الغريبة
عضو مشاغب
من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي
[/COLOR][منظومة (مشاهد من عبث المصلين في الصلاة) للحكمي (كاملة)]
هذه أرجوزة من نظم الشاعر عبد الله بن محمد الحكمي، تتألف من 165
بيتا في نقد ما يصدر عن بعض المصلين من عبث وتلهي أثناء الصلاة
أسأل الله أن ينفع بها، من إصدار دار البلاغ
المقدمة:
أحمد من أرسل خير الرسل ... محمدا بخير وحي منزل
صلى عليه الله ما غيث همى ... ولاحت الورق على أيك الحمى
وآله وصحبه ومن سلك ... طريقهم وحاد عن درب الحلك
وبعد فالصلاة في الإسلام ... عموده تنهى عن الآثام
لكن ما نراه من إخلال ... بروحها في سائر الأحوال
يبعث في النفس شعور الأسف ... كذاك يدعونا إلى التخوّف
من عدم الإجلال للشعائر ... وعدم الخوف من الكبائر
لذا نظمت ما رأيت من خلل ... وحركات تسخط المولى الأجلّ
سبحانه يعلم كل ما خفي ... فاجتنب الإثم الجلي والخفي
فكان ذا النظم على بحر الرجز ... ملتمسا فيه سداداً من عوز
لعل فيه للنبيه تبصرة ... والله نسأل الهدى والمغفرة
والعون والتوفيق والإخلاص ... والتوبة النصوح والخلاص
الفصل الأول:
إن صلاة بعضنا عجيبة ... بعيدة عن الهدى غريبة
يأتي المصلّي هادئا رزينا ... يحفّه السكون مستكينا
حتى إذا ما كبّر الإمام ... فقل على صلاته السلام
لأنه قد ذهب السكون ... عنه وجاء المارد اللعين
لكل ما نسيه يذكّره ... وبالأمور الملهيات يأمره
فكم رأيت من مصلّ أعجب ... لفعله مثل الصغار يلعب
كأنه من شذب يشّذّب ... أو لدغته في الظلام عقرب
أو جاءه زعروره فأفزعه ... ثم بلسعه الشديد أوجعه
يصلح طاقيّته وغترته ... يزرر الثوب يشدّ لحيته
ينظر فيها أو لها يخلّل ... وتارة ينفضها ويفتل
وربما تسمع إذ يحكّها ... خشخشة لأنه يفركها
أما الحليق فلديه الشارب ... يفتله كأنه محارب
ويصلح الشرّاب حين يركع ... يرجع ما من جيبه قد يقع
عند السجود ويعدّ ما وقع ... من الريالات إذا الفدم رفع
لأنه قد جاءه إبليس ... يقول قد تنتقص الفلوس
يحصل ذا في المسجد الحرام ... عند صلاة الناس في الزحام
وبعضهم يشدّ شعر العنفقة ... حتى ترى شفته كالملعقة
ويصلح الأكمام والمرزاما ... كذا العقال إن جثى أو قاما
وبعضهم يرمي به أمامه ... يجرّه برجله قدّامه
لا يحسن الركوع كي لا يسقطا ... كذلكم يلبسه إن سقطا
وينفض الشماغ قصد التهوية ... كأنما صلاته للتسلية
يمسّها في سائر الأحوال ... كأن ذا من سنن الأفعال
يشدّها من خلفه وربّما ... كوّمها فوق العقال ربّما
مثل الجناحين ترى يديه ... قد نفح البخاخ من عطفيه
وتارة يرفعها أمامه ... لكي يقيم عابثا مرزامه
وتارة بطرفيها يلعب ... كما بذيله يجول الثعلب
وفي الجلوس مطلقا لا سيّما ... في جلستي تشهّديه فاعلما
يا ليتنا نترك لبس الغتر ... وشمغنا أبيضها والأحمر
ونلبس العمائم الكريمة ... تيجان أجدادكم القديمة
وبعضهم يفرقع الأصابعا ... يؤذي بذاك من يصلّي خاشعا
ويصلح السروال مع صدور ... صوت كصوت الوزغ الكبير
لا يسلم الخاشع من أذيته ... بالركل والدفع وسوء هيئته
ينظر للسقف مع التثاؤب ... مراوحا رجليه بالتناوب
وبعضهم يصدر للتثاؤب ... صوتا كصوت التيس في الزرائب
يقول ها ها ها بلا استنكاف ... ولا شعور منه بالإسفاف
وربما أردف بالعواء ... وذلكم من أقبح الأسواء
لا سيّما بين يدي ذي العرش ... القاهر الأعلى شديد البطش
وفي العواء قد أتى لا يعوي ... كذا التمطّي فادر والتلوّي
وبعضهم يمعن في الجشاء ... يحكي رغاء الناقة العجفاء
يفتح فاه وكذاك إن عطس ... آذاك بالصوت الشديد والنفس
لا يعرف الكظم ولا التخميرا ... فكن بهدي المصطفى بصيرا
وبعضهم لريقه يرتشف ... وشعر أنفه الخفيّ ينتف
مع التنخّم كذاك النحنحة ... وعبث بأنفه وكحكحة
يخرج ما في عينه وأنفه ... من قذر يدلكه بكفه
وقد رأيت من يقبل يده ... من بعد فرك العين فاعرف مقصده
وهو سلوك شائن مستقبح ... وفعله من المصلي أقبح
ويسحب المنديل حين يسجد ... إذا رأى علبته ويقعد
للامتخاط تارة والتفل ... وغير ذين من قبيح الفعل
وكل ذا يوقع في التخلف ... عن الإمام وهو إثم فاعرف
إذ وحده يسجد حين يرفع ... إمامه وذاك أمر مفزع
قد جاء فيه عن رسول الله ... من الوعيد زاجر للاهي
تلكم صفات العابثين تحصل ... بين يدي مهيمن لا يغفل
الفصل الثاني:
أما رجال المال والأعمال ... فالأصل عندهم شرود البال
إلا القليل من ذوي الصلاح ... الصاعدين في ذرى الفلاح
فكم ترى يا حسرتا من قائم ... خلف الإمام وهو مثل النائم
يعبث في صلاته لا يدري ... كأنه في سنة أو سكر
بل ربما لم يدر هل للظهر ... أدى فيا ويلاه أو للعصر
يسابق الإمام بل لم يعلم ... ماذا تلاه يا له من مأثم
يعبث في الركوع والسجود ... وفي القيام فادر والقعود
يخلع نظارته إن سجدا ... كذلكم يلبسها إن قعدا
يهز رأسه يمسّ أذنه ... بل بعضهم يكون هذا ديدنه
يغمض عينيه وحينا يلمح ... وجيده يحكّه أو يمسح
ينظر في الساعات إن أطالا ... إمامه يا ويحه ويالا
وبعضهم للبشت دوما يصلح ... يضمه حينا وحينا يفتح
ويحمل النداء والجوالا ... فإن مشى أبصرته مختالا
لا يقفل الجوال حين يدخل ... لمسجد كذا النداء يهمل
من أجل أن يعرف من يتصل ... به وهذا مسلك لا يقبل
بل بعضهم يخرجه ليعرفا ... رقم الذي هاتفه وا أسفا
فكم بذا الفعل من الإخلال ... بطاعة الجبار ذي الجلال
والله إني قد رأيت واحدا ... وهو يصلي راكعا وساجدا
يحرك الثقاب في الأسنان ... منفذا وساوس الشيطان
يقرع رأسه ولم أدر السبب ... لذلك الفعل فقل ياللعجب
بين لي بعض الكرام السببا ... فقال لي يحك ذا لا عجبا
فقلت بل أعجب ثم أعجب ... ولا أزال حائرا أستغرب
نصحته لكنه لم يمتثل ... ورد رد هازل غير وجل
وتارة يلمس ما من نفسه ... وضوءه منتقض بلمسه
تراه لليسرى عليه واضعا ... وفوقها اليمنى وليس خاشعا
لا سيّما في هيئة الصلاة ... بين يدي منزّل الآيات
فهل بهذه الصلاة تبرأ ... ذمته كلا ومن ذا نرأ
لأنه من ربه لم يستح ... ومن يكن ذا شأنه لم يفلح
يبرك كالبعير في السجود ... بل إنه ينحط كالجلمود
ينظر في الكفين والأظافر ... يقرض قرض الفأر للدفاتر
يفعل ذا بعض الشباب فلمه ... هذي القذارة ألا يا قوم مه
بل إن بعض الشيب يفعلونه ... وأصبح الصغار يدمنونه
وكم ترى من عبث لا يمكن ... تعداده وفعله لا يحسن
كاللمس للجيوب في القيام ... والحك للأكف والأقدام
والانتقال من مكانه إلى ... سواه دون حاجة ألا فلا
والفرك لليدين كالمبرود ... والمسح للخدين كالمكمود
بل بعضهم تشعر باستخفافه ... وإن نصحت لجّ في سفسافه
يجمح دوما كبعير المعصرة ... أما يداه فكذيل البقرة
حين تذبّ الحشرات المؤذية ... عن جسمها وما قصدت التسوية
فهي محقة وهو مبطل ... وعن جميع ما جنا سيسأل
إن لم يتب إلى المهيمن العلي ... ويتّبع سبيل خير الرسل
صلى عليه ذو الجلال ما علا ... نجم وما أدجى ظلام وانجلى
الفصل الثالث:
وإن يكن من بلد الأفغان ... ومسلمي الهند وباكستان
لا بد من مس ذيول القمص ... يفعل هذا بعضهم فخصص
لكنه لم دونما تقدما ... أكرم بمن شرع الإله عظما
الفصل الرابع:
