العبد الفقير إلى الله
عضو ذهبي
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
*********************************************
أرجو من سيادتكم شرح الحديث الشريف: عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: الطاعون شهادة لكل مسلم. رواه البخاري.
ولكم الأجر والثواب.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث المذكور رواه البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- فهو حديث متفق عليه.
ومعنى الطاعون شهادة: أن من يموت بمرض الطاعون من المسلمين، يكتب له أجر الشهيد الذي قُتِلَ وهو يجاهد في سبيل الله.
قال في شرح المصابيح، لابن الملك: شهادة كل مسلم. يعني: مَن مات منه، فهو شهيد. انتهى.
وفي حديث العِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَخْتَصِمُ الشُّهَدَاءُ وَالْمُتَوَفَّوْنَ عَلَى فُرُشِهِمْ إِلَى رَبِّنَا -عَزَّ وَجَلَّ- فِي الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِن الطَّاعُونِ. فَيَقُولُ الشُّهَدَاءُ: إِخْوَانُنَا
قُتِلُوا كَمَا قُتِلْنَا. وَيَقُولُ الْمُتَوَفَّوْنَ عَلَى فُرُشِهِمْ: إِخْوَانُنَا مَاتُوا عَلَى فُرُشِهِمْ كَمَا مِتْنَا عَلَى فُرُشِنَا. فَيَقُولُ الرَّبُّ -عَزَّ وَجَلَّ-: انْظُرُوا إِلَى جِرَاحِهِمْ، فَإِنْ أَشْبَهَتْ جِرَاحُهُمْ جِرَاحَ الْمَقْتُولِينَ، فَإِنَّهُمْ مِنْهُمْ وَمَعَهُمْ. فَإِذَا جِرَاحُهُمْ قَدْ أَشْبَهَتْ جِرَاحَهُمْ. رواه أحمد والنسائي وصححه الألباني.
وفي المسند من حديث عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَأْتِي الشُّهَدَاءُ وَالْمُتَوَفَّوْنَ بِالطَّاعُونِ، فَيَقُولُ أَصْحَابُ الطَّاعُونِ: نَحْنُ شُهَدَاءُ، فَيُقَالُ: انْظُرُوا، فَإِنْ كَانَتْ جِرَاحُهُمْ كَجِرَاحِ الشُّهَدَاءِ تَسِيلُ دَمًا رِيحَ الْمِسْكِ، فَهُمْ شُهَدَاءُ؛ فَيَجِدُونَهُمْ كَذَلِكَ. اهـ.
وقد دلت السنة على أن أجر الشهيد لمن مات بالطاعون، إنما يناله من صبر. ففي حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن الطَّاعُونِ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ عَذَابٌ يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، وَأَنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ. لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ، فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُصِيبُهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ شَهِيدٍ. رواه البخاري.
قال النووي في شرحه على مسلم: وَإِنَّمَا يَكُونُ شَهَادَةً لِمَنْ صَبَرَ، كَمَا بَيَّنَهُ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ. اهــ.
والله أعلم.