيدٍ، وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ) وإِنَّهُ يُدْخِلُ ذَلِكَ الْكَلُّوبَ

(فَيُشَرْشِرُ) يشق ويقطع (شِدْقَهُ) جانب فمه (إِلَى قَفَاهُ) حَتَّى يَبْلُغَ قَفَاهُ ،

(وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ، قَالَ: ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ الآخَرِ)

ثم يخرجه , فيدخله في شدقه الآخر (فَيَفْعَلُ بِهِ) أي : بِشِدْقِهِ الآخَرِ

(مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الأَوَّلِ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ

الْجَانِبُ كَمَا كَانَ) أي : وَيَلْتَئِمُ شِدْقُهُ هَذَا ، (ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ

مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى) وهكذا يعذب على ذنبه . وما ذنبه؟

هذا ما نعرفه آخر الحديث . (قَالَ: قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ؟

قَالَ: قَالا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ). يعني : انطلق وسنخبرك بعد ذلك.



(فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا) مررنا (عَلَى) ثَقْبٍ (مِثْلِ) بناء (التَّنُّورِ) الفرن الذي يخبز فيه ،

أَعْلاهُ ضَيِّقٌ ، وَأَسْفَلُهُ وَاسِعٌ ، يَتَوَقَّدُ تَحْتَهُ نَارًا (قَالَ: فَأَحْسِبُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:

فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ) أصوات لا تفهم (وَأَصْوَاتٌ، قَالَ: فَاطَّلَعْنَا فِيهِ فَإِذَا فِيهِ

رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ) نار تأتيهم

من أسفل ، فَإِذَا اقْتَرَبَت ارْتَفَعُوا حَتَّى كَادَ أَنْ يَخْرُجُوا فَإِذَا خَمَدَتْ

رَجَعُوا فِيهَا. (فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا) أَيْ: رفعوا أصواتهم

مختلطة. والضوضاة والضوضاء : أصوات الناس ولغطهم

وكذا الضوضى. وهكذا يعذبون على ذنبهم . وما ذنبهم؟

هذا ما نعرفه آخر الحديث . (قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَؤُلاءِ؟ قَالَ:

قَالا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ). يعني : انطلق وسنخبرك بعد ذلك.



(قَالَ: فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ حَسِبْتُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ)

على نهر من دم (وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ) آدمي مذنب في الدنيا (سَابِحٌ يَسْبَحُ)

أي : يعوم ذلك الآدمي في هذا النهر. (وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ

قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً، وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ، ثُمَّ يَأْتِي)

السابح -يريد أن يخرج من نهر الدم - من جهة (ذَلِكَ الَّذِي قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الْحِجَارَةَ)

وهو الملك (فَيَفْغَرُ) فيفتح السابح (لَهُ فَاهُ) فمه (فَيُلْقِمُهُ) الملك (حَجَرًا)

فيأخذه السابح بفمه ، (فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ)

فتح (لَهُ فَاهُ) فمه (فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا) فيأخذه السابح بفمه ،

والمعنى : فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الآدمي الَّذِي فِي النَّهَرِ

فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِي فِمهِ فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ ،

فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ رَمَى فِي فِمهِ بِحَجَرٍ فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ ،

وهكذا يعذب على ذنبه . وما ذنبه؟ هذا ما نعرفه آخر الحديث .

(قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَانِ؟ قَالَ: قَالا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ).

يعني: انطلق وسنخبرك بعد ذلك.



(قَالَ: فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ كَرِيهِ الْمَرْآةِ كَأَكْرَهِ مَا أَنْتَ رَاءٍ رَجُلاً مَرْآةً)

أَيْ: قبيح المنظر . ، وَإِذَا عِنْدَهُ نَارٌ يَحُشُّهَا) يوقدها ويزيدها اشتعالاً،

يقال : حششت النار أحشها حشا : أوقدتها , حششت النار بالحطب :

ضممت ما تفرق من الحطب إلى النار , حش ناره : حركها .

(وَيَسْعَى حَوْلَهَا، قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَا؟ قَالَ: قَالا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ).

يعني : انطلق وسنخبرك بعد ذلك.



(فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَوْضَةٍ مُعْتَمَّةٍ) يقال : أعتمت الروضة غطاها الخصب

(فِيهَا مِنْ كُلِّ لَوْنِ الرَّبِيعِ، وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَيِ الرَّوْضَةِ) وسطها (رَجُلٌ طَوِيلٌ)

قائم (لا أَكَادُ أَرَى رَأْسَهُ طُولاً فِي السَّمَاءِ، وَإِذَا حَوْلَ الرَّجُلِ مِنْ أَكْثَرِ

وِلْدَانٍ رَأَيْتُهُمْ قَطُّ) أصل هذا الكلام : وإذا حول الرجل ولدان ما رأيت

ولدانا قط أكثر منهم , (قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَا) الرجل الطويل؟

(مَا هَؤُلاءِ) الولدان ؟ (قَالَ: قَالا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ).

يعني : انطلق وسنخبرك بعد ذلك.



(قَالَ: فَانْطَلَقْنَا فَانْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَةٍ) خَضْرَاءَ (عَظِيمَةٍ لَمْ أَرَ رَوْضَةً قَطُّ

أَعْظَمَ مِنْهَا وَلا أَحْسَنَ) وفِيهَا شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ، (قَالَ: قَالا لِي: ارْقَ)

اصعد وارتفع (فِيهَا، قَالَ: فَارْتَقَيْنَا) فصعدنا وارتفعنا (فِيهَا) فَصَعِدَا بِي

فِي الشَّجَرَةِ (فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ وَلَبِنِ فِضَّةٍ)جمع لبنة ،

وأصلها : ما يبني به من طين ، (فَأَتَيْنَا بَابَ الْمَدِينَةِ فَاسْتَفْتَحْنَا، فَفُتِحَ لَنَا،

فَدَخَلْنَاهَا فَتَلَقَّانَا فِيهَا رِجَالٌ شَطْرٌ) نصف (مِنْ خَلْقِهِمْ) أي : هيئتهم

(كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ وَشَطْرٌ) نصف (كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ) كل واحد منهم

نصفه حسن ونصفه قبيح ، (قَالَ: قَالا لَهُمُ: اذْهَبُوا فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهَرِ)

بصيغة فعل الأمر بالوقوع , والمراد أنهم ينغمسون فيه ليغسل

تلك الصفة بهذا الماء الخاص . (قَالَ: وَإِذَا نَهَرٌ مُعْتَرِضٌ) أي : يجرى عرضاً،

(يَجْرِي كَأَنَّ مَاءَهُ الْمَحْضُ) الخالص (فِي الْبَيَاضِ، فَذَهَبُوا فَوَقَعُوا فِيهِ،

ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْنَا قَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ) أَيْ: صار القبيح كالشطر الحسن ,

ولذلك قال : (فَصَارُوا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ).



(قَالَ: قَالا لِي: هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ، وَهَذَاكَ مَنْزِلُكَ، قَالَ: فَسَمَا بَصَرِي)

أي : نظر إلى فوق , (صُعُدًا) ارتفع كثيراً (فَإِذَا قَصْرٌ مِثْلُ الرَّبَابَةِ الْبَيْضَاءِ)

السحابة البيضاء المنفردة، (قَالَ: قَالا لِي: هَذَاكَ مَنْزِلُكَ،

قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمَا ذَرَانِي فَأَدْخُلَهُ، قَالا: أَمَّا الآنَ فَلا

وَأَنْتَ دَاخِلَهُ) فقلت دعاني أدخل منْزلي , قالا : أنه بقي لك عمر لم تستكمله ,

ولو استكملته أتيت منْزلك ، (قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ

مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا، فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْتُ؟) قُلْتُ : طَوَّفْتُمَانِي اللَّيْلَةَ ،

فَأَخْبِرَانِي عَمَّا رَأَيْتُ . قَالا : نَعَمْ . (قَالَ: قَالا لِي: أَمَا) بتخفيف الميم (إِنَّا سَنُخْبِرُكَ):



(أَمَّا الرَّجُلُ الأَوَّلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ) يكسر ويشج (رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ)

عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ (فَيَرْفُضُهُ) رفض القرآن بعد حفظه جناية عظيمة ؛

لأنه يوهم أنه رأى فيه ما يوجب رفضه فلما رفض أشرف الأشياء

وهو القرآن عوقب في أشرف أعضائه وهو الرأس ، يُفْعَلُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ

(وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاةِ الْمَكْتُوبَةِ) جُعلت العقوبة في رأس هذه النومة عن الصلاة ،

والنوم موضعه الرأس.



(وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُشَرْشَرُ) يُشق ويُقطع (شِدْقُهُ) جانب فمه

(إِلَى قَفَاهُ وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ)

يخرج منه مبكراً، أي: يخرج أول النهار (فَيَكْذِبُ الْكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ) ما بين

السماء والأرض، وشرشرة شدق الكاذب إنزال العقوبة بمحل المعصية ,

وعلى هذا تجرى العقوبة في الآخرة بخلاف الدنيا . وإنما استحق التعذيب

لما ينشأ عن تلك الكذبة من المفاسد وهو فيها مختار غير مكره ولا ملجأ .

والعقوبة عليه وعلى أمثاله.



(وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ) الفرن الذي يخبز

فيه (فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي) والحكمة في إتيان العذاب من تحتهم كون

جنايتهم من أعضائهم السفلى .



(وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِي النَّهَرِ وَيُلْقَمُ) يأخذ بفمه

(الْحَجَرَ فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا) إنما عوقب آكل الربا بسباحته في النهر الأحمر

وإلقامه الحجارة لأن أصل الربا يجرى في الذهب والذهب أحمر ,

وأما إلقام الملك له الحجر فإنه إشارة إلى أنه لا يغني عنه شيئا

وكذلك الربا فإن صاحبه يتخيل أن ماله يزداد والله من ورائه محقه .



(وَأَمَّا الرَّجُلُ الْكَرِيهُ الْمَرْآةِ الَّذِي عِنْدَ النَّارِ يَحُشُّهَا) يوقدها ويزيدها اشتعالاً

(وَيَسْعَى حَوْلَهَا فَإِنَّهُ مَالِكٌ خَازِنُ جَهَنَّمَ). إنما كان كريه الرؤية

لأن في ذلك زيادة في عذاب أهل النار.

(وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ ﷺ ، )

وإنما اختص إبراهيم ؛ لأنه أبو المسلمين,

قال تعالى  مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ( )

وقال تعالى  إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ( )،



(وَأَمَّا الْوِلْدَانُ الَّذِينَ حَوْلَهُ) أي : إبراهيم ﷺ ،

(فَكُلُّ مَوْلُودٍ مَاتَ عَلَى الْفِطْرَةِ) الخلقة التي خلقه الله عليها قبل أن يتعلم الكفر والفسوق.



(قَالَ) الراوي: (فَقَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ) من الذين كانوا يستمعون لهذا الحديث:

(يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَأَوْلادُ الْمُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ

وَأَوْلادُ الْمُشْرِكِينَ)، وظاهره أنه ﷺ ألحقهم بأولاد المسلمين

في حكم الآخرة، ولا يعارض قوله في حديث آخر: (هم من أبائهم)؛ لأن ذلك حكم الدنيا.



(وَأَمَّا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا شَطْرٌ) نصف (مِنْهُمْ حَسَنًا وَشَطْرٌ) نصف

(قَبِيحًا فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا) أَيْ: عمل كل منهم

عملا صالحا وخلطه بعمل سيء . (تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ) غفر الله لهم.



وفي حديث آخر : (وَالدَّارُ الأُولَى الَّتِي دَخَلْتَ : دَارُ عَامَّةِ الْمُؤْمِنِينَ .

وَأَمَّا هَذِهِ الدَّارُ فَدَارُ الشُّهَدَاءِ . وَأَنَا جِبْرِيلُ ، وَهَذَا مِيكَائِيلُ . فَارْفَعْ رَأْسَكَ)

والكلام موجه للرسول ﷺ ، (فَرَفَعْتُ رَأْسِي،

فَإِذَا فَوْقِي مِثْلُ السَّحَابِ . قَالا) يعني :

جبريل وميكائيل : (ذَاكَ مَنْزِلُكَ) يا محمد . (قُلْتُ) القائل رسول الله

ﷺ: (دَعَانِي أَدْخُلْ مَنْزِلِي . قَالا : إِنَّهُ بَقِيَ لَكَ

عُمُرٌ لَمْ تَسْتَكْمِلْهُ ، فَلَوْ اسْتَكْمَلْتَ أَتَيْتَ مَنْزِلَكَ).



وفي هذا الحديث من الفوائد

 فيه دليل لاستحباب إقبال الإمام المصلي بعد سلامه على أصحابه .

 فيه استحباب السؤال عن الرؤيا والمبادرة إلى تأويلها

وتعجيلها أول النهار لهذا الحديث ,

ولأن الذهن جمع قبل أن يتشعب بإشغاله في معايش الدنيا ,

ولأن عهد الرائي قريب لم يطرأ عليه ما يهوش الرؤيا عليه ,

ولأنه قد يكون فيها ما يستحب تعجيله كالحث على خير ,

أو التحذير من معصية , ونحو ذلك .

 وفيه إباحة الكلام في العلم وتفسير الرؤيا ونحوهما بعد صلاة الصبح .

 وفيه أن استدبار القبلة في جلوسه للعلم أو غيره مباح . والله أعلم .

 أن الإسراء وقع مراراً يقظة ومناماً على أنحاء شتى .

 وفيه أن بعض العصاة يعذبون في البرزخ .

 والتحذير من النوم عن الصلاة المكتوبة , وعن رفض القرآن لمن يحفظه ,

وعن الزنا وأكل الربا وتعمد الكذب .

 وفيه الحث على طلب العلم واتباع من يلتمس منه ذلك .

 وفيه فضل الشهداء وأن منازلهم في الجنة أرفع المنازل .

 وفيه أن من استوت حسناته وسيئاته يتجاوز الله عنهم ,

اللهم تجاوز عنا برحمتك يا أرحم الراحمين .

 وفيه أن الاهتمام بأمر الرؤيا بالسؤال عنها وفضل تعبيرها واستحباب

ذلك بعد صلاة الصبح لأنه الوقت الذي يكون فيه البال مجتمعا .

 وفيه استقبال الإمام أصحابه بعد الصلاة إذا لم يكن بعدها

راتبة وأراد أن يعظهم أو يفتيهم أو يحكم بينهم .









ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( ) مريم (59).

(1) المدثر (38-48).

(2) القيامة (26-35).

(3) رواه مسلم في كتاب: صلاة المسافرين وقصرها،

باب الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها،ح1372.

(4) رواه البخاري في كتاب: التعبير، باب تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح، ح6525.

(5) سورة الحج [الآية : 78] .

(6) سورة آل عمران [الآية : 68] ..




يتبع بإذن الله


 
توقيع الغريبة

26543.imgcache.gif

الغريبة

مديرة المنتديات الإسلامية
فريق الإدارة
مديرة المنتديات الإسلامية

معلومات العضو

إنضم
15 يوليو 2021
المشاركات
4,157
مستوى التفاعل
3,405
الأوسمة
4
الإقامة
الاسكندرية
الجنس
أنثى




الانشغال عن الصلاة

مِنَ القُرآنِ الكرِيم:

1) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ، الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ( ).



فَوَيْلٌ : عذاب أو هلاك أو واد في جهنم. لِلْمُصَلِّينَ : نفاقاً ورياء.

سَاهُونَ : غافلون غير مبالين بها.



المعنى: (فَوَيْلٌ) فعذاب شديد (لِلْمُصَلِّينَ)

نفاقاً ورياء (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) لاهون، لا يقيمونها على وجهها،

ولا يؤدونها في وقتها.



* * *



2) وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ

إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى

وَلا يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ
( ).



المعنى: (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ

إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ) وسبب عدم قبول نفقاتهم أنهم أضمروا

الكفر بالله عزو وجل وتكذيب رسوله محمد ﷺ ،.

(وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى) متثاقلون.

(وَلا يُنْفِقُونَ) الأموال (إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ). فهم لا يرجون ثواب

هذه الفرائض، ولا يخشون على تركها عقاباً بسبب كفرهم.



* * *



مِنْ سُنَّة الرسول ﷺ:

1) حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه

وسلم قَالَ: الَّذِي تَفُوتُهُ صَلاةُ الْعَصْرِ كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ
( ).



وُتِرَ أَهْلَهُ : فقد أهله وماله.



المعنى : روى هذا الحديث عن رسول الله

ﷺ ابن عمر - رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا - وهو :

عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشى العدوى ، أبو عبد الرحمن المكي المدني ،

أسلم قَديماً مع أبيه و هو صغير لم يبلغ الحلم ، و هاجر معه ،

و شهد الخندق و ما بعدها من المشاهد مع رسول الله ﷺ ،

و هو شقيق حفصة أم المؤمنين ، مات سنة ثلاث وسبعين

(أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: الَّذِي تَفُوتُهُ صَلاةُ الْعَصْرِ)

أَيْ: بغروب الشمس ، وقيل بفوات الوقت المختار ومجيء وقت الإصفرار ،

وقيل بفوت الجماعة والإمام ، وخص العصر لاجتماع ملائكة الليل والنهار فيها ،

أو لأن العصر لا عذر لأحد في تفويتها ، والله تعالى يخص ما شاء بما شاء

من الفضيلة (كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ)

روي بنصب اللامين ورفعهما ,

والنصب هو الصحيح المشهور الذي عليه الجمهور على أنه مفعول ثان ,


ومن رفع فعلى ما لم يسم فاعله . ومعناه : انتزع منه أهله وماله .



وأما على رواية النصب : معناه نقص هو أهله وماله وسلبه ,

فبقي بلا أهل ولا مال , والمراد أنه حصل له من النقصان في الآجر

في الآخرة ما لو وزن بنقص الدنيا لما وازنه إلا نقصان

من نقص أهله وماله . والله أعلم .



وفي هذا الحديث :

• إشارة إلى تحقير الدنيا وأن قليل العمل خير من كثير منها .

• التغليظ على من تفوته العصر .

• من فرط في صلاته فقد أتى كبيرة يجب عليه الأسف والندم عليها والتوبة منها .



* * *



2) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله

عليه وسلم قَالَ: يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ ثَلاثَ عُقَدٍ

إِذَا نَامَ بِكُلِّ عُقْدَةٍ يَضْرِبُ عَلَيْكَ لَيْلاً طَوِيلاً. فَإِذَا اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ

عُقْدَةٌ. وَإِذَا تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عَنْهُ عُقْدَتَانِ. فَإِذَا صَلَّى انْحَلَّتِ الْعُقَدُ

فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ. وَإِلاَّ أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلانَ
( ).



المعنى : (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه)

وهو عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني تُوفِّيَ سنة 57هـ .

(أَنَّ النَّبِيَّ) محمد (ﷺ قَالَ: يَعْقِدُ ) بكسر القاف

أَيْ: يشد ( الشَّيْطَانُ) أَيْ: إبليس أو بعض جنوده (عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ ) :

أَيْ: قفاه ومؤخره ، وقيل وسطه (ثَلاثَ عُقَدٍ) جمع عقدة ،

والمراد بها عقد الكسل . واختلف في هذا العقد فقيل هو على

حقيقته وأنه كما يعقد الساحر من يسحره ، وأكثر من يفعله النساء

تأخذ إحداهن الخيط فتعقد منه عقدة وتتكلم عليه بالسحر فيتأثر

المسحور عند ذلك ,



ومنه قوله تعالى ( وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ )( )

وعلى هذا فالمعقود شيء عند قافية الرأس لا قافية الرأس نفسها ،

وقيل مجاز كأنه شبه فعل الشيطان بالنائم بفعل الساحر بالمسحور بجامع

المنع من التصرف ( إِذَا نَامَ بِكُلِّ عُقْدَةٍ يَضْرِبُ) أَيْ: بيده تأكيداً أو إحكاماً ،

قيل معنى يضرب يحجب الحس عن النائم حتى لا يستيقظ ،



ومنه قوله تعالى ( فضربنا على آذانهم ) أَيْ: حجبنا

الحس أن يلج في آذانهم فينتبهوا (عَلَيْكَ لَيْلاً طَوِيلاً) بالنصب على الإغراء ،

كأنه يوسوس له بأنه بقي من الليلة قطعة طويلة فيتأخر عن القيام

(فَإِذَا اسْتَيْقَظَ) أَيْ: من نوم الغفلة (فَذَكَرَ اللَّهَ) بقلبه أو لسانه ،

ولا يتعين للذكر شيء مخصوص لا يجزئ غيره , بل كل ما صدق

عليه ذكر الله أجزأ ، وفيه الحث على ذكر الله تعالى عند الاستيقاظ ,



وجاءت فيه أذكار مخصوصة مشهورة في الصحيح (انْحَلَّتْ) أَيْ:

انفتحت (عُقْدَةٌ) أي : عقدة الغفلة (وَإِذَا تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عَنْهُ عُقْدَتَانِ) أي :

انحلت عقدة ثانية وهي عقدة النجاسة , وتم بها عقدتان (فَإِذَا صَلَّى)

ولو ركعتين (انْحَلَّتِ الْعُقَدُ) بلفظ الجمع أَيْ : انحلَّت العقدة الثالثة

وهي عقدة الكسالة والبطالة ويها انحلت العُقَد كلها (فَأَصْبَحَ) أي :

دخل في الصباح أو صار (نَشِيطًا) أَيْ: للعبادة (طَيِّبَ النَّفْسِ) أَيْ:

ذات فرح لأنه تخلص عن وثاق الشيطان وتخفف عنه أعباء الغفلة

والنسيان وحصل له رضا الرحمن، وصار مسروراً بما وفقه الله له

من الطاعة , وبما وعده من الثواب , وبما زال عنه من عقد الشيطان

(وَإِلاَّ) أي : وإن لم يفعل كذلك بل أطاع الشيطان ونام حتى

تفوته صلاة الصبح ، أوحتى تفوته صلاة التهجد (أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ)

محزون القلب كثير الهم متحيراً في أمره (كَسْلانَ) أي :

لا يحصل مراده فيما يقصده من أموره لأنه مقيد بقيد الشيطان ومبعد عن قرب الرحمن .



