العبد الفقير إلى الله
عضو ذهبي
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
*********************************************
الحذر من الوقوع في آفة حب المدح والثناء، ومن أثرهما
__________________________________________________ __________________
إذا منَّ الله علينا بكتابة موضوع أو نقله وكان له تأثيراً على قُرَّاءِهِ،
فقد يُثنُونَ علينا في رَدِّهِم بما يخالطه شيئا من المدح والثناء المحمودَيْن بغير قصد ..
فالمدحُ في وجه الممدوح جاءت فيه أحاديث:
تقتضي إباحتَه أو استحبابه،
وأحاديث تقتضي المنع منه.
وقد ذكر العلماء:
إن كان الممدوحُ عنده كمالُ إيمان وحسنُ يقين ورياضةُ نفس ومعرفةٌ تامة
بحيث لا يُفتتن ولا يُغترّ بذلك ولا تَلعبُ به نفسُه فليس بحرام ولا مكروه،
وإن خيف عليه شيءٌ من هذه الأمور كُرِهَ مدحُه كراهةً شديدة
وأقول –والله تعالى أعلى وأعلم- بأن النفس جُبَلَتْ على حب الشهوات بطبيعتها،
ولأنَّ حب المدح من الشهوات لا محالة؛ فلنركز معاً على مقولة العلماء:
(((وإن خيف عليه شيءٌ من هذه الأمور كُرِهَ مدحُه كراهةً شديدة)))
فكلنا يجب عليه أن يخشى الوقوع في هذه الآفة –عياذا بالله-،
وأذكر لكم حديثاً من الأحاديث التي تقتضي المنع من المدح:
عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ:
سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يُثْنِي عَلَى رَجُلٍ وَيُطْرِيهِ فِي مَدْحِهِ، فَقَالَ:
" أَهْلَكْتُمْ - أَوْ قَطَعْتُمْ - ظَهَرَ الرَّجُلِ "
رواه الشيخان (البخاري ومسلم)
معنى (يطريه) من الإطراء وهو المبالغة في المدح.
و(قطعتم ظهر الرجل) أثقلتموه بالإثم لأنه ربما حَمَلَهُ إطراؤهم لهُ على العُجب والكِبر وسَلَكَ سبيل المُتكبرين
فيقع في الإثم الكبير الذي يقطع الظهر. [شرح: الشيخ مصطفى البغا]
ولأنَّ حب المدح يؤدي إلى حبوط العمل -والعياذ بالله- لما فيه من شهوة خطيرة
فلنسأل أنفسنا دائما:
ماذا لو ذهبت أعمالنا الصالحة بسبب إطراء؟!
بكل تأكيد.. لا يحب أحدنا أن يضيع عمله عياذا بالله..
فلا يجدر بأحدنـا ان يتلقى الإطراءات على أعماله الصالحة بكل فرح وسرور،
بل عليه ان يطرد مشاعر الفرح ويدافعها ويبتعد عن أسباب حضورها في نفسه،
ويتذكر أن عمله لله
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضى الله عنه-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
{ أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ } "
رواه الإمام مسلم
معنى: (تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ)
أنه سبحانه العليّ غني عن المشاركة وغيرها
فمن عمل شيئا لي ولغيري لم أقبله بل أتركه لذلك الغير
والمراد أن عمل المرائي باطل لا ثواب فيه ويأثم به
شرح: الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي –رحمه الله.
إذن فمن عمل عبادة قصد بها الله و الناس فعمله حابط
أعاذنا الله وإياكم من حبوط أعملنا
قال الإمام بن القيم –رحمه الله- ( في كتاب الفوائد ):
__________________________________________________ _______
لَا يجْتَمع الْإِخْلَاص فِي الْقلب ومحبة الْمَدْح وَالثنَاء والطمع فِيمَا عِنْد النَّاس
إِلَّا كَمَا يجْتَمع المَاء وَالنَّار والضب والحوت
فَإِذا حدثتك نَفسك بِطَلَب الْإِخْلَاص:
فَأقبل على الطمع أَولا فاذبحه بسكين الْيَأْس، وَأَقْبل على الْمَدْح وَالثنَاء فازهد فيهمَا زُهدَ عُشّاق الدُّنْيَا فِي الْآخِرَة
فَإِذا استقام لَك ذبح الطمع، والزهد فِي الثَّنَاء والمدح سَهُلَ عَلَيْك الْإِخْلَاص..
فَإِن قلتَ: وَمَا الَّذِي يُسهّل عَليّ ذبح الطمع، والزهد فِي الثَّنَاء والمدح؟
قلتُ:
أما ذبح الطمع فيسهله عَلَيْك علمك يَقِينا
أَنَه لَيْسَ من شَيْء يُطْمع فِيهِ إِلَّا وبيد الله وَحده خزائنه لَا يملكهَا غَيره وَلَا يُؤْتى العَبْد مِنْهَا شَيْئا سواهُ
وَأما الزهد فِي الثَّنَاء والمدح فيُسهِلهُ عَلَيْك عِلمُكَ أَنه لَيْسَ أحدٌ يَنفع مدحه ويزين، ويضرّ ذمّه ويشين
إِلَّا الله وَحده
عافانا الله وإياكم من هذه الآفة