الغريبة
عضو مشاغب
من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي
هبي يا ريح الإيمان - النسمة الأولى: الذنوب جراحات وآلام (3)
11. عبادات ضائعة:
قال النبي ﷺ:
«رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر».
(صحيح كما في ص ج ص رقم 3488).
وتأمل حال هذا الصائم الذي ضاع صيامه بذنب أذنبه:
كلمة غيبة أو افتراء كذب أو نظرة حرام أو رشوة، فخسر الآخرة وباع الدين،
وأتعب جسده من غير طائل أو مصلحة.
قال يحي بن كثير :
"يصوم الرجل عن الحلال الطيب، ويفطر على الحرام الخبيث -لحم أخيه- يعنى اغتيابه".
وتأمل حال هذا القائم الذي نوى بقيامه مراءاة الناس،
فحبط عمله وضاع ثوابه؛ بسبب هذه الخطيئة القلبية.
12. شراكة لا تنفك:
كل معصية من العاصي هي ميراث أمة من الأمم التي أهلكها الله عز وجل،
فمن علا في الأرض وأفسد فله من تركة فرعون نصيب، ومن تكبر وتجبر
فله من تركة قوم هود نصيب، ومن نقص المكيال والميزان فقد تشبه بقوم شعيب،
ومن سار على طريق الهالكين هلك، ومن اقتفى أثر الضائعين ضل سواء السبيل.
وهذا ما أرشد إليه البشير النذير ﷺ الذي هو غذاء الحياة وبلسم الشفاء ومادة الفضل:
«كما لا يجنى من الشوك العنب كذلك لا ينزل الفجار منازل الأبرار،
فاسلكوا أي طريق شئتم، فأي طريق سلكتم وردتم على أهله»
(حسن كما فى ص ج ص رقم 4575).
أمامك طريقان:
طريق أبى بكر وعمر أو طريق أبي جهل وفرعون،
إما معالجة القلب في مصحة الهوى، وتقييده بقيود الشرع، وكيه بنيران الخوف،
وإلا فإن علاجه سيكون في أودية جهنم، ومعاناة أغلال الهوان، وكيه بنيران العقوبة.
أخي العاصي؛
على وجه الطائع نور طاعته، وعلى وجه العاصي ظلام معصيته،
وعند الموت يؤتى هذا بالبشارة، ويقع ذلك في الخسارة،
وينزلان القبر ليفرش الطائع مهاد الجنان، ويتقلب العاصي على جمرات النيران،
وعند الحشر؛ هذا يركب وذلك يسحب؛ هذا في ظل عرش الرحمن
والآخر غارق في بحور العرق والنسيان.
ثم يقال للعصاة: أم يأتكم نذير؟
وللطائعين: سلام عليكم بما صبرتم،
فاسلك طريق أهل السعادة، واطلب رفقتهم توفق للشهادة.
كانوا يصومون وأنت تفطر؛ كانوا يقومون وأنت نائم؛ كانوا يبكون وهم يطيعون،
فخلف من بعدهم خلف يضحكون وهم يعصون؛ فهل في الآخرة هم يستوون؟!
13. شماتة الشيطان:
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية: هل ينام الشيطان؟ فقال:
لو نام الشيطان لاسترحنا.
أخي؛ كل ذنب منك يسعده، وكل معصية لك تفرحه،
لأنك بفعلها تساويت معه في المعصية، والمعاصي بريد الكفر،
والكفر طريق النار وهو لا يريد الخلود فيها وحده.
وهذا هو السر في أنه إذا قرأ ابن آدم سجدة التلاوة فسجد اعتزل الشيطان يبكي بقوله:
يا ويله أُمر بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار.
فأرغم أنف شيطانك بإدمان السجود؛ إطالة الركوع وظمأ الهواجر،
حتى يظل باكياً في الدنيا قبل أن ينفجر في البكاء غداً على أعتاب جهنم.
لطيفة:
قال مطرف بن عبد الله:
"لو أن رجلا رأى صيداً، والصيد لا يراه، أليس يوشك أن يأخذه؟!
قالوا: بلى؛ فإن الشيطان هو يرانا، ونحن لا نراه فيصيب منا.
14- سوء الخاتمة:
الذنوب بريد إلى سوء الخاتمة، لأن الإنسان يموت على ما عاش عليه،
فمن أراد أن يموت ساجداً فليكن أكثر أعماله السجود،
ومن أراد أن يموت صائما فليكن أكثر أعماله الصيام،
ومن أراد أن يموت ذاكر فليكثر من الذكر،
والعاصي مثل ذلك، فمن رأيتموه يختم له بسوء
فاعلموا أنه أسرف على نفسه في حياته فحرم التوفيق عند مماته.
وإليك نموذجين لهذه الخاتمة اللعينة، كتبها الله عز وجل على أصحابها ثمرة ذنوبهم القبيحة:
1. محمد بن مغيث المغربى (ت: 403هـ):
كان مفتوناً بالخمر متبذلا فيها، مدمناً عليها لا يفيق منها،
سأله بعض إخوانه في مرضه الذي مات فيه ليختبر قواه،
فقال له هل تقدر على النهوض إن أردت؟
فقال: لو شئت مشيت من هاهنا إلى حانوت أبى زكريا الخمار.
فقال: ألا قلت إلى الجامع؟!
فقال: لكل امرئ من دهره ما تعودا، ولم تجري العادة بذلك.
ومن مات على شيء بعث عليه.
2. مصطفى كمال أتاتورك (ت: 1358هـ):
اسم على غير مسمى؛ حارب الإسلام فهدم الخلافة وجعل الآذان باللغة التركية،
وجعل العطلة الأسبوعية يوم الأحد بدلا من يوم الجمعة،
وحول مسجد آيا صوفيا إلى متحف،
وضاق مرة بأذان الفجر فأمر بقتل المؤذن وهدم المئذنة،
والمضحك المبكى أنه عند موته أوصى ألا يصلى عليه .
ودار الجدل بعد موته:
أيصلون عليه فيخالفون وصيته أم يتركون الصلاة؟!
وأخيراً وبعد جدل وافقوا على الصلاة عليه، ولكن ترى من كان الإمام؟!
إنه مدير الأوقاف شرف الدين أفندي الذي حاول إقناع رئيس الجمهورية
التركية بعد ذلك عصمت إينونو بجعل اللغة التركية للقرآن الكريم لغة للعبادة،
وفرض قراءتها في الجوامع بقوة القانون،
وشرف الدين هذا هو إمام الصلاة على أتاتورك.
وافق شن طبقة، ولا يظلم ربك أحداً!!
وماذا بعد الكلام:
1. قس إيمانك بميزان تأثرك بالذنوب، وعلى هذا الأساس حدد مقدار حاجته للإصلاح والترميم.
2. أول الطريق إلى الله الرجوع والتألم على اقترافه والندم على الوقوع فيه والتفكر في آثاره واتباعاته.
3. من منع نفسه من نعيم زائل اليوم غرق في نعيم الأبد غداً.
4. من عمل أعمال الكافرين حشر معهم، ومن عمل أعمال الظالمين حشر معهم،
ومن عمل أعمال المنافقين حشر معهم.
5. إذا نسيت هذه الآثار فاذكرها عند القبور، فإذا فاتك هذا فمع الرفقة الصالحة،
فإن فاتك هذا فاذكرها عند مجالس الذكر، فإن فاتك كل هذا، فقس نبضك لتعرف أحيٌ أنت أم ميت؟!.
6. من كره شيئاً هرب منه، ومن أحب شيئاً أصر عليه،
فاقرأ هذه الرسالة مرة بعد مرة لتتقن فن الهرب من الذنوب
عساك تفلح عند علام الغيوب.
خالد أبو شادي
رابط المادة:
يجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل لمشاهدة الرابط المخفي