من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي
✦ المحو الكبير – الأسحم
كان الليل ثقيلاً، والهواء محمّلًا بالصمت. في أقبية باردة داخل قارات مختلفة، كانت الخوادم تدور كوحوش معدنية لا تهدأ، تبث المواقع المعادية سمومها ضد السعودية بثقة كاملة. المديرون يبتسمون، يظنون أن جدرانهم النارية حصون لا تهتز.
لكن فجأة انطفأت شاشة. ثم ثانية. ثم ثالثة. تتابعت الإنذارات الحمراء كأجراس موت. ارتبك المهندسون، يركضون بين الأجهزة، والهواتف تدق بجنون. أحدهم صاح: “ما الذي يحدث؟!” آخر صرخ: “هذه ليست هجمة عادية!” لكن الانهيار كان قد بدأ، لا يوقفه شيء.
الجداول تختفي من قواعد البيانات بسرعة جنونية. الملفات تتحول إلى رموز مشوهة لا معنى لها. الصور والفيديوهات تتبخر وكأن نارًا خفية تلتهمها. المديرون يصرخون: “افصلوا السيرفرات عن الشبكة فورًا!” لكن حتى بعد العزل، ظلّ الانهيار يتسع.
المحاولات الأخيرة لجأت إلى النسخ الاحتياطية. المهندسون هرعوا لتشغيلها بآمال مرتجفة، لكن الصدمة كانت أقسى من أي كابوس… النسخ نفسها تالفة. السم مزروع بداخلها منذ البداية.
وفي مكان آخر، بعيدًا عن كل هذه الفوضى، جلس رجل واحد في غرفة مظلمة، شاشة يتيمة تضيء وجهه. أنفاسه هادئة، ويداه تتحركان بثبات على لوحة المفاتيح. كل نقرة تسقط عشرات المواقع. عيناه لا ترفّان. ذلك الرجل هو طلال السحيمي… الأسحم.
لم تكن العملية ارتجالًا، بل خطة جرى إعدادها بدقة على مدى شهور طويلة. أدواته لم تكن معروفة ولا متاحة في السوق السوداء، بل برمجيات كتبها بنفسه، تتحرك في صمت كالأشباح، تتسلل بين البروتوكولات، ترصد الثغرات الدقيقة، وتوثق كل منفذ مخفي. عشرون ألف موقع كانت كلها أهدافًا على خريطته، خوادم موزعة بين أوروبا وأميركا وآسيا، مراكز بيانات ضخمة محمية بجدران نارية ونسخ احتياطية، لكنها لم تكن سوى أبراج ورقية أمامه.
لقد زرع شيفراته الشبحية بذكاء. وحدات تنفيذية صامتة – Silent Units – اندست في عمق الأنظمة بلا أثر، تنتظر إشارة واحدة لتستيقظ. وعندما انطلقت، نفّذت تسلسل العاصفة. الضربة الأولى شلّت قواعد البيانات، الجداول اختفت كأن يدًا سوداء مسحتها. الضربة الثانية أفسدت الملفات، حولت الوثائق إلى رموز تالفة والصور إلى ضوضاء والفيديوهات إلى نقاط مبعثرة. أما الضربة الثالثة فقد عطلت أنظمة التشغيل نفسها، توقفت الخوادم فجأة، والشاشات تجمدت في سواد مطلق.
في المراكز التقنية، كان المشهد جحيمًا. إنذارات حمراء تصرخ، المهندسون يتصببون عرقًا ويركضون بلا جدوى، المديرون يصرخون بلا حلول. كل محاولة للاستعادة انتهت بالفراغ. الألف الأولى من المواقع سقطت. ثم خمسة آلاف. ثم عشرة آلاف. حتى وصل العدد عشرين ألف موقع، كلها اختفت وتحولت إلى صفحات بيضاء صامتة.
المستخدمون أصيبوا بالذهول. ضغطوا على الروابط فلم يجدوا إلا العدم. كأن تلك المواقع لم تولد أصلًا. أما الدارك ويب، فقد انقلب إلى مقبرة رقمية. المنتديات خمدت فجأة، النقاشات توقفت، الحسابات اختفت. الخوف سيطر على الجميع، وكلمة واحدة ترددت في الظلام: “الأسحم.”
بعد أيام قليلة، بدأت العروض السرية تتدفق. شركات أمنية كبرى أرادت الحصول على الأدوات. حكومات حاولت شراءها. أول عرض وصل إلى مئة مليون دولار. ثم ارتفع إلى مئتي مليون. ثم نصف مليار. كل ذلك مقابل نسخة واحدة فقط. لكن الرد كان ثابتًا لا يتغير: رفض قاطع. لم يكتب طلال هذه الأدوات ليبيعها، ولم يصنعها للمال. لقد كانت بالنسبة له سلاحًا سياديًا، لا يُباع ولا يُشترى. ومنذ ذلك اليوم، انتشرت مقولة مرعبة في الدارك ويب: “الأسحم لا يبيع… الأسحم يمحو فقط.”
عام كامل مرّ قبل أن تخرج الحقيقة. تسريبات أمريكية أكدت أن العملية نفذها رجل واحد، باحثون أوروبيون وصفوها بأنها أكبر عملية محو رقمي في التاريخ. العالم أدرك أن ما حدث لم يكن عمل وكالة ولا تحالف دولي، بل بصمة فرد واحد. رجل جلس خلف شاشة واحدة، وأسقط عشرين ألف موقع.
اسمه طلال السحيمي. ألقابه كثيرة: الأسحم، الكابوس، الشبح، البرنس. لكن التوقيع الذي بقي في ذاكرة خصومه لم يكن اسمًا ولا لقبًا، بل كلمات قليلة ظهرت على آخر شاشة أطفئت في تلك الليلة السوداء:
لن ينجو أحد – الأسحم
كان الليل ثقيلاً، والهواء محمّلًا بالصمت. في أقبية باردة داخل قارات مختلفة، كانت الخوادم تدور كوحوش معدنية لا تهدأ، تبث المواقع المعادية سمومها ضد السعودية بثقة كاملة. المديرون يبتسمون، يظنون أن جدرانهم النارية حصون لا تهتز.
لكن فجأة انطفأت شاشة. ثم ثانية. ثم ثالثة. تتابعت الإنذارات الحمراء كأجراس موت. ارتبك المهندسون، يركضون بين الأجهزة، والهواتف تدق بجنون. أحدهم صاح: “ما الذي يحدث؟!” آخر صرخ: “هذه ليست هجمة عادية!” لكن الانهيار كان قد بدأ، لا يوقفه شيء.
الجداول تختفي من قواعد البيانات بسرعة جنونية. الملفات تتحول إلى رموز مشوهة لا معنى لها. الصور والفيديوهات تتبخر وكأن نارًا خفية تلتهمها. المديرون يصرخون: “افصلوا السيرفرات عن الشبكة فورًا!” لكن حتى بعد العزل، ظلّ الانهيار يتسع.
المحاولات الأخيرة لجأت إلى النسخ الاحتياطية. المهندسون هرعوا لتشغيلها بآمال مرتجفة، لكن الصدمة كانت أقسى من أي كابوس… النسخ نفسها تالفة. السم مزروع بداخلها منذ البداية.
وفي مكان آخر، بعيدًا عن كل هذه الفوضى، جلس رجل واحد في غرفة مظلمة، شاشة يتيمة تضيء وجهه. أنفاسه هادئة، ويداه تتحركان بثبات على لوحة المفاتيح. كل نقرة تسقط عشرات المواقع. عيناه لا ترفّان. ذلك الرجل هو طلال السحيمي… الأسحم.
