العبد الفقير إلى الله
عضو ذهبي
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
*********************************************
الحمـد لله وحده نحمده و نشكره و نستعـينه و نستـغفره و نعـود بالله
مـن شـرور أنـفسنا و من سيـئات أعمالنا .. من يـهده الله فلا مظل لـه و مـن يظـلل فلن تـجد له ولياً
مرشدا ..و أشـهد ألا إلاه إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محــمداً عبده و رسـوله صــلى الله عليه و
سلم و على آله و صحبه أجمعين و من تبعهم بإحسـان إلى يوم الدين ..ربنا لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم
الـخـبــيـر .. ربـنـا لا فــهم لـنا إلا ما فهــمتنا إنــك أنـت الجــواد الـكـريـم .
ربـي اشرح لي صــدري و يســر لي أمــري و احــلل عقــدة من لســاني يفقــهوا قــولي ..
فإن أصــدق الحــديث كــتاب الله تعــالى و خير الــهدي هــديُ محمد صلى الله عليه و سلم ..
و شــر الأمــور مــحدثــاتها و كــل محــدثة بدعة و كل بدعـة ظـلالة و كل ظـلالة فــي النار ..
فاللــهم أجــرنا و قــنا عذابــها برحمتــك يا أرحــم الراحميــن
كَتَبْتُ إلى ابْنِ عبَّاسٍ أسْأَلُهُ أنْ يَكْتُبَ لي كِتابًا، ويُخْفِي عَنِّي، فقالَ: ولَدٌ ناصِحٌ أنا أخْتارُ له الأُمُورَ اخْتِيارًا، وأُخْفِي عنْه، قالَ: فَدَعا بقَضاءِ عَلِيٍّ، فَجَعَلَ يَكْتُبُ منه أشْياءَ، ويَمُرُّ به الشَّيْءُ، فيَقولُ: واللَّهِ ما قَضَى بهذا عَلِيٌّ إلَّا أنْ يَكونَ ضَلَّ.
الراوي : عبدالله بن أبي مليكة.
المحدث : مسلم.
المصدر : صحيح مسلم [المقدمة].
الصفحة أو الرقم: 7.
خلاصة حكم المحدث : [أورده مسلم في مقدمة الصحيح].
---------------------------------
كان الصَّحابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهم يَحْفَظونَ حديثَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ويُؤدُّونه دُونَ زيادةٍ ولا نَقْصٍ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِك جاءَ النَّاسُ وجَمَعوا ما تَفرَّقَ مِن سُنَّةِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ولكنَّ بعضَهم كان يَجْمَعُ كحاطِبِ ليلٍ دُونَ تَمييزٍ، وبَعْدَ ظُهورِ الفِتَنِ وقَعَ الكَذِبُ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعلى أصْحابِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهم، وفي هذا الحديثِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عُبَيدِ الله بن أبي مُلَيكةَ: "كتبتُ إلى ابنِ عبَّاسٍ أسألُه أنْ يَكتُبَ لي كِتابًا"، أي: أرسلتُ إلى عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ كِتابًا منِّي أطلبُ فيه: أن يَكتُبَ لي كتابًا فيه مِن الأحكامِ والآثارِ الصَّحيحةِ ما يراه خيرًا لي ويرى أنَّه يَنفعُني، "ويُخفي عنِّي"، وقد ورد لفظُ "يُخْفِي" بالخاء المعجمة، وبالحاءِ المهملة "يُحْفِي"، واختُلِفَ في ضبطه، فعلى أنَّه بالحاء المُهملة، فهو مِن أحْفَى، أي: أَنْقَصَ، ويكون المعنى: أمْسِكْ عنِّي مِن حَديثِك ولا تُكثِرْ عليَّ، أو يكونُ الإحفاءُ مِن الإلحاحِ أو الاستقصاءِ، أي: اسْتَقْصِ ما تُحدِّثُني وقلْ فيه كلَّ ما عِندك. وقيل: هو بمعنى المبالغةِ في البِرِّ به، والنَّصيحةِ له، كقولِه تعالى: {إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا} [مريم: 47]، أي: بارًّا. وعلى أنَّه بالخاء المعجمة "يُخْفِي عَنِّي- وأُخْفِي عَنْه"، فالمعنى: طلبتُ منه أنْ يكتُمَ عنِّي أشياءَ ولا يَكتُبَها إذا كان عليه فيها مقالٌ مِن الشِّيعِ المختلفةِ وأهلِ الفِتنِ؛ فإنَّه إذا كتَبَها ظهرتْ، وإذا ظَهرتْ خُولِفَ فيها وحَصَل فيها قيل وقال، مع أنَّها ليستْ ممَّا يلزمُ بيانُها لابن أبي مُلَيكةَ، وإنْ لَزِم فيُمكنُ بالمشافهةِ دون المكاتبةِ، وقوله: "ولدٌ ناصحٌ"، أي: إنَّه ولدٌ يطلُبُ النُّصحَ لنفْسِه ولدِينه.
