الغريبة
عضو مشاغب
واحة الخُلق العظيم - فصل (1) المبحث (2)
" فظن أنّا قد اشتقنا أهلنا وكان رفيقاً رحيماً "
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه , ونؤمن به ونتوكل عليه
إنه من يهديه الله فهو المهتدِ ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً
ونصلي ونسلم على إمام المتقين وخاتم النبيين ورحمة الله للعالمين
محمد بن عبد الله الصادق الأمين عليه من الله أزكى صلاة وأتم
تسليم وعلى آله وصحبه والتابعين وتابعيهم بإحسانٍ إلى يوم الدين
أما بعد ..
مرحباً بكم إخوتي الكرام وأخواتي الكريمات
ها هو لقاؤنا مع تلك السلسلة القيمة " واحة الخُلق العظيم " يتجدد
واليوم بإذن الله موعدنا مع المبحث الثاني " فظن أنَّا قد اشتقنا أهلنا "
من الفصل الأول من رحمته ﷺ بالرجال
فهيا بنا نتابع أحداث ذلك المبحث لنتعلم من رحمته صلى الله عليه
وسلم خُلُقاً جديداً – بسم الله نبدأ وعلى الله ربنا نتوكل
المبحث الثاني
( فظن أنَّا قد اشتقنا أهلنا ... وكان رفيقاً رحيماً )
إن رسول الله ﷺ وهو يبني النفوس ،
ويرتقي بالروح ؛ ليطوف بها في آفاق الجنة ،
لم يهمل متطلبات الجسد المادي ، وحاجته الغريزية
بل أقرها ، ثم هذبها ، وارتقي بها إلي أعلى مراتب الإنسانية
الطاهرة النظيفة
وكان ﷺ أحرص ما يكون على سكن النفوس ،
ودفء المشاعر ،وصحة الأبدان ، وليحيا الفرد حياة كريمة ،
أُسُسُها العفاف ، والسمو ، والترفع
وليظل المجتمع نظيفا طاهراً آمناً ..
ورغم اهتمام رسول الله ﷺ
بتربية جميع فئات المجتمع إلا أن اهتمامه بالشباب كان أوفر ،
لِمَا لدي الشباب من الطاقات والطموحات ،
وكان اهتمامه ﷺ بتهذيب رغبات
الشباب آكد ، ذلك أن رغباته أكثر إلحاحا ، وشهواته أسرع إستثارة
وجلده في البُعد عن الزوج والولد سرعان ما تذيبه حرارة الشوق إليهم
وشدة الحاجة إلى دفء البيت ، وبسمة الوليد ، وعبق الأسرة
ومعنا الآن قطرة ندى من فيض رحمته ﷺ
ترسم لنا ملمحاً رائعاً من اهتمامه ﷺ بالشباب
ورحمته بهم ،
عن أبي سليمان مالك بن الحويرث قال : أتينا
رسول الله ﷺ ونحن شببه متقاربون ،
فأقمنا عنده عشرين ليلة فظن أنَّا قد اشتقنا أهلنا ،
وسألنا عمن تركنا من أهلنا ، فأخبرناه ، وكان رفيقاً
رحيماً فقال : ارجعوا إلى أهليكم فعلموهم ، وصلوا كما رأيتموني أصلي ،
وإذا حضرت الصلاة ليُؤَذِّنَ لكم أحدكم ، ثم لِيَؤُمكم أكبركم
"
صحيح البخاري - باب رحمة الناس والبهائم ، كتاب الأدب
باقة زهور عطرة ، في أوج التفتح والنضرة والعنفوان ، جاءت بكل
حماساتها وطموحاتها ، وقد شقت بيداء الظلام ، وصولاً إلى فيض النور
المنبثق في أفق طيبة المباركة (المدينة المنورة) ،
وثار الشباب علي جاهليتهم وموروثاتهم الصدئة ،
