الغريبة
عضو مشاغب
من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي
شرح حديث
لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعضٍ
عن جريرٍ قال: قال لي النبي ﷺ في حجة الوداع: ((استنصتِ الناسَ))، ثم قال: ((لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضُكم رقاب بعضٍ)).
وجاء في الصحيحين من حديث أبي بَكرةَ، ومن حديث ابن عمر، وعند البخاري من حديث ابن عباس.
أولًا: ترجمة راوي الحديث:
جرير بن عبدالله رضي الله عنه تقدمت ترجمته في الحديث السابع والثلاثين من كتاب الإيمان.
ثانيًا: تخريج الحديث:
الحديث أخرجه مسلم، حديث (65)، وأخرجه البخاري في "كتاب العلم" "باب الإنصات للعلماء" حديث (121)، وأخرجه النسائي في "كتاب التحريم" "باب تحريم القتل" حديث (4142)، وأخرجه ابن ماجه في "كتاب الفتن" "باب لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض" حديث (3942).
ثالثًا: شرح ألفاظ الحديث:
(استَنْصِت): الألف والسين والتاء في اللغة تدل على الطلب، والمعنى: اطلب من الناس أن ينصتوا ليسمعوا الخطبة؛ لأن النبي ﷺ قال ذلك في خطبة الوداع.
(يضرب بعضكم رقاب بعضٍ): هذه العبارة كناية عن القتل؛ أي: يقاتل بعضكم بعضًا.
رابعًا: من فوائد الحديث:
الفائدة الأولى:
الحديث دليل على أدب من آداب طالب العلم، وهو الإنصات بين يدَيْ من يعلمه الخير، وقد بوب البخاري لهذا الحديث في كتاب العلم بـ: "باب الإنصات للعلماء".
الفائدة الثانية:
حديث الباب كالذي قبله، يدل على أن قتال المسلم كفر، ويقال في تأويل الكفر هنا ما قيل في الحديث السابق، ويُزَادُ عليه تأويل آخر، وهو أن المعنى: لا يكفِّر بعضكم بعضًا، فيستحلَّ بعضُكم رقاب بعض.
فإن قيل: كيف نجمع بين هذا الوعيد في قتال المسلم لأخيه الذي جاء في حديث الباب والذي قبله وبين ما حصل بين الصحابة من قتال بعضهم بعضًا في موقعة صِفِّين والجمَل، خاصة وأننا نعرف أن الصحابة مِن أحرص الناس على الخير، وأبعدِهم عن الوعيد، وأشدِّهم حذرًا؟!
الجواب أن يقال: إن الصحابة - رضي الله عنهم - في تلك الفتن من المقاتلة على قسمين: قسم اعتزل القتال ولم يشاركوا، وهؤلاء استدلوا بأحاديث كثيرة، منها: حديث الباب والذي قبله، وحديث ابن مسعود عند أحمد في ذكر الفتنة، وفيه: "قلت: يا رسول الله، فما تأمرني إن أدركت ذلك؟ قال: ((كُفَّ يدك ولسانك، وادخل دارك))، قلت: يا رسول الله، أرأيت إن دخل رجل عليَّ داري؟ قال: ((فادخل بيتك))، قال: قلت: أفرأيت إن دخل عليَّ بيتي؟ قال: ((فادخل مسجدك، وقبض بيمينه على الكوع، وقل: ربي الله، حتى تموت على ذلك))، وفي رواية للطبراني: ((ليمسك بيده، وليكن عبدَ اللهِ المقتولَ، لا القاتل)).
وقسم شاركوا في القتال، وهؤلاء أوَّلُوا حديث الباب والذي قبله وغيرهما من الأحاديث بأنها وعيد فيمن قاتل من غير تأويل ولا اجتهاد، وأنهم غير داخلين في مثل هذه الأحاديث والوعيد فيها، فهم متأوِّلون مجتهدون.
مستلة من إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم (كتاب الإيمان)
كتبه الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح
يجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل لمشاهدة الرابط المخفي