وظاهر الحديث أن من لم يجمع بين الأمور الثلاثة وهي :

الذكر والوضوء والصلاة, فهو داخل فيمن يصبح خبيث النفس كسلان .

وهذا الذم يختص بمن لم يقم إلى صلاته وضيعها ,

أما من كانت عادته القيام إلى الصلاة المكتوبة أو إلى النافلة بالليل

فغلبته عينه فنام بغير إرادته وبدون تقصير منه فقد ثبت أن الله

يكتب له أجر صلاته ونومه عليه صدقة ؛ لأن نيته كانت في القيام .



* * *



3) حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: عَنْ الْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي دَارِهِ بِالْبَصْرَةِ حِينَ انْصَرَفَ مِنَ الظُّهْرِ

وَدَارُهُ بِجَنْبِ الْمَسْجِدِ. فَلَمَّا دَخَلْنَا عَلَيْهِ قَالَ: أَصَلَّيْتُمُ الْعَصْرَ؟ فَقُلْنَا لَهُ:

إِنَّمَا انْصَرَفْنَا السَّاعَةَ مِنَ الظُّهْرِ. قَالَ: فَصَلَّوُا الْعَصْرَ. فَقُمْنَا فَصَلَّيْنَا.

فَلَمَّا انْصَرَفْنَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:

تِلْكَ صَلاةُ الْمُنَافِقِ يَجْلِسُ يَرْقُبُ الشَّمْسَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيِ

الشَّيْطَانِ قَامَ فَنَقَرَهَا أَرْبَعًا لا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً
( ).



يَرْقُبُ : ينتظر. قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ : ناحيتا رأسه وجانباه.



المعنى : (حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه)

وهو : أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام بن جندب

ابن عامر بن غنم بن عدى بن النجار الأنصارى النجارى ، أبو حمزة المدنى ،

صاحب رسول الله ﷺ وخادمه ، توفي سنة : 92 هـ

و قيل 93 هـ (عَنْ الْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ

فِي دَارِهِ بِالْبَصْرَةِ حِينَ انْصَرَفَ) أَيْ: العلاء بن عبد الرحمن (مِنَ الظُّهْرِ

وَدَارُهُ بِجَنْبِ الْمَسْجِدِ) أَيْ: دار أنس بن مالك (فَلَمَّا دَخَلْنَا عَلَيْهِ) أي : على أنس

(قَالَ) أنس: (أَصَلَّيْتُمُ الْعَصْرَ؟ فَقُلْنَا لَهُ: إِنَّمَا انْصَرَفْنَا السَّاعَةَ مِنَ الظُّهْرِ.



قَالَ: فَصَلَّوُا الْعَصْرَ. فَقُمْنَا فَصَلَّيْنَا. فَلَمَّا انْصَرَفْنَا قَالَ) أنس:

(سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: تِلْكَ)

أَيْ: الصلاة المتأخرة عن الوقت (صَلاةُ الْمُنَافِقِ) فيه : تصريح بذم

تأخير صلاة العصر بلا عذر (يَجْلِسُ) يحتمل أن يريد بذلك أن تأخيرهم

كان لغير عذر ولا شغل وأنه لو أوجب تأخيره نسيان أو غلبه

لم يكن من عمل المنافقين (يَرْقُبُ الشَّمْسَ) أَيْ: ينتظرها

(حَتَّى إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ) أي : قربت من الغروب ،



والمراد أن الشيطان يحاذيها بقرنيه عند غروبها , وكذا عند طلوعها ;

لأن الكفار يسجدون لها حينئذ فيقارنها ليكون الساجدون لها في صورة الساجدين له ,

ويخيل لنفسه ولأعوانه أنهم إنما يسجدون له ، (قَامَ) هذا المتكاسل

إلى الصلاة (فَنَقَرَهَا أَرْبَعًا) المراد بالنقر سرعة الحركات كنقر الطائر ،

وعبر بالنقر إشارة لقلة خشوعه وتسرعه في ركوعه وسجوده

(لا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً) تصريح بذم من صلى مسرعا بحيث

لا يكمل الخشوع والطمأنينة والأذكار , وإنما خص العصر بالذكر

لأنها الصلاة الوسطى , وقيل إنما خصها لأنها تأتي في وقت

تعب الناس من مقاساة أعمالهم . وهذا الحديث صريح في التبكير

بصلاة العصر في أول وقتها وأن وقتها يدخل بمصير ظل الشيء مثله .



* * *



4) حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ

ﷺ قَالَ: َ إِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنْ الصَّلاةِ أَوْ غَفَلَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا

إِذَا ذَكَرَهَا؛ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ:  أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي
( ).



المعنى : (حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه)

وهو : أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام بن جندب

ابن عامر بن غنم بن عدى بن النجار الأنصارى النجارى ، أبو حمزة المدنى ،

صاحب رسول الله ﷺ وخادمه ، توفي سنة : 92 هـ و قيل 93 هـ

(أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: َ إِذَا رَقَدَ) نام (أَحَدُكُمْ عَنْ الصَّلاةِ

أَوْ غَفَلَ عَنْهَا) نسيها (فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا) معناه : لا يجزئه إلا الصلاة مثلها

ولا يلزمه مع ذلك شيء آخر (فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ:  أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي لتذكرني فيها .



ويجب القضاء على العامد ؛ لأنه إذا وجب القضاء على الناسي

- مع سقوط الإثم ورفع الحرج عنه - فالعامد أولى مع بقاء الإثم عليه .

ويمكن أن يقال إن إثم العامد بإخراجه الصلاة عن وقتها باق عليه ولو قضاها ,

يخلاف الناسي فإنه لا إثم عليه مطلقاً , ووجوب القضاء على العامد

بالخطاب الأول لأنه قد خوطب بالصلاة وترتبت في ذمته فصارت دينا عليه ,

والدين لا يسقط إلا بأدائه فيأثم بإخراجه لها عن الوقت المحدود لها

ويسقط عنه الطلب بأدائها , فمن أفطر في رمضان عامدا

فإنه يجب عليه أن يقضيه مع بقاء إثم الإفطار عليه ,



واستدل بالحديث على أن شرع من قبلنا شرع لنا ،

ما لم يرد ناسخ ؛ لأن المخاطب بالآية المذكورة موسى

عليه الصلاة والسلام , وهو الصحيح في الأصول .



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( ) الماعون (4-5).

( ) التوبة (54).

( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الصلاة، باب التغليظ

في تفويت صلاة العصر، ح991.

( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في صلاة المسافرين وقصرها،

باب ما روي فيمن نام الليل أجمع حتى أصبح، ح1295.

( )سورة الفلق [الآية : 5] . .

( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة،

باب استحباب التبكير بالعصر، ح987.

( ) الآية في سورة طه (14)، والحديث متفق واللفظ لمسلم

في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة…، ح1104.



يتبع بإذن الله​
 
توقيع الغريبة

26543.imgcache.gif

الغريبة

مديرة المنتديات الإسلامية
فريق الإدارة
مديرة المنتديات الإسلامية

معلومات العضو

إنضم
15 يوليو 2021
المشاركات
4,157
مستوى التفاعل
3,405
الأوسمة
4
الإقامة
الاسكندرية
الجنس
أنثى


الاطمئنان والخشوع في الصلاة

مِنَ القُرآنِ الكرِيم:

1) قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ.

وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ،

إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ،

فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ

وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ،

أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ، الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
( ).



أَفْلَحَ : فازوا وسعدوا ونجوا. خَاشِعُونَ : حاضرة قلوبهم في صلاتهم مع سكون الجوارح

اللَّغْوِ : ما لا يجمل من القول أو الفعل مَلُومِينَ : مؤاخذين.

الْعَادُونَ : المجاوزون الحلال إِلى الحرام. الْفِرْدَوْسَ : أعلى درجات الجنة.



المعنى: (قَدْ أَفْلَحَ) فاز (الْمُؤْمِنُونَ) المصدقون

بالله ورسوله العاملون بشرعه (الَّذِينَ هُمْ) من صفاتهم أنهم

(فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ) تفرّغوا لها قلوبهم، وتسكن جوارحهم.

(وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ) لكل ما لا خير فيه من الأقوال والأفعال (مُعْرِضُونَ) تاركون.

(وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ) والذين هم مطهرون لنفوسهم وأموالهم

بأداء زكاة أموالهم على اختلاف أجناسها. (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ)

مما حرم الله من الزنا واللواط وكل الفواحش، (إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ) زوجاتهم

(أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ) من الإماء ،



والأمَة هي امرأة يشتريها سيدها أو يتملكها بوسيلة مشروعة أخرى

(فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) فلا لوم عليهم ولا حرج في جماعهن والاستمتاع بهن؛

لأن الله تعالى أحلهن ، فلا يحل للرجل إلا الاستمتاع بزوجته أو بأمَتِه المملوكة

بملك اليمين فقط ، ولا يحل للمرأة إلا الاستمتاع بزوجها فقط ،

ولا يحل للأمَة إلا الاستمتاع بسيدها فقط (فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ)

فمن طلب التمتع بغير زوجته أَوْ أمته (فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ)

فهو من المجاوزين الحلال إِلى الحرام، وقد عرّض نفسه لعقاب الله وسخطه.



(وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) والذين هم حافظون لكل

ما اؤتمنوا عليه، موفون بكل عهودهم. (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ)

يداومون على أداء صلاتهم في أوقاتها على هيئتها المشروعة،

الواردة عن النَّبِيّ ﷺ ، (أُولَئِكَ) هؤلاء المؤمنون

(هُمُ الْوَارِثُونَ) الجنة، (الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ) أعلى منازل الجنة

وأوسطها، (هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)، لا ينقطع نعيمهم ولا يزول.



* * *



مِنْ سُنَّة الرسول :

1) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ

دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى

الله عليه وسلم ، فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ السَّلامَ.

قَالَ: ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ. فَرَجَعَ الرَّجُلُ فَصَلَّى كَمَا كَانَ صَلَّى،

ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: وَعَلَيْكَ السَّلامُ.

ثُمَّ قَالَ: ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ. حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ.

فَقَالَ الرَّجُلُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَ هَذَا ! عَلِّمْنِي.

قَالَ: إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ،

ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا،

ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا،

ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاتِكَ كُلِّهَا
( ).



المعنى : (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ) وهو عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني

تُوفِّيَ سنة 57هـ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ دَخَلَ الْمَسْجِدَ)

وبينما هو جالس في ناحية المسجد (فَدَخَلَ رَجُلٌ) هو خلاد بن رافع (فَصَلَّى) ركعتين ،

وفيه إشعار بأنه صلى نفلاً ، والأقرب أنها تحية المسجد ، وهذا الرجل

صلى صلاة خفيفة لم يتم ركوعها ولا سجودها ، ثم انصرف من صلاته

(ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ) قدم حق الله على

حق رسوله ؛ فصلى ركعتين أولاً ثم سلم على الرسول صلى الله عليه

وسلم (فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ السَّلامَ ،

قَالَ) الرسول ﷺ : (ارْجِعْ) أعد صلاتك (فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ)

فيه أن أفعال الجاهل في العبادة في غير علم لا تجزئ .

(فَرَجَعَ الرَّجُلُ فَصَلَّى كَمَا كَانَ صَلَّى) أي : في أول مرة ،

أي : لم يتم الركوع ولا السجود ، (ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ) ،

فيه استحباب تكرار السلام ورده. (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ :

وَعَلَيْكَ السَّلامُ. ثُمَّ قَالَ: ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ. حَتَّى فَعَلَ)

الرجل (ذَلِكَ) المذكور (ثَلاثَ مَرَّات)ٍ فإن قيل : لم سكت النبي

ﷺ عن تعليمه أولاً حتى افتقر إلى المراجعة كَرَّة بعد أخرى ؟



والجواب : لأن الرجل لما لم يستكشف

الحال مغتراً بما عنده سكت عن تعليمه زجراً له وإرشاداً إلى أنه ينبغي أن

يستكشف ما استبهم عليه (فَقَالَ الرَّجُلُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ)

أَقْسَمَ الرجلُ بالله تعالى الذي بعث رَسُول اللهِ ﷺ

بالحق (مَا أُحْسِنُ غَيْرَ هَذَا !) أي : لا أدري غير هذا (عَلِّمْنِي) وإنما لم يعلمه

أولاً ليكون أبلغ في تعريفه وتعريف غيره بصفة الصلاة المجزئة .

(قَالَ : إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاةِ فَكَبِّرْ) وفي رواية للبخاري : إذا قمت

إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر ، وفيه دليل على

أن غير التكبير لا يصح به افتتاح الصلاة (ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ)

وفي رواية : ثم اقرأ بأم القرآن وبما شاء الله أن تقرأ ، ففيه تصريح بوجوب

قراءة الفاتحة (ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا)



وفي رواية : فإذا ركعت

فاجعل راحتيك على ركبتيك وامدد ظهرك وتمكن لركوعك

(ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا) وفي رواية : حتى تطمئن قائماً ؛

فثبت ذكر الطمأنينة في الاعتدال ، وفي رواية : فأقم صلبك

حتى ترجع العظام إلى مفاصلها (ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا)

ومَكِّنْ جبهتك من الأرض ، وفيه وجوب السجود والطمأنينة فيه ,

ولا خلاف في ذلك (ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاتِكَ كُلِّهَا)

فيه دليل على أن عليه أن يقرأ في كل ركعة كما كان عليه أن يركع

ويسجد في كل ركعة . واستدل بهذا الحديث على وجوب الطمأنينة

في أركان الصلاة . وفي الحديث دليل على أن صلاة

من لم يقم صلبه في الركوع والسجود غير مجزية .



من فوائد الحديث :

هذا الحديث مشتمل على فوائد كثيرة ، وليعلم أولاً أنه محمول

على بيان الواجبات دون السنن .

• وفيه دليل على وجوب الاعتدال عن الركوع , والجلوس بين السجدتين .

ووجوب الطمأنينة في الركوع والسجود , والجلوس بين السجدتين .

• وفيه الرفق بالمتعلم والجاهل ، وملاطفته ، وإيضاح المسألة ،

وتلخيص المقاصد ، والاقتصار في حقه على المهم دون المكملات

التي لا يحتمل حاله حفظها والقيام بها .

• وفيه استحباب السلام عند اللقاء , ووجوب رده , وأنه يستحب تكراره إذا تكرر اللقاء ,

وإن قرب العهد , وأنه يجب رده في كل مرة , وأن صيغة الجواب وعليكم السلام

أو وعليك بالواو.

• وفيه أن من أخل ببعض واجبات الصلاة لا تصح صلاته ,

ولا يسمى مصلياً بل يقال : لم تصل.

• واستدل بالحديث على وجوب الطمأنينة في الأركان .

• وفيه وجوب الإعادة على من أخل بشيء من واجبات الصلاة .

• وفيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , وحسن التعليم بغير تعنيف ,

وإيضاح المسألة , وتخليص المقاصد , وطلب المتعلم من العالم أن يعلمه .

• وفيه جلوس الإمام في المسجد وجلوس أصحابه معه .

وفيه التسليم للعالم والانقياد له والاعتراف بالتقصير

والتصريح بحكم البشرية في جواز الخطأ .

• وفيه حسن خلقه ﷺ ولطف معاشرته .

• وفيه تأخير البيان في المجلس للمصلحة .

• وفيه وجوب القراءة في الركعات كلها .

• وفيه أن المفتي إذا سئل عن شيء وكان هناك شيء آخر يحتاج إليه

السائل يستحب له أن يذكره له وإن لم يسأله عنه ويكون

من باب النصيحة لا من الكلام فيما لا معنى له . وموضع الدلالة

منه كونه قال (علمني) أَيْ: الصلاة فعلمه الصلاة ومقدماتها .

• وفيه أن أفعال الجاهل في العبادة على غير علم لا تجزئ .



* * *



2) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ  قَالَ : صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ يَوْمًا ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ:

يَا فُلانُ أَلا تُحْسِنُ صَلاتَكَ؟ أَلا يَنْظُرُ الْمُصَلِّي إِذَا صَلَّى كَيْفَ يُصَلِّي؟

فَإِنَّمَا يُصَلِّي لِنَفْسِهِ؟ إِنِّي وَاللَّهِ لأُبْصِرُ مِنْ وَرَائِي كَمَا أُبْصِرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ
( ).



(حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ) وهو عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني

تُوفِّيَ سنة 57هـ (قَالَ) أبو هريرة : (صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ يَوْمًا ثُمَّ انْصَرَفَ

فَقَالَ: يَا فُلانُ أَلا تُحْسِنُ صَلاتَكَ؟) من التحسين أو الإحسان

(أَلا يَنْظُرُ الْمُصَلِّي إِذَا صَلَّى كَيْفَ يُصَلِّي؟ فَإِنَّمَا يُصَلِّي لِنَفْسِهِ؟)

أَيْ: أن الصلاة لا تنفعه فينبغي للعاقل أن يراعيها (إِنِّي وَاللَّهِ لأُبْصِرُ

مِنْ وَرَائِي كَمَا أُبْصِرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ) قال العلماء : إن ذلك مما خص به

النبي ﷺ أن ينظر من وراء ظهره من غير التفات ،

وإنما أراد بذلك حضهم على الخشوع وإتمام الركوع . والله تعالى أعلم .



من فوائد الحديث :

• فيه الأمر بإحسان الصلاة والخشوع وإتمام الركوع والسجود .

• وفيه جواز الحلف بالله تعالى من غير ضرورة لكن المستحب تركه إلا لحاجة

كتأكيد أمر وتفخيمه والمبالغة في تحقيقه وتمكينه من النفوس ,

وعلى هذا يحمل ما جاء في الأحاديث من الحلف .









ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( ) المؤمنون (1-11).

( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الصلاة،

باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة…، ح602.

( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الصلاة،

باب الأمر بتحسين الصلاة وإتمامها والخشوع فيها ،ح642.



يتبع بإذن الله
 
توقيع الغريبة

26543.imgcache.gif

الغريبة

مديرة المنتديات الإسلامية
فريق الإدارة
مديرة المنتديات الإسلامية

معلومات العضو

إنضم
15 يوليو 2021
المشاركات
4,157
مستوى التفاعل
3,405
الأوسمة
4
الإقامة
الاسكندرية
الجنس
أنثى


فضل الصلاة لوقتها

مِنَ القُرآنِ الكرِيم:

1) حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ( ).



وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى : صلاة العصر. قَانِتِينَ : طائعين قائمين خاشعين.

المعنى: (حَافِظُوا) - أيها المسلمون - (عَلَى الصَّلَوَاتِ) الخمس المفروضة

بالمداومة على أدائها في أوقاتها بشروطها وأركانها وواجباتها،

(وَ) حافظوا على (الصَّلاةِ الْوُسْطَى) المتوسطة بينها وهي صلاة العصر،

(وَقُومُوا) في صلاتكم مطيعين (لِلَّهِ)، (قَانِتِينَ) خاشعين ذليلين.



* * *



2) إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا، إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا،

وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا، إِلاَّ الْمُصَلِّينَ، الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ،

وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ، لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ، وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ

بِيَوْمِ الدِّينِ، وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ، إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ.

وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ

فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ، فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ،

وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ،

وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ، أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ
( ).



هَلُوعًا : كثير الجزع شديد الحرص. جَزُوعًا : كثير الجزع والأسى.

الْخَيْرُ : السعة وطيب العيش. مَنُوعًا : بخيلاً.

دَائِمُونَ : محافظون. وَالْمَحْرُومِ : المحتاج المتعفف عن السؤال.

بِيَوْمِ الدِّينِ : بيوم الجزاء والحساب. مُشْفِقُونَ : خائفون استعظاماً لله تعالى.

غَيْرُ مَلُومِينَ : غير مؤاخذين. الْعَادُونَ : المجاوزون الحلال إِلى الحرام.

رَاعُونَ : حافظون. قَائِمُونَ : مُؤَدُّون.



المعنى: (إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا) جبل على الجزع

وشدة الحرص، (إِذَا مَسَّهُ) أصابه (الشَّرُّ) المكروه والعسر (جَزُوعًا) كثير الجزع

والأسى، (وَإِذَا مَسَّهُ) أصابه (الْخَيْرُ) واليسر (مَنُوعًا) كثير المنع والإمساك والبخل ،

(إِلاَّ الْمُصَلِّينَ) المقيمين للصلاة، (الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ) الذين

يحافظون على أدائها في جميع الأوقات، ولا يشغلهم عنها شاغل،

(وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ) نصيب معين فرضه الله عليهم،

وهو الزكاة، فيعطونها (لِلسَّائِلِ) الذي يسأل المعونة، (وَالْمَحْرُومِ)

الذي يتعفف عن سؤال المعونة، (وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ) يؤمنون (بِيَوْمِ الدِّينِ)

بيوم الحساب والجزاء فيستعدون له بالأعمال الصالحة،

(وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ) خائفون، (إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ)

لا ينبغي أن يأمنه أحد،

(وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ) عن كل ما حرم الله عليهم من الزنا واللواط

وكل الفواحش، (إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ) زوجاتهم (أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ) إمائهم،



والأمَة هي امرأة يشتريها سيدها أو يتملكها بوسيلة مشروعة أخرى

(فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) غير مؤاخذين ولا لوم عليهم ولا حرج في جماعهن

والاستمتاع بهن؛ لأن الله تعالى أحلهن ، فلا يحل للرجل إلا الاستمتاع

بزوجته أو بأمَتِه المملوكة بملك اليمين فقط ، ولا يحل للمرأة إلا الاستمتاع

بزوجها فقط ، ولا يحل للأمَة إلا الاستمتاع بسيدها فقط، (فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ)

فمن طلب لقضاء شهوته غير الزوجات والمملوكات (فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ)

المتجاوزون الحلال إِلى الحرام وقد عرّض نفسه لعقاب الله وسخطه

(وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ) لأمانات الله وأمانات العباد (وَعَهْدِهِمْ)

عهودهم مع الله تعالى ومع العباد (رَاعُونَ) حافظون. (وَالَّذِينَ هُمْ

بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ) والذين يؤدّون شهاداتهم بالحق دون تغيير أَوْ كتمان،

(وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) ولا يخلّون بشيء من واجباتها، (أُولَئِكَ)

المتصفون بتلك الأوصاف الجليلة مستقرون (فِي جَنَّاتٍ) جنات النعيم،

(مُكْرَمُونَ) فيها بكل أنواع التكريم.



* * *



مِنْ سُنَّة الرسول :

1) حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ  قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ

 أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الصَّلاةُ لِوَقْتِهَا، قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ:

بِرُّ الْوَالِدَيْنِ، قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ،

فَمَا تَرَكْتُ أَسْتَزِيدُهُ إِلاَّ إِرْعَاءً عَلَيْهِ
( ).



بِرُّ الْوَالِدَيْنِ : حسن المعاملة وكمال الطاعة. إِرْعَاءً : رفقاً به وإبقاء عليه.



المعنى : (حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ) وهو :

عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي ، أبو عبد الرحمن ،

صاحب رسول الله  من السابقين الأولين . توفي سنة : 32 أو 33 هـ بالمدينة.

(قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ  أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟) أي : أحب إلى الله

(قَالَ: الصَّلاةُ لِوَقْتِهَا) فيه أن البدار إلى الصلاة في أول أوقاتها أفضل

من التراخي فيها ، وأن إخراجها عن وقتها محرم (قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟)

والتقدير : ثم أي العمل أحب بعد الصلاة؟ (قَالَ: بِرُّ الْوَالِدَيْنِ) بِرُّ كل

واحد منهما، والإحسان وبِرُّ الوالدين ضد العقوق وهو الإساءة وتضييع

الحقوق ، وهذا الحديث موافق لقوله تعالى (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ) ( )

وغيره من الآيات، (قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ) يعني : أيّ العمل أحب بعد بر الوالدين؟

(قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَمَا تَرَكْتُ أَسْتَزِيدُهُ إِلاَّ إِرْعَاءً عَلَيْهِ) أي : رفقاً به ،

فكأنه استشعر منه مشقة ، أَيْ: شفقة عليه لئلا يسأم . يعني :

لو سألته أكثر من هذا لزادني في الجواب .



قال العلماء : إنما خص النَّبِيّ  هذه الثلاثة

بالذكر لأنها عنوان على ما سواها من الطاعات , فإن من ضيع الصلاة المفروضة

حتى يخرج وقتها من غير عذر مع خفة مؤنتها عليه وعظيم فضلها

فهو لما سواها أضيع , ومن لم يبر والديه مع وفور حقهما عليه كان

لغيرهما أقل برّاً , ومن ترك جهاد الكفار مع شدة عدواتهم للدين كان لجهاد

غيرهم من الفساق أترك , فظهر أن الثلاثة تجتمع في أن من حافظ عليها

كان لما سواها أحفظ , ومن ضيعها كان لما سواها أضيع .

وفي الحديث فضل تعظيم الوالدين , وأن أعمال البر يفضل بعضها على بعض .

وفيه السؤال عن مسائل شتى في وقت واحد , والرفق بالعالم ,

والتوقف عن الإكثار عليه خشية ملاله , وما كان عليه الصحابة من تعظيم النبي 

والشفقة عليه , وما كان هو عليه من إرشاد المسترشدين ولو شق عليه .



* * *



2) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ  أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  قَالَ: لَوْ يَعْلَمُ

النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاسْتَهَمُوا،

وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ

وَالصُّبْحِ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا
( ).



يَسْتَهِمُوا : يقترعوا. التَّهْجِيرِ : التبكير.

الْعَتَمَةِ : صلاة العشاء. حَبْوًا : زحفاً.



المعنى : (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ) وهو عبد الرحمن بن صخر

الدوسي اليماني تُوفِّيَ سنة 57هـ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  قَالَ: لَوْ يَعْلَمُ)

وضع المضارع موضع الماضي ليفيد استمرار العلم (النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ)

النداء هو الأذان (وَالصَّفِّ الأَوَّلِ) أي : لو علموا ما في الأذان والصف الأول

من الخير والبركة (ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا) أي : سبيلا إلى تحصيله بطريق

(إِلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ ) الاستهام الاقتراع ، قيل للاقتراع الاستهام لأنهم

كانوا يكتبون أسماءهم على سهام إذا اختلفوا في الشيء فمن خرج

سهمه غلب (لاسْتَهَمُوا) أي : على الأذان والصف الأول ، ومعناه أنهم

لو علموا فضيلة الأذان وقدرها وعظيم جزائه , ثم لم يجدوا طريقا يحصلونه

به لضيق الوقت عن أذان بعد أذان , أو لكونه لا يؤذن للمسجد إلا واحد

لاقترعوا في تحصيله , ولو يعلمون ما في الصف الأول من الفضيلة

نحو ما سبق , وجاءوا إليه دفعة واحدة وضاق عنهم ,

ثم لم يسمح بعضهم لبعض به , لاقترعوا عليه .



يريد  تعظيم أمر الثواب على الأذان والصف الأول فإن الناس لو يعلمون

مقدار ذلك لتبادروا ثوابه كلهم ولم يجدوا إلا أن يستهموا عليه تشاحاً فيه

ورغبة في ثوابه .وفيه تجهيل للمتساهلين في أمر الأذان والصف الأول ،

وفيه إثبات القرعة في الحقوق التي يزدحم عليها ويتنازع فيها

(وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ) التهجير التبكير إلى الصلاة أيّ صلاة كانت

(لاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ) أَيْ: سبق بعضهم بعضاً إليه ، لا بسرعة في المشي

في الطريق فإنه ممنوع ، بل بالخروج إليه والانتظار في المسجد قبل الآخر

(وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ) صلاة العشاء (وَالصُّبْحِ) صلاة الفجر

(لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا) زحفاً كما يمشي الصبي أول مرة ،



فيه الحث العظيم على حضور جماعة هاتين الصلاتين , والفضل الكثير

في ذلك لما فيهما من المشقة على النفس من تنغيص أول نومها وآخره ,

ولهذا كانتا أثقل الصلاة على المنافقين ، وخص  هاتين الصلاتين بذلك

لأن السعي إليهما أشق من السعي إلى غيرهما لما في أوقاتهما من

مشقة الخروج والتصرف فأخبر  عن عظيم الأجر على إتيانهما حضاً للناس

عليهما وأن المشي إليهما لو لم يكن إلا حبواً - كما يفعل الطفل

الصغير الذي لا يستطيع المشي - لاستسهله من يعلم مقدار الثواب عليهما.



* * *



3) حَدِيثُ أَبِي مُوسَى : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  قَالَ مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ( ).



الْبَرْدَيْنِ : الْبَرْدانِ هما: صلاتا الفجر والعصر.



المعنى : (حَدِيثُ أَبِي مُوسَى ) وهو : عبد الله بن قيس

ابن سليم بن حضار بن حرب بن عامر بن الأشعر ، أبو موسى الأشعرى ،

توفي سنة : 50 هـ و قيل بعدها بمكة , و قيل : الثوية

(أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  قَالَ مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ) المراد صلاة الفجر والعصر ,

سميتا بردين لأنهما تصليان في بردي النهار وهما طرفاه حين يطيب الهواء

وتذهب سورة الحر (دَخَلَ الْجَنَّةَ).



* * *



4) حَدِيثُ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ  قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ 

إِذْ نَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ فَقَالَ: أَمَا إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ

لا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ. فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لا تُغْلَبُوا عَلَى صَلاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ

وَقَبْلَ غُرُوبِهَا - يَعْنِي: الْعَصْرَ وَالْفَجْرَ. ثُمَّ قَرَأَ جَرِيرٌ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ

قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا 
( ).



تُضَامُّونَ : تشكون ويشتبه عليكم.



المعنى : (حَدِيثُ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ )

وهو : جرير بن عبد الله بن جابر البجلي القسري ، أبو عمرو ، و قيل أبو عبد الله ،

اليماني، بسط له النبي  رداءه ، و أكرمه . توفي سنة : 51 هـ و قيل بعدها

بقرقيسيا ، (قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا) أي : جالسين (عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ  إِذْ نَظَرَ إِلَى

الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ) ليلة أربع عشرة (فَقَالَ: أَمَا إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ) يوم القيامة

(كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ لا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ) لا يلحقكم ضيم في الرؤية ،



والمراد نفي الازدحام ، أَيْ: ترونه رؤية محققة لا شك فيها ولا مشقة ,

كما ترون هذا القمر رؤية محققة بلا مشقة , فهو تشبيه للرؤية بالرؤية

لا المرئي بالمرئي . والرؤية مختصة بالمؤمنين , وأما الكفار فلا يرونه 

(فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لا تُغْلَبُوا) أي : لا تصيروا مغلوبين

(عَلَى صَلاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا) فافعلوا ،

أي : لا تصيروا مغلوبين بالاشتغال عن صلاتي الصبح والعصر ,

أَيْ: لا يغلبنكم الشيطان حتى تتركوهما أو تؤخروهما عن أول وقت الاستحباب ،

وخص بالمحافظة على هاتين الصلاتين الصبح والعصر ؛ لاجتماع

الملائكة فيهما ورفعهم أعمال العباد لئلا يفوتهم هذا الفضل العظيم ؛

ولأن وقت صلاة الصبح وقت النوم ، وصلاة العصر وقت الفراغ

من الصناعات وإتمام الوظائف ، فالقيام فيهما أشق على النفس ،



وفيه إشارة إلى قطع أسباب الغلبة المنافية للاستطاعة كالنوم والشغل

ومقاومة ذلك بالاستعداد له - (يَعْنِي: الْعَصْرَ وَالْفَجْرَ) وهذا يدل على

أن الرؤية قد يرجى نيلها بالمحافظة على هاتين الصلاتين ،

(ثُمَّ قَرَأَ جَرِيرٌ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا أي :

وصَلِّ في هذين الوقتين , وعبر عن الكل بالجزء وهو التسبيح المراد به

الثناء في الافتتاح المقرون بحمد الرب المشتمل عليه سورة الفاتحة ,

أو المراد بالتسبيح تنْزيه الرب  عن الشريك ونحوه من صفات النقصان والزوال.










ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( ) البقرة (238).

( ) المعارج (19-35)

( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الإيمان،

باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال، ح120.

( ) سورة لقمان [الآية : 14] . .

( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الصلاة،

باب تسوية الصفوف وإقامتها…، ح661.

( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة،

باب فضل صلاتي الصبح والعصر…، ح1005.

( ) الآية في سورة طه (130)، والحديث متفق عليه واللفظ لمسلم

في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاتي الصبح والعصر…، ح1002.





يتبع بإذن الله​
 
توقيع الغريبة

26543.imgcache.gif

الغريبة

مديرة المنتديات الإسلامية
فريق الإدارة
مديرة المنتديات الإسلامية

معلومات العضو

إنضم
15 يوليو 2021
المشاركات
4,157
مستوى التفاعل
3,405
الأوسمة
4
الإقامة
الاسكندرية
الجنس
أنثى


بعض أحكام الصلاة

مِنَ القُرآنِ الكرِيم:

1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ

وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ. وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا.

وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ

فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ.

مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ

وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
( ).



إِذَا قُمْتُمْ : إِذَا أردتم القيام. فَاطَّهَّرُوا : اغتسلوا.

الْغَائِطِ : مكان قضاء الحاجة. لامَسْتُمُ : جامعتم.

صَعِيدًا : تراباً. حَرَجٍ : مشقة.



المعنى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ)

إِذَا أردتم القيام (إِلَى الصَّلاةِ) وأنتم على غير طهارة (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ)

ومنه الفم والأنف كما فعل النَّبِيّ ،. (وَ) اغسلوا (أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ) المفصل

الذي بين الذراع والعضد. (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ) والآذان لأنها تابعة للرأس

كما فعل النَّبِيّ  (وَ) اغسلوا (أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) وهما العظمان البارزان

عند ملتقى الساق بالقدم، (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا) أصابكم الحدث الأكبر (فَاطَّهَّرُوا)

فتطهروا بالاغتسال منه قبل الصلاة، (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى، أَوْ عَلَى سَفَرٍ)

في حال الصحة، (أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ) أَوْ قضى أحدكم حاجته،

(أَوْ لامَسْتُمُ) جامعتم (النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا)

فاضربوا بأيديكم وجه الأرض (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ. مَا يُرِيدُ اللَّهُ)

في أمر الطهارة (لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) أن يضيق عليكم بل أباح التيمم

توسعة عليكم، ورحمة بكم، (وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ)؛ إذ جعل التيمم بديلاً للماء

في الطهارة، (وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ). فكانت رخصة التيمم

من تمام النعم التي تقتضي شكر المنعم؛ بطاعته فيما أمر وفيما نهى.



* * *



مِنْ سُنَّة الرسول :

1) حَدِيثُ أَبي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيّ : عن مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ:

أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا مَعَ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ  فَذَكَرْنَا صَلاةَ النَّبِيِّ  فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ:

أَنَا كُنْتُ أَحْفَظَكُمْ لِصَلاةِ رَسُولِ اللَّهِ ، رَأَيْتُهُ إِذَا كَبَّرَ جَعَلَ يَدَيْهِ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ،

وَإِذَا رَكَعَ أَمْكَنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ، فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى

حَتَّى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ، فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ وَلا قَابِضِهِمَا

وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ الْقِبْلَةَ، فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَلَسَ عَلَى

رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَنَصَبَ الْيُمْنَى، وَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ قَدَّمَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى

وَنَصَبَ الأُخْرَى وَقَعَدَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ
( ).



حِذَاءَ : جانب وموازاة. مَنْكِبَيْهِ : المنكب: ما بين الكتف والعنق.

هَصَرَ : ثنى وخفض. فَقَارٍ : مَفْصِل.



المعنى : (حَدِيثُ أَبي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيّ )

وهو : أبو حميد الساعدى الأنصارى المدنى ،

المنذر بن سعد بن المنذر أو ابن مالك أو ابن عمرو ،

و قيل عبد الرحمن ، و قيل عمرو ، شهد أحداً وما بعدها، توفي سنة : 60 هـ

(عن مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ: أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا مَعَ نَفَرٍ) كانوا عشرة

(مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ  فَذَكَرْنَا صَلاةَ النَّبِيِّ  فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ:

أَنَا كُنْتُ أَحْفَظَكُمْ لِصَلاةِ رَسُولِ اللَّهِ ، رَأَيْتُهُ إِذَا كَبَّرَ جَعَلَ يَدَيْهِ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ)

المَنْكِبُ : مُجْتَمَعُ رَأسِ الكَتِفِ والعَضُد (وَإِذَا رَكَعَ أَمْكَنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ)

كأنه قابض عليهما (ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ) أَيْ: ثناه في استواء من غير تقويس ،

أَيْ: سوى رأسه وظهره حتى صار كالصفحة (فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى)

فقال سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد , ورفع يديه حتى

يحاذي بهما منكبيه معتدلاً (حَتَّى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ) جمـع فقارة

وهي العظام التي يقال لها خرز الظهر ، ثم يمكث قائماً حتى يقع

كل عظم موقعه (فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ) ذراعيه (غَيْرَ مُفْتَرِشٍ) لهما

(وَلا قَابِضِهِمَا) جافى يديه عن جنبيه (وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ الْقِبْلَةَ)



وكذلك فرج بين فخذيه غير حامل بطنه على شيء من فخذيه ،

ويسجد على سبعة أعضاء ، الجبهة مع الأنف ، واليدين ، والركبتين ،

وأطراف أصابع الرجلين (فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ) الأوليين ليتشهد

(جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَنَصَبَ الْيُمْنَى) ووضع كفه اليمنى على ركبته

اليمنى وكفه اليسرى على ركبته اليسرى ، وقبض أصابعه كلها وأشار

بالتي تلي الإبهام وهي السبابة ، وموضع الإشارة عند قوله "لا إله إلا الله"

وينوي بالإشارة التوحيد والإخلاص فيه فيكون جامعاً في التوحيد بين الفعل

والقول والاعتقاد ، وهذه الجلسة هي جلسة التشهد الأول ، وإذا قام

من الركعتين كبر ورفع يديه كما كبر عند افتتاح الصلاة (وَإِذَا جَلَسَ فِي

الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ) التي يكون فيها التسليم (قَدَّمَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَنَصَبَ

الأُخْرَى وَقَعَدَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ) أخرج رجله اليسرى وقعد متوركاً على

شقه الأيسر ثم سلم . وفيه سنية التورك في القعدة الأخيرة ،

والتورك أن يجلس الرجل على وركه أَيْ: جانب إليته ويخرج رجله

اليسرى من تحت مقعدته إِلى الجانب الأيمن غير قاعد على رجليه .



في هذا الحديث فوائد :

• منها أن أعضاء السجود سبعة وأنه ينبغي للساجد أن يسجد

عليها كلها وأن يسجد على الجبهة والأنف جميعاً وهو الراجح.

• وفي هذا الحديث حجة قوية لمن قال أن هيئة الجلوس في التشهد

الأول مغايرة لهيئة الجلوس في التشهد الأخير , وقد قيل في حكمة

المغايرة بينهما أنه أقرب إلى عدم اشتباه عدد الركعات , ولأن الأول

تعقبه حركة بخلاف الثاني , ولأن المسبوق إذا رآه علم قدر ما سبق به ,

واستُدِل به أيضا على أن تشهد الصبح كالتشهد الأخير من غيره

لعموم قوله (فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ) .

• وفي الحديث من الفوائد أيضا جواز وصف الرجل نفسه بكونه

أعلم من غيره إذا أَمِنَ الإعجاب وأراد تأكيد ذلك عند من سمعه

لِمَا في التعليم والأخذ عن الأعلم من الفضل .

• وفيه أنَّ (كان) تستعمل فيما مضى وفيما يأتي لقول أبي حميد

(كنت أحفظكم) وأراد استمراره على ذلك .

• وفيه أنه كان يخفى على الكثير من الصحابة بعض الأحكام المتلقاه

عن النبي  وربما تذكره بعضهم إذا ذكر .



* * *



2) حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ  إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاةَ

رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ مَنْكِبَيْهِ وَقَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ وَإِذَا رَفَعَ مِنَ الرُّكُوعِ وَلا يَرْفَعُهُمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ
( ).