وبعضهم يفعل في السرّية ... فعل إمام القوم في الجهرية
يسلك ذا المسلك بعض الشيب ... مخالفين سنة الحبيب
صلى عليه ربنا وسلّما ... ما طمست شمس النهار الأنجما
كالجهر بالآيات والأذكار ... وفيه شغل للقريب الجار
وجلّهم يجمع بين الجهر ... والعبث المزري فلذ بالصبر
ولتسألن مولاك كشف الغمة ... وأن يمنّ بصلاح الأمة
الفصل الخامس:
أما صلاة النشأ فهي أشنع ... يشينها الإضحاك والتدافع
قد تركوا من دونما توجيه ... ودون تأديب ولا تنبيه
لذا رأينا كل ما لم يخطر ... في البال من فعل قبيح منكر
فهل أضعنا معشر الآباء ... أمانة الإصلاح للأبناء
وكم بليت بهم فأفسدوا ... علي ما به جميعا نسعد
وهو الخشوع للذي كلفنا ... جل وعز وإلينا أحسنا
لذا أصلي وسط العمال ... من بلد الهند أو البنغال
إذ نادر أن يعبثوا فلتعجب ... لما نرى في بلدي واستغرب
لكنهم بالثوم قد تبخروا ... والزيت والفلفل قد تعطروا
وإن هذا دون ذلك الخلل ... فلنتق الله ونحذر الزلل
فالعمل الكثير في الصلاة ... يبطلها فاحذر من السوءات
الفصل السادس:
وإنّ من أئمة المساجد ... من وقعوا في تلكم المصائد
وانفردوا بحركات جلّها ... مستهجن ولا يليق فعلها
فبعضهم أحدث في الجهرية ... ما لم يكن من قبل في البرية
مثل لصوق الفم بالمكبّر ... من أجل رفع صوته المؤثر
حتى إذا ما همّ بالركوع ... لا بدّ من حركة الرجوع
إلى الوراء فإذا ما شرعا ... في ركعة أخرى تمطّى مسرعا
إلى المكبّر لكي يلتقمه ... فلم هذا الفعل يا شيخ لمه
وربما عنقه أمالا ... تعمّدا يمينا أو شمالا
وبعضهم يسرف في رفع الصدى ... فتسمع الحرف مرارا ردّدا
ويصلح البشت على الدوام ... مع التأكّد من المرزام
وهكذا تراه في تململ ... لا يستقر كالبعير المثقل
ويحمل السواك في أصابعه ... أي بين بنصر ووسطى فلتعه
حيث يكون رأسه مما يلي ... ظاهر كفه كذيل الأقزل
يشترك الإمام والمأموم في ... ذا الفعل وهو نادر فلتعرف
يكاد ينحصر في الكبار ... في السن لا في معشر الصغار
وبعضهم تراه في الجهرية ... يهتز منه الرأس كالصوفية
فربما بصوته قد أعجبا ... والمرء قد يفتن فادر السببا
لكن إذا كنت إماما فاجتهد ... وعن حبائل الغرور فابتعد
إذ الإمام ضامن كما أتى ... عن الرسول المجتبى وثبتا
الخاتمة:
إن الصلاة بعد توحيد العلي ... أفضل ما نعمله من عمل
قرة عين المجتبى المختار ... راحته في غمرة الأكدار
لذا أقول ناصحا أحبابي ... أرجو لهم مسالك الصواب
متى نصلي يا أولي الألباب ... صلاة عبد قانت أواب
نخشى الذي يبصرنا ويعلم ... جميع ما نعلنه ونكتم
من دونما تململ أو جلبة ... مستشعرين الحافظين الكتبة
مع التأسي بالنبي المصطفى ... والآل والصحب الهداة الحنفا
والتابعين لهم على الهدى ... بهم إذا رمت اقتداء يقتدى
مثل أبي بكر إذا ما انتصبا ... يحسبه رائيه عودا نصبا
وابن الزبير وكذا ابن المعتمر ... وعاصم وابن يسار فاعتبر
فكل حبر منهم قد وصفا ... بأنه كالجذع حين وقفا
وقيل كالحائط والجدار ... وبعضهم شبّه بالسواري
ومنهم من تقع الطيور ... عليه فاعجب أيها المغرور
ثم الصلاة والسلام ما سرى ... نجم على نبينا خير الورى
وآله وصحبه الأطهار ... والتابعين السادة الأبرار
أبياتها سبق إلى الأبرار ... فسابق العبّاد في المضمار
في كيف تسمو غيرة الأخيار ... تأريخها والحمد للغفار
ما هبّت الأنسام في الأسحار ... ينفح فيها عبق الأزهار
قصيدة | مشاهد من عبث المصلين في صلاتهم | المنشد : سمير البشيري
كلمات الشاعر | عبدالله بن محمد بن سفيان الحكمي .
تقديم | عادل بارباع