العبد الفقير إلى الله
عضو ذهبي
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
*********************************************
الحمـد لله وحده نحمده و نشكره و نستعـينه و نستـغفره و نعـود بالله
مـن شـرور أنـفسنا و من سيـئات أعمالنا .. من يـهده الله فلا مظل لـه و مـن يظـلل فلن تـجد له ولياً
مرشدا ..و أشـهد ألا إلاه إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محــمداً عبده و رسـوله صــلى الله عليه و
سلم و على آله و صحبه أجمعين و من تبعهم بإحسـان إلى يوم الدين ..ربنا لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم
الـخـبــيـر .. ربـنـا لا فــهم لـنا إلا ما فهــمتنا إنــك أنـت الجــواد الـكـريـم .
ربـي اشرح لي صــدري و يســر لي أمــري و احــلل عقــدة من لســاني يفقــهوا قــولي ..
فإن أصــدق الحــديث كــتاب الله تعــالى و خير الــهدي هــديُ محمد صلى الله عليه و سلم ..
و شــر الأمــور مــحدثــاتها و كــل محــدثة بدعة و كل بدعـة ظـلالة و كل ظـلالة فــي النار ..
فاللــهم أجــرنا و قــنا عذابــها برحمتــك يا أرحــم الراحميــن
بيْنَا أنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَيَّ وعليهم قُمُصٌ، منها ما يَبْلُغُ الثُّدِيَّ، ومنها ما دُونَ ذلكَ، وعُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ وعليه قَمِيصٌ يَجُرُّهُ. قالوا: فَما أوَّلْتَ ذلكَ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: الدِّينَ.
الراوي : أبو سعيد الخدري.
المحدث : البخاري.
المصدر : صحيح البخاري.
الصفحة أو الرقم: 23.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
التخريج: أخرجه البخاري (23) واللفظ له، ومسلم (2390).
لعُمرَ بنِ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه فضائِلُ كثيرةٌ؛ فهو خيرُ الأُمَّةِ بعدَ أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه، وكان مُحَدَّثًا مُلْهَمًا، ونزَلَتْ بعضُ الآيات في القُرآنِ موافقةً لرَأيهِ، وحِينَما صار أميرًا للمُؤمنِينَ وراعيًا لهم، كان يَتحرَّى العَدلَ، ويُوضِّحُ لرَعيَّتِه كثيرًا مِن الأمورِ التي تُصلِحُ أحوالَهم، وتُرشِدُهم إلى الطَّريقِ القويمِ، وتُيسِّرُ عليهم مَعاشَهم.وفي هذا الحَديثِ بيانٌ لبعضِ فَضائلِه، حيثُ يقُصُّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على أصحابِه رَضيَ اللهُ عنهم رُؤْيا رآها، فيقولُ: بيْنما كُنتُ نائمًا، رأيتُ النَّاسَ أثناءَ نومي وهم يمُرُّون مِن أمامي وعليهم قُمُصٌ وثيابٌ مختلِفةُ الأطوالِ؛ فمِن النَّاسِ مَن تصِلُ قُمُصُهم وثيابُهم إلى ثُدِيِّهم في منتصَفِ صُدورِهم، ولا تَستُرُ كلَّ أجسادِهم، ومنهم ما دُونَ ذلك، فكانتْ ثيابُهم وقُمُصهم أقْصَرَ منه أو أطوَلَ منه، أو أعَمَّ مِنهما بِناءً على أنَّ «دُونَ ذلك» بمعنى: غيرُ ذلك، حتَّى مرَّ عمرُ بنُ الخطَّابِ وعليه قميصٌ طويلٌ يسحَبُه وراءَه، فلمَّا سُئِل عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: بِمَ أوَّلْتَ ذلك؟ أي: ما تَعبيرُه وتَفسيرُه؟ قال: الدِّينَ، أي: أوَّلتُه الدِّينَ، والمرادُ بالدِّينِ: العَملُ بمُقْتضاهُ؛ كالحِرصِ على امتِثالِ الأوامرِ، واجتنابِ المَناهي، وكان لِعُمرَ رَضيَ اللهُ عنه فِي ذلك المقامُ العالي؛ ولذلك رآهُ بثِيابٍ سابغةٍ طويلةٍ يجُرُّها خلْفَه، وجَرُّه لثيابِه يدُلُّ على بقاءِ آثارِه الجَميلةِ وسُنَّتِه الحسَنةِ في المسلِمينَ بعدَ وفاتِه لِيُقتدَى به. وقيل: تفسيرُ القَميصِ في المنامِ بالدِّينِ؛ لأنَّ الدِّينَ والإسلامَ والتَّقوى كلُّ هذه تُوصَفُ بأنَّها لباسٌ؛ قال تعالى: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف: 26]؛ وأنَّ القميصَ يستُرُ عورةَ الإنسانِ، ويَحجُبُه مِن وقوعِ النَّظرِ عليها، فكذلك الدِّينُ يستُرُه مِن النَّارِ ومِن الفَضائحِ الدُّنيويَّةِ، ويحجُبُه عن كلِّ مَكروهٍ، ولأنَّ الدِّينَ يَشمَلُ الإنسانَ ويَحفظُه ويَقِيه المُخالفاتِ كوِقايةِ الثَّوبِ وشُمولِه؛ فمَنِ استكثَرَ مِن الطاعاتِ زاد سترُه، ومَن تقلَّل نقَصَ عملُه، وقَلَّ سترُه. وفي الحَديثِ: بيانُ مَنقَبةٍ عَظيمةٍ لعمرَ بنِ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه.وفيه: أنَّ الأعمالَ مِن الإيمانِ، وأنَّ أهلَ الإيمانِ يَتفاضَلون فيه.
الموسوعة الحديثية