المعنى : روى هذا الحديث عن رسول الله  ابن عمر

- رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا - وهو : عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشى العدوى ،

أبو عبد الرحمن المكي المدني ، أسلم قَديماً مع أبيه و هو صغير لم يبلغ الحلم ،

و هاجر معه ، و شهد الخندق و ما بعدها من المشاهد مع رسول الله  ،

و هو شقيق حفصة أم المؤمنين ، مات سنة ثلاث وسبعين .

(قَالَ) ابن عمر - رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا - : (رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ  إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاةَ

رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ) يقابل (مَنْكِبَيْهِ) مع قوله: الله أكبر ، والحكمة

في ابتداء الصلاة بالتكبير افتتاحها بالتنْزيه والتعظيم لله تعالى ونعته

بصفات الكمال . والله أعلم (وَقَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ) أي : وإذا أراد أن يركع رفع

يديه أَيْضاً وقال : الله أكبر (وَإِذَا رَفَعَ) رأسه (مِنَ الرُّكُوعِ) رَفَعَ يَدَيْهِ أَيْضاً وقال :

سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ، وهذا دليل صريح على

أن رفع اليدين في هذه المواضع سنة (وَلا يَرْفَعُهُمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ)

أَيْ: في السجود لا في الهوى إليه ولا في الرفع منه ، ويكتفي بالتكب ير.



قال العلماء :

يستحب رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام , ويستحب رفعهما أَيْضاً عند الركوع

وعند الرفع منه , وإذا قام من التشهد الأول , وهذا القول هو الصواب ,

فقد صح فيه حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي  أنه كان يفعله ورواه البخاري ( ).



وأما صفة الرفع : فإنه يرفع يديه حذو منكبيه ب

حيث تحاذي أطراف أصابعه فروع أذنيه أَيْ: أعلى أذنيه , وإبْهاماه شحمتي أذنيه ,

وراحتاه منكبيه , فهذا معنى قولهم : حذو منكبيه .

وأما وقت الرفع : يبتدئ الرفع مع ابتداء التكبير , ويستحب أن يكون كفاه

إلى القبلة عند الرفع , وأن يكشفهما وأن يفرق بين أصابعهما تفريقا وسطا ,

ولا يقصر التكبير بحيث لا يفهم , ولا يبالغ في مده بالتمطيط , بل يأتي به مبيناً .

وإذا وضع يديه حطهما تحت صدره فوق سرته .



* * *



3) حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ : أَنَّ النَّبِيَّ  قَالَ: لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ( ).



المعنى : (حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ )

وهو : عبادة بن الصامت بن قيس بن

أصرم بن فهر الأنصارى الخزرجى ، أبو الوليد المدنى ، أحد النقباء ، وشهد بدراً .

توفي سنة : 34 هـ بالرملة ، (أَنَّ النَّبِيَّ  قَالَ: لا صَلاةَ) لا تُقبَل صلاة

(لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ) وسميت أم القرآن لأنها فاتحته ،

والمراد القراءة في نفس الصلاة ، واستُدل به على أنَّ قراءة فاتحة الكتاب

فرض في جميع الصلوات , فريضة كانت أو نافلة , وركن من أركانها .

ويجب قراءة الفاتحة في كل ركعة ، واختلفوا في وجوبها خلف الإمام في الجهرية والسرية .



* * *



4) حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: أُمِرَ النَّبِيُّ  أَنْ يَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةٍ،

وَنُهِيَ أَنْ يَكُفَّ شَعْرَهُ وَثِيَابَهُ(
).



يَكُفَّ : يجمع ويضم.



المعنى : (حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا)

وهو : عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشى

الهاشمي أبو العباس المدني ، ابن عم رسول الله  ، ولد بالشعب ،

وتوفي بالطائف سنة 68 هـ (قَالَ: أُمِرَ النَّبِيُّ  ) أمره الله 

(أَنْ يَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةٍ) أَيْ: سبعة أعضاء: الْكَفَّيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ

وَأطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ وَالْجَبْهَةِ مَعَ الأنْف ، والجبهة هي الأصل

في السجود والأنف تبع (وَنُهِيَ) نهاه الله  (أَنْ يَكُفَّ شَعْرَهُ وَثِيَابَهُ)

ولا يجمع عند السجود شعره أو ثيابه صوناً لهما عن التراب بل يرسلهما

ويتركهما حتى يقعا إلى الأرض فيكون الكل ساجداً والله تعالى أعلم .



ما يؤخذ من الحديث :

اتفق العلماء على النهي عن الصلاة وثوبه مشمر أو كمه أو نحوه ,

أو رأسه معقوص أو مردود شعره تحت عمامته أو نحو ذلك ,

سواء فعله في الصلاة أو قبل أن يدخلها ، وهو كراهة تنْزيه

فلو صلى كذلك فقد أساء وصحت صلاته , والحكمة في النهي عنه

أن الشعر والثياب ونحوه يسجد معه ، وأنه إذا رفع ثوبه وشعره

عن مباشرة الأرض أشبه المتكبر .



* * *



5) حَدِيثُ أَنَسٍ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : اعْتَدِلُوا

فِي السُّجُودِ، وَلا يَبْسُطْ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الْكَلْبِ
( ).



المعنى : (حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ )

وهو : أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام بن جندب بن

عامر بن غنم بن عدى بن النجار الأنصارى النجارى ، أبو حمزة المدنى ،

صاحب رسول الله  وخادمه ، توفي سنة : 92 هـ و قيل 93 هـ

(قَالَ) أنس : (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : اعْتَدِلُوا فِي السُّجُودِ) أي : كونوا فيه

متوسطين ، وأوقعوه على الهيئة المأمور بها من وضع أكفكم فيه على الأرض ،

ورفع مرافقكم عنها وعن أجنابكم ، ورفع بطونكم عن أفخاذكم ؛

لأنه أشبه بالتواضع وأبلغ في تمكين الجبهة بالأرض وأبعد من الكسالة

(وَلا يَبْسُطْ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الْكَلْبِ) وبسط الكلب هو وضع المرفقين

مع الكفين على الأرض ؛ لأن ذلك مشعر بالتهاون وقلة الاعتناء بالصلاة.



* * *



6) حَدِيثُ عَائِشَةَ - رَضِي اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ 

عَنِ الالْتِفَاتِ فِي الصَّلاةِ، فَقَالَ: هُوَ اخْتِلاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلاةِ الْعَبْدِ( ).




اخْتِلاسٌ : سرقة الشيء بسرعة



المعنى : (حَدِيثُ عَائِشَةَ - رَضِي اللَّهُ عَنْهَا -)

وهي : عائشة بنت أبى بكر الصديق التيمية ، أم المؤمنين ، أم عبد الله ،

توفيت سنة : 57 هـ على الصحيح , و قيل 58 هـ (قَالَتْ) عائشة :

(سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ  عَنِ الالْتِفَاتِ فِي الصَّلاةِ، فَقَالَ: هُوَ اخْتِلاسٌ)

أَيْ: اختطاف بسرعة ، والمراد سلب الشيطان (يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ)

كمال (صَلاةِ الْعَبْدِ) وَذَلِكَ لأن الشيطان قد يشغل المصلي عن صلاته

بالالتفات إلى شيء ما بغير حجة يقيمها فقد أشبه المختلس .



وسمي اختلاساً تصويراً لقبح تلك الفعلة بالمختلس ,

لأن المصلي يقبل عليه الرب , والشيطان مرتصد له ينتظر

فوات ذلك عليه , فإذا التفت اغتنم الشيطان الفرصة فسلبه تلك الحالة .



ما يدل عليه الحديث :

• والحديث يدل على كراهة الالتفات في الصلاة وأنها كراهة تنْزيه

ما لم يبلغ إلى حد استدبار القبلة, والحكمة في التنفير عنه ما فيه

من نقض الخشوع والإعراض عن الله تعالى وعدم التصميم

على مخالفة وسوسة الشيطان .

• أن الحكمة في جعل سجود السهو جابراً للمشكوك فيه دون

الالتفات وغيره مما ينقص الخشوع لأن السهو لا يؤاخذ به المكلف ,

فشرع له الجبر دون العمد ليتيقظ العبد له فيجتنبه .

• أن ما لا يستطاع دفعه معفو عنه , لأن لمح العين يغلب الإنسان .



* * *



7) حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ: بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ 

إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ،

فَقُلْتُ: وَا ثُكْلَ أُمِّيَاهْ ! مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ؟ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ

عَلَى أَفْخَاذِهِمْ. فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لَكِنِّي سَكَتُّ. فَلَمَّا صَلَّى

رَسُولُ اللَّهِ ؛ فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلا بَعْدَهُ أَحْسَنَ

تَعْلِيمًا مِنْهُ، فَوَاللَّهِ مَا كَهَرَنِي، وَلا ضَرَبَنِي، وَلا شَتَمَنِي، قَالَ:

إِنَّ هَذِهِ الصَّلاةَ لا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلامِ النَّاسِ؛ إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ

وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَ ةُ الْقُرْآنِ، أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ . قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ:



إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ، وَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالإِسْلامِ، وَإِنَّ مِنَّا رِجَالاً يَأْتُونَ الْكُهَّانَ،

قَالَ: فَلا تَأْتِهِمْ. قَالَ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ، قَالَ: ذَاكَ شَيْءٌ يَجِدُونَهُ

فِي صُدُورِهِمْ فَلا يَصُدَّنَّهُمْ. قَالَ: قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ، قَالَ:

كَانَ نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ. قَالَ: وَكَانَتْ لِي جَارِيَةٌ

تَرْعَى غَنَمًا لِي قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ؛ فَاطَّلَعْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا الذِّيبُ

قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ

لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ  فَعَظَّمَ ذَلِكَ عَلَيَّ.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَفَلا أُعْتِقُهَا؟ قَالَ: ائْتِنِي بِهَا، فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَقَالَ لَهَا:

أَيْنَ اللَّهُ؟ قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ، قَالَ: مَنْ أَنَا؟ قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ،

قَالَ: أَعْتِقْهَا؛ فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ( ).




كَهَرَنِي : زجرني وعبس في وجهي الْكُهَّانَ : كذابون يدعون معرفة الأسرار ومستقبل الزمان.

يَتَطَيَّرُونَ : الطيرة: التشاؤم الذي يصد صاحبه عن العمل. يَخُطُّونَ :

نوع من الكهانة يزعمون معرفة الغيب بواسطة الخط على الرمل.

صَكَكْتُهَا : ضربتها. أُعْتِقُهَا : اجعلها حرة.



المعنى : (حَدِيثُ مُعَاوِيَة بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيّ )

كان ينْزل المدينة ، و يسكن فى بنى سليم (قَالَ) مُعَاوِيَة بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيّ :

(بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ  إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ)

وأنا في الصلاة : (يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ) نظروا إلَيَّ نَظَرَ زَجْر

كي لا أتكلم في الصلاة (فَقُلْتُ: وَا ثُكْلَ أُمِّيَاهْ !) هو فقد الأم الولد ،

وأمياه أصله أمي زيد عليه الألف لمد الصوت وهاء السكت

وهي تثبت وقفاً لا وصلاً (مَا شَأْنُكُمْ) ما حالكم (تَنْظُرُونَ إِلَيَّ)

نظر الغضب؟ (فَجَعَلُوا) أي: شرعوا (يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ)

يعني فعلوا هذا ليسكتوه , وهذا محمول على أنه كان قبل أن يشرع

التسبيح لمن نابه شيء في صلاته (فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي)

أَيْ: يسكتوني أردت أن أخاصمهم (لَكِنِّي سَكَتُّ) أَيْ: سكت ولم أعمل

بمقتضى الغضب



(فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ  فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي) أي :

أفديه بأبي وأمي (مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ ،

فَوَاللَّهِ مَا كَهَرَنِي) أي: ما انتهرني ولا أغلظ لي في القول ولا استقبلني

بوجه عبوس (وَلا ضَرَبَنِي، وَلا شَتَمَنِي) أراد نفي أنواع الزجر والعنف

وإثبات كمال الإحسان واللطف (قَالَ: إِنَّ هَذِهِ الصَّلاةَ) يعني مطلق

الصلاة فيشمل الفرائض وغيرها (لا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلامِ النَّاسِ)

أَيْ: ما يجرى في مخاطباتهم ومحاوراتهم (إِنَّمَا هُوَ) أَيْ: ما يحل فيها

من الكلام (التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَ ةُ الْقُرْآنِ)، فمعناه : لا يصلح

فيها شيء من كلام الناس ومخاطباتهم , وإنما هي التسبيح

وما في معناه من الذكر والدعاء وأشباههما مما ورد به الشرع .



(أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ . قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ)

الجاهلية : ما قبل ورود الشرع , سموا جاهلية لكثرة جهالاتهم وفحشهم

(وَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالإِسْلامِ، وَإِنَّ مِنَّا رِجَالاً يَأْتُونَ الْكُهَّانَ) جمع كاهن

وهو من يدعي معرفة الضمائر ، وكانت الكهانة في العرب ثلاثة أضرب :

أحدها : يكون للإنسان وَلِيُّ من الجن يخبره بما يسترقه من السمع من السماء ,



وهذا القسم بطل من حين بعث الله نبينا  ، قال تعالى حكاية عن الجن

الذين كانوا يسترقون السمع من السماء

( وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا ،

وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا)
( ).

الثاني : أن يخبره بما يطرأ أو يكون في أقطار

الأرض وما خفي عنه مما قرب أو بعد , وهذا لا يبعد وجوده , والنهي

عن تصديقهم والسماع منهم عام .

الثالث : المنجمون, وهذا الضرب

يخلق الله تعالى فيه لبعض الناس قوة ما , لكن الكذب فيه أغلب ,

ومن هذا الفن العرافة , وصاحبها عراف , وهو الذي يستدل على الأمور

بأسباب ومقدمات يدعي معرفتها بها. وهذه الأضرب كلها تسمى كهانة ,

وقد أكذبهم كلهم الشرع , ونهى عن تصديقهم وإتيانهم (قَالَ: فَلا تَأْتِهِمْ)



قال العلماء : إنما نهي عن إتيان الكهان ; لأنهم يتكلمون

في مغيبات قد يصادف بعضها الإصابة ; فيخاف الفتنة على الإنسان

بسبب ذلك ; لأنهم يلبسون على الناس كثيرا من أمر الشرائع ,

وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة بالنهي عن إتيان الكهان وتصديقهم

فيما يقولون , وتحريم ما يعطون من الحلوان ، وحلوان الكاهن

ما يأخذه المتكهن على كهانته, وهو حرام بإجماع المسلمين

(قَالَ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ) التطير : التفاؤل بالطير ، مثلاً إذا شرع

في حاجة وطار الطير عن يمينه يراه مباركاً ، وإن طار عن يساره يراه غير مبارك ،

وكان ذلك يصدهم عن مقاصدهم ويمنع عن السير إلى مطالبهم ,

فنفاه الشرع وأبطله ونهاهم عنه (قَالَ: ذَاكَ) أَيْ: التطير

(شَيْءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ) يعني : هذا وَهْمٌ ينشأ من نفوسهم

ليس له أصل يستند إليه ولا له برهان يعتمد عليه ولا هو في كتاب

نازل وليس له تأثير في اجتلاب نفع أو ضر ، وإنما هو شيء يسوله

الشيطان ويزينه حتى يعملوا بقضيته ليجرّهم بذلك إلى اعتقاد

مؤثر غير الله تعالى ، وهو لا يحل باتفاق العلماء (فَلا يَصُدَّنَّهُمْ)

أَيْ: لا يمنعهم التطير من مقاصدهم لأنه لا يضرهم ولا ينفعهم

ما يتوهمونه ؛ فلا ترجعوا عما كنتم عزمتم عليه قبل هذا

(قَالَ: قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ) الخط عند العرب : يأتي الرجل

العراف وبين يديه غلام فيأمره أن يخط في الرمل خطوطاً كثيرة

وهو يقول : ابني عيان أسرعا البيان ، ثم يأمر من يمحو منها اثنين اثنين

حتى ينظر آخر ما يبقى من تلك الخطوط . فإن كان الباقي زوجاً فهو دليل

الفلاح والظفر , وإن بقي فرداً فهو دليل الخيبة واليأس



(قَالَ: كَانَ نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ) أَيْ: بأمرٍ إلهيّ أو علم لدُني فيعرف بالفراسة

بتوسط تلك الخطوط (فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ) أَيْ: وافق خطه خط النبي (فَذَاكَ)

معناه : من وافقه خطه فهو مباح له , ولكن لا طريق لنا إلى العلم اليقيني

بالموافقة فلا يباح , والمقصود : أنه حرام , لأنه لا يباح إلا بيقين الموافقة ,

وليس لنا يقين بها , وإنما قال النبي : فمن وافق خطه فذاك ,

ولم يقل : هو حرام , بغير تعليق على الموافقة ؛ لئلا يتوهم متوهم

أن هذا النهي يدخل فيه ذاك النبي الذي كان يخط , فحافظ النبي 

على حرمة ذاك النبي مع بيان الحكم في حقنا . فالمعنى أن ذاك النبي

لا منع في حقه , أما أنتم فلا علم لكم بها ، وقد اتفقوا على النهي عنه

الآن (قَالَ: وَكَانَتْ لِي جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا لِي قِبَلَ) ناحية جبل (أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ)

مكان بقرب جبل أحد في شمالي المدينة المنورة (فَاطَّلَعْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا الذِّيبُ)

حيوان يشبه الكلب ، يأكل الغنم (قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي

آدَمَ آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ) أَيْ: أغضب كما يغضبون ،



ومن هذا قوله تعالى

(فلما آسفونا انتقمنا منهم) أَيْ: أغضبونا ( لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً) أَيْ:

لطمت الجارية لطمة (فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ  فَعَظَّمَ) من التعظيم (ذَلِكَ عَلَيَّ) بتشديد الياء ،

أي : عَدَّ ذلك اللطم ذنباً عظيماً (قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَفَلا أُعْتِقُهَا) أراد أن يعتقها

وتصير حرة ليكفر عن ذنبه وهو ضربها (قَالَ) رَسُول اللهِ  : (ائْتِنِي بِهَا) أَيْ:

بالجارية (فَأَتَيْتُهُ بِهَا) أَيْ: بالجارية (فَقَالَ لَهَا) رَسُول اللهِ  : (أَيْنَ اللَّهُ؟ قَالَتْ:

فِي السَّمَاءِ) فيه إثبات أن الله تبارك وتعالى في السماء ، وهذا الحديث

من أحاديث الصفات , ويجب الإيمان به من غير خوض في معناه ,

مع اعتقاد أن الله تعالى ليس كمثله شيء وتنْزيهه عن سمات المخلوقات ،

وإطلاق ما أطلقه الشرع من أنه القاهر فوق عباده , وأنه استوى على العرش ,

وفي التمسك بالآية الجامعة للتنْزيه الكلي الذي لا يصح في المعقول غيره

وهو قوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )( ) عصمة لمن وفقه الله تعالى ،

(قَالَ) رَسُول اللهِ  : (مَنْ أَنَا؟ قَالَتْ) الجارية : (أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ،

قَالَ) رَسُول اللهِ  لمعاوية : (أَعْتِقْهَا) أَيْ: الجارية (فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ) أَيْ: الجارية .



بعض ما يستفاد من الحديث :

• فيه دليل على أن الكافر لا يصير مؤمناً إلا بالإقرار بالله تعالى وبرسالة رسول الله .

• وفي هذا الحديث أن إعتاق المؤمن أفضل من إعتاق الكافر , وأجمع العلماء

على جواز عتق الكافر في غير الكفارات , وأجمعوا على أنه لا يجزئ اعتاق العبد

الكافر في كفارة القتل , كما ورد به القرآن.

• جاء رجل إلى الإمام مالك فقال يا أبا عبد الله (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ) ( ) كيف استوى ؟

فوجد مالك من مقال هذا السائل موجدة عظيمة ، وعلاه الرحضاء يعني : العرق ,

وأطرق القوم, فسري عن مالك وقال : الكيف غير معقول , والاستواء منه

غير مجهول , والإيمان به واجب , والسؤال عنه بدعة . وإني أخاف أن تكون ضالاً ,

وأمر به فأُخرِج. وهكذا يجب الإيمان بآيات وأحاديث الصفات من غير خوض

في معناها , مع اعتقاد أن الله تعالى ليس كمثله شيء .

• فيه بيان ما كان عليه رسول الله  من عظيم الْخُلُق الذي شهد الله تعالى

له به , ورفقه بالجاهل, ورأفته بأمته, وشفقته عليهم. وفيه التخلق بِخُلُقِهِ 

في الرفق بالجاهل, وحسن تعليمه واللطف به , وتقريب الصواب إلى فهمه.

• تحريم الكلام في الصلاة من خصائص هذه الشريعة ،



وأما شريعة بني إسرائيل كان يباح فيها الكلام في الصلاة دون الصوم

فجاءت شريعتنا بعكس ذلك ، وقال العلماء : إنما عِيب على جُرَيج عدم إجابته

لأمه وهو في الصلاة ؛ لأن الكلام في الصلاة كان مباحاً في شرعهم ،

وفي شرعنا لا يجوز قطع صلاة الفرض لإجابة الأم ؛ إذ لا طاعة لمخلوق

في معصية الخالق، إلا إِذَا كانت الصلاة مسنونة فإنه يجوز قطع الصلاة وإجابة الأم أو الأب .

• وفيه أن العاطس في الصلاة يستحب له أن يحمد الله تعالى سراً .



• وفي هذا الحديث : النهي عن تشميت العاطس في الصلاة ,

وأنه من كلام الناس الذي يحرم في الصلاة وتفسد به إذا أتى به عالماً عامداً .

• فيه تحريم الكلام في الصلاة , سواء كان لحاجة أو غيرها , وسواء

كان لمصلحة الصلاة أو غيرها , فإن احتاج إلى تنبيه أو إذن لداخل ونحوه

سبَّح إن كان رجلاً , وصفقت إن كانت امرأة , وقيل : يجوز الكلام لمصلحة الصلاة ،

وهذا في كلام العامد العالم أما الناسي فلا تبطل صلاته بالكلام القليل ,

وأما كلام الجاهل إذا كان قريب عهد بالإسلام فهو ككلام الناسي ,

فلا تبطل الصلاة بقليله لحديث معاوية بن الحكم هذا الذي نحن فيه ;

لأن النبي لم يأمره بإعادة الصلاة , لكن علَّمه تحريم الكلام فيما يستقبل.



• وفيه دليل على جواز الفعل القليل في الصلاة , وأنه لا كراهة فيه إذا كان لحاجة.

• وفيه : دليل على أن من حلف لا يتكلم , فسبح أو كبر أو قرأ القرآن

لا يحنث بدليل (إِنَّ هَذِهِ الصَّلاةَ لا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلامِ النَّاسِ؛

إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَ ةُ الْقُرْآنِ).

• كان في العرب كهنة يدعون أنهم يعرفون كثيرا من الأمور ,

منهم من يزعم أن له رئيا من الجن يلقي إليه الأخبار , ومنهم من يدعي

استدراك ذلك بفهم أعطيه , ومنهم من يسمى : عرافاً وهو الذي يزعم

معرفة الأمور بمقدمات أسباب استدل بها , كمعرفة من سرق الشيء الفلاني ,

ونحو ذلك , ومنهم من يسمي المنجم كاهناً , والحديث يشتمل على النهي

عن إتيان هؤلاء كلهم .

• وفيه دليل على جواز استخدام السيد جاريته في الرعي وإن كانت تنفرد

في المرعى , وإنما حرم الشرع مسافرة المرأة وحدها , لأن السفر مظنة

الطمع فيها وانقطاع ناصرها والذاب عنها وبعدها منه , بخلاف الراعية ,

ومع هذا فإن خيف مفسدة من رعيها - لريبة فيها أو لفساد من يكون

في الناحية التي ترعى فيها أو نحو ذلك - لم يسترعها , ولم تمكن الحرة

ولا الأمة من الرعي حينئذ ; لأنه حينئذ يصير في معنى السفر الذي

حرم الشرع على المرأة , فإن كان معها محرم أو نحوه ممن تأمن معه

على نفسها ; فلا منع حينئذ . كما لا يمنع من المسافرة في هذا الحال.



* * *



8) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :

إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ: يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ

مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ،

وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ( ).




المعنى : (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ) وهو عبد الرحمن بن صخر

الدوسي اليماني تُوفِّيَ سنة 57هـ (قَالَ) أبو هريرة : (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ )

فيه تعيين محل هذه الاستعاذة بعد التشهد الأخير وهو مقيد ، وما ورد

من الإذن للمصلي بالدعاء بما شاء بعد التشهد يكون بعد هذه الاستعاذة (فَلْيَسْتَعِذ)

يلجأ ويعتصمْ (بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ) ذهب طاووس إلى وجوب هذا الدعاء بعد التشهد ،

وأَمَر ابنه بإعادة الصلاة حين لم يدْعُ بهذا الدعاء فيها . والجمهور على أنه مستحب ،

فينبغي الاهتمام بهذا الدعاء ، ولعل طاوساً أراد تأديب ابنه وتأكيد هذا الدعاء عنده ,

لا أنه يعتقد وجوبه : (يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ) فإنه أشد وأبقى ،

فيه إشارة إلى أنه لا مخلص من عذابها إلا بالالتجاء إلى بارئها (وَ) أعوذ بك (مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ)

ومنه شدة الضغطة ووحشة الوحدة وسؤال الملكين . والمراد بالقبر البرزخ

والتعبير به للغالب أو كل ما استقر أجزاؤه فيه فهو قبر (وَ) أعوذ بك (مِنْ فِتْنَةِ)

محنة ، والفتنة : الامتحان والاختبار (الْمَحْيَا) فتنة المحيا : ما يعرض للإنسان

مدة حياته من الافتنان بالدنيا والشهوات والجهالات وأعظمها والعياذ بالله

أمر الخاتمة عند الموت ، (وَ) أعوذ بك من محنة (الْمَمَاتِ)

وفتنة الممات : يجوز أن يراد بها الفتنة عند الموت أضيفت إليه لقربها منه ،



أو أنه دليل على أن بعد الموت فتنة وهي فتنة القبر (وَ) أعوذ بك

(مِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ) سُمي بذلك ؛ لأنه ممسوح العين اليمنى

أو يمسح الأرض بالمشي و(الدَّجَّالِ) : الكذابِ . أَيْ: أعوذ بك من ابتلاء

المسيح الكذاب وامتحانه إِذَا لقيته .



من هو الْمَسِيحُ الدَّجَّال؟ :

والْمَسِيحُ الدَّجَّالُ رَجُلٌ منْ بَني آدمَ أَحْمَرُ جَسِيمٌ جَعْدُ الرَّأْسِ ، أَعْوَرُ عَيْنِهِ الْيُمْنَى

كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ [ ك ف ر ] يعني : كَافِرٌ ،

جعلَهُ الله فِتنةً للنَّاس ليعلمَ الصَّادقَ في إيمانه مِنَ الكاذِب ، مَعَهُ أَنْهَار الْمَاءِ

وَجِبَال الْخُبْزِ ، وَيَبْعَثُ اللَّهُ مَعَهُ شَيَاطِينَ تُكَلِّمُ النَّاسَ وَمَعَهُ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ ،

إِنَّهُ يَبْدَأُ فَيَقُولُ : أَنَا نَبِيٌّ ؛ وَلا نَبِيَّ بَعْد رَسُول اللهِ  ، ثُمَّ يُثَنِّي فَيَقُولُ :

أَنَا رَبُّكُمْ ؛ والله  لا نَراهُ في الدُّنيا ، وَإِنَّهُ أَعْوَرُ ؛ وَإِنَّ الله  لَيْسَ بِأَعْوَرَ ،

وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يَقُولَ لأَعْرَابِيٍّ : أَرَأَيْتَ إِنْ بَعَثْتُ لَكَ أَبَاكَ وَأُمَّكَ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَبُّكَ ؟



فَيَقُولُ نَعَمْ ، فَيَتَمَثَّلُ لَهُ شَيْطَانَانِ فِي صُورَةِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ ، فَيَقُولانِ :

يَا بُنَيَّ اتَّبِعْهُ فَإِنَّهُ رَبُّكَ ، يُفْسدُ فِي الأَرْضِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا : يَوْمٌ كَسَنَةٍ ،

وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِنا العادية ، لَيْسَ

مِنْ بَلَدٍ إِلاَّ سَيَطَؤُهُ هذا الدَّجَّالُ إِلاَّ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ ، لَيْسَ لَهُ مِنْ نِقَابِهَا

نَقْبٌ إِلاَّ عَلَيْهِ الْمَلائِكَةُ صَافِّينَ يَحْرُسُونَهَا ، ثُمَّ تَصْرِفُ الْمَلائِكَةُ وَجْهَهُ

قِبَلَ الشَّامِ وَهُنَالِكَ يَهْلِكُ ؛ حَيْثُ يَجِيءُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ - عَلَيْهِمَا السَّلام -

مُصَدِّقًا بِمُحَمَّدٍ  وَعَلَى مِلَّتِهِ فَيَقْتُلُ هذا الدَّجَّالَ الكَذَّابَ.



ودعاء النبي , واستعاذته من هذه الأمور التي قد عُوفي منها

وعُصم إنما فعله ليلتزم خوف الله تعالى وإعظامه والافتقار إليه

ولتقتدي به أمته , وليبين لهم صفة الدعاء والمهم منه . والله أعلم .



* * *



9) حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ 

كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلاةِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ،

لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. اللَّهُمَّ لا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ،

وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ ( ).




الْجَدُّ : الثراء والغنى والحسب والولد.



المعنى : (حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ )

وهو : المغيرة بن شعبة بن أبى عامر بن مسعود بن معتب الثقفى ، أبو عيسى ،

و يقال أبو عبد الله ، و يقال أبو محمد، توفي سنة : 50 هـ بالكوفة

(أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلاةِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ

لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. اللَّهُمَّ لا مَانِعَ

لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ) لا ينفع ذا الغنى

والحظ منك غناه ، وإنما ينفعه الإيمان والطاعة ، أو : لا ينفع ذا الغنى عندك غناه ,

إنما ينفعه العمل الصالح . والجد ومعناه الغني أو الحظ . وهو الحظ

في الدنيا بالمال أو الولد أو العظمة أو السلطان , والمعنى لا ينجيه حظه منك ,

وإنما ينجيه فضلك ورحمتك .



وفي الحديث :

• استحباب هذا الذكر عقب الصلوات لما اشتمل عليه من ألفاظ التوحيد

ونسبة الأفعال إلى الله والمنع والإعطاء وتمام القدرة.

• وفيه الحض على الذكر الوارد عن الشرع في أدبار الصلوات

وأن ذلك يوازي إنفاق المال في طاعة الله.

• وفيه أن الذكر المذكور يلي الصلاة المكتوبة ولا يؤخر إلى أن يصلي الراتبة ,

والله أعلم .









ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( ) المائدة (6).

( ) رواه البخاري في كتاب الأذان، باب سنة الجلوس في التشهد، ح785.

( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب رفع اليدين …، ح586.

( ) رواه البخاري في كتاب الأذان ، باب رفع اليدين إِذَا قام من الركعتين ، ح697.

( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة…، ح595.

( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الصلاة، باب أعضاء السجود …، ح755.

( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الصلاة، باب الاعتدال في السجود، ح762.

( ) رواه البخاري في كتاب الأذان، باب الالتفات في الصلاة، 709.

( ) رواه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة…، ح836.

( ) سورة الجن [الآية : 8، 9] ..

( ) سورة الشورى [الآية : 11] ..

( ) سورة طه [الآية : 5] ..

( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة،

باب ما يستعاذ منه في الصلاة، ح924.

( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة…، ح933.



يتبع بإذن الله​

 
توقيع الغريبة

26543.imgcache.gif

الغريبة

مديرة المنتديات الإسلامية
فريق الإدارة
مديرة المنتديات الإسلامية

معلومات العضو

إنضم
15 يوليو 2021
المشاركات
4,157
مستوى التفاعل
3,405
الأوسمة
4
الإقامة
الاسكندرية
الجنس
أنثى


صلاة الجماعة

مِنَ القُرآنِ الكرِيم:

1) وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ

مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى

لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ

عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً. وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ

أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ

عَذَابًا مُهِينًا. فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ

فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ. إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا
( ).



حِذْرَهُمْ : احترازهم واستعدادهم. تَغْفُلُونَ : تسهون.

فَيَمِيلُونَ : يهجمون ويغيرون. جُنَاحَ : إثم

اطْمَأْنَنْتُمْ : استقررتم. كِتَابًا مَوْقُوتًا : مكتوباً محدود الأوقات مقدراً



المعنى: (وَإِذَا كُنْتَ) - يا محمد - (فِيهِمْ) في ساحة القتال،

(فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ) فأردت أن تصلي بهم، (فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ) جماعة (مِنْهُمْ مَعَكَ)

للصلاة (وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ، فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ) فَإِذَا سجد

هؤلاء فلتكن الجماعة الأخرى من خلفكم في مواجهة عدوكم، وتتم الجماعة الأولى

ركعتهم الثانية ويسلِّمون، (وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ

وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ) ثم تأتي الجماعة الأخرى التي لم تبدأ الصلاة

فليأتموا بك في ركعتهم الأولى، ثم يكملوا بأنفسهم ركعتهم الثانية،

وليحذروا من عدوهم، وليأخذوا أسلحتهم. (وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) الجاحدون

لدين الله (لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ) زادكم؛ (فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً)

ليحملوا عليكم حملة واحدة فيقضوا عليكم، (وَلا جُنَاحَ) إثم (عَلَيْكُمْ) حِينَئِذٍ

(إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى) أو كنتم في حال مرض،

(أَنْ تَضَعُوا) تتركوا (أَسْلِحَتَكُمْ)، (وَ) مع ذلك (خُذُوا حِذْرَكُمْ. إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ)

الجاحدين لدينه (عَذَابًا مُهِينًا) يهينهم، ويخزيهم. (فَإِذَا قَضَيْتُمُ) أديتم

(الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ) فأديموا ذكر الله في جميع أحوالكم: (قِيَامًا وَقُعُودًا

وَعَلَى جُنُوبِكُمْ، فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ) فَإِذَا زال الخوف (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ)

فأدوا الصلاة كاملة، ولا تفرّطوا فيها؛ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا)

فإنها واجبة في أوقات معلومة في الشرع.



* * *



2) فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ

يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ، رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ

وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ،

لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ، وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ
( ).



بُيُوتٍ : هي المساجد كلها تُرْفَعَ : تُعظَّم وتُطَهَّر

بِالْغُدُوِّ : أول النهار وَالآصَالِ : آخر النهار

تَتَقَلَّبُ : تضطرب بِغَيْرِ حِسَابٍ : بتوسُّع



المعنى: هذا النور المضيء (فِي بُيُوتٍ) مساجد

(أَذِنَ) أَمَرَ (اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ) يرفع شأنها وبناؤها، (وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) بتلاوة كتابه

والتسبيح والتهليل، وغير ذلك من أنواع الذكر، (يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ)

يصلي فيها لله في الصباح والمساء (رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ) لا تشغلهم

(تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ) لمستحقيها،

(يَخَافُونَ يَوْمًا) يوم القيامة الذي (تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ) بين الرجاء في النجاة

والخوف من الهلاك، (وَ) تتقلب فيه (الأَبْصَارُ) تنظر إِلى أَيّ مصير تكون،

(لِيَجْزِيَهُمُ) ليعطيهم (اللَّهُ) ثواب (أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا) أحسن أعمالهم

(وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) بمضاعفة حسناتهم (وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)،

بل يعطيه من الأجر ما لم يبلغه عمله، وبلا عدّ ولا كيل.



* * *

مِنْ سُنَّة الرسول :



1) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ : عَنْ النَّبِيِّ  قَالَ: تَفْضُلُ صَلاةٌ فِي الْجَمِيعِ

عَلَى صَلاةِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، قَالَ: وَتَجْتَمِعُ مَلائِكَةُ اللَّيْلِ

وَمَلائِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ:

وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا
( ).



(حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ) وهو عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني

تُوفِّيَ سنة 57هـ (عَنْ النَّبِيِّ  قَالَ : تَفْضُلُ صَلاةٌ فِي الْجَمِيعِ) أَيْ: صلاة

أحدكم مع الجماعة (عَلَى صَلاةِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ) المراد صلاته في بيته وسوقه

منفرداً (خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً ) ورد في روايات أخرى : بسبع وعشرين درجة ،

فيحتمل على أنه أوحى إليه أولا بخمس وعشرين ثم بسبع وعشرين تفضلا

من الله  حيث زاد درجتين ، أو على أن المراد في أحد الحديثين التكثير دون

التحديد والله تعالى أعلم (قَالَ : وَتَجْتَمِعُ مَلائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلائِكَةُ النَّهَارِ فِي

صَلاةِ الْفَجْرِ ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ : أَقِمِ الصَّلاَةَ) أمر لرسول

الله  ولأمته بإقامة الصلوات المكتوبات في أوقاتها (لِدُلُوكِ) زوال (الشَّمْسِ)

ودلوك الشمس واقع على كل ميل لها ، فابتداء دلوكها إذا زالت الشمس ،

وهو أول وقت الظهر ، وما بعد ذلك إذا صار ظل كل شيء مثله وهو

وقت العصر إلى آخر وقتها دلوك أيضا (إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ) اجتماع الليل وظلمته ،

ويشمل : المغرب والعشاء (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) عَطْفٌ على الصلاة ، والمراد من قرآن الفجر :

صلاة الفجر ، سميت الصلاة قرآناً ؛ لأنها لا تجوز إلا بالقرآن (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا)

أي : تحضر الملائكة قرآن الفجر وتشهده , يعني : صلاة الفجر.

فعلى هذا تكون هذه الآية دخل فيهما أوقات الصلوات الخمس :

الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر . وقد بينت السنة عن رسول الله 

تواتراً من أقواله وأفعاله تفاصيل هذه الأوقات على ما عليه أهل الإسلام

اليوم مما تلقوه خلفاً عن سلف وقرناً بعد قرن.



* * *



2) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :

إِنَّ أَثْقَلَ صَلاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلاةُ الْعِشَاءِ وَصَلاةُ الْفَجْرِ. وَلَوْ يَعْلَمُونَ

مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلاةِ فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ

رَجُلاً فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ

إِلَى قَوْمٍ لا يَشْهَدُونَ الصَّلاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ
( ).



المعنى : (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ) وهو عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني

تُوفِّيَ سنة 57هـ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  فَقَدَ نَاسًا فِي بَعْضِ الصَّلَوَاتِ

فـ(قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : إِنَّ أَثْقَلَ صَلاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلاةُ الْعِشَاءِ وَصَلاةُ الْفَجْرِ)

ودل هذا على أن الصلاة كلها ثقيلة على المنافين ,

ومنه قوله تعالى ( وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى)( )

وإنما كانت العشاء والفجر أثقل عليهم من غيرهما ؛ لقوة الداعي إلى تركهما ؛

لأن العشاء وقت السكون والراحة ، والصبح وقت لذة النوم (وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا)

أَيْ: من مزيد الفضل (لأَتَوْهُمَا) أَيْ: الصلاتين , والمراد لأتوا إلى المحل

الذي يصليان فيه جماعة وهو المسجد (وَلَوْ حَبْوًا) الحبو : حبو الصبي

الصغير على يديه ورجليه , معناه : لو يعلمون ما فيهما من الفضل والخير

ثم لم يستطيعوا الإتيان إليهما إلا حبواً لَحَبَوْا إليهما , أَيْ: يزحفون إذا منعهم

مانع من المشي كما يزحف الصغير ، ولم يفوتوا جماعتهما في المسجد . ففيه :

الحث البليغ على حضورهما ، (وَ) أقسم بالذي نفسي بيده (لَقَدْ هَمَمْتُ) أي :

عزمت أو قصدت (أَنْ آمُرَ بِالصَّلاةِ فَتُقَامَ) وَذَلِكَ ليظهر من حضر ممن لم

يحضر (ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ) وإنما هَمَّ بإتيانهم بعد إقامة الصلاة؛

لأن بذلك الوقت يتحقق مخالفتهم وتخلفهم , فيتوجه اللوم عليهم (ثُمَّ أَنْطَلِقَ)

أَيْ: أذهب (مَعِي بِرِجَالٍ) من أصحابي أو خدمي وغلماني (مَعَهُمْ حُزَمٌ) جمع حزمة

(مِنْ حَطَبٍ) وأذهب ومعي هذا الحطب (إِلَى قَوْمٍ لا يَشْهَدُونَ الصَّلاةَ)

لآخذهم على غفلة (فَأُحَرِّقَ) من التحريق ، يقال : حرقه إذا بالغ في تحريقه

(عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ) والمعنى : ثم آتى قوماً يصلون في بيوتهم

ليس بهم عذر فأحرقها عليهم ، والعذر الخوف أو المرض .



بعض ما يفهم من الحديث :

• هذا الحديث مما استُدل به على أن صلاة الجماعة فرض عين ،

وسياق الحديث يدل على الوجوب من جهة المبالغة في ذم من تخلف عنها ،

وفيه الرخصة للإمام أو نائبه في ترك الجماعة لأجل إخراج من يستخفى

في بيته ويتركها ، والوعيد والتهديد في المتخلف عن الجماعة لا يختص

بالجمعة بل هو عام في جميع الصلوات.

• فيه : أن الإمام إذا عرض له شغل يستخلف من يصلي بالناس .

• وفيه جواز الانصراف بعد إقامة الصلاة لعذر.

• أن أحد هؤلاء المتخلفين عن الجماعة لو علم أنه يدرك الشيء الحقير

والنّزر اليسير من متاع الدنيا أو لهوها لبادر إلى حضور الجماعة إيثاراً

لذلك على ما أعد الله تعالى له من الثواب على شهود الجماعة وهي صفة

لا تليق بغير المنافقين.

• وفيه الإشارة إلى ذم المتخلفين عن الصلاة بوصفهم بالحرص على الشيء

الحقير من مطعوم أو ملعوب به , مع التفريط فيما يحصل رفيع الدرجات ومنازل الكرامة .

• وفي الحديث من الفوائد تقديم الوعيد والتهديد على العقوبة ,

والمفسدة إذا ارتفعت بالأهون من الزجر اكتفى به عن الأعلى من العقوبة.

• وفيه جواز أخذ أهل الجرائم على غرة ؛ لأنه  هَمَّ بذلك في الوقت

الذي عهد منه فيه الاشتغال بالصلاة بالجماعة , فأراد أن يبغتهم

في الوقت الذي يتحققون أنه لا يطرقهم فيه أحد.

• وفي السياق إشعار بأنه تقدم من النَّبِيّ  زجرهم عن التخلف عن الصلاة

بالقول حتى استحقوا التهديد بالفعل .

• واستُدل به على مشروعية قتل تارك الصلاة متهاونا بها ؛

لأنهم إذا استحقوا التحريق بترك صفة من صفات الصلاة خارجة

عنها سواء قلنا واجبة أو مندوبة كان من تركها أصلاً أحق بذلك.

• الأعذار تبيح التخلف عن الجماعة ولو قلنا إنها فرض , وكذا الجمعة.





* * *



3) حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُود  قَالَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ؛ فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ  سُنَنَ الْهُدَى، وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى. وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ. وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ إِلاَّ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً، وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً، وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً. وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلاَّ مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ. وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ ( ).



سُنَّةَ : ما نقل عن النَّبِيّ  من قول أو فعل أو تقرير أو شمائل. يُهَادَى : يستند على غيره من شدة ضعفه.

المعنى: (حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ) وهو: عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي،

أبو عبد الرحمن، صاحب رسول الله  من السابقين الأولين. توفي سنة: 32 أو 33 هـ

بالمدينة المنورة، (قَالَ) عبد الله بن مسعود: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا

مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلاءِ الصَّلَوَاتِ) أي: مع الجماعة (حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ)

من المساجد ويوجد لهن إمام معين أو غير معين (فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ 

سُنَنَ الْهُدَى) أي: طرائق الهدى والصواب (وَإِنَّهُنَّ) أي: الصلوات الخمس

بالجماعة (مِنْ سُنَنِ الْهُدَى. وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي

هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ) قد يقال للواجب سنة لكونه ثبت

بالحديث (وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ) معناه أنه يؤديكم إلى الضلال

بأن تتركوا عري الإسلام شيئاً فشيئاً حتى تخرجوا من الملة، وَالْعِياذُ بِاللَّهِ،

وهو على التغليظ، أو على الترك تهاونا وقلة مبالاة وعدم اعتمادها حقاً

(وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ

إِلاَّ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ) هي: ما بين القدمين (يَخْطُوهَا) يمشيها (حَسَنَةً،

وَيَرْفَعُهُ بِهَا) بهذه الخطوة (دَرَجَةً، وَيَحُطُّ عَنْهُ) أَيْ: ويضع ويمحي (بِهَا) بهذه

الخطوة (سَيِّئَةً. وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا) أي: نحن معاشر الصحابة أو جماعة المسلمين

في عهد رَسُول اللهِ  (وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا) أَيْ: عن صلاة الجماعة في المسجد

من غير عذر (إِلاَّ مُنَافِقٌ مَعْلُومُ) ظاهر (النِّفَاقِ) وسبب التخلف هو النفاق

(وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْن حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِِّ)

معنى يهادى: أي: يمسكه رجلان من جانبيه بعضديه يعتمد عليهما,

أَيْ: إن المريض يمشي بين رجلين يعتمد عليهما من ضعفه وتمايله

ليشهد الصلاة في جماعة. وفي هذا كله تأكيد أمر الجماعة,

وتحمل المشقة في حضورها, وأنه إذا أمكن المريض

ونحوه التوصل إليها استحب له حضورها.





* * *


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( ) النساء (102-103 )

( ) النور (36-38).

( ) الآية في سورة الإسراء رقم 78 ، والحديث متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها ،ح1035.

( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، ح1041.

( ) سورة التوبة [الآية : 54] ..

( ) رواه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، ح1046.





يتبع بإذن الله

 
توقيع الغريبة

26543.imgcache.gif

الغريبة

مديرة المنتديات الإسلامية
فريق الإدارة
مديرة المنتديات الإسلامية

معلومات العضو

إنضم
15 يوليو 2021
المشاركات
4,157
مستوى التفاعل
3,405
الأوسمة
4
الإقامة
الاسكندرية
الجنس
أنثى


4) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ : عَنِ النَّبِيِّ : مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ أَوْ رَاحَ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ نُزُلاً كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ( ).



غَدَا : الغدوة: الخروج أول النهار. رَاحَ : الروحة: الخروج آخر النهار.

نُزُلاً : ما يهيأ للضيف عند قدومه.



المعنى : (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ) وهو عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني

تُوفِّيَ سنة 57هـ (عَنِ النَّبِيِّ : مَنْ غَدَا) الغدوة: الخروج أول النهار (إِلَى الْمَسْجِدِ

أَوْ رَاحَ) الروحة: الخروج آخر النهار ، والمراد : التعود على الذهاب إِلى المسجد

في أَيّ وقت للعبادة (أَعَدَّ) هيَّأَ (اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ نُزُلاً) ما يهيأ للضيف

عند قدومه (كُلَّمَا) فيه إشارة إلى أن الكلام فيمن تَعَوَّدَ ذلك (غَدَا أَوْ رَاحَ)

أي: بكل غدوة وروحة ، والغدوة: الخروج أول النهار، والروحة: الخروج آخر النهار ،

والمراد : كلما ذهب ورجع ، وفيه حصول الفضل لمن أتى المسجد للعبادة ,

والصلاة رأسها , والمسجد بيت اللّه فمن دخله لعبادة أيّ وقتٍ كانَ :

أعد اللّه له أجره ؛ لأنه أكرم الأكرمين لا يضيع أجر المحسنين .



* * *



5) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ  عَنِ النَّبِيِّ  قَالَ: لَوْ تَعْلَمُونَ مَا فِي الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ لَكَانَتْ قُرْعَةً( ).



المعنى : (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ) وهو عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني

تُوفِّيَ سنة 57هـ (عَنِ النَّبِيِّ  قَالَ: لَوْ تَعْلَمُونَ مَا) الثواب الجزيل والخير

والبركة (فِي الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ) وهو الذي يلي الإمام (لَكَانَتْ قُرْعَةً) أي :

لتحققت قرعة بينكم لتحصيله ، والمراد : لتنازعتم في التقدم إلى الصف

الأول حتى تقترعوا ويتقدم إليه من خرجت له القرعة ؛ لما فيه من الفضائل ،

يريد  تعظيم أمر الثواب على الصف الأول فإن الناس لو يعلمون

مقدار ذلك لتبادروا ثوابه كلهم ولم يجدوا إلا أن يقترعوا عليه منافسة فيه ورغبة في ثوابه .

والصف المقدم يتناول الصف الثاني بالنسبة للثالث فإنه يتقدم عليه ،

والثالث بالنسبة للرابع ، وهلم جراً . والحديث فيه تجهيل للمتساهلين في

المبادرة إِلى الصف الأول ، وفيه إثبات القرعة في الحقوق التي يزدحم عليها ويتنازع فيها .



* * *



6) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : خَيْرُ صُفُوفِ

الرِّجَالِ: أَوَّلُهَا، وَشَرُّهَا: آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ: آخِرُهَا، وَشَرُّهَا: أَوَّلُهَا
( ).



المعنى : (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ) وهو عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني

تُوفِّيَ سنة 57هـ (قَالَ) أبو هريرة : (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ)

أي : أكثرها أجراً وفضلاً : (أَوَّلُهَا) لقربهم من الإمام واستماعهم لقراءته

وبعدهم من النساء ، والصف الأول الممدوح الذي قد وردت الأحاديث

بفضله والحث عليه هو الصف الذي يلي الإمام (وَشَرُّهَا) أَيْ: شر صفوف الرجال ،

والمراد: أقلها ثواباً وفضلاً وأبعدها عن مطلوب الشرع : (آخِرُهَا) لقربهم

من النساء وبعدهم من الإمام ، (وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ) أي : أكثرها أجراً :

(آخِرُهَا) لبعدهن من الرجال ، (وَشَرُّهَا) أي : شر صفوف النساء ،

والمراد : أقلها ثواباً وأبعدها عن مطلوب الشرع : (أَوَّلُهَا) لقربهن من الرجال ،

وذلك لأن مقاربة أنفاس الرجال للنساء يخاف منها أن تشوش المرأة على

الرجل والرجل على المرأة ، ثم هذا التفضيل في صفوف الرجال على إطلاقه ،

أي : على عمومها فخيرها أولها أبداً وشرها آخرها أبداً ، أما صفوف النساء

فالمراد بالحديث صفوف النساء اللواتي يصلين مع الرجال ,

وأما إذا صلين متميزات لا مع الرجال فهن كالرجال خير صفوفهن

أولها وشرها أخرها ، كذا قيل ، ويمكن حمله على إطلاقه لمراعاة الستر .

ونسبة الشر إلى الصف الأخير مع أن صفوف الصلاة كلها خير ؛

إشارة إلى أن تأخر الرجل عن مقام القرب مع تمكنه منه هضم لحقه

وتسفيه لرأيه فلا يبعد أن يسمى شراً ، قال الشاعر :

وَلَمْ أَرَ فِي عُيُوبِ النَّاسِ شَيْئاً كَنَقْصِ الْقَادِرِينَ عَلى التَّمَامِ



* * *



7) حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يَقُولُ: لا تَمْنَعُوا نِسَاءَ كُمُ الْمَسَاجِدَ إِذَا اسْتَأْذَنَّكُمْ إِلَيْهَا. قَالَ: فَقَالَ بِلالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ، قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ فَسَبَّهُ سَبًّا سَيِّئًا مَا سَمِعْتُهُ سَبَّهُ مِثْلَهُ قَطُّ وَقَالَ: أُخْبِرُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ  وَتَقُولُ: وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ!( ).



المعنى : روى هذا الحديث عن رسول الله  ابن عمر - رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا - وهو : عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشى العدوى ، أبو عبد الرحمن المكي المدني ، أسلم قَديماً مع أبيه و هو صغير لم يبلغ الحلم ، و هاجر معه ، و شهد الخندق و ما بعدها من المشاهد مع رسول الله  ، و هو شقيق حفصة أم المؤمنين ، مات سنة ثلاث وسبعين (قَالَ) عبد الله ابن عمر : (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يَقُولُ: لا تَمْنَعُوا) النهي للتنْزيه (نِسَاءَكُمُ) في الذهاب إِلى (الْمَسَاجِدَ) للصلاة مع الجماعة ، وبيوتهن خير لهن من المساجد (إِذَا اسْتَأْذَنَّكُمْ إِلَيْهَا) وهذا ظاهر في أنها لا تمنع المسجد لكن بشروط ذكرها العلماء مأخوذة من الأحاديث , وهو ألا تكون متطيبة , ولا متزينة , ولا ذات خلاخل يسمع صوتها, ولا ثياب فاخرة , ولا مختلطة بالرجال , ولا شابة ونحوها ممن يفتتن بها , وأن لا يكون في الطريق ما يخاف به مفسدة ونحوها . (قَالَ) مجاهد راوي الحديث : (فَقَالَ) ابنه وهو (بِلالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) بن عمر بن الخطاب : (وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ، قَالَ) راوي الحديث : (فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ) أبوه (عَبْدُ اللَّهِ) بن عمر بن الخطاب فغضب غضباً شديداً (فَسَبَّهُ سَبًّا سَيِّئًا مَا سَمِعْتُهُ سَبَّهُ مِثْلَهُ قَطُّ) لأن بلالاً عارض الخبر برأيه ولم يذكر علة المخالفة ، وكأنه قال ذلك لما رأى من فساد بعض النساء في ذلك الوقت وحملته على ذلك الغيرة, وإنما أنكر عليه أبوه لتصريحه بمخالفة الحديث , وإلا فلو قال - مثلاً - : يا أبي إن الزمان قد تغير وإن بعضهن ربما ظهر منها قصد المسجد وإضمار غيره ، لكان يظهر أن لا ينكر عليه, (وَقَالَ: أُخْبِرُكَ) أحدثك (عَنْ رَسُولِ اللَّهِ  وَتَقُولُ: وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ!) وفيه تأديب المعترض على السنة , والمعارض لها برأيه , وعلى العالم بهواه , وجواز التأديب بالهجران ، وفيه تعزير وتأديب الوالد ولده وإن كان كبيراً إذا تكلم بما لا ينبغي له ، واستُدل به على أن المرأة لا تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه.



فائدة :

اعلم أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد كما ورد في الأحاديث الصحيحة الأخرى , ومع هذا لو استأذنت للصلاة إلى المسجد لا تمنع بل تؤذن لكن ليس مطلقاً بل بشروط قد وردت في الأحاديث منها : أن لا تطيب ، ويلحق بالطيب ما في معناه ؛ لأن سبب المنع منه : ما فيه من تحريك داعية الشهوة ، كحسن الملبس ، والحلي الذي يظهر ، والزينة الفاخرة ، وكذا الاختلاط بالرجال .

* * *



8) حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ  قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ  فَسَمِعَ جَلَبَةً فَقَالَ: مَا شَأْنُكُمْ؟ قَالُوا: اسْتَعْجَلْنَا إِلَى الصَّلاةِ، قَالَ: فَلا تَفْعَلُوا، إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلاةَ فَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا سَبَقَكُمْ فَأَتِمُّوا( ).



جَلَبَةً : اختلاط الأصوات وارتفاعها.



المعنى : (حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ ) وهو : أبو قتادة الأنصارى ، قيل اسمه الحارث بن ربعى بن بلدمة ،

و قيل عمرو و قيل النعمان ، السلمى ، المدنى ، شهد أحداً و ما بعدها .

توفي سنة : 54هـ بالمدينة , و قيل : الكوفة

(قَالَ) أبو قتادة : (بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ  فَسَمِعَ جَلَبَةً) أي : أصواتاً لحركتهم وكلامهم واستعجالهم (فَقَالَ)  بعد انتهاء الصلاة : (مَا شَأْنُكُمْ؟) ما هذه الأصوات والحركات والجلبة؟

(قَالُوا: اسْتَعْجَلْنَا إِلَى الصَّلاةِ، قَالَ)  : فَلا تَفْعَلُوا) أي: فلا تفعلوا الاستعجال المفضي

إلى عدم الوقار , ولا تهرولوا ؛ لأنه مناف لما هو أولى به من الوقار والأدب،

وإن خفتم فوت التبكير فإنكم في حكم المصلين المخاطبين بالخشوع والخضوع،

فالقصد من الصلاة حاصل لكم وإن لم تدركوا منها شيئاً ، والنهي للكراهة ،

(إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلاةَ فَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ) السكينة : من السكون ، أي: الزموا السكينة

في جميع أموركم سيما في الوفود على رب العزة فالزموا الوقار في الهيئة :

بغض البصر ، وخفض الصوت ، وعدم الالتفات والعبث . فإذا فعلتم ما أمرتم به

من السكينة (فَمَا أَدْرَكْتُمْ) مع الإمام من الصلاة (فَصَلُّوا) معه (وَمَا سَبَقَكُمْ)

وما فاتكم منها (فَأَتِمُّوا) أي : فأكملوه بعد أن يسلم الإمام وقد حصلت لكم

فضيلة الجماعة بالجزء المدرك وإن قلّ ، وفيه أنه يندب لقاصد الجماعة المشي

إليها بسكينة ووقار وإن خاف فوت بعض الركعات ، وأن لا يعبث في طريقه إليها ،

ولا يتعاطى ما لا يليق بها . وأما قوله تعالى (فَاسْعَوْا إِلَِى ذِكْرِ اللَّهِ) فليس المراد به

الهرولة والجري ، بل الذهاب وعدم التأخير وترك أعمال الدنيا والمبادرة إِلى الصلاة ،

أو هو بمعنى العمل والقصد كما تقول سعيت في أمري .



واستُدل بهذا الحديث على :

• حصول فضيلة الجماعة بإدراك جزء من الصلاة.

• استحباب الدخول مع الإمام في أي حالة وُجِد عليها.

• أن الْتفات خاطر المصلي إلى الأمر الحادث لا يفسد صلاته.

• أن الذاهب إِلى الصلاة في حكم المصلي , فينبغي له اعتماد ما ينبغي للمصلي

اعتماده واجتناب ما ينبغي للمصلي اجتنابه .



* * *



9) حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : سَوُّوا صُفُوفَكُمْ

فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلاةِ
( ).



المعنى : (حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ) وهو : أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدى بن النجار الأنصارى النجارى ، أبو حمزة المدنى ،

صاحب رسول الله  وخادمه ، توفي سنة : 92 هـ و قيل 93 هـ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :

سَوُّوا صُفُوفَكُمْ) أَيْ: اعتدلوا فيها على سمت واحد وتلاصقوا حتى لا يكون بينكم فرجة ،

ثم عقبه بما هو كالتعليل له حيث قال : (فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ) والمراد به جنس الصفوف

(مِنْ تَمَامِ الصَّلاةِ) أي : من تمامها وكمالها ، أو من جملة إقامتها ،

وهي تعديل أركانها وحفظها من أن يقع زيغ في فرائضها وسننها ،

والسر في تسويتها مبالغة المتابعة .



* * *



10) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  قَالَ: إِذَا قَالَ الإِمَامُ

سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ ؛ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ

قَوْلَ الْمَلائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ
( ).



المعنى : (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ) وهو عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني

تُوفِّيَ سنة 57هـ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  قَالَ: إِذَا قَالَ الإِمَامُ) حال انتقاله من الركوع

إِلى القيام (سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ) بالواو أو بدونها (الْحَمْدُ)

(فَإِنَّهُ) أي : الشأن وهذا كالتعليل لما قبله (مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ) وهو قوله

ربنا لك الحمد بعد قول الإمام سمع الله لمن حمده (قَوْلَ الْمَلائِكَةِ)

يعني في وقت تأمينهم ومشاركتهم ، وفيه إشعار بأن الملائكة

تقول ما يقول المأمومون ويستغفرون ويحضرون بالدعاء والذكر

(غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) ظاهره غفران جميع الذنوب الماضية ,

وهو محمول عند العلماء على الصغائر .



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب المشي إِلى الصلاة…، ح1073.

( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها…، ح663.

( ) رواه مسلم في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها…، ح664.

( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الصلاة، باب خروج النساء إِلى المساجد…، ح667.

( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب

إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعياً، ح948.

( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها، ح656.

( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الصلاة، باب التسميع والتحميد والتأمين، ح617.





يتبع بإذن الله

 
توقيع الغريبة

26543.imgcache.gif

الغريبة

مديرة المنتديات الإسلامية
فريق الإدارة
مديرة المنتديات الإسلامية

معلومات العضو

إنضم
15 يوليو 2021
المشاركات
4,157
مستوى التفاعل
3,405
الأوسمة
4
الإقامة
الاسكندرية
الجنس
أنثى


إمامة قارئ القرآن

مِنَ القُرآنِ الكرِيم:



1) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ( ).



قُرَّةَ أَعْيُنٍ : مسرة وفرحاً. إِمَامًا : قدوة وحجة أو أئمة.



المعنى: (وَالَّذِينَ) يسألون الله تعالى (يَقُولُونَ: رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ)

ما تَقَرّ به أعيننا، وفيه أنسنا وسرورنا، (وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) قدوة يُقتدى بنا في الخير.



* * *



مِنْ سُنَّة الرسول :



1) حَدِيثُ أَبِي مَسْعُودٍ الأنصاري  يَقُولُ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ : يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ وَأَقْدَمُهُمْ قِرَاءَ ةً، فَإِنْ كَانَتْ قِرَاءَتُهُمْ سَوَاءً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ سِنًّا، وَلا تَؤُمَّنَّ الرَّجُلَ فِي أَهْلِهِ وَلا فِي سُلْطَانِهِ،

وَلا تَجْلِسْ عَلَى تَكْرِمَتِهِ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ أَنْ يَأْذَنَ لَكَ أَوْ بِإِذْنِهِ( ).




تَكْرِمَتِهِ : الموضع الخاص لجلوس الرجل مما يعد لإكرامه.



المعنى : ( حدبث أَبِي مَسْعُودٍ الأنصاري ) وهو : عقبة بن عمرو بن ثعلبة بن عمرو

أسيرة بن عسيرة الأنصاري ، أبو مسعود ابدري ، شهد العقبة الثانية .

