العبد الفقير إلى الله
عضو ذهبي
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
*********************************************
الحمـد لله وحده نحمده و نشكره و نستعـينه و نستـغفره و نعـود بالله
مـن شـرور أنـفسنا و من سيـئات أعمالنا .. من يـهده الله فلا مظل لـه و مـن يظـلل فلن تـجد له ولياً
مرشدا ..و أشـهد ألا إلاه إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محــمداً عبده و رسـوله صــلى الله عليه و
سلم و على آله و صحبه أجمعين و من تبعهم بإحسـان إلى يوم الدين ..ربنا لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم
الـخـبــيـر .. ربـنـا لا فــهم لـنا إلا ما فهــمتنا إنــك أنـت الجــواد الـكـريـم .
ربـي اشرح لي صــدري و يســر لي أمــري و احــلل عقــدة من لســاني يفقــهوا قــولي ..
فإن أصــدق الحــديث كــتاب الله تعــالى و خير الــهدي هــديُ محمد صلى الله عليه و سلم ..
و شــر الأمــور مــحدثــاتها و كــل محــدثة بدعة و كل بدعـة ظـلالة و كل ظـلالة فــي النار ..
فاللــهم أجــرنا و قــنا عذابــها برحمتــك يا أرحــم الراحميــن
قال المصَنِّفُ: وقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ﴾ [البقرة: 208].
معنى قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ﴾:
قال ابن كثير في "تفسيره" (1/565): يقول تعالى آمرًا عباده المؤمنين به المصدّقين برسوله: أنْ يأخذوا بجميع عُرَى الإسلام وشرائعه، والعمل بجميع أوامره، وترك جميع زواجره ما استطاعوا من ذلك، قال العوفي، عن ابن عباس، ومجاهد، وطاوس، والضحاك، وعكرمة، وقتادة، والسُّدّي، وابن زيد، في قوله: ﴿ ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ ﴾ يعني: الإسلام.
وقال الضحاك، عن ابن عباس، وأبو العالية، والربيعُ بن أنس: ﴿ ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ ﴾ يعني: الطاعة.
وقال قتادة أيضًا: الموادعة.
وقوله: ﴿ كَافَّةً ﴾: قال ابن عباس، ومجاهد، وأبو العالية، وعكرمة، والربيع، والسُّدي، ومقاتل بن حَيَّان، وقتادة والضحاك: أي: جميعًا.
وقال مجاهد: أي: اعملوا بجميع الأعمال ووجوه البر.
وزعم عكرمة: أنها نزلت في نفرٍ ممن أسلم من اليهود وغيرهم؛ كعبدالله بن سلام، وثعلبة وأسَد بن عُبَيد، وطائفة استأذنوا رسول الله ﷺ في أن يُسْبتوا، وأن يقوموا بالتوراة ليلًا، فأمرهم الله بإقامة شعائر الإسلام والاشتغال بها عما عداها.
وفي ذكر عبدالله بن سلام مع هؤلاء نظر؛ إذْ يبعد أن يستأذن في إقامة السبت، وهو مع تمام إيمانه يتحقق نسخه ورفعه وبُطلانه، والتعويض عنه بأعياد الإسلام.
ومن المفسرين من يجعل قوله: ﴿ كَافَّةً ﴾ حالًا من الداخلين؛ أي: ادخلوا في الإسلام كلكم.
والصحيح الأول، وهو أنَّهم أمروا كلهم أن يعملوا بجميع شعب الإيمان وشرائع الإسلام، وهي كثيرة جدًّا ما استطاعوا منها.
وقال ابن أبي حاتم - وساق بسنده - عن ابن عباس: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ﴾ - كذا قرأها بالنصب - يعني مؤمني أهل الكتاب، فإنهم كانوا مع الإيمان بالله مستمسكين ببعض أمْر التوراة والشرائع التي أنزلت فيهم، فقال الله: ﴿ ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ﴾، يقول: ادخلوا في شرائع دين محمد ﷺ، ولا تَدَعَوا منها شيئًا، وحسبكم بالإيمان بالتوراة وما فيها؛ اهـ.
وقال العلامة السعدي في "تفسيره" (ص94): هذا أمر من الله تعالى للمؤمنين أن يدخلوا ﴿ فِي السِّلْمِ كَافَّةً ﴾؛ أي: في جميع شرائع الدين، ولا يتركوا منها شيئًا، وألا يكونوا ممن اتخذ إلهه هواه، إن وافق الأمر المشروع هواه فعله، وإن خالفه، تركه.
بل الواجب أن يكون الهوى تبعًا للدين، وأن يفعل كل ما يقدر عليه، من أفعال الخير، وما يعجز عنه، يلتزمه وينويه، فيدركه بنيته؛ اهـ.
قلت: ويضاف إلى ما ذكر: حُرمة التشبه بأهل الأهواء في أخذهم ما وافق الهوى، وترك الدليل أو صرفه عن ظاهره أو تضعيفه إن خالف هواهم، كما هو حال بعض المسلمين هدانا الله جميعًا، والله أعلم.
فواز بن علي بن عباس السليماني