• أعضاء وزوار منتديات المشاغب ، نود أن نعلمكم أن المنتدى سيشهد في الفترة القادمة الكثير من التغيرات سواءاً على المستوى الإداري او مستوى الاقسام، لذا نرجو منكم التعاون، وأي ملاحظات او استفسارات يرجى التواصل معنا عبر قسم الشكاوي و الإقتراحات ونشكركم على حسن تفهمكم وتعاونكم ،مع خالص الشكر والتقدير والاحترام من إدارة منتديات المشاغب.

المضامين الشرعية في الدماء المعصومة

سجل
1 ديسمبر 2023
المشاركات
3
التفاعل
4
العمر
52
الإقامة
السعودية / جدة
الموقع
youtube.com
الجنس
المضامين الشرعية في الدماء المعصومة حرمتها عند الله تعالى عظيمة، وشأنها كبير، وغلظتها شديدة.
ومن دلائل العناية بها، والتغليظ فيها: أن ذِكْرها، والتنويه بها وقع قبل أن تنفخ الروح في آدم عليه السلام، وقبل أن تجري دماؤه في عروقه؛ فالملائكة عليهم السلام، هم من أعلم الخلق بالله تعالى وبما يرضاه وما لا يرضاه من الأقوال والأفعال، ولما أخبرهم سبحانه وتعالى أنه جاعل في الأرض خليفة (قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ) ، ولولا عظمة الدماء عند الله تعالى لما نوَّه الملائكة بذكرها من بين سائر وجوه الإفساد التي هي من الكثرة بما يعز على العد والحصر.
ولما خلق الله تعالى آدم، وجرت عليه المحنة والبلاء والتكليف، ثم أهبط إلى الأرض، وتناسل بنوه من صلبه - كان أول ذنب عظيم وقع من بنيه: قتلَ أحدهم أخاه، في قصة عجيبة ذكرت في القرآن؛لأهميتها، وأهمية ما تضمنته من تأريخ أول دمٍ سفك على الأرض ظلمًا وعدوانًا، وعقب ذكر هذه القصة العظيمة تأتي الآيات لتبين منزلة الدماء عند الله تعالى؛ حتى إن سافك دم واحد قد شُبِّه بمن سفك دم الناس جميعًا (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) ولست أعلم ذنبًا في الشريعة يكون مرتكبه في حق واحد من الناس كمن فعله في جميع الناس غير هذا الذنب العظيم؛ فما أعظم شأن الدماء عند الله تعالى!! قال سعيد بن جبير رحمه الله تعالى: " من استحل دم مسلم فكأنما استحل دماء الناس جميعًا، ومن حرَّم دم مسلم فكأنما حرَّم دماء الناس جميعًا "وجاءت السنة النبوية تؤكد على ذلك، وتزيده وضوحاً وبيانًا؛ فابنُ آدم الذي سفك أول دم في الأرض شريكٌ في إثم كل دم سفك بعده إلى يوم القيامة؛ فما أكثر ما سيتحمل من الدماء يوم القيامة!! نسأل الله العفو والعافية.
روى ابنُ مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "لا تقتل نفسٌ ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفلٌ من دمها؛ لأنه أول من سنَّ القتل" رواه الشيخان
ولذا كان من كبائر الذنوب التي توبق صاحبها، ويستحقُ بسببها العذاب يوم القيامة: قتلُ النفس التي حرم الله تعالى إلا بالحق؛ كما دلت على ذلك الأحاديث.
والمسلم في سعة من دينه، وفي فسحة من ذنوبه التي هي دون القتل، حتى يباشر القتل ظلماً وعدوانًا، فيضيق عليه الأمر؛ لعظم شأن الدم؛ كما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: "لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً" وفي رواية: "في فسحة من ذنبه" رواه البخاري.
قال أبو بكر ابن العربي "الفسحةُ في الدين سَعَةُ الأعمال الصالحة حتى إذا جاء القتلُ ضاقت؛ لأنها لا تفي بوزره، والفسحة في الذنب قبوله الغفران بالتوبة حتى إذا جاء القتل ارتفع القبول".
ومن أعظم الخسارة، وأشد الخذلان: أن يورِّط الإنسان نفسه في دم حرام؛ كما جاء في صحيح البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: "إن من وَرَطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حِلِّه"وروى أبو داود من حديث خالد بن دِهْقَان قال: كنا في غزوة القسطنطينية بذُلْقية، فأقبل رجلٌ من أهل فلسطين من أشرافهم وخيارهم يعرفون ذلك له يقال له: هانئ بن كلثوم بن شَرِيك الكناني فسلّم على عبد الله بن أبي زكريا وكان يعرف له حقه، قال لنا خالد: فحدثنا عبد الله بن أبي زكريا قال: سمعت أم الدرداء تقول: سمعت أبا الدرداء يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا من مات مشركًا أو مؤمن قتل مؤمنًا متعمدًا" فقال هانئ بن كلثوم: سمعت محمود بن الربيع يحدث عن عبادة بن الصامت أنه سمعه يحدث عن رسول الله ﷺ أنه قال: "من قتل مؤمنًا متعمدًا فاغتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفًا ولا عدلاً" قال لنا خالد: ثم حدثنا ابن أبي زكريا عن أم الدرداء عن أبي الدرداء عن رسول الله ﷺ أنه قال: "لا يزال المؤمن مُعْنقًا صالحًا ما لم يصب دمًا حرامًا، فإذا أصاب دمًا حرامًا بلَّح"ومعنى: مُعنقاً أي: خفيف الظهر، ومعنى: بلَّح، أي: صار ثقيلاً بسبب الدم الذي حمله.
