الداعية أبوعبدالله
عضو مميز
من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي
وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
وهنا أخص بالذات الإخوة في الله بالدول الغربية
"جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً".. هكذا علّمنا حبيبنا رسول الله صلّ الله عليه وأله وسلّم وصحبه اجمعين ، فأينما حللنا لم يعجزنا الحال عن اختيار مكانٍ طاهرٍ من الأرض نقيم عليه فريضة الصّلاة متى أدركتنا.
وعلى انتشار المساجد والمصلّيات في بلاد المسلمين، فإنّ مشهد أحدهم وقد افترش سجادة الصّلاة على جانب الطّريق قرب سيّارته، أو في حديقة عامّة أثناء نزهته، أو حتّى في قاعة عامة في مكان عمله، كل هذه المشاهد مما هو مألوف ومعروف في مجتمعاتنا.
لكنّ الحال ليس كذلك في البلاد الغربية، حيث تقلّ المساجد والمصلّيات، ويزداد الأمر حرجاً لصعوبة تحري
مكان طاهر للصّلاة. فإن أدركتك الفريضة خارج منزلك، كان عليك بدايةً بقليلٍ أو كثيرٍ من الجهد أن تتحصل على موضع طاهر لصلاتك، بعيداً عن مخلّفات الكلاب الأليفة المنتشرة في الشوارع والأماكن العامّة. ثم لا بدّ لك ضرورة من إذن المسؤول أو المشرف إن أردت أن تصلي في مبنى عام يشترك فيه معك غيرك.
وبعد كل هذا، عليك أن تدرك أن صلاتك خارج البيت أو المسجد لن تكون مشهداً مألوفاً أو مرغوباً، وقد لا
يسلم الحال من بعض التعليقات، أو الانتقادات. ولعلّك تابعت أخباراً عدة تنقل بعض حالات الاستياء في الشّارع الأوروبي تجاه ظهور هذه الشّعيرة في الأماكن العامة. عوضاً عن الجدل الاجتماعي والقانوني لهذه المسألة الحسّاسة.
لكنّ جانباً مشرقاً في المشهد غير المألوف لن تنقله لك نشرات إخبارية لم تقف عند حياة مسلمين بسطاء كان
لي شرف مرافقتهم يوماً في رحلة ترفيهية جماعية لعدد من الأسر المقيمة والمغتربة، حين لم يكن لنا من الأمر شيء سوى أننا حرصنا عندما أدركتنا الصّلاة أن نهيئ للفريضة المكان المناسب، حيث لا نزعج أحداً ولا يزعجنا أحد، ونفترش الأرض بقطع من السّجاد للصّلاة نظيفة وأنيقة نحملها معنا في حلّنا وترحالنا.
اجتهدنا معاً في تخيّر المكان الأليق للفريضة، تخيّراً يليق بقداسة الدّقائق المعدودة التي نستشعرها بين يدي
الخالق سبحانه وتعالى، ونستحضر بها مكانة ركن الصّلاة في ديننا وحاضر يومنا. فهي وإن كانت من روتين حياتنا، إلا أنها عبادة وليست عادة، ولا بد من تميّزها شكلاً ومضموناً تميّزاً يتناسب مع ما نرجوه من أثرها فينا، صلاحاً واستقامة.
فإذا أتممنا الفريضة بكل هدوء وسكينة وقمنا نستعد لإكمال المسير، وإذا بسائح أجنبي معه فتى، يلقيان علينا تحيّة ملؤها الاحترام والتقدير لما شاهداه منا. لم نكن قد لاحظنا وجودهما مسبقاً، بدا وكأنهما قد تابعا صلاتنا
منذ أن بدأنا نهيئ المكان ونحدد اتجاه القبلة، كأنّ الرّجل وقف خصيصاً يشاهدنا حتى يعطي درساً عملياً للفتى عن كيفية احترام المسلمين لشعيرة الصّلاة، وعن أهميّتها في حياتهم حتى يعطوها هذه العناية البسيطة في مظهرها، والعميقة في جوهرها.
كانت نظراته وتحيّته لنا تحمل العديد من الرسائل الإيجابية تجاه ما شاهده على الطبيعة دون تكلّف منّا، وكأنه استشعر معنا اهتمامنا بقدسية الشعيرة، وجلال وقوفنا بين يدي الله تبارك وتعالى. فإذا غادرا وأكملا
مسيرهما، تبادلنا النّظرات فيما بيننا وحمدنا الله أن وفقنا لتعظيم شعيرة الصّلاة في ذلك الزّمان والمكان، لما وجدناه من طيب أثر، لا أدري أكان أعمق في قلوبنا، أم في قلبي الرّجل والفتى حينما وقفا احتراماً لمشهد الصّلاة منا.
ومنذ ذلك الوقت، وفي كل مرة تحضرني الصلاة، وافترش سجادة الصلاة فيها خارج منزلي، وتلك الحادثة حاضرة في ذاكرتي، وكأنها تنبيه على مسؤولية مضاعفة على عاتقي، ليست لشخصي أو اسمي، بل لديني
ومعتقدي. فسكناتي وحركاتي لا تقف عندي، بل تتسع لتحمل رسائل كثيرة لمن حولي، تفوق في قوة تأثيرها ومضمونها مئات الكتب والمجلدات، وعليّ أن أتذكر باستمرار أنني لو تحدثت عن مكانة الصلاة في حياة المسلم في العديد من المحاضرات، فإنها لا تعادل حسن أدائي لهذه الشعيرة بصورة يصادق فيها عملي قولي،
وتبرهن على قدسيتها في حاضر يومي، وهذا الحال يصدق مع كل مسلم، رجلاً كان أو امرأة، سائحاً قصد تلك الديار أو زائراً أو مهاجراً، فأنت مسؤول عن رسم صورة حية لاحترام الملايين من المسلمين لشعائر دينهم، وأهميتها في سائر أحوالهم وأوقاتهم، صورة ستبقى لأجيال ممتدة من بعدك،
فتخيّر لمكان صلاتك ( سؤال معّلقآ لكل مسلم ومسلمة )
هذا والله تعالى اعلى وأعلم
ولاحول ولاقوة إلا بالله العليّ العظيم
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لاإله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
إن احسنت فهو من فضل الله سبحانه وتعالى , وإن أسأت فمن نفسي والشيطان
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين