من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي

المحارم والمحرمات

الإسلام يقوم على أساس تنظيمي يحفظ لكلٍّ حقوقه وواجباته ، ويحفظ الودّ، وينأى بالإنسان عن المواقف النفسية غير السوية ، وفطر الله تعـالى الناس على قانونٍ من نأى عنه وقع في المهالك ، وعكّر تلك الفطرة .
ومن هنا كانت العلاقات الأسرية والقوانين الشرعية التي تحكمها قوانين جديـَّة ، بمعنى أن لها حدوداً صارمة ، من تعدّاها فقد تعدّى على حدود الله .
والقوانين الأسرية تقوم على علاقات مقدسة ، والأبوة والبنوة والأخوة والجـدودة والخؤولة ، سواء كانت تلك العلاقات بالنسب أم بالرضاع، هذه العلاقات تتصف بالديمومة والثبات ، ولا يجوز بحال من الأحوال تحويلها إلىعلاقات زوجية ، فرباطها مقدّس ، وحرمتها واجبة .
كما أن تلك العـلاقات لا يمكن تحويلهـا إلى "زوجية" ، كذلك لا يمكـن تحويل "الزوجية" إلى علاقة "أمومة" وهو ما يسمى " الظّهار " ( إن أمهاتـهم إلا اللائي وَلَدنهم ) المجادلة:2 .
قال الله تعالى : ( ولا تنكحوا ما نكـح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشةً ومقتاً وساء سبيلاً ، حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتـكم وخالاتكم وبنـات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفوراً رحيماً . والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم) النساء:22-24

المحرمات من النساء
المحرمات من النساء قسمان :
القسم الأول : المحرمات من النساء تحريماً مؤبداً :
وهن النساء اللاتي لا يحل الزواج بهن أبداً فقد حرمهن الله عز وجل ورسوله ﷺ حرمة مؤبدة ، وهذا التحريم قد يكون بسبب القرابة ، أو المصاهرة أو الرضاع .
وتنقسم المحرمات من النساء تحريماً مؤبداً بالنظر إلى سبب هذه الحـرمة إلى ثلاثة أصناف :
1) المحرمات تحريماً مؤبداً بسبب القرابة : وهن سبع :
1- الأم : مثلها الجدة ، وإن علت من قبل الأب أو الأم .
2- البنت : ومثلها بنت الابن ، أو بنت البنت ، وإن نزلن .
3- الأخت : شقيقة كانت ، أم لأب ، أو لأم .
4- العمة ( أخت الأب ): شقيقة أو لأب أو لأم ومثلها عمة الأب وعمة الأم.
5- الخالة (أخت الأم): شقيقة أو لأب أو لأم ، ومثلها خالة الأب وخالة الأم.
6- بنت الأخ : ومثلها بنت بنته ، أو بنت ابنه وإن نزلن .
7- بنت الأخت: ومثلها بنت بنتها ، أو بنت ابنها وإن نزلن .
2) المحرمات تحريماً مؤبداً بسبب المصاهرة : وهن أربع :
1- أم الزوجة : وهي تحرم بمجرد العقد على ابنتها ولو لم يدخل بها ، وكذلك جدة الزوجة من جهة أمها أو أبيها ، وإن علت .
2- بنت الزوجة المدخول بها : وتسمى ( الربيـبة ) فإن لم يكن دخل بالأم فلا جناح عليه أن يتزوج بالبنت ، وكذلك بنت بنت الزوجة ، أو بنت ابنها وإن نزلن من المحرمات .
3- زوجة الابن : أو زوجة ابن الابن ، أو زوجة ابن البنت ، وإن تزل .
4- زوجة الأب : ومثلها زوجة الجد ، سواء من جهة الأب أو الأم وإن علا .

3) المحرمات تحريماً مؤبداً بسبب الرضاع :
ويحرم بسبب الرضاع من النساء ما يحرم من النسب ، وهن سبع :
1- الأم من الرضاعة (وإن علت): وهي المرأة التي أرضعتك ، بشرط أن يكون هذا الرضاع قبل تمام السنتين للرضيع، وألا يقل عدد الرضعات عن خمس رضعات
2- البنت من الرضاعة (وإن نزلت) : وهي التي رضعت من زوجتـك فتكون أنت أباها من الرضاع .
3- الأخت من الرضاعة : وهي التي رضعت من أمك ، أو رضَعـت أنت من أمها ، أو رضعت أنت وهي من امرأة واحدة .
4- بنت الأخ من الرضاع وإن نزلت .
5- بنت الأخت من الرضاع وإن نزلت .
6- العمة من الرضاع : وهي التي رضعت مع أبيك .
7- الخالة من الرضاع : وهي التي رضعت مع أمك .
وفي هؤلاء المحرمات من الرضاع يقول رسول الله ﷺ : [ إن الرضاعة تحرِّم ما يَحرم من الولادة ] رواه البخاري ومسلم .
وجاء في سورة النساء قوله سبحانه : ( وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة ) . النساء:23 .