إن الدم المعصوم له شأن عظيم عند الله تعالى؛ فلا يجوز سفكه بغير حق، أو التهاون في أمره، وإذا كان النهي الشرعي قد زجر عن قتل البهيمة بغير حق، ورتب على ذلك وعيد فكيف بقتل الآدمي؟! ثم كيف بقتل المسلم؟! والنبي ﷺ يقول: " لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم " رواه الترمذي والنسائي من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، وفي حديث آخر عن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "قتلُ المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا" رواه النسائي.
إن الدم الذي يُسفك ظلمًا وعدوانًا لا يضيع، ولو تمالأ أهل بلد على قتل مسلم لقتلوا به، ولو اجتمع أهل الأرض كلهم على سفك دم محرم لأُخذوا به، وعُذبوا بسببه، كيف!! والنبي ﷺ يقول: "لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار" رواه الترمذي، وحملُ السلاح على المؤمنين، وترويعهم به؛ من كبائر الذنوب ولو لم يقاتل به، فكيف بمن قاتل به؟! قال النبي ﷺ: "من حمل علينا السلاح فليس منا" رواه الشيخان. وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال أبو القاسم ﷺ: "من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى يدعه وإن كان أخاه لأبيه وأمه"فإذا استحق الذي يشيرُ بالحديدة اللعن فكيف بالذي يصيب بها؟ وكيف بمن حمل على إخوانه المسلمين ما هو أعظم منها؟! وروى جابر رضي الله عنه فقال: نهى رسول الله ﷺ أن يُتعاطى السيف مسلولاً؛ رواه الترمذي.
وهذه الأحاديث وأمثالها تثبت خطورة أمر الدماء، وتدل على حرمة المسلم على أخيه المسلم، وتسد كل ذريعة من ذرائع إخافته وترويعه، فضلاً عن إيذائه والاعتداء عليه، وأعظمُ الاعتداء: سفك دمه.
نسأل الله العفو والعافية، كما نسأله أن يحقن دماء المسلمين، وأن يحفظ أيدينا من دمائهم، وألسنتنا من أعراضهم، ويجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.
وقال تعالى (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) لعظيم أمر الدم عند الله تعالى، وعلو شأنه؛ كان ابتداءً القضاء به يوم القضاء؛ كما جاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي ﷺ: "أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء" رواه الشيخان
وقد جاء ما يدل على كيفية ذلك في حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا: "يأتي المقتول معلقًا رأسه بإحدى يديه متلببًا قاتله بيده الأخرى، تشخبُ أوداجه دمًا حتى يقفا بين يدي الله تعالى " رواه أحمد والنسائي. وفي رواية النسائي: "أن المقتول يجيء متعلقًا بالقاتل تشخب أوداجه دمًا فيقول: أي رب، سل هذا فيم قتلني؟".
وروى ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: "يجيء الرجل آخذًا بيد الرجل، فيقول: يا رب هذا قتلني، فيقول الله له: لم قتلته؟ فيقول: قتلته لتكون العزة لك، فيقول: فإنها لي، ويجيء الرجل آخذًا بيد الرجل فيقول: إن هذا قتلني، فيقول الله له: لم قتلته؟ فيقول: لتكون العزة لفلان، فيقول: إنها ليست لفلان، فيبوء بإثمه" رواه النسائي.
أيها القراء الاعزاء: بان بهذه النصوص الكثيرة أن قصد المسلم بالترويع والقتل من كبائر الذنوب، وأعظم ذنبٍ يتعلق بحق مخلوق: سفك دم حرام بغير حق، ومن أبين صور ذلك: التفجير والتخريب في بلاد المسلمين، وقصد المعصومين بالتخويف والترويع، والإيذاء والقتل، وما حصل قبل أيام من قصد بعض دوائر الأمن بالتفجير، ما هو إلا ضربٌ من ضروب الفساد في الأرض، وفاعله قد أتى جرماً عظيمًا، وعلَّق في رقبته دماء معصومة. مع ما نتج عن ذلك من إعدام للبنية البشرية، وإتلاف للممتلكات، واعتداء على الآمنين، وترويع للمسلمين.
وآثار هذا العمل الشنيع وأمثاله من قصد المسلمين بالقتل والترويع تطول نساءً بالترميل، وأطفالاً بالتيتيم لا ذنب لهم ولا حول ولا قوة، وفيها من الإثم والبغي ما فيها، ولا يستفيد منها إلا أعداء الملة والدين؛ من الصهاينة الغاصبين، والنصارى الحاقدين الذين يعجبهم أن يختلط أمر المسلمين، ويختل أمنهم ويتدمر بلادهم ومساجدهم ودورهم، أسأل الله تعالى أن يكفينا شر كل ذي شر، وأن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كيد الحاسدين، من أعداء الملة والدين. وصلى الله وسلم وبارك على رسوله محمد وعلى آله وأزواجه وصحبه أجمعين.
وكتبه د/ عبدالخالق أبوالخير
 
الله يجزاك كل خير وشكرا لك وبارك الله فيك جهد طيب ومتميز والله يعطيك العافية....

حياك الله .........
 
المنتدى غير مسؤول عن أي اتفاق تجاري أو تعاوني بين الأعضاء.
فعلى كل شخص تحمل مسؤولية نفسه إتجاه مايقوم به من بيع وشراء وإتفاق واعطاء معلومات موقعه.
المواضيع والتعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي منتدى المشاغب ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك (ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)
عودة
أعلى