ومضوا إلى الحق تحدوهم الرغبة في الخلاص المنعقد
بيد رسول الله ﷺ ، جاءوا طائعين راغبين آملين في سنا
الحق ، لِيُزهِقوا به ضلال الباطل الذي عاشوا به حياة أقرب إلى الموات
جاء شببة متقاربين ، آمالهم واحدة ، آلامهم متقاربة ، وإرادتهم صادقة
في هدم كل ما هو جاهلي عفن ، وبِناء كل ما هو بَنَّاء فاضل ، تركوا الأهل
والولد ، والتجارات والعَرضَ ، وجاءوا مؤمنين ، متعلمين مقتضيات الإيمان
وأقاموا ينهلون من ينبوع الحكمة الذي لا ينضب ، ويستضيئون بنور الحق
الذي لا يخبو ، ويُحَلِقُونَ في أثير النبوة الرباني ، عشرون ليلة كانت أجمل
ما في حياتهم ، إذ عاشوا في رحاب رسول الله ﷺ
يرتوون من علمه ، ويتأدبون بأدبه ، ويستكثرون من خيره ،
مغتبطة به قلوبهم سامية به أرواحهم ، غير أن شعوراً ما
بدا مع الوقت يتسرب عل استحياء قلوبهم
ثم يرتسم على صفحات أعينهم ، ثم يتواري خجلاً خلف أجفانهم ،
فلا يكاد يحسه من يخالطهم ، لكن رسول الله ﷺ
قد أدرك ما يدور في سراديب مشاعرهم ، وإن توارت خلف جدهم
أقام الشبان عند رسول الله ﷺ عشرين ليلة ،
هي في قياس القلب المحب لحظة مضت أو تكاد ،
غير أنها زمن طويل إذا قيست بميزان الغربة
عن الأهل والشوق للقياهم ، أدرك رسول الله ﷺ
حقيقة الصراع بين رغبتهم في البقاء معه ، وقوة الحنين للأهل والديار ،
وكان لابد أن يحسم ذلك الصراع بطريقة تجمع لهم منفعة البقاء
والرحيل معاً ، فبادر بسؤالهم في ود بالغ ، وشفقة حانية
عمن تركوا من خلفهم ، فتتابعوا يخبروه بشوق بالغ
فبثوه لواعج صدورهم وشواغل عقولهم ؛
فكأني بأحدهم يخبر عن تركه لزوجه العروس ،
وآخر يصفُ ضعف أمه وقلة صبرها علي فراقه ،
وثالث يًخْبر عن طفله الذي ربما وُلِدَ الآن ،
ورابع يذكر أباه المريض ومدي حاجته إليه
وهكذا تتدافع الأخبار عن الأهل والديار في شوق ولهفة ،
وكان ﷺ رفيقاً رحيماً ، لهذا قال لهم :
" ارجعوا " - غير راغب عنهم ، ولكن رحمة
بهم وبمن خلفهم - عودوا راشدين ، تَحدُوكُم مشاعركم الفياضة
نحو ذويكم ، وتُظلكم عناية الله ، ويحرصكم إيمانكم الغض الرطيب ،
ولا تشغلكم أموالكم وأولادكم عن أمور
دينكم ، بل أقيموا الدين في أهليكم
و " صلوا كما رأيتموني أصلي " غير مبدلين
ولا محدثين ، ها أنتم أيها السعداء قد أصبحتم أصحاب رسالة ،
وحاملي دعوة الله بتكليف من رسول الله ﷺ
إلى أهليكم ، فخذوا الرسالة بحقها ، وقوموا
عليها خير قيام ، واعلموا أن الصلاة لوقتها ،
فارفعوا التكبير في ربوع بلادكم ، ثم لا تتعالوا بعلمكم علي أحد ،
ولا تستأثروا بالفضل لأنفسكم ، واجمعوا الناس حولكم
واهدوهم الخير الذي أهداكموه رسول الله ﷺ ،
واحفظوا لكبيركم حق السنين عليكم .
