الأخبار العامة
عضو نشيط
- سجل
- 24 أكتوبر 2023
- المشاركات
- 237
- التفاعل
- 0
من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي
لقد وسع حزب الشعب، المحافظ، قاعدته بانتزاع تسعة مقاعد إضافية في المجلس الوطني (200 مقعد)، مقارنة مع الاستحقاق الانتخابي السابق، ليحصد 62 مقعدا، بعيدا عن منافسه الحزب الاشتراكي الذي حصل على 40 مقعدا. ورغم أن الاشتراكيين عزفوا على أوتار كلفة المعيشة وقضايا المساواة، فإن اليافطة الكبرى التي رفعها حزب الشعب كانت أكثر حسما في استمالة الناخبين. إنها الهجرة أولا وثانيا.
جاء استطلاع أنجز لحساب الإذاعة والتلفزيون السويسري طافحا بالدلالة: الهجرة هي الموضوع الأكثر تأثيرا في القرار الانتخابي للسويسريين، (26 في المائة)، متقدما على موضوع شديد الراهنية من قبيل الزيادة في أقساط التأمين (25 في المائة) ثم التغير المناخي (25 في المائة).
ولعل المؤشرات التي تتداولها وسائل الإعلام حول الارتفاع الدوري في وتيرة تدفق المهاجرين وطالبي اللجوء، وصدى الأعباء التي عبرت عنها الهيئات الفدرالية وعلى صعيد الولايات بشأن الضغط المكثف لهؤلاء الوافدين على بنيات الاستقبال، صبت بشكل وازن في رحى حزب الشعب الذي يوجه سهام النقد إلى سياسة الوسط واليسار، بوصفها "متهاونة" و"رخوة". تفاقم ذلك بموجات الأوكرانيين الفارين من نيران الحرب.
ومن الملفت أن الحزب اليميني لم يفوت لحظة الانتشاء بالنصر دون أن يذكر بالعنوان الكبير لمعركته السياسية، كما لو أنه يبعث رسالة جوابية لمن منحوه مجددا صدارة المشهد السياسي في البلاد. اجترارا لنفس المعادلات المبسطة التي تروجها التيارات المناهضة للهجرة في أوروبا، عرض أول بلاغ للحزب بعد انتخابات 22 أكتوبر، الفاتورة الباهظة للهجرة: نقص المساكن، زيادة الإيجارات، الاختناقات المرورية، انخفاض مستويات التعليم، انفجار تكاليف الرعاية الصحية.... بل يتحدث الحزب عن "فوضى اللجوء المدمرة" في إشارة إلى عبئها الاقتصادي، بحيث يرصد الاتحاد السويسري 4 مليارات دولار. وبالإضافة إلى التكاليف المباشرة المرتفعة، يفصح حزب الشعب عن نواياه وأولويات السنوات الأربع المقبلة قائلا: "أصبحت بلادنا أقل أمانا بشكل متزايد بسبب الجرائم والعنف المستوردين".
وعلى أساس هذا التشخيص، يطرح الحزب على أنصاره بشكل مبكر قائمة غير حصرية من تدابير سيرافع من أجل تنزيلها لكبح تدفقات الهجرة. سينصب العمل على وقف الهجرة غير الشرعية، فرض آليات أكثر تشديدا على الحدود، مكافحة الهجرة الجماعية، ترحيل المجرمين الأجانب بشكل منهجي، وتطبيق قرارات الترحيل.
والحال أنه بغض النظر عن خلفيات الصور الذهنية والمواقف السياسية، تقول المؤشرات الرسمية بأن سويسرا تعول على الهجرة لتحريك دواليب اقتصادها المنتج للثروة. فالبلاد تسجل معدلا صافيا للهجرة تعداده 80 ألف سنويا، بينما قدر المكتب الفدرالي للإحصاء حاجيات البلاد من العمالة بـ 120 ألف منصب شاغر سنة 2022.
وكان حزب الشعب نفسه قد أطلق مبادرة تقتضي العمل على ألا تتجاوز ساكنة البلاد (التي تناهز 9 ملايين نسمة) سقف 10 ملايين قبل 2050، وهو ما لا يتحقق إلا بإغلاق الباب أمام الهجرة. لكن الميدان له حقائق أخرى. يقول الخبير الديموغرافي فيليب وانر في حديث نشره موقع "سويس.أنفو": "بدون مهاجرين، سيكون من المستحيل العيش في سويسرا. فهذه الشريحة تضطلع بجانب هام من الأنشطة، خصوصا ذات المؤهلات الدنيا. الحد من الهجرة يعني الحد من رفاهنا الاقتصادي والاجتماعي، ولا أحد يريد ذلك".
ولئن كانت الهجرة الموضوع الأكثر فعالية على الصعيد الانتخابي لكونه يخاطب شعورا حيا لدى المواطنين بالخوف من التعبات الاقتصادية والثقافية والأمنية للتدفقات العابرة للحدود في بلاد تنشد الحفاظ على فردوسها الخاص داخل محيط متقلب، فإن ذلك يتكامل مع مواقف أخرى في أجندة الحزب اليميني، تروم حماية الاستثناء السويسري عبر الإبقاء على نظام الحياد، ورفض أي انضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وهو ما يعني أن المفاوضات السويسرية الأوروبية المتعثرة أصلا أمامها باب مسدود في الأمد المنظور.
غداة الانتخابات الفدرالية لـ 22 أكتوبر، تقبل سويسرا على دورة برلمانية جديدة من مسارها السياسي الفدرالي تمتد من 2023 إلى 2027، بهيمنة أكبر لليمين الذي يقوي جاذبيته في البلاد، شأن جيرانها الأوروبيين، من خلال التركيز على الانشغالات المرتبطة بالهجرة.
24 أكتوبر 2023
جنيف
نزار الفراوي
non
Gratuit:
non
جاء استطلاع أنجز لحساب الإذاعة والتلفزيون السويسري طافحا بالدلالة: الهجرة هي الموضوع الأكثر تأثيرا في القرار الانتخابي للسويسريين، (26 في المائة)، متقدما على موضوع شديد الراهنية من قبيل الزيادة في أقساط التأمين (25 في المائة) ثم التغير المناخي (25 في المائة).
ولعل المؤشرات التي تتداولها وسائل الإعلام حول الارتفاع الدوري في وتيرة تدفق المهاجرين وطالبي اللجوء، وصدى الأعباء التي عبرت عنها الهيئات الفدرالية وعلى صعيد الولايات بشأن الضغط المكثف لهؤلاء الوافدين على بنيات الاستقبال، صبت بشكل وازن في رحى حزب الشعب الذي يوجه سهام النقد إلى سياسة الوسط واليسار، بوصفها "متهاونة" و"رخوة". تفاقم ذلك بموجات الأوكرانيين الفارين من نيران الحرب.
ومن الملفت أن الحزب اليميني لم يفوت لحظة الانتشاء بالنصر دون أن يذكر بالعنوان الكبير لمعركته السياسية، كما لو أنه يبعث رسالة جوابية لمن منحوه مجددا صدارة المشهد السياسي في البلاد. اجترارا لنفس المعادلات المبسطة التي تروجها التيارات المناهضة للهجرة في أوروبا، عرض أول بلاغ للحزب بعد انتخابات 22 أكتوبر، الفاتورة الباهظة للهجرة: نقص المساكن، زيادة الإيجارات، الاختناقات المرورية، انخفاض مستويات التعليم، انفجار تكاليف الرعاية الصحية.... بل يتحدث الحزب عن "فوضى اللجوء المدمرة" في إشارة إلى عبئها الاقتصادي، بحيث يرصد الاتحاد السويسري 4 مليارات دولار. وبالإضافة إلى التكاليف المباشرة المرتفعة، يفصح حزب الشعب عن نواياه وأولويات السنوات الأربع المقبلة قائلا: "أصبحت بلادنا أقل أمانا بشكل متزايد بسبب الجرائم والعنف المستوردين".
وعلى أساس هذا التشخيص، يطرح الحزب على أنصاره بشكل مبكر قائمة غير حصرية من تدابير سيرافع من أجل تنزيلها لكبح تدفقات الهجرة. سينصب العمل على وقف الهجرة غير الشرعية، فرض آليات أكثر تشديدا على الحدود، مكافحة الهجرة الجماعية، ترحيل المجرمين الأجانب بشكل منهجي، وتطبيق قرارات الترحيل.
والحال أنه بغض النظر عن خلفيات الصور الذهنية والمواقف السياسية، تقول المؤشرات الرسمية بأن سويسرا تعول على الهجرة لتحريك دواليب اقتصادها المنتج للثروة. فالبلاد تسجل معدلا صافيا للهجرة تعداده 80 ألف سنويا، بينما قدر المكتب الفدرالي للإحصاء حاجيات البلاد من العمالة بـ 120 ألف منصب شاغر سنة 2022.
وكان حزب الشعب نفسه قد أطلق مبادرة تقتضي العمل على ألا تتجاوز ساكنة البلاد (التي تناهز 9 ملايين نسمة) سقف 10 ملايين قبل 2050، وهو ما لا يتحقق إلا بإغلاق الباب أمام الهجرة. لكن الميدان له حقائق أخرى. يقول الخبير الديموغرافي فيليب وانر في حديث نشره موقع "سويس.أنفو": "بدون مهاجرين، سيكون من المستحيل العيش في سويسرا. فهذه الشريحة تضطلع بجانب هام من الأنشطة، خصوصا ذات المؤهلات الدنيا. الحد من الهجرة يعني الحد من رفاهنا الاقتصادي والاجتماعي، ولا أحد يريد ذلك".
ولئن كانت الهجرة الموضوع الأكثر فعالية على الصعيد الانتخابي لكونه يخاطب شعورا حيا لدى المواطنين بالخوف من التعبات الاقتصادية والثقافية والأمنية للتدفقات العابرة للحدود في بلاد تنشد الحفاظ على فردوسها الخاص داخل محيط متقلب، فإن ذلك يتكامل مع مواقف أخرى في أجندة الحزب اليميني، تروم حماية الاستثناء السويسري عبر الإبقاء على نظام الحياد، ورفض أي انضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وهو ما يعني أن المفاوضات السويسرية الأوروبية المتعثرة أصلا أمامها باب مسدود في الأمد المنظور.
غداة الانتخابات الفدرالية لـ 22 أكتوبر، تقبل سويسرا على دورة برلمانية جديدة من مسارها السياسي الفدرالي تمتد من 2023 إلى 2027، بهيمنة أكبر لليمين الذي يقوي جاذبيته في البلاد، شأن جيرانها الأوروبيين، من خلال التركيز على الانشغالات المرتبطة بالهجرة.
24 أكتوبر 2023
جنيف
نزار الفراوي
يجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل لمشاهدة الرابط المخفي
non
Gratuit:
non
يجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل لمشاهدة الرابط المخفي