لم تكن العملية ارتجالًا، بل خطة جرى إعدادها بدقة على مدى شهور طويلة. أدواته لم تكن معروفة ولا متاحة في السوق السوداء، بل برمجيات كتبها بنفسه، تتحرك في صمت كالأشباح، تتسلل بين البروتوكولات، ترصد الثغرات الدقيقة، وتوثق كل منفذ مخفي. عشرون ألف موقع كانت كلها أهدافًا على خريطته، خوادم موزعة بين أوروبا وأميركا وآسيا، مراكز بيانات ضخمة محمية بجدران نارية ونسخ احتياطية، لكنها لم تكن سوى أبراج ورقية أمامه.
لقد زرع شيفراته الشبحية بذكاء. وحدات تنفيذية صامتة – Silent Units – اندست في عمق الأنظمة بلا أثر، تنتظر إشارة واحدة لتستيقظ. وعندما انطلقت، نفّذت تسلسل العاصفة. الضربة الأولى شلّت قواعد البيانات، الجداول اختفت كأن يدًا سوداء مسحتها. الضربة الثانية أفسدت الملفات، حولت الوثائق إلى رموز تالفة والصور إلى ضوضاء والفيديوهات إلى نقاط مبعثرة. أما الضربة الثالثة فقد عطلت أنظمة التشغيل نفسها، توقفت الخوادم فجأة، والشاشات تجمدت في سواد مطلق.
في المراكز التقنية، كان المشهد جحيمًا. إنذارات حمراء تصرخ، المهندسون يتصببون عرقًا ويركضون بلا جدوى، المديرون يصرخون بلا حلول. كل محاولة للاستعادة انتهت بالفراغ. الألف الأولى من المواقع سقطت. ثم خمسة آلاف. ثم عشرة آلاف. حتى وصل العدد عشرين ألف موقع، كلها اختفت وتحولت إلى صفحات بيضاء صامتة.
المستخدمون أصيبوا بالذهول. ضغطوا على الروابط فلم يجدوا إلا العدم. كأن تلك المواقع لم تولد أصلًا. أما الدارك ويب، فقد انقلب إلى مقبرة رقمية. المنتديات خمدت فجأة، النقاشات توقفت، الحسابات اختفت. الخوف سيطر على الجميع، وكلمة واحدة ترددت في الظلام: “الأسحم.”
بعد أيام قليلة، بدأت العروض السرية تتدفق. شركات أمنية كبرى أرادت الحصول على الأدوات. حكومات حاولت شراءها. أول عرض وصل إلى مئة مليون دولار. ثم ارتفع إلى مئتي مليون. ثم نصف مليار. كل ذلك مقابل نسخة واحدة فقط. لكن الرد كان ثابتًا لا يتغير: رفض قاطع. لم يكتب طلال هذه الأدوات ليبيعها، ولم يصنعها للمال. لقد كانت بالنسبة له سلاحًا سياديًا، لا يُباع ولا يُشترى. ومنذ ذلك اليوم، انتشرت مقولة مرعبة في الدارك ويب: “الأسحم لا يبيع… الأسحم يمحو فقط.”
عام كامل مرّ قبل أن تخرج الحقيقة. تسريبات أمريكية أكدت أن العملية نفذها رجل واحد، باحثون أوروبيون وصفوها بأنها أكبر عملية محو رقمي في التاريخ. العالم أدرك أن ما حدث لم يكن عمل وكالة ولا تحالف دولي، بل بصمة فرد واحد. رجل جلس خلف شاشة واحدة، وأسقط عشرين ألف موقع.
اسمه طلال السحيمي. ألقابه كثيرة: الأسحم، الكابوس، الشبح، البرنس. لكن التوقيع الذي بقي في ذاكرة خصومه لم يكن اسمًا ولا لقبًا، بل كلمات قليلة ظهرت على آخر شاشة أطفئت في تلك الليلة السوداء:
لن ينجو أحد – الأسحم