توفي سنة : قبل 40 هـ و قيل بعدها بالكوفة , و قيل : المدينة (يَقُولُ) أبو مسعود الأنصاري :

(قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ : يَؤُمُّ الْقَوْمَ) أي: هو أحقهم بالإمامة (أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ) أَيْ: أكثرهم

قرآناً وأجودهم قراءة (وَأَقْدَمُهُمْ قِرَاءَةً) ولا يخفى أن محل تقديم الأقرأ إنما هو حيث يكون

عارفاً بما يتعين معرفته من أحوال الصلاة فأما إذا كان جاهلاً بذلك فلا يقدم اتفاقاً

(فَإِنْ كَانَتْ قِرَاءَ تُهُمْ سَوَاءً) أي : مستوين في مقدارها أو حسنها أو في العلم بها

(فَلْيَؤُمَّهُمْ أَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً) أي : انتقالاً من مكة إلى المدينة قبل الفتح فمن هاجر

أولاً فشرفه أكثر ممن هاجر بعده . قال تعالى : (لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ

مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ) ؛ لأن القدم في الهجرة شرف يقتضي التقديم أو لأن

من تقدم هجرته فلا يخلو غالباً عن كثرة العلم بالنسبة إلى من تأخر ،



وهذا شامل لمن تقدم هجرةً سواء كان في زمنه  أو بعده كمن يهاجر

من دار الكفر إلى دار الإسلام . وهكذا نرى أن الرسول  جعل ملاك أمر الإمامة القراءة ،

وجعلها مقدمة على سائر الخصال المذكورة معها ؛ لأنه لا صلاة إلا بقراءة ،

وإذا كانت القراءة من ضرورة الصلاة وكانت ركناً من أركانها صارت مقدمة

في الترتيب على الأشياء الخارجة عنها ، ثم تلا القراءة : بالسنَّة - في بعض الروايات

- وهي : الفقه ومعرفة أحكام الصلاة وما سنه رسول الله  فيها وبينه من أمرها ,

وأن الإمام إذا كان جاهلاً بأحكام الصلاة ربما يعرض فيها من سهو ويقع

من زيادة ونقصان أفسدها وأخدجها , فكان العالم بها الفقيه فيها مقدماً على

من لم يجمع علمها ولم يعرف أحكامها ،



(فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً) معناه :

إذا استويا في الفقه والقراءة والهجرة (فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْبَرُهُمْ سِنًّا) أي :

إِذَا رجح أحدهما بتقدم إسلامه أو بكبر سنه قُدِّمَ ; لأنها فضيلة يُرَجَّحُ بها ،

وعند الاستواء في الكل يُقرع (وَلا تَؤُمَّنَّ الرَّجُلَ فِي أَهْلِهِ) معناه :

أن صاحب المنْزل أولى بالإمامة في بيته إذا كان من القراءة أو العلم بمحل

يمكنه أن يقيم الصلاة (وَلا فِي سُلْطَانِهِ) معناه : أن صاحب السلطان

وصاحب المجلس وإمام المسجد أحق من غيره , وإن كان ذلك الغير أفقه

وأقرأ وأورع وأفضل منه , وصاحب المكان أحق فإن شاء تقدم ,

وإن شاء قدم من يريده , وإن كان ذلك الذي يقدمه مفضولاً بالنسبة

إلى باقي الحاضرين ; لأنه سلطانه فيتصرف فيه كيف شاء .

فإن حضر السلطان أو نائبه قُدِّم على صاحب البيت وإمام المسجد وغيرهما ;

لأن ولايته وسلطنته عامة . قالوا : ويستحب لصاحب البيت أن يأذن

لمن هو أفضل منه ، وإنما كان ذلك كذلك لأن الجماعة شرعت لاجتماع

المؤمنين على الطاعة وتآلفهم وتوادهم ,



فإذا أَمَّ الرجلُ الرجلَ في سلطانه أفضى ذلك إلى توهين أمر السلطنة

وخلع ربقة الطاعة , وكذلك إذا أَمَّهُ في قومه وأهله أدى ذلك إلى التباغض

والتقاطع وظهور الخلاف الذي شرع لدفعه الاجتماع , فلا يتقدم رجل

على ذي السلطنة لا سيما في الأعياد والجماعة , ولا على إمام الحي

ورب البيت إلا بالإذن ، ويشترط أن يكون صاحب البيت أو السلطان أهلاً للإمامة بغيره ،

فإن لم يكن أهلاً كالمرأة والأمي ونحوهما فلاحق له في الإمامة ،

لكن يجوز للمرأة الإمامة لغيرها من النساء، ويجوز للأمِّي الإمامة لغيره

من الأمِّيين (وَلا تَجْلِسْ عَلَى تَكْرِمَتِهِ فِي بَيْتِهِ ) التكرمة : الفراش أو السجادة

أو السرير أو نحو ذلك مما يبسط لصاحب المنْزل ويخص به

(إِلاَّ أَنْ يَأْذَنَ لَكَ أَوْ بِإِذْنِهِ) احتراماً له ولحقه وخصوصياته.



* * *



2) حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ - رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: كُنَّا بِمَاءٍ

مَمَرَّ النَّاسِ، وَكَانَ يَمُرُّ بِنَا الرُّكْبَانُ فَنَسْأَلُهُمْ مَا لِلنَّاسِ مَا لِلنَّاسِ؟ مَا هَذَا الرَّجُلُ؟

فَيَقُولُونَ: يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ أَوْحَى إِلَيْهِ أَوْ أَوْحَى اللَّهُ بِكَذَا. فَكُنْتُ أَحْفَظُ ذَلِكَ الْكَلامَ،

وَكَأَنَّمَا يُقَرُّ فِي صَدْرِي. وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَلَوَّمُ بِإِسْلامِهِمُ الْفَتْحَ فَيَقُولُونَ: اتْرُكُوهُ

وَقَوْمَهُ؛ فَإِنَّهُ إِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ نَبِيٌّ صَادِقٌ. فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ أَهْلِ الْفَتْحِ بَادَرَ

كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلامِهِمْ، وَبَدَرَ أَبِي قَوْمِي بِإِسْلامِهِمْ. فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: جِئْتُكُمْ

- وَاللَّهِ - مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ  حَقًّا، فَقَالَ: صَلُّوا صَلاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا،

وَصَلُّوا صَلاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ

وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا. فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّي

لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنَ الرُّكْبَانِ. فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ

أَوْ سَبْعِ سِنِينَ. وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ كُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّي،

فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْحَيِّ أَلا تُغَطُّوا عَنَّا اسْتَ قَارِئِكُمْ، فَاشْتَروْا فَقَطَعُوا لِي

قَمِيصًا، فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ فَرَحِي بِذَلِكَ الْقَمِيصِ ( ).




الرُّكْبَانُ : أصحاب الإبل في السفر. يُقَرُّ : يثبت ويستقر.

وَبَدَرَ : سبق تَقَلَّصَتْ : انجمعت وارتفعت



المعنى : (حَدِيثُ عَمْرِو ابْنِ سَلَمَةَ - رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا -) وهو : عمرو بن سلمة

ابن قيس و قيل ابن نفيع الجرمي ، أبو بريد ، و قيل أبو يزيد ، البصري ، صحابي ،

أَمَّ قومَه زمن النبي  (قَالَ: كُنَّا بِمَاءٍ مَمَرَّ النَّاسِ) يَمُرُّ بِنَا النَّاسُ إِذَا أَتَوْا النَّبِيَّ 

(وَكَانَ يَمُرُّ بِنَا الرُّكْبَانُ) وهم أصحاب الإبل في السفر ، فَكَانُوا إِذَا رَجَعُوا

مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ r مَرُّوا بِنَا (فَنَسْأَلُهُمْ مَا لِلنَّاسِ مَا لِلنَّاسِ؟ مَا هَذَا الرَّجُلُ؟)

يسألون عن النبي  وعن حال العرب معه (فَيَقُولُونَ: يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ

أَوْحَى إِلَيْهِ أَوْ أَوْحَى اللَّهُ بِكَذَا) يريد حكاية ما كانوا يخبرونهم به مما سمعوه

من القرآن , أي : فيقولون نبي يزعم أن الله أرسله وأن الله أوحى إليه كذا وكذا،

فَأَخْبَرُونَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  قَالَ كَذَا وَكَذَا ، فَنَتَعَلَّمُ مِنْهُمْ الْقُرْآنَ (فَكُنْتُ أَحْفَظُ

ذَلِكَ الْكَلامَ) وهو القرآن ، فَأَدْنُو مِنْهُمْ فَأَسْمَعُ ، وَكُنْتُ غُلامًا حَافِظًا فَحَفِظْتُ

مِنْ ذَلِكَ قُرْآنًا كَثِيرًا (وَكَأَنَّمَا يُقَرُّ) من القرار (فِي صَدْرِي)كان يحفظ ولا ينسى.



(وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَلَوَّمُ) أي : تنتظر ، وإحدى التاءين محذوفة ، أي : تَتَلَوَّم (بِإِسْلامِهِمُ الْفَتْحَ)

أي : وَكَانَ النَّاسُ يَنْتَظِرُونَ بِإِسْلامِهِمْ فَتْحَ مَكَّةَ (فَيَقُولُونَ: اتْرُكُوهُ وَقَوْمَهُ؛

فَإِنَّهُ إِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ نَبِيٌّ صَادِقٌ ، فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ أَهْلِ الْفَتْحِ) أي :

فَلَمَّا فُتِحَتْ مكة وانتصر رسول الله  (بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلامِهِمْ) أي : جَعَلَ الرَّجُلُ يَأْتِيهِ فَيَقُولُ

يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا وَافِدُ بَنِي فُلانٍ وَجِئْتُكَ بِإِسْلامِهِمْ ( وَبَدَرَ) أي : سبق

(أَبِي قَوْمِي بِإِسْلامِهِمْ) أي : فَانْطَلَقَ أَبِي بِإِسْلامِ قَوْمِهِ ، أي : وَفَدُوا إِلَى

النَّبِيِّ r فَعَلَّمَهُمْ الصَّلاةَ ، فَلَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَنْصَرِفُوا قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ يَؤُمُّنَا

في الصَّلاة؟ قَالَ : أَكْثَرُكُمْ جَمْعًا لِلْقُرْآنِ ، أَوْ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ (فَلَمَّا قَدِمَ) أبي

من عند رَسُول اللهِ  استقبلناه ، (قَالَ) أبي : (جِئْتُكُمْ - وَاللَّهِ - مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ  حَقًّا،



فَقَالَ: صَلُّوا صَلاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، وَصَلُّوا صَلاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ

فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا ، فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّي لِمَا كُنْتُ

أَتَلَقَّى مِنَ الرُّكْبَانِ) فَدَعَوْنِي فَعَلَّمُونِي الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ (فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ)

فَكُنْتُ أُصَلِّي بِهِمْ إمَاماً (وَأَنَا) غلام (ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ ، وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ)

صَغِيرَةٌ مَفْتُوقَةٌ ، البردة : كساء صغير مربع (كُنْتُ إِذَا) رَكَعْتُ أَوْ (سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّي)

أي : انجمعت وارتفعت وتَكَشَّفَتْ عَنِّي لقصرها وضيقها حتى يظهر شيء من عورتي ،

وفي رواية :فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ فِي بُرْدَةٍ مُوَصَّلَةٍ - أي : مرقعة - فِيهَا فَتْقٌ فَكُنْتُ

إِذَا سَجَدْتُ خَرَجَتْ اسْتِي (فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْحَيِّ أَلا تُغَطُّوا عَنَّا) أَيْ: خذوا من كل

منا شيئاً واشتروا به ثوباً يستر عورته (اسْتَ) المراد به هنا العجز ، ويراد به حلقة الدبر ،

فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ النِّسَاءِ : وَارُوا عَنَّا عَوْرَةَ (قَارِئِكُمْ ، فَاشْتَروْا) أَيْ: ثوباً

(فَقَطَعُوا لِي قَمِيصًا، فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ) بَعْدَ الإِسْلامِ (فَرَحِي بِذَلِكَ الْقَمِيصِ)

أَيْ: مثل فرحي بذلك القميص ، أي : فَرِحَ بِهِ فَرَحًا شَدِيدًا إما لأجل حصول التستر ,

وعدم تكلف الضبط , وخوف الكشف , وإما فرح به كما هو عادة الصغار

بالثوب الجديد ، وفي الحديث حجة في إمامة الصبي المميز في الفريضة.







ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( ) الفرقان (74)

( ) رواه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، ح1078.

( ) رواه البخاري في كتاب المغازي، باب وقال الليث حدثني يونس …، ح3963.



يتبع بإذن الله




 
توقيع الغريبة

26543.imgcache.gif

الغريبة

مديرة المنتديات الإسلامية
فريق الإدارة
مديرة المنتديات الإسلامية

معلومات العضو

إنضم
15 يوليو 2021
المشاركات
4,157
مستوى التفاعل
3,405
الأوسمة
4
الإقامة
الاسكندرية
الجنس
أنثى


لا ينفع الإنسان إلا عمله

مِنَ القُرآنِ الكرِيم:



1) وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا

لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ

وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ( ).




تَزِرُ وَازِرَةٌ : تحمل نفس آثمة. مُثْقَلَةٌ : نفس أثقلتها الذنوب.

حِمْلِهَا : ذنوبها التي أثقلتها. تَزَكَّى : تطهر من الكفر والمعاصي.



المعنى: (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) ولا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى،

(وَإِنْ تَدْعُ) تسأل نفس (مُثْقَلَةٌ) بالخطايا (إِلَى حِمْلِهَا) من يحمل عنها من ذنوبها

(لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ)لم تجد من يحمل عنها شيئاً، (وَلَوْ كَانَ) الذي سألته (ذَا قُرْبَى)

منها من أب أو أخ ونحوهما. (إِنَّمَا تُنْذِرُ) إنما تحذّر - يا محمد -

(الَّذِينَ يَخْشَوْنَ) يخافون عذاب (رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ) قبل أن يروا العذاب

(وَأَقَامُوا الصَّلاةَ) وأدوا الصلاة حق أدائها. (وَمَنْ تَزَكَّى) تطهر من الشرك

وغيره من المعاصي (فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى) يتطهر (لِنَفْسِهِ). (وَإِلَى اللَّهِ) سبحانه

(الْمَصِيرُ) مآل الخلائق ومصيرهم، فيجازي كلاً بما يستحق.



* * *



2) وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى،

وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى، ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى  ( ).




سَعَى : عَمِل. الأَوْفَى : التام.



المعنى: … (وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ) وأنه لا يحصل للإنسان من الأجر (إِلاَّ مَا سَعَى)

إلا ما كسب هو لنفسه بسعيه. (وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى) في الآخرة،

فيميز حسنه من سيئه؛ تشريفاً للمحسن وتوبيخاً للمسيء.

(ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى) ثم يجزى الإنسان على سعيه الجزاء المستكمل لجميع عمله ….



* * *



3) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ( ).



مِثْقَالَ ذَرَّةٍ : وزن أصغر هباء ة أو نملة صغيرة.



المعنى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ) وزن نملة صغيرة (خَيْرًا يَرَهُ)

يرى ثوابه في الآخرة، (وَمَنْ يَعْمَلْ (مِثْقَالَ ذَرَّةٍ) وزن نملة

صغيرة (شَرًّا يَرَهُ) يرى عقابه في الآخرة.



* * *



مِنْ سُنَّة الرسول :



1) حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :

يَتْبَعُ الْمَيِّتَ ثَلاثَةٌ، فَيَرْجِعُ اثْنَانِ وَيَبْقَى وَاحِدٌ، يَتْبَعُهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ،

فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ، وَيَبْقَى عَمَلُهُ ( ).




المعنى : (حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ) وهو : أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم

ابن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدى بن النجار الأنصارى النجارى ،

أبو حمزة المدنى ، صاحب رسول الله  وخادمه ، توفي سنة : 92 هـ و قيل 93 هـ

(قَالَ) أنس بن مالك : (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : يَتْبَعُ الْمَيِّتَ) إلى قبره (ثَلاثَةٌ)

من أنواع الأشياء (فَيَرْجِعُ اثْنَانِ) إلى مكانهما في الدنيا ويتركانه وحده (وَيَبْقَى وَاحِدٌ)

لا ينفك عنه (يَتْبَعُهُ أَهْلُهُ) أَيْ: أولاده وأقاربه وأهل صحبته ومعرفته ،



وهذا في العادة إذا كان له أهل (وَ) كذا يتبعه (مَالُهُ وَ) كذا يتبعه (عَمَلُهُ) من الصلاح وغيره ,

وهذا يقع في الأغلب وَرُبَّ مَيِّتٍ لا يتبعه إلا عمله فقط والمراد من يتبع جنازته

من أهله ورفقته ودوابه على ما جرت به عادة العرب وإذا انقضى أمر الحزن عليه

رجعوا سواء أقاموا بعد الدفن أم لا ، (فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ) بعد أن يدفنوه (وَ) يرجع (مَالُهُ)

ليقسم على الورثة (وَيَبْقَى عَمَلُهُ) إن كان صالحاً أو غير ذلك ،



فينبغي أن يهتم بصلاح عمله في الدنيا أكثر من غيره ، ومعنى بقاء عمله

أنه يدخل معه القبر، وفي الحديث : أنَّ العَبْدَ المؤمن في القَبْر يَأْتِيهِ رَجُلٌ

حَسَنُ الْوَجْهِ ، حَسَنُ الثِّيَابِ ، طَيِّبُ الرِّيحِ ، فَيَقُولُ : أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ هَذَا يَوْمُكَ

الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ ، فَيَقُولُ لَهُ : مَنْ أَنْتَ ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ ، فَيَقُولُ :

أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ ، فَيَقُولُ : رَبِّ أَقِمْ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي .

وأمَّا العَبْد الكَافِر فَيَأْتِيهِ في القَبْر رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ ، قَبِيحُ الثِّيَابِ ، مُنْتِنُ الرِّيحِ ،

فَيَقُولُ : أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءُكَ هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ ، فَيَقُولُ : مَنْ أَنْتَ ؟

فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ ، فَيَقُولُ : أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ ،

فَيَقُولُ : رَبِّ لا تُقِمْ السَّاعَةَ( ).








ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( ) فاطر (18).

( ) النجم (39-41).

( ) الزلزلة (7-8).

( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الزهد والرقائق، ح5260.

( ) رواه أحمد في أول مسند الكوفيين ، حديث البراء بن عازب ، رقم 17803 ، 17872 بترقيم العالمية.



يتبع بإذن الله
 
توقيع الغريبة

26543.imgcache.gif

الغريبة

مديرة المنتديات الإسلامية
فريق الإدارة
مديرة المنتديات الإسلامية

معلومات العضو

إنضم
15 يوليو 2021
المشاركات
4,157
مستوى التفاعل
3,405
الأوسمة
4
الإقامة
الاسكندرية
الجنس
أنثى


إِلى أولياء الأمور ( )

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ،

نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد.

فإن الأولاد هم زهرة الحياة الدنيا وفي صلاحهم قرة عين للوالدين .

وإن من المؤسف خلو مساجدنا من أبناء المسلمين ، فَقَلَّ أن تجد بين المصلين

من هم في ريعان الشباب ! وهذا والله ينذر بشر مستطير وفساد في التربية

وضعف لأمة الإسلام إذا شب هؤلاء المتخلفون عن الطوق!

وإذا لم يصلوا اليوم فمتى إذاً يقيموا الصلاة مع جماعة المسلمين ؟!

ولما كان الإثم الأكبر والمسئولية العظمى على الوالدين فإني أذكر نفسي

وأرباب الأسر ممن حُمِّلوا الأمانة بحديث الرسول  :

« أَلا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، فَالأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ

وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ ،

وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ

عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ ، أَلا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»


متفق عليه( ).



والله  يقول في محكم التنْزيل:  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ

وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ

مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ(


ويقول تعالى:  وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ( ).



وفي حديث صريح واضح من نبي هذه الأمة للآباء والأمهات :

« مُرُوا أَوْلادَكُمْ بِالصَّلاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ،

وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ »
رواه أحمد( ).



وفي هذا التوجيه النبوي الكريم من حسن التدرج واللطف بالصغير الشيء الكثير ،

فهو يُدعى إلى الصلاة وهو ابن سبع سنين ، ولا يُضربُ عليها إلا عند العاشرة من عمره ،

ويكون خلال فترة الثلاث سنوات هذه قد نودي إلى الصلاة وحببت إليه أكثر

من خمسة آلاف مرة! فمن واظب عليها خلال ثلاث سنوات بشكل متواصل

متتالٍ هل يحتاج بعد خمسة آلاف صلاة أن يُضرب ؟! قَلَّ أن تجد من الآباء

من طبق هذا الحديث واحتاج إلى الضرب بعد العاشرة .



