الغريبة
عضو مشاغب
سلام الله على المتوادين المتراحمين المتعاطفين!
https://absba.cc/attachments/1701028048347-png.28979/
عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله ﷺ:
“مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد
إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”،
(البخاري ومسلم)
يحمل هذا الحديث من الفقه والمعاني الجليلة ما يهتز له قلب المؤمن!
وهو ما نتعلمه في سيرة خير الأنام وفي سير صحبه الكرام، دروسا عزيزة!
وإنما التواد والتراحم والتعاطف بين المؤمنين من دلالات صدق الإيمان وأحد امتحانات الإيمان المهيبة.
ولا تزال هذه الأمة تحمل من هذه المعاني عند كل نازلة ما يكشف أصالة المعدن
ونبل النفس وعلو الهمة والمقصد وأن الخير فيها لا ولم يعدم!
في كل قصة بر بالمؤمنين ما تعجز الحروف عن وصف وقعه في النفوس، ولا حجم الإعجاب بإباء
وإيثار ينثر بطيب نفس ويد، وهو فضل لا تجده إلا في أمة محمد ﷺ.
فمؤمن هناك عند الحرم يبتهل إلى الله ليحفظ من لا يعرفه هناك في فلسطين.
ومؤمن هناك في فلسطين يبتهل إلى الله ليحفظ إخوانه في الشام.
وذلك في اليمن وذاك في العراق وذاك في آسيا وذاك في إفريقيا وأولئك في ديار الاغتراب في كل زاوية من العالم،
لا يعرفون بعضهم البعض اسما ولا رسما، لكنهم يعرفون حق الإيمان وشرف نصرة المؤمنين!
وفي ذلك لذة عظيمة في التقرب إلى الله جل جلاله برا وإخلاصا للعبودية لله وحده لا شريك له.
وفيه أيضا من الأسباب الموجبة لتفريج الكربات ورفع البلاء وتأييد الله للمؤمنين بالنصر والتمكين في الأرض.
وفيه أيضا من الرحمة واللطف الذي يحيط به الله تعالى عباده المؤمنين ما تهدأ به نفوسهم
وتطمئن وتسكن حتى في أشد الأقدار إيلاما.
فحتى وإن تخلى عنهم أقرب الناس، ستمتد يد حانية من أبعد مكان، لتقول:
( أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون).
حين أتأمل ذلك المسلم أو المسلمة الذي لا يجد من طريقة لبر أخيه أو أخته ممن عجز عن أداء عمرة
ولا يربط بينهما دم ولا نسب ولا مصلحة، حين أتأمل من يخرج الصدقات والتبرعات،
لأجل إخوانه المنكوبين المكروبين ومن يخطط لإيصالها بإصرار لا يعجز،
حين أتأمل أولئك الذين يقومون الليل يرفعون الأيدي إلى السماء ينشدون الله العون واللطف،
حين أتأمل عطاء كل مسلم ومسلمة مهما يظهر في أعين الناس صغيرا،
لمن لا يجمعهم بهم إلا الإيمان والإسلام والإحسان، بينما هو عند الله عظيما،
أجد التكبيرات تسبق الكلمات تزأر!
فهذه بشرى نبينا ﷺ لهذه الأمة!
نعم في المشهد الكثير من الظلم والسواد، الكثير من الجور والعدوان، الكثير من الأنانية والجشع ونفسي نفسي وحب التفرد بالصيت وصفات المنافقين وألسنة حداد! لكن في زاوية ما، تشع هناك أخوة الإيمان معلما من معالم الحق البهية!
في زاوية من المشهد حقيقة راسخة، أن هذه الأمة تجتمع رغم كيد المرجفين والمخذلين
والذين في قلوبهم مرض ممن يكيد لها كيدا وأكيد كيدا.
مهما تباعدت بهم الديار واشتدت القسوة وفرقت بين المؤمنين الخطوب والدروب،
فلا توجد قوة في الأرض يمكنها أن تكسر هذا التواد والتراحم والتعاطف بين من آمن وأخلص!
مهما سطرت من الكلمات لن أوفي هذه المرتبة من الإيثار والبذل حقها، ولكنني أعلم كما يعلم الكثيرون،
أن كل مؤمن ذاق من بركاتها، يدرك عظمتها، ويبصر عمق معانيها.
فسلام الله على الأوفياء الأتقياء، من حمل في قلبه الولاء للمؤمنين ورحمتهم والتعاطف معهم وخفض الجناح لهم،
من نبض قلبه بنبضات قلوبهم توحيدا ومحبة لله تعالى وخشية ورجاء.
سلام الله على أرواح تعلمت فضيلة حسن العهد فربت عليها الأجيال لم تفتر وعلمت أن حقيقة الإيمان
أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك لا تغفل!
سلام الله على عباد تقربوا لله بسلامة القلوب على المؤمنين، فجبروا الضعف وتمنوا الصلاح والإصلاح،
هداة متقين لا بغاة معتدين.
سلام الله على تلك النفوس العالية التي لا تنكسر لحظ نفس، ولا تفقد شرف خصومة، ولا تطعن في الظهر غدرا،
حين يجتمع الكفارون على ديار المسملين وإن ذاقت بنفسها من غدر الظالمين!
سلام الله على من نصر الإسلام والمسلمين وإن كان في ذلك عداوة أهل الأرض!
سلام الله على قوم (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ).
اللهم تقبل من كل بار وبارة من المؤمنين والمؤمنات بالمؤمنين والمؤمنات،
وضاعف لهم الأجر وبارك ببرهم وأنفع وأصلح به.