كان الإرهاق يظهر على وجه إبنتى أمس من تأثير الصيام عليها..
وكما العادة تُظهر البنت لوالديها شعوراً بالتعب كى تلفت إليها الأنظار عن أختها الأخرى...
خيّرتها وقلت لها لو تريدين أن تفطرى فأفطرى فأنتى فتاة صغيرة رُفع القلم عنكِ, والصيام
هذا تدريب فقط لكى...
شعُرت ببهجتها الكبيرة وكأنها عثرت على مصباح علاء الدين.
إبتسمت وقلت لها :-
النفس البشرية لا تُحب الأوامر وتريد أن تكون حُرّة طليقة لا تتقيد بأوامر....
فحينما قررتى الصيام إرضائاً لله كان ولابُدّ أن يختبرك الله فى صدقك....
وحينما شعرتى بالتعبّ وبعض من القسوة شعرت نفسك بإهتزاز قوتها الإيمانية....
وحينما خيّرتك وتركت الخيار لكى شعرتى بالقوة مرة أخرى....
أكملت قولى لها :-
فعلا الجو حار وبلغت القلوب الحناجر وهناك من يظنون بالله الظنونا , لكن !!!!
هناك من لم يوفقهم الله للصيام لمانع لديهم , ولو نظرتى أمامهم ستجدى
أن الماء بجوارهم ولا يُعيروه إهتماماً لآنه أمامهم وفى متناول يديهم...
أتتذكرين حينما كنت أنادى عليكى فى الأيام العادية لتحضرى لى الماء ؟
نعم أتذكر..
كنتى تأتى لى بها موعد العصر وتأتى العشاء وتجدى الماء كما هو لم ينقص...
نعم نعم والله يا أبى أتذكر جيداً وكنت " مُحرجة أقول لحضرتك لماذا " ؟..
لآن التعب الذى تشعرين به ما هو إلا تعب وهمى سيزول بمجرد أن تفطرى , وستندمين بعدها...
هذا هو الفرق بين المؤمن والغير مؤمن...
المؤمن يتلقى أوامر الله ويرضى بها , لكن هناك من يكون إيمانه قوياً فيثبت ويقاوم
وهناك من هو ايمانه ضعيف فيتوقف من أول صعوبة تقابلة , لكنه مؤمن..
أما الغير مؤمن فهو يريد أن يعيش بحريته لا أوامر تقيده ولا شروط توقفه , وكأنه
خُلق ليأكل ويشرب وووووو إلخ كما يشاء وقتما شاء...
رأيت الدموية إنطلقت فى وجهها مرة أخرى والنشاط أصبح هو القائد لجميع حركاتها...
أبناؤكم فى هذا السن يحتاجون إلى طاقات إيجابية تقوم بشحن إيمانهم , لأن
بطارياتهم غالباً ستكون على وشك الإنتهاء...
بل الجميع يحتاج إلى مثل هذه الطاقات من وقت لأخر لأنه كما قال سبحانه لنبيه عليه الصلاة والسلام .
" وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين " .....