العبد الفقير إلى الله
عضو ذهبي
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
*********************************************
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النَّبي ﷺ، قال: ((لا يدخل الجنَّة من كان في قلبه مثقال ذرَّة من كبر! فقال رجل: إنَّ الرَّجل يحبُّ أن يكون ثوبه حسنًا، ونعله حسنة؟ قال: إنَّ اللَه جميل يحبُّ الجمال، الكبر: بطر الحقِّ وغمط النَّاس )) (1) .
قال النووي في شرح الحديث: (قد اختلف في تأويله. فذكر الخطابي فيه وجهين:
أحدهما: أن المراد التكبر عن الإيمان، فصاحبه لا يدخل الجنة أصلًا إذا مات عليه.
والثاني: أنَّه لا يكون في قلبه كبر، حال دخوله الجنَّة،
كما قال الله تعالى: { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ } [الأعراف: 43].
وهذان التأويلان فيهما بعد، فإن هذا الحديث ورد في سياق النهي عن الكِبْر المعروف، وهو الارتفاع على الناس، واحتقارهم، ودفع الحق، فلا ينبغي أن يحمل على هذين التأويلين المخرجين له عن المطلوب. بل الظاهر ما اختاره القاضي عياض وغيره من المحققين، أنَّه لا يدخل الجنة دون مجازاة إن جازاه. وقيل: هذا جزاؤه لو جازاه، وقد يتكرم بأنه لا يجازيه، بل لا بد أن يدخل كل الموحدين الجنة إمَّا أولًا، وإمَّا ثانيًا بعد تعذيب بعض أصحاب الكبائر الذين ماتوا مصرين عليها. وقيل: لا يدخل مع المتقين أوَّل وهلة) (2)
وقال ابن القيم: (فسر النَّبي الكِبْر بضده فقال: الكِبْر بطر الحق وغمص الناس. فبطر الحق: رده، وجحده، والدفع في صدره، كدفع الصائل. وغمص (3) الناس: احتقارهم، وازدراؤهم. ومتى احتقرهم وازدراهم: دفع حقوقهم وجحدها واستهان بها) (4) .
- وعن حارثة بن وهب الخزاعي رضي الله عنه، عن النَّبي ﷺ قال: ((ألا أخبركم بأهل الجنَّة؟ كل ضعيف متضاعف؛ لو أقسم على الله لأبرَّه، ألا أخبركم بأهل النَّار؟ كل عتلٍّ (5) ، جواظٍ (6) مستكبرٍ)) (7) .
- وعن أَبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النَّبي ﷺ، قال: ((احتجَّت الجنة والنار، فقالت النَّار: فيَّ الجبَّارون والمتكبرون. وقالت الجنة: فيَّ ضعفاء الناس ومساكينهم، فقضى الله بينهما: إنَّك الجنة رحمتي أرحم بك من أشاء، وإنَّك النار عذابي أعذب بك من أشاء، ولكليكما عليَّ ملؤها )) (8) .
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: ((ثلاثة لا يكلِّمهم الله يوم القيامة، ولا يزكِّيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم عذابٌ أليم: شيخ زان، وملك كذَّاب، وعائلٌ مستكبر (9) ) (10) .
يقول ابن تيمية: (فهؤلاء الثلاثة: اشتركوا في هذا الوعيد، واشتركوا في فعل هذه الذنوب مع ضعف دواعيهم؛ فإنَّ داعية الزنا في الشيخ ضعيفة، وكذلك داعية الكذب في الملك ضعيفة؛ لاستغنائه عنه وكذلك داعية الكِبْر في الفقير، فإذا أتوا بهذه الذنوب- مع ضعف الداعي- دلَّ على أنَّ في نفوسهم من الشرِّ الذي يستحقون به من الوعيد ما لا يستحقه غيرهم)
المصدر : موقع الدرر السنية
(1) [7031] رواه مسلم (91).
(2) [7032] ((شرح النووي على مسلم)) (2/91).
(3) [7033] كلمة غمص رواية في الحديث، وهي بمعنى كلمة غمط. انظر: ((مشارق الأنوار)) (2/135).
(4) [7034] ((مدارج السالكين)) (2/318).
(5) [7035] العتل: قيل: الشديد الخصومة. وقيل: الجافي عن الموعظة. وقيل: الفظ الشديد من كل شيء وهو هنا الكافر.وقيل: العتل الفاحش الآثم وقيل: الغليظ العنيف، وقيل: السمين العظيم العنق والبطن. وقيل: الجموع المنوع. وقيل: القصير البطين. ((فتح الباري)) لابن حجر (8/663).
(6) [7036] الجواظ: قيل: الكثير اللحم المختال في مشيه. وقيل: هو الأكُول. وقيل: الفاجر. وقيل: الجواظ: الفظ الغليظ. ((فتح الباري)) لابن حجر (8/663).
(7) [7037] رواه البخاري (4918)، ومسلم (2853).
(8) [7038] رواه مسلم (2846).
(9) [7039] عائل مستكبر أي: فقير متكبر ((مرقاة المفاتيح)) (8/3190).
(10) [7040] رواه مسلم (107).
(11) [7041] ((مجموع الفتاوى)) (18/14).
(2) [7032] ((شرح النووي على مسلم)) (2/91).
(3) [7033] كلمة غمص رواية في الحديث، وهي بمعنى كلمة غمط. انظر: ((مشارق الأنوار)) (2/135).
(4) [7034] ((مدارج السالكين)) (2/318).
(5) [7035] العتل: قيل: الشديد الخصومة. وقيل: الجافي عن الموعظة. وقيل: الفظ الشديد من كل شيء وهو هنا الكافر.وقيل: العتل الفاحش الآثم وقيل: الغليظ العنيف، وقيل: السمين العظيم العنق والبطن. وقيل: الجموع المنوع. وقيل: القصير البطين. ((فتح الباري)) لابن حجر (8/663).
(6) [7036] الجواظ: قيل: الكثير اللحم المختال في مشيه. وقيل: هو الأكُول. وقيل: الفاجر. وقيل: الجواظ: الفظ الغليظ. ((فتح الباري)) لابن حجر (8/663).
(7) [7037] رواه البخاري (4918)، ومسلم (2853).
(8) [7038] رواه مسلم (2846).
(9) [7039] عائل مستكبر أي: فقير متكبر ((مرقاة المفاتيح)) (8/3190).
(10) [7040] رواه مسلم (107).
(11) [7041] ((مجموع الفتاوى)) (18/14).