وكذلك يحرم بالمصاهرة من الرضاع :
1- أم الزوجة من الرضاع : وهي التي أرضعت زوجتك .
2- بنت الزوجة من الرضاع : وهي التي رضعت من زوجتك ، لكن من زوج غيرك .
3- زوجة الأب من الرضاع : وهي زوجة الأب الذي رضعت أنت من زوجته الثانية.
4- زوجة الابن من الرضاع : وهي زوجة من رضع من زوجتك .

القسم الثاني : المحرمات من النساء تحريماً مؤقتاً :
وهن النساء اللائي حرُمن على الإنسان لسبب من الأسباب ، فإذا زال هذا السبب زالت الحرمة وعاد الحِلُّ ، فإذا عقد على واحدة منهن قبل زوال سبب الحرمة كان العقد باطلا ً.
وينبغي أن يُعـلم أن هؤلاء النسوة مثل أخت الزوجة أو عمتها لا يكون الرجـل محرماً لها في سفر ، ولا يحل له الخلوة بها ؛ لأنه من هذه الجهة أجنبي عنها .
1) الجمع بين الأختين : سواء كانت من النسب أم من الرضاع :
قال الله تعالى : ( وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف ) النساء:23 .
2) الجمع بين المرأة وعمتها ، أو بين المرأة وخالتها :
ودليل ذلك السنة الشريفة ، فقد قال رسول الله ﷺ: " لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها ". رواه البخاري ومسلم.
والحكمة من تحريم الجمع بين من ذُكر هو تجنب ما يؤدي ذلك إليه من إيقاع الضغائن بين الأرحام ، بسبب ما يحدث بين الضرائر من الغيرة .
3) المرأة المتزوجة : فما دامت في عصمة زوجها لا يحل لها الزواج بآخر، ولكي تحل لزوج آخر لا بد من شرطين :
أ. أن يفارقها زوجها بموت أو طلاق .
ب. أن تستوفي العدة التي أمر الله بها .
4) المشركة الوثنية : وهي التي ليس لها كتاب سماوي ، فإذا أسلمت حلت ، وجاز الزواج بها ، أو لو صارت نصرانية أو يهودية _ مع توفـر شروط أخرى ، قال الله تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) . ( البقرة:22 ) .
5) المرأة المعتدة : فلا يجوز لرجل أن ينكح امرأة لا تزال في عدتها سواء كانت هذه العدة من طـلاق أم وفـاة ، فإذا انتهت عدتهـا جاز الزواج بهـا ،
قال الله تعالى: ( ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله ) البقرة:235
6) المرأة المطلقة ثلاثاً على من طلقها : فلا يجوز لزوجهـا أن يعود إليهـا حتى تنكح زوجاً غيره ، نكاحاً شرعياً صحيحاً ثم يطلقها الزوج الثاني، وتنقضي عدتها منه فإذا حصل كل ذلك جاز لزوجها الأول أن يعود إليها ، ويعقـد عليها عقد زواج جديد ، قال الله تعالى : ( فإن طلقهـا فلا تحل له من بعدُ حتى تنكح زوجاً غيره . فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنّا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون ) . البقرة:230
7) الخامسة لمن عنده أربع زوجات : فلا يجوز أن يضم زوجة خامسة إلى نسائه الأربع حتى يطلق واحدة منهن ، وتنقضي عدتهـا أو تموت ، فإذا ماتت أو طُلّقت وانقضت عدتها حلت له الخامسة ، قال الله عز وجل: ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع ) . النساء:3.

المحارم من الرجال
والمقصود بهم أقارب المرأة الذين تحرم عليهم تحريماً مؤبداً ، فلا يحلون لها بحـال من الأحوال ، أو في وقت من الأوقات ، ويجوز لها إبداءُ زينتها أمامهم نظراً للضرورة الداعية إلى المخالطة والمداخلة والمعاشرة ، ولأن الفتنة -غالباً- مأمونة من جهتهم ، وهم :
1) الآباء ، وكذا الأجداد ، سواء كانوا من جهة الأب أو الأم .
2) آباء الأزواج .
3) الأبناء وأبناء الأولاد وإن نزلوا .
4) أبناء الأزواج وإن نزلوا .
5) الإخوة مطلقاً ، سواء كانوا أشقاء أم لأب أو لأم .
6) أبناء الإخوة والأخوات وإن نزلوا .
7) الأعمام وكذلك أعمام أبيها ، وأعمام أمها وإن علوا .
8) الأخوال وكذلك أخوال أبيها وأخوال أمها وإن علوا .
9) المحارم من الرضاع : وجميع ما سبق من المحارم إن كان من رضاع فإنه يكون من المحارم للمرأة فيحرم عليها أبوها بالرضاع وابنها من الرضاع ، وأخوها ، وابن أخيها من الرضاع وجميع ما ذكر سابقاً لقوله ﷺ : [ يحـرم من
الرضاع ما يحرم من النسب ] . رواه البخاري ومسلم.

أم الزوج وزوجة الابن

أتحدث إليك اليوم بحساسية دقيقة، غير أنها ضرورية، لأنها كثيراً ما خيمت على بيوت سعيدة ، فأشقتها وكثيراً ما خيمت على بيوت فأسعدتها.. إنها الصلة بين أم الزوج وزوجة الابن .
وأم الزوج تسمى في العرف والتاريخ "الحماة" وما أجمل أن نتعامل معها على أساس الأمومة للزوجين ، لأنها الشجرة التي أثمرت الزوج، ثم حنت عليه بظلالها،' وسقته من ماء حياتها ، حتى غدا ثمرة تاقت إليها النفوس، وتمنتها القلوب، فكنت أنت يا بنتي القاطفة لها ، فهل تحبين أن تكوني القاطعة لهذه الشجرة المباركة التي أعطتك هذا الزوج الحبيب الحاني؟!
إنني أدعوك إلى أن تناجي ظلالها وتسقيها بيدك ماءً يباركها، تلك هي "حماتك" أتعلمين يا بنتي أنك لو أطعت الله فيها ماذا يكون لك من أجر عند الله ؟
إنه الأجر العظيم ، فقد أوصى سبحانه في كتابه العزيز (وبالوالدين إحسانا) . فكما أنك تحرصين على مرضاة أمك وتفعلين كل ما يسعدها، كذلك فافعلي مع أمه ، فاتقي الله فيها .
إن العقوق يا بنتي ذنب هو من الكبائر عندما قال ﷺ ما معناه : [ألا أدلكم على أكبر الكبائر ؟ ] قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : [ الشرك بالله، وعقوق الوالدين، ألا وشهادة الزور.. ] [ البخاري وغيره ]
فمن المهم أ ن تساعدي زوجك على أن يكون باراً بوالديه وأن توصيه دائماً بذلك، إن برّك يا بنتي بأم زوجك هو بركة لك ، إن وجدت ابنها أغضبك ، غضبت لغضبك حتى يرضيك..
إن السعادة هي التي تشهد امتزاجاً بين أسرة الزوج وأسرة الزوجة بحب ومودة، فهل تكونين يا بنتي لحماتك الابنة والصديقة والحبيبة، فتكون لك الأم والصديقة والحبيبة ؟! أرجو أن تتفكري في كلماتي..
وأنت أيتها الحماة الحبيبة .. أرجو أن تتنبهي إلى أسباب سلامته .. فكم كانت سعادتك وأنت تزفين ابنك يوم عرسه، كم كنت موفقة وأنت تؤكدين أن زوجة ابنك ستكون كابنتك.. فماذا يا سيدتي وقع بعد الزواج.. ؟ إنها هي التي ضممتها إلى صدرك والسعادة تجري في دمائك وتملأ وجهك، ثم تابعت الحب الذي كان بين الزوجين بعد زواجهما.. فماذا أغضبك من سعادة ولدك وزوجه.. ؟
إنني يا سيدتي أعتب عليك ألا تنزليها منزلة ابنتك، فأنت تفرحين لابتسام زوج ابنتك وحنوه عليها ، أفليس من واجبك أن تغمري ولدك وزوجه بهذا الذي تغمرين به ابنتك وزوجها ؟
حبيبتي.. إن العدل شريعة الله، فراجعي نفسك في علاقتك بزوجة ابنك، واقرأي معاني الرحمة والمودة في كتاب الله، وأن ذوي القربى أولاهم بالمودة والمحبة.. فالزوج هو فلذة كبدك وأبناؤه هم أحفادك.. فاملأي قلبك بالحب للزوجة والأحفاد، حتى ينشأ البيت على أساس من النور الرباني، فالبيوت التعسة لا يصل إليها نور مرضاة الوالدين ودعواتها لأبنائهما وبناتهما.. فلا تحرمي بيت ولدك من دعواتك الحانية، ومودتك المثمرة، فالمال يفنى وتبقى المعاني الجميلة للحياة.. تراحم الأسرة وتوافقها.
لا تبحثي عن أخطاء زوجة ابنك، ولكن انصحيها، واعلمي أنها من جيل غير جيلك ومن واقع غير واقعك، فكوني لها الأم الحنون، الأخت والصديقة وثقي أنها ستعاملك كابنتك وصديقتك، فترفرف بذلك أعلام السعادة على البيت.

دمتم جميعاً بكل خير وصحة وعافية وسعادة دائمة من رب العالمين