وقال ابنُ عبَّاس رضِي اللهُ عنهما: "أنا أختارُ له الأمورَ اختيارًا وأُخْفِي عنه"، أي: فأختارُ له النافعَ وأُخفِي عنه ما لا نَفْعَ فيه، أو "أُحفي له"، أي: أستقصي له كلَّ ما يَنفعُه عِندي، أو أختصِر له ما يُريده، على الاختلافِ السَّابِقِ في اللَّفظَينِ.
"قال: فدَعا بقَضاءِ عليٍّ"، أي: طلَب ابنُ عبَّاسٍ كتابًا فيه أُقضيةٌ وأحكامٌ لعليِّ بنِ أبي طالبٍ رضِي اللهُ عنه. وقد ورد في روايةٍ أخرى: أنَّ هذا الكتابَ جاء له به أحدُ النَّاسِ "فمَحاهُ"، أي: فمَسَحَ ابنُ عبَّاسٍ المكتوبَ في الكِتابِ؛ لأنَّهُ كَذِبٌ على عليِّ بنِ أبي طالبٍ، وكان ابنُ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنه من أَعْلَمِ الصَّحابَةِ بالأحكامِ والسُّنَنِ، وربَّما كان في كتاب علي رضي الله عنه مُخالَفة لِتَلْك الأحكامِ المتواترة الظاهرة، حتَّى إنَّه ذُكِرَ في روايتنا هذه أن ابن عباس :"دَعَا بِقَضَاءِ عَلِيٍّ، فَجَعَلَ يَكْتُبُ منه أشياءَ، ويَمُرُّ به الشَّيءُ، فيقولُ: واللهِ ما قَضَى بهذا عَلِيٌّ إلَّا أنْ يَكونَ ضَلَّ"، أي: إنَّه لم يُصدِّقْ أنَّ ما في الكتابِ مَنْسوبٌ إلى عليٍّ، بل إنَّه يُؤكِّد أنَّه مَكْذوبٌ عليه، لأنَّ عليًّا مؤمنٌ مُصدِّقٌ بما ورَدَ عن اللهِ تعالى ورسولِه صلَّى الله عليه وسلَّم، ولا يُمكنُ أنْ يكونَ قد قضَى وحكَمَ بأحكامٍ فيها ضلالٌ وبُعدٌ عن منهجِ اللهِ تعالى ورسولِه صلَّى الله عليه وسلَّم.
وفي أثَرٍ آخر أنَّ ابنَ عبَّاسٍ "محَا كلَّ ما في الكتابِ "إلَّا قَدْرا- وأَشارَ سُفيانُ بنُ عُيَيْنةَ بذِراعِهِ"، أي: إلَّا قَدْرًا يَسيرًا تَرَكَهُ مكتوبًا؛ لعِلْمِهِ أنَّه يُوافِقُ الحَقَّ. وقد ذُكِر في صحيحِ مُسلمٍ عن ابنِ إسحاقَ قال: "لَمَّا أَحْدَثوا تلك الأشياءَ بَعْدَ عليٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال رَجُلٌ مِن أصحابِ عليٍّ: قاتَلَهُمُ اللهُ، أيَّ عِلْمٍ أَفْسَدوا"، وفي هذا إشارةٌ إلى ما أَدْخلتْهُ الرَّوافِضُ والشِّيعَةُ فى عِلْمِ عليٍّ رَضِيَ الله عَنْه وحَديثِهِ، وتَقوَّلوهُ عليه مِن الأباطيلِ. ( ).
الموسوعة الحديثية