• أعضاء وزوار منتديات المشاغب ، نود أن نعلمكم أن المنتدى سيشهد في الفترة القادمة الكثير من التغيرات سواءاً على المستوى الإداري او مستوى الاقسام، لذا نرجو منكم التعاون، وأي ملاحظات او استفسارات يرجى التواصل معنا عبر قسم الشكاوي و الإقتراحات ونشكركم على حسن تفهمكم وتعاونكم ،مع خالص الشكر والتقدير والاحترام من إدارة منتديات المشاغب.

القرب من الله

الغريبة

عضو مشاغب
سجل
15 يوليو 2021
المشاركات
4,145
التفاعل
3,402
الإقامة
الاسكندرية
الجنس
القرب من الله - 1 -


قال التلميذ :
شيخي ، عرفت أن الركون إلى القرب بُعد ، وأن استشعار التقريب هو بداية الإبعاد ، وأن الذي فُتح له الباب ، وخطا على بساط القرب = يجب أن يبقى راغبا في مزيد من التقرب ، وأنه من حين الفرح باقترابه ، سيجد نفسه خارج باب القرب ( وليس باب الإيمان والإسلام) ، وسيجد نفسه (كما كان) يقرع الباب من جديد ! يسأل الدخول والقرب !! وكأنه ما فُتح له الباب يوما ، ولا شَرُفَ بالمشي على بساط القُرب لحظة !!
فهمت يا شيخي معنى قوله تعالى
{ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ } ،
كما فهمه بعض السلف
(ويُروى مرفوعا ، على خلاف في صحته) :
أن هؤلاء الذين ذكرتهم الآية ليسوا هم الذين يعصون ،
فيخافون عقوبة عصيانهم ، وإنما هم الذين يعملون الطاعات ،
ويتقربون بأنواع القربات ، ولكنهم (مع ذلك) ما يزالون خائفين من الطرد والإبعاد : فقلوبهم وجلة من يوم اللقاء { وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ }،
حيث سيعلمون يومها علم اليقين ،
ويومها فقط : هل اقتربوا ؟ أم ابتعدوا ؟!
وفهمت أخيرًا يا شيخي أن هذا الخوف هو نفسه طاعة وقُربى ،
تزيد من القُرب والحب !!
لكن الذي أفزعني يا شيخي :
هو كيف أفرّق بين خوف الطائعين وخوف العاصين ؟
كيف أفرق بين خوفي من عدم اقترابي وخوفي من ابتعادي ؟
كيف أعرف أني على درجات الصعود أعلو أم إلى دركات الهبوط أهوي ؟!!

فقال الشيخ (وقد علاه الكرب) : يا بني ، لو عرفتَ ما سألت !!
هذا محط الابتلاء ، وحقيقة التمحيص ، وهو ما سقط فيه إبليس ،
وسما فيه محمد ﷺ ،
فكان سيدَ الخلق وأفضلَ الأولين والآخرين !
يا بني : عِ عنّي ما أقول !
لو عرف المتقربون أنهم قريبون لكان هذا نعيمًا لا يسألون عليه نعيما ،
لكان نعيما يقطع التكليف ، وينقلهم من دار الاختبار إلى دار الجزاء ،
فلا يبقى ليوم الحساب والثواب والعقاب حكمة !
فماذا يريد العبد أكثر من الجلوس على بساط الرضوان !!
تذكّر يا بنيّ أن بساط الرضوان أعظم من نعيم الجنة ،
قال تعالى
{ وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا
وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } .

وفي الصحيحين عن النبي ﷺ أنه قال :
(( إنَّ الله يقول لأَهْلِ الجَنَّةِ : يا أَهلَ الجَنَّةِ .
فَيَقولُونَ : لبيك ربَّنَا وَسَعدَيْكَ ، وَالخَيْرُ في يَدَيكَ !
فيقول :
هل رَضِيتمْ ؟
فَيَقولُونَ :
وما لنا لا نَرضَى يا ربِّ ؟!
وقد أَعطَيْتَنَا ما لم تعْطِ أحَدًا من خَلْقكَ !!
فيقول :
ألا أُعْطيكُمْ أفْضَلَ من ذلك ؟
فيَقُولُونَ : يا ربِّ ،
وأَيُّ شيْءٍ أفْضَلُ من ذلك ؟!
فيقول : أُحلُّ علَيْكُمْ رضْوَانِي ، فلا أسْخَطُ علَيْكُمْ بعْدَهُ أبَدًا ))
.

فقاطع التلميذ الشيخ قائلا :
فكيف النجاة يا شيخ ؟! كيف أعرف أني لست مطرودا ؟
فقد يئست من أن أعرف أني لست قريبًا !!
بعد أن فقدت الطمع في معرفة القُرب !!
فقال الشيخ :
لو صبرتَ ، لأخبرتك . وتمام الأدب شرطُ تمام الفهم ،
فالمعاني العالية لا تثبت إلا في النفوس الزاكية ،
كالشجرة الطيبة ، لا تنمو إلا في الأرض الطيبة !!
فبكى التلميذ ، وهم بالخروج من مجلس الشيخ ،
يشعر بالحرمان والطرد !!





القرب من الله -2-


نظر إليه الشيخ وقال :
امكُثْ بني ، فإنما أردت نفعَك ،
وما أردت إيلامك إلا بقصد الإحسان إليك .
فعاد التلميذ ، وجلس ، يُـكَفْكِفُ دمعته ، في أدبٍ تامّ ،
وإنصاتٍ كامل ، لا تطرف عينه ، ولا يلفت قلبُه .
فعرف الشيخ أنه أصبح مستعدًّا لفهم الجواب !
فقال الشيخ :
يا بُني ، هناك ثلاث علامات أعرفها ، وقد يعرف غيري غيرها ،
تعينك على النجاح في الاختبار ، بعد أن عرفتَ أنه لا سبيل
إلى معرفة النجاح إلا بالانتقال إلى الدار الآخرة ،
ولا طمع لنا باستشعار يقين القرب إلا برفع الحجاب يوم القيامة !
فارتجف التلميذ ، ووضع الشيخ يده على قلبه ، وقال :
العلامة الأولى : ازدياد الحب في القلب ، انشغالُ القلب بواجبات التعظيم ،
فلا يرى في طاعته إلا نعمة الله عليه ، ولا يرى في غفلته إلا حلم الله عنه ،
ولا يرى في معصيته له إلا تدارك رحمته وإسبال ستره وحبه
= فهو في ازدياد من الحب .
ولا تقل لي : كيف أعرف الحب وازدياده ؟
فما عرف شيئًا مَن لم يتيقن من الحب !
وأي يقين أقوى من يقينك بحب من تحب ؟!
فكل مسلم حقيقي هو مُـحِبٌّ حقيقي ؛
لكنَّ الشيطانَ (وما أعظم كيده) ، وتخليطَ التعليم ،
وإساءةَ جهلةِ الوعاظ = كلَّ ذاك هو الذي يكاد يُفقد المسلمين
شعورَهم بيقين حبهم لله تعالى !



 
جزاك الله خيرا على مجهوداتك في تقديم المشاركات المميزة

حياك الله
 
الله يجزاك كل خير وشكرا لك وبارك الله فيك جهد طيب ومتميز والله يعطيك العافية....

حياك الله .........
 
المنتدى غير مسؤول عن أي اتفاق تجاري أو تعاوني بين الأعضاء.
فعلى كل شخص تحمل مسؤولية نفسه إتجاه مايقوم به من بيع وشراء وإتفاق واعطاء معلومات موقعه.
المواضيع والتعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي منتدى المشاغب ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك (ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)
عودة
أعلى