فإن مجموع الصلوات كبير واعتياد الصغير للصلاة وللمسجد جرى في دمه

وأصبح جزءاً من جدوله ومن أعظم أعماله!

والكثير اليوم يضرب الابن لكن على أمور تافهة وصغيرة لا ترقى إلى درجة

أهمية الصلاة! ومن تأمل في حال صلاة الفجر ومن يحضرها من الأولاد

ليحزن على أمة الإسلام! وندر أن تجد في المساجد هؤلاء الفتية الذين كان

لأمثالهم شأن في صدر الأمة!

فأين الآباء وأين الأمهات من إيقاظ أبنائهم وحرصهم على ذلك ؟!

عن ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا - « قَالَ : بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ

فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ  بَعْدَمَا أَمْسَى فَقَالَ أَصَلَّى الْغُلامُ ؟ قَالُوا: نَعَمْ »


رواه أبو داود( ).



عن ابن عمر - رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا - قال : "يعلم الصبي الصلاة إذا عرف يمينه من شماله"( ).



وكان السلف الصالح يلاحظون أبناءهم في الصلاة ويسألونهم عنها ..

عن مجاهد قال:

"سمعت رجلا من أصحاب النبي  - لا أعلمه إلا ممن شهد بدراً - قال لابنه:

أدركت الصلاة معنا؟ قال: نعم ، قال: أدركت التكبيرة الأولى؟

قال: لا، قال: لما فاتك منها خير من مائة ناقة كلها سوداء العين".( )




وذكر الذهبي في السير : روى يعقوب بن سفيان

أن عمر بن عبد العزيز تأخر عن الصلاة مع الجماعة يوماً ، فقال صالح بن كيسان :

ما شغلك ؟ فقال : كانت مرجلتي تسكن شعري ، فقال له : قدمت ذلك على الصلاة !،

وكتب إلى أبيه وهو على مصر يعلمه بذلك ، فبعث أبوه رسولاً فلم يكلمه حتى حلق رأسه.( )



ومن أعظم ما يسديه الأب الموفق لابنه اصطحابه للصلاة معه وجعله بجواره

ليتعلم منه وليحافظ عليه من كثرة اللغط والعبث .



أيها الأب وأيتها الأم.. لا يخرج من تحت أيديكم غداً

من لا يُصلي فتأثمان بإخراجه إلى أمة الإسلام كافراً من أبوين مسلمين

وذلك بالتفريط والرحمة المنكوسة. فتخافان عليه من البرد ولا توقظانه لصلاة الفجر،

وتخافان عليه من شدة الحر ولا يذهب ليصلي العصر!

قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُون ( ).



يقول ابن القيم رحمه الله : "فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه،

وتركه سدى، فقد أساء غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء،

وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسنُنه، فأضاعوهم صغاراً،

فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم كباراً".( )



فوائد صلاة الأبناء في المسجد

أيها الأب ويا أيتها الأم :

إن في الحرص على إقامة صلاة الأبناء في المسجد فوائد عظيمة منها :



1) براءة ذممكم أمام الله  والخروج من الاثم بعد تحبيبه

للصلاة وأمره بها ، قال ابن تيمية رحمه الله : "ومن كان عنده صغير مملوك

أو يتيم أو ولد فلم يأمره بالصلاة ، فإنه يُعاقب الكبير إذا لم يأمر الصغير ،

ويُعَزَّر الكبير على ذلك تعزيراً بليغاً لأنه عصى الله ورسوله"( ).



2) احتساب أجر تعويده على العبادة قال  :

« مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لا يَنْقُصُ ذَلِكَ

مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا ، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ

مَنْ تَبِعَهُ لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا».
رواه مسلم.( )



3) استشعار أن الابن في حفظ الله  ورعايته طوال ذلك اليوم ،

قال  : « مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ فَلا يَطْلُبَنَّكُمْ اللَّهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ

فَيُدْرِكَهُ فَيَكُبَّهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ »
رواه مسلم.( )



4) خروج الابن إذا شب وكبر عن دائرة الكفار والمنافقين كما قال  :

« الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلاةُ ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ »

رواه أحمد( )،



وكما قال - عليه الصلاة والسلام - :

« إِنَّ أَثْقَلَ صَلاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلاةُ الْعِشَاءِ وَصَلاةُ الْفَجْرِ. وَلَوْ يَعْلَمُونَ

مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا »
رواه البخاري( ).



5) تنشئة الابن على الخير والصلاح ليكون لكما ذخراً بعد موتكما فإن النبي 

اشترط الصلاح في الابن كما في الحديث :

« إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاثَةٍ : إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ،

أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ »
رواه مسلم( ).



ومن الأسباب المعينة على ذلك :



1) أن تكون لهم أيها الأب قدوة صالحة في المحافظة على الصلاة والحرص عليها ،

فإذا بلغوا سبعاً وعقلوا شُرع أمْرُهم بالصلاة والذهاب بهم إلى المسجد ؛

فإن الصغير ينشأ على ما كان عوَّده أبوه.

2) تقديم أمر الآخرة على أمر الدنيا في كل شيء ، وتنشئة الصغار على ذلك

وغرسه في نفوسهم ، فلا تكون الامتحانات الدراسية أهم من الصلاة ،

ولا تكون المذاكرة أهم من الذهاب للمسجد ، وليس من الفخر أن يكون ابنك

مسئولاً كبيراً وهو من المنافقين الذين لا يشهدون الصلاة ، أو من الكفار

الذين لا يصلون ، ويكفيك عزاً وفخراً أن يأكل من كسب يده

ويشهد جماعة المسلمين . وإن جمع الأمرين فَبِها ونعمت .

3) الصبر والمثابرة وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا

لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى( )


فالأمر فيه مشقة ونصب ،

وأبشر فإن الله  قال: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ( ).

4) توفير الأسباب المعينة على القيام ، ومن ذلك عدم السهر ،

وجعل ساعة منبهة عند الأذان أو قبله . وليكونوا في مقدمة الصفوف .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( ) مطوية بعنوان (أبناؤنا والصلاة) لـ(عبد الملك القاسم) طباعة دار القاسم بالرياض ، بتصرف.

( ) متفق عليه ، واللفظ لمسلم في كتاب : الإمارة ، باب : فضيلة الإمام العادل … ، ح3408 .

( ) سورة التحريم [الآية : 6] .

( ) سورة طه [الآية : 132] .

( ) رواه أبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، 418،

واللفظ له، ورواه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء متى يؤمر الصبي بالصلاة،

ح372 وقال ’’حَدِيثُ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ

عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَبِهِ يَقُولُ أَحْمَدُ وَإِسْحَقُ، وَقَالا: مَا تَرَكَ الْغُلامُ بَعْدَ الْعَشْرِ

مِنَ الصَّلاةِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ ‘‘،، ورواه الدارمي في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر

الصبي بالصلاة، ح1395، ورواه أحمد في مسند المكثرين من الصحابة،

مسند عبد الله بن عمرو بن العاص، ح6402.

( ) رواه أبو داود في كتاب الصلاة ، باب صلاة الليل ، ح1150.

( ) رواه أبو داود في كتاب الصلاة ، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة ح419

بترقيم العالمية ، 497 بترقيم محيي الدين ولفظه "حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ

حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنِي مُعَاذُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُبَيْبٍ الْجُهَنِيُّ قَالَ

دَخَلْنَا عَلَيْهِ فَقَالَ لامْرَأَتِهِ : مَتَى يُصَلِّي الصَّبِيُّ ؟ فَقَالَتْ : كَانَ رَجُلٌ مِنَّا يَذْكُرُ

عَنْ رَسُولِ اللَّهِ  أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : إِذَا عَرَفَ يَمِينَهُ مِنْ شِمَالِهِ فَمُرُوهُ بِالصَّلاةِ".

( ) رواه عبد الرزاق في الجامع ، انظر : كنْز العمال ، المجلد الثامن ،

رقم 22049، مؤسسة الرسالة 1989م.

( ) البداية والنهاية لابن كثير ، الجزء التاسع ، ثم دخلت سنة إحدى ومئة ،

وهذه ترجمة عمر بن عبد العزيز الإمام المشهور - رحمه الله -.

( ) سورة التوبة [الآية : 81] .

( ) تحفة المودود بأحكام المولود لابن القيم ، الجزء1 ، ص 229، بتحقيق

عبد القادر الأرناؤوط ، الطبعة الأولى 1391هـ ، مكتبة دار البيان ، دمشق.

( ) مسائل في الصلاة لابن تيمية ، الجزء 22 ، ص 51.

( ) رواه مسلم في كتاب العلم ، باب من سن سنة حسنة أو سيئة … ، ح4831.

( ) رواه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب فضل صلاة العشاء

والفجر في جماعة ، ح1050.

( ) رواه أحمد في : باقي مسند الأنصار ، حديث بريدة الأسلمي ، ح21859،

ورواه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله ، باب ما جاء في ترك الصلاة ،

ح2545 وقال : هذا حديث حسن صحيح غريب . ورواه ابن ماجة والنسائي .

( ) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل

صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، ح1041.

( ) رواه مسلم في كتاب : الوصية ، باب : ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته ، ح3084.

( ) سورة طه [الآية : 132] .

( ) سورة العنكبوت [الآية : 69] .



يتبع بإذن الله

 
توقيع الغريبة

26543.imgcache.gif

الغريبة

مديرة المنتديات الإسلامية
فريق الإدارة
مديرة المنتديات الإسلامية

معلومات العضو

إنضم
15 يوليو 2021
المشاركات
4,157
مستوى التفاعل
3,405
الأوسمة
4
الإقامة
الاسكندرية
الجنس
أنثى


سئل الشيخ عبد العزيز بن باز السؤال التالي

في الجزء 12 من فتاواه :


السؤال : بعض الأولاد يبكرون يوم الجمعة

ويأتي أناس أكبر منهم ويقيمونَهم ويجلسون مكانَهم ويحتجون بقوله  :

« لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الأَحْلامِ وَالنُّهَى ( )» فهل هذا جائز ؟



الجواب: "هذا يقوله بعض أهل العلم ،

ويرى أن الأولى بالصبيان أن يصفوا وراء الرجال ، ولكن هذا القول فيه نظر ،

والأصح أنهم إذا تقدموا لا يجوز تأخيرهم ، فإذا سبقوا إلى الصف الأول

أو إِلى الصف الثاني فلا يقيمهم من جاء بعدهم ؛ لأنهم سبقوا إلى حق

لم يسبق إليه غيرهم فلم يجز تأخيرهم لعموم الأحاديث في ذلك ؛

لأن في تأخيرهم تنفيراً لهم من الصلاة ، ومن المسابقة إليها فلا يليق ذلك.



لكن لو اجتمع الناس بأن جاءوا مجتمعين في سفر أو لسبب فإنه يصف الرجال أولاً ،

ثم الصبيان ثانياً ، ثم النساء بعدهم إذا صادف ذلك وهم مجتمعون،

أما أن يؤخذوا من الصفوف ويزالوا ويصف مكانهم الكبار الذين جاءوا بعدهم

فلا يجوز ذلك لِمَا ذكرنا ،



وأما قوله  : « لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الأَحْلامِ وَالنُّهَى »

فالمراد به التحريض على المسارعة إلى الصلاة من ذوي الأحلام والنهى

وأن يكونوا في مقدم الناس، وليس معناه تأخير من سبقهم من أجلهم ؛

لأن ذلك مخالف للأدلة الشرعية التي ذكرنا".



5) بث في أبنائك أحاديث الصلاة وحكم تاركها وعقوبته في الدنيا والآخرة ،

ورغبهم في الأجر العظيم لمن حافظ عليها( )، ولا تقل إنّهم صغار لا يعون ،

فهم يدركون ويحفظون ويحتاجون إلى ذلك لتقوية عزائمهم.

6) اجعلْ لهم الحوافز والجوائز حتى يحافظوا على الصلاة، وأَذْكُرُ أنَّ أحد الآباء

كان يجعل لأبنائه الصغار ريالاً كل يوم عن صلاة الفجر ، وكانت الثمرة المبكرة

أن كان أحد هؤلاء الصغار من كبار الأئمة المعروفين . وأذكرُ أَيْضاً امرأة أرملة

وتحتها يتيم صغير فكانت تخرج به لصلاة الفجر كل يوم وأكرمها الله

 بِهذا الابن فحفظ كتاب الله  ، وهو أحد أئمة المساجد الآن

ومن أبر الناس بأمِّه . قال عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه :

"حافظوا على أبنائكم في الصلاة ، وعودوهم الخير فإن الخير عادة" رواه الطبراني( ).



7) الدعاء لهم في كل وقت واجعلهم أحياناً يسمعون دعاءك لهم بالصلاح والهداية

والتوفيق والسداد ، ومن دعاء الأنبياء والصالحين  رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ

وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ ( ).




8) اربطهم بصحبة طيبة ممن يحفظون القرآن ويحافظون على الصلاة

مع الجماعة وشجع أولئك الصغار بالهدايا والحوافز فهم أبناء المسلمين .



9) ادْعُ لهم عند إيقاظهم واتْلُ عليهم بعض الآيات والأحاديث يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ( )،

ودعهم يسمعون الأجر العظيم على لسان نبيهم  « بَشِّرْ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » رواه أبو داود.( )



10) لترى منك والدتُهم أنك حريص على أمر صلاتِهم وإيقاظهم فإن ذلك يعينها

على الاستمرار والحرص والتأكيد عليهم واشكر لها جهودها وشجعها على ذلك وهم يسمعون.



11) كما أنك أيها الأب إذا أردت شراء منْزل تفكر في قرب الخدمات من سكنك،

فكر قبل ذلك بالمسجد ومدى قربه إلى منْزلك لأن في ذلك إعانة على الطاعة

وتيسيراً لأمر الصلاة خاصة على الصغار مع مظنة حفظهم ومتابعتهم

إذا كانت المسافة قصيرة.



12) استشعر أن ابنك الذي تحب قد يكون حطباً لجهنم إذا لم يُصلِّ

 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ

عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُ
ونَ.( )



13) ليكن بينك وبين إمام المسجد تعاون في تشجيع أطفالك من قِبَلهِ وتقديم الجوائز لهم لمحافظتِهم على الصلاة - بما فيها صلاة الفجر - ، ولا يمنع أن يتحدث الإمام

حاثاً الآباء على إحضار أبنائهم للصلاة ، ثم يشكر الآباء الذين يحضرون أبناءهم

ويسمى الصغار بأسمائهم.



أيها الأب :

يقول الله 

:  وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى( )

وأبشر وأمل فأنت في خير طريق

وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ( ).



أصلح الله أزواجا وذرياتنا وجعلهم قرة عين ،

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .






ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( ) رواه مسلم في كتاب الصلاة ، باب إقامة الصلاة وتسويتها … ، ح655.

( ) ومثال ذلك الآيات والأحاديث مع شرحها المبسط الواردة في هذا الكتاب.

( ) رواه الطبراني في الكبير ، وفيه أبو نعيم ضرار بن صرد وهو ضعيف. انظر : مجمع الزوائد للحافظ الهيثمي ، المجلد الثاني ، كتاب الصلاة ، باب في أمر الصبي بالصلاة ، ح1631. دار الفكر ، بيروت ، 1412هـ

( ) سورة إبراهيم [الآية : 40] .

( ) سورة لقمان [الآية : 17] ..

( ) رواه أبو داود في كتاب الصلاة ، باب ما جاء في المشي إِلى الصلاة في الظلام ، ح474. ورواه الترمذي في كتاب الصلاة ، باب ما جاء في فضل العشاء والفجر في جماعة ، ح207. وصححه الألباني ، انظر حديث رقم : 2823 في صحيح الجامع.

( ) سورة التحريم [الآية : 6] ..

( ) سورة طه [الآية : 132] .

( ) سورة العنكبوت [الآية : 69] .





يتبع بإذن الله
 
توقيع الغريبة

26543.imgcache.gif

الغريبة

مديرة المنتديات الإسلامية
فريق الإدارة
مديرة المنتديات الإسلامية

معلومات العضو

إنضم
15 يوليو 2021
المشاركات
4,157
مستوى التفاعل
3,405
الأوسمة
4
الإقامة
الاسكندرية
الجنس
أنثى


المراجع

• القرآن الكريم: مصحف المدينة النبوية برواية

حفص عن عاصم. وبهامشه (التفسير الميسر) إعداد نخبة من العلماء

بإشراف الدكتور: عبد الله بن عبد المحسن التركي. طباعة: مجمع الملك

فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة (1419هـ).

• كلمات القرآن الكريم، تفسير وبيان: للشيخ: حسنين محمد مخلوف. مكتبة المعارف، الرياض.

• مطوية بعنوان (أبناؤنا والصلاة) لـ(عبد الملك القاسم) طباعة دار القاسم بالرياض

مراجع على جهاز الحاسوب

• برنامج: القرآن الكريم، الإصدار:
7.01، شركة حرف لتقنية المعلومات.

• برنامج: البيان فيما اتفق عليه الشيخان، الإصدار: 1,1، 1996م

شركة صخر لبرامج الحاسب.

• برنامج : الحديث الشريف (الكتب التسعة)، الإصدار 2.00، 1997م

ويشمل (( فتح الباري بشرح صحيح البخاري )) لابن حجر، و (( شرح مسلم )) للنووي ،

و (( وتحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي )) ، و (( شرح سنن النسائي )) للسندي

وآخر للسيوطي ، و (( عون المعبود شرح سنن أبي داود )) ، و (( شرح سنن ابن ماجة ))

للسندي ، و (( المنتقى شرح موطأ مالك)) ، شركة صخر لبرامج الحاسب

(شركة البرامج الإسلامية الدولية).

• برنامج الْمُحَدِّث ، الإصدار 8.63 ، تحت تصميم وإدارة طلبة دار الحديث النبوي سابقاً ،

واشنطن ، أمريكا.

• الموسوعة الحديثية المصغرة ، الجامع الصغير وزياداته (السيوطي - الألباني) ،

فيض القدير شرح الجامع الصغير 1420هـ 2000م ، الإصدار الثالث ،

مركز نور الإسلام لأبحاث القرآن والسنة.




بسم الله الرحمن الرحيم

نحمد الله تعالى ، ونصلي ونسلم على نبيه الكريم ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

إقرار


أقر أنا :حسان بن سالم آل عيد ، الموقع أدناه ، أقر بأنني سمحت بطباعة الكتاب المسمى :

(المشكاة في تربية الصغار على الصلاة) وهو من إعدادي ، سمحت بطباعته طباعة

خيرية أَوْ تجارية أَوْ غير ذلك ، وسمحت بالاقتباس منه أَوْ تصويره أَوْ برمجته

على الحاسوب في أَيْ بلد من بلاد العالم سواء أكان للتوزيع الخيري أَوْ التجاري أَوْ غير ذلك ،

وسمحت بالاستفادة من الكتاب بأي طبعة من طبعاته بأي طريقة ذُكِرَتْ أَوْ لم تُذْكَرْ ،

ولا أسمح أن تتغير المعلومات التي في الكتاب أَوْ تُحَرَّف ثم تُنْسب إلَيَّ ،

وفعلت ذلك لكي يستفاد من الكتاب ، ولا أريد من أحد جزاءً ولا شكوراً ،

وهذا إقرار مني بذلك ، وأدعو الله  أن يكون عِلْماً يُنتفع به ، وأن يغفر الله لي ،

ويرحم والدَيَّ ، وأن يوفقنا لصالح الأعمال ، وأن يتقبل منا ،

وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم ؛ إنه قريب مجيب الدعاء .

وصلى الله على خاتم الأنبياء وعلى آله وصحبه ومن اتبعه إِلى يوم الدين .

.

المقر : حسان بن سالم عيد

التوقيع :

التاريخ : 21 من رجب 1420هـ



تم بحمد الله
 
توقيع الغريبة

26543.imgcache.gif

الموج الصامت

مؤسس منتديات المشاغب
فريق الإدارة
إداري

معلومات العضو

إنضم
13 مارس 2021
المشاركات
9,420
الحلول
15
مستوى التفاعل
5,496
الأوسمة
2
العمر
41
الإقامة
لبنان
الموقع الالكتروني
الجنس
ذكر
سلمت يداك
ماشاء الله
قضيت وقتا طويلا اقرؤه
لا امل من القراءة
ولكنه يأخذ وقت..
فيه افادة شتى
وراق لي
مجهود جميل بذلتيه في اللصق والتنقيح
ما سهل علينا القراءة
سلمت يمناك مجددا
وطابت نفسك
متابع
ولي عودة ان شاء الله
 
المنتدى غير مسؤول عن أي اتفاق تجاري أو تعاوني بين الأعضاء.
فعلى كل شخص تحمل مسؤولية نفسه تجاه ما يقوم به من بيع وشراء واتفاق واعطاء معلومات موقعه.
المواضيع والتعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي منتديات المشاغب ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك (ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)
عودة
أعلى