خطب رضينا بالله ربا


فزاععضوية موثوقة

مشرف الذكاء الاصطناعي والسيارات وأخبار التكنولوجيا
فريق الإشراف
LV
0
 
إنضم
16 سبتمبر 2024
المشاركات
967
  • الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي قدر الأقدار بحكمته، وكتب لمن رضي بها الفوز بجنته، ونشهد أن لا إله إلا الله، ونشهد أن سيدنا محمدا رسول الله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله ﴿إن الله يحب المتقين﴾.

أيها المؤمنون: عبادة قلبية، ومنزلة إيمانية، من وفق إليها نال رضا الرحمن، وذاق لذة الإيمان، إنها منزلة الرضا، قال رسول الله ﷺ: «ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا».

أتدرون ما معنى الرضا يا عباد الله؟ إنه سكون القلب عند القضاء، وطمأنينته ساعة الابتلاء؛ ثقة بلطف الله ورحمته، ويقينا بعلمه وحكمته، فالمدبر للأمور هو الرحمن، العالم بما يصلح لكل إنسان، فإذا أيقن المرء بذلك؛ لم يتمن غير اختيار ربه، ولم يبتغ خلاف قدره، وتلك من أعلى مراتب الإيمان، التي تخلق بها الأنبياء عليهم السلام، وسألوها لأنفسهم وذرياتهم، قال زكريا عليه السلام حين سأل ربه الولد: ﴿واجعله رب رضيا﴾.

فكيف نصل إلى منزلة الرضا يا عباد الله؟ بأن نوقن أن اختيار الله لنا؛ خير من اختيارنا لأنفسنا، فنسلم له في السراء والضراء، وعند المنع والعطاء، مستحضرين قوله سبحانه: ﴿وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم﴾ فربنا تعالى لا يقدر إلا خيرا، ويجعل في الرضا بما قدر خيرا، قال عمر رضي الله عنه: إن الخير كله في الرضا.

ومما يبلغك منزلة الرضا يا عبد الله: أن توقن «أن ‌ما ‌أصابك ‌لم ‌يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك».

فهنيئا لمن عقل عن الله مراده، واطمأن لقضائه، فبلغ منازل الراضين، وارتقى في مدارج الصابرين، قال علي رضي الله عنه: إن صبرت جرى عليك القدر وأنت مأجور، وإن جزعت جرى عليك القدر وأنت مأثوم.

فكن ممن يكسب من قدر الله أجرا، لا ممن يجني بسببه وزرا، ولا تحزن على ما فاتك من مال أو وظيفة، فالرزق مقسوم، لحكمة بالغة وأمر معلوم، قال تعالى: ﴿نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا﴾.

وخلص قلبك من داء الحزن المستمر، والخوف من المستقبل، فذلك يدفعك للتشاؤم والسلبية، وتأجيل المشاريع الأسرية، وتحرر من كثرة التسخط والنقد، وعدم تقدير ما يبذل من جهد، واتق سوء الظن بربك، والنظر إلى ما في يد غيرك، فإن من مد عينيه؛ لم يرض بما لديه، ووقع في أسر الحسد والمقارنات السلبية، ونبينا ﷺ يقول: «انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم».

فالمؤمن يعيش العيشة الرضية، ويحرص على الأخلاق المرضية، وينظر للأمور بعين الرضا عن ربه، فيشكره على النعم المحيطة به، من نعمة الدين والصحة، والمال والأهل والوطن.

عباد الله: إن مما يعين المؤمن على بلوغ منزلة الرضا؛ أن يعلم أن رضاه عن ربه؛ سبب لقربه منه، ومفتاح لفيض بركاته عليه، قال النبي ﷺ «من رضي بما قسم الله له، بارك الله له فيه».

ألا وإن الرضا طريق إلى الجنة، قال ﷺ: «من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا، وجبت له الجنة».

فطوبى لمن أقر بهذه الكلمات قلبه، ونطق بها لسانه، ليبشر بقول النبي ﷺ: «من قال إذا أصبح: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا، فأنا الزعيم لآخذ بيده حتى أدخله الجنة».

﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم﴾.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.

الخطبة الثانية:

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن تبع هديه.

أما بعد: فيا أيها المؤمنون: إن التوجه إلى الله تعالى بالدعاء، والالتجاء إليه بصادق الرجاء، من أعظم أسباب التوفيق للرضا بالقضاء، فقد كان من دعاء سيدنا محمد خاتم الأنبياء: «اللهم إني أسألك ‌الرضا ‌بعد ‌القضاء».

فاللهم اجعل رضاك زادنا، وأرضنا وارض عنا، ووفقنا لما تحب وترضى. اللهم إنا نعوذ ‌برضاك ‌من ‌سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك لا نحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك.

اللهم صل وسلم على سيدنا ونبينا محمد خاتم المرسلين، وعلى آله وصحبه والتابعين، وارض اللهم عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة الأكرمين.

اللهم اجعلنا بك مؤمنين، ولك عابدين، وعنك راضين، وبقضائك مسلمين، وبوالدينا بارين، وارحمهم كما ربونا صغارا يا أرحم الراحمين.

اللهم يا سامع الأصوات، ويا مجيب الدعوات، لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا كربا إلا نفسته، ولا سوءا إلا صرفته، ولا طالبا إلا كتبت له التفوق في دراسته، والنجاح في مسيرته، ولا مقبلا على الزواج إلا يسرت أمره، ولا محروما من الذرية إلا رزقته، ولا مدينا إلا قضيت عنه دينه، ولا مبتلى إلا عافيته، ولا مريضا إلا شفيته، ولا أرملة إلا أعنتها، ولا يتيما إلا واسيته، ولا ميتا إلا رحمته.

اللهم املأ بيوتنا بالسكينة، واغمرها بالمودة والرحمة، وأعن اللهم الأمهات والآباء، على تربية البنات والأبناء
.​
 
عودة
أعلى أسفل