( يا لها من وصية عظيمة )
عاد الشبيبة إلى أهليهم راشدين موفقين ، جامعين لخيري الدنيا والآخرة
فصلي اللهم وسلم على من أحاط الأسرة المسلمة برباط الله المقدس
الذي لا تنفك عُراهُ أبداً ، بل تقوى في الله وتزداد
حماساتها وطموحاتها ، وقد شقت بيداء الظلام ، وصولاً إلى فيض النور
المنبثق في أفق طيبة المباركة (المدينة المنورة) ،
وثار الشباب علي جاهليتهم وموروثاتهم الصدئة ،
ومضوا إلى الحق تحدوهم الرغبة في الخلاص المنعقد
بيد رسول الله ﷺ ، جاءوا طائعين راغبين آملين في سنا
الحق ، لِيُزهِقوا به ضلال الباطل الذي عاشوا به حياة أقرب إلى الموات
جاء شببة متقاربين ، آمالهم واحدة ، آلامهم متقاربة ، وإرادتهم صادقة
في هدم كل ما هو جاهلي عفن ، وبِناء كل ما هو بَنَّاء فاضل ، تركوا الأهل
والولد ، والتجارات والعَرضَ ، وجاءوا مؤمنين ، متعلمين مقتضيات الإيمان
وأقاموا ينهلون من ينبوع الحكمة الذي لا ينضب ، ويستضيئون بنور الحق
الذي لا يخبو ، ويُحَلِقُونَ في أثير النبوة الرباني ، عشرون ليلة كانت أجمل
ما في حياتهم ، إذ عاشوا في رحاب رسول الله ﷺ
يرتوون من علمه ، ويتأدبون بأدبه ، ويستكثرون من خيره ،
مغتبطة به قلوبهم سامية به أرواحهم ، غير أن شعوراً ما
بدا مع الوقت يتسرب عل استحياء قلوبهم
ثم يرتسم على صفحات أعينهم ، ثم يتواري خجلاً خلف أجفانهم ،
فلا يكاد يحسه من يخالطهم ، لكن رسول الله ﷺ
قد أدرك ما يدور في سراديب مشاعرهم ، وإن توارت خلف جدهم
أقام الشبان عند رسول الله ﷺ عشرين ليلة ،
هي في قياس القلب المحب لحظة مضت أو تكاد ،
غير أنها زمن طويل إذا قيست بميزان الغربة
عن الأهل والشوق للقياهم ، أدرك رسول الله ﷺ
حقيقة الصراع بين رغبتهم في البقاء معه ، وقوة الحنين للأهل والديار ،
وكان لابد أن يحسم ذلك الصراع بطريقة تجمع لهم منفعة البقاء
والرحيل معاً ، فبادر بسؤالهم في ود بالغ ، وشفقة حانية
عمن تركوا من خلفهم ، فتتابعوا يخبروه بشوق بالغ
فبثوه لواعج صدورهم وشواغل عقولهم ؛
فكأني بأحدهم يخبر عن تركه لزوجه العروس ،
وآخر يصفُ ضعف أمه وقلة صبرها علي فراقه ،
وثالث يًخْبر عن طفله الذي ربما وُلِدَ الآن ،
ورابع يذكر أباه المريض ومدي حاجته إليه
وهكذا تتدافع الأخبار عن الأهل والديار في شوق ولهفة ،
وكان ﷺ رفيقاً رحيماً ، لهذا قال لهم :
" ارجعوا " - غير راغب عنهم ، ولكن رحمة
بهم وبمن خلفهم - عودوا راشدين ، تَحدُوكُم مشاعركم الفياضة
نحو ذويكم ، وتُظلكم عناية الله ، ويحرصكم إيمانكم الغض الرطيب ،
ولا تشغلكم أموالكم وأولادكم عن أمور
دينكم ، بل أقيموا الدين في أهليكم
و " صلوا كما رأيتموني أصلي " غير مبدلين
ولا محدثين ، ها أنتم أيها السعداء قد أصبحتم أصحاب رسالة ،
وحاملي دعوة الله بتكليف من رسول الله ﷺ
إلى أهليكم ، فخذوا الرسالة بحقها ، وقوموا
عليها خير قيام ، واعلموا أن الصلاة لوقتها ،
فارفعوا التكبير في ربوع بلادكم ، ثم لا تتعالوا بعلمكم علي أحد ،
ولا تستأثروا بالفضل لأنفسكم ، واجمعوا الناس حولكم
واهدوهم الخير الذي أهداكموه رسول الله ﷺ ،
واحفظوا لكبيركم حق السنين عليكم .
( يا لها من وصية عظيمة )
عاد الشبيبة إلى أهليهم راشدين موفقين ، جامعين لخيري الدنيا والآخرة
فصلي اللهم وسلم على من أحاط الأسرة المسلمة برباط الله المقدس
الذي لا تنفك عُراهُ أبداً ، بل تقوى في الله وتزداد
هنا أخوتي في الله أكون قد وصلت
وإياكم بفضل الله إلى نهاية هذا المبحث
لقاؤنا القادم بإذن الله
مع المبحث الثالث
وهو بعنوان
" ففيهما فجاهد "
وإلى أن يجمعني وإياكم اللقاء القادم إن شاء الله
استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
أختكم : الغريبة
تـــــــــــــــــــــــ بحمـــــــــــــــــــــد (( الله )) وفضــــــــــــــــــله ـــــــــــــــــــــــــــــــم
وإياكم بفضل الله إلى نهاية هذا المبحث
لقاؤنا القادم بإذن الله
مع المبحث الثالث
وهو بعنوان
" ففيهما فجاهد "
وإلى أن يجمعني وإياكم اللقاء القادم إن شاء الله
استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
أختكم : الغريبة
تـــــــــــــــــــــــ بحمـــــــــــــــــــــد (( الله )) وفضــــــــــــــــــله ـــــــــــــــــــــــــــــــم
المرفقات
التعديل الأخير: