الغريبة
عضو مشاغب
من أسد إلى أسد
(أسد بن موسى وأسد بن الفرات)
روى ابن وضاح عن غير واحد أن أسد بن موسى كتب إلى أسد بن الفرات: (اعلَم - أي أخي - إنَّما حملني على الكتاب إليك ما ذكر أهل بلادك من صالح ما أعطاك الله من إنصافك الناس، وحسن حالك مما أظهرت من السنة، وعيبك لأهل البدعة وكثرة ذكرك لهم، وطعنك عليهم، فقمعهم الله بك، وشدَّ بك ظهرَ أهل السنة، وقوَّاك عليهم بإظهار عيبهم والطعن عليهم، فأذلهم الله بذلك، وصاروا ببدعتهم مستترين.
فأبشر - أي أخي - بثواب ذلك واعتدَّ به أفضل حسناتك من الصلاة والصيام والحج والجهاد، وأين تقع هذه الأعمال من إقامة كتاب الله وإحياء سنة رسوله، وقد قال رسول الله ﷺ: (من أحيا شيئًا من سنتي كنتُ أنا وهو في الجنة كهاتين)، وضم بين أصبعيه[1]، وقال: (أيما داع دعا إلى هذا فاتُّبِع عليه، كان له مثل أجر من تبعه إلى يوم القيامة)،
فمن يدرك أجر هذا بشيء من عمله؟
وذُكر أيضًا أن لله عند كل بدعة كِيدَ بها الإسلام وليًّا لله يذب عنها،
وينطق بعلاماتها.
فاغتنم يا أخي هذا الفضل وكن من أهله؛ فإن النبي ﷺ، قال لمعاذ رضى الله عنه حين بعثه إلى اليمن وأوصاه وقال: (لأن يهدي الله بك رجلاً خيرٌ لكَ من كذا وكذا)، وأعظم القول فيه[2]، فاغتنم ذلك وادع إلى السنة؛ حتى يكون لك في ذلك ألفة وجماعة يقومون مقامك إن حدث بك حادث، فيكونون أئمة بعدك، فيكون ذلك ثواب لك إلى يوم القيامة؛ كما جاء الأثر.
فاعمل على بصيرةٍ ونية وحِسْبةٍ (احتساب للأجر عند الله تعالى)، فيرد الله لك المبتدع المفتون الزائغ الحائر، فتكون خلفًا من نبيك ﷺ، فإنك لن تلقى الله بعملٍ يشبهه،
وإياك أن يكون لك من أهل البدع أخ أو جليس أو صاحب؛ فإنه جاء الأثر:
"من جالس صاحب بدعة، نزعت منه العصمة، ووُكِل إلى نفسه،
ومن مشى إلى صاحب بدعة، مشى في هدم الإسلام)[3]،
وجاء: "ما من إله يعبد من دون الله أبغض إلى الله من صاحب هوى"،
وقد وقعت اللعنة من رسول الله ﷺ على أهل البدع،
وأن الله لا يقبل منهم صرفًا ولا عدلاً ولا فريضة ولا تطوعًا،
وكلما ازدادوا اجتهادًا وصومًا وصلاة، ازدادوا من الله بُعدًا،
فارفض مجالسهم وأذلهم وأبعدهم، كما أبعدهم الله
وأذلهم رسول الله ﷺ وأئمة الهدى بعده".
هذا مثال من رسائل الأوائل يريك عناية السلف بالسنة والذب عنها، وبغضهم للبدعة ومحاربتهم لأهلها، ومن عرف مقام الأسدين المخاطِب والمخاطَب، عرَف مكانة تلك الرسالة.
فالمخاطِب (بالكسر) هو أسد بن موسى بن إبراهيم بن الخليفة
الوليد بن عبدالمالك بن مروان، كان ثقة حافظًا يلقب بأسد السنة،
استشهد به البخاري، واحتجَّ به أبو داود والنسائي.
والمخاطَب (بالفتح) هو أسد بن الفرات بن سنان، تفقَّه بأصحاب مالك،
ثم ارتحل فسمع من مالك موطأه وغيره، وأخذ عن أصحاب أبي حنيفة،
قال في الديباج: "وكان ثقة لم يزن ببدعة" [4].
روى الخطيب في شرف أصحاب الحديث: عن عبدالرحمن بن مهدي قال: سمعت مالك بن أنس رضي الله عنه يقول: سن رسول الله ﷺ وولاة الأمر بعده سننًا، فالأخذ بها تصديق لكتاب الله عز وجل، واستكمال لطاعة الله وقوة على دين الله، من عمل بها مهتد، ومن استنصر بها منصور، ومن خالفها اتبع غير سبيل المؤمنين، وولاه الله ما تولَّى...
• وجاء في الاعتصام: حكى ابن العربي عن الزبير بن بكار قال:
سمعت مالك بن أنس وأتاه رجل، فقال: يا أبا عبدالله: من أين أحرم؟
قال: من ذي الحليفة، من حيث أحرم رسول الله ﷺ،
فقال: إني أريد أن أُحرم من المسجد، فقال: لا تفعل، قال: فإني أريد أن أُحرم من المسجد من عند القبر، قال: لا تفعل؛ فإني أخشى عليك الفتنة، فقال: وأي فتنة هذه؟ إنما هي أميال أزيدها، قال: وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قَصَّر عنها رسول الله ﷺ؟
إني سمعتُ الله يقول: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ
أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63]؛ ا.هـ.
• وجاء في ذم الكلام عن ابن وهب قال: كنا عند مالك بن أنس، فذكرت السنة، فقال: السنة سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق.
• وجاء في ذم الكلام عنه قال: من أراد النجاة، فعليه بكتاب الله
وسنة نبيه ﷺ..) [5].
قلتُ: هذه هي السنة الشريفة والمنهاج الرباني في ضبط حركة الإنسان على الأرض تنتقل من أسدٍ إلى أسدٍ، ولا يحمل تبعاتها في زمن الغربة
إلا الأسود ... إلا بالوقوف خلف رسول الله ﷺ
إمامًا وقدوة وهاديًا وسبيلاً.
روى أحمد وأبو داود عن معاوية رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ، قال: إن أهل الكتابين افترقوا في دينهم على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة - يعني الأهواء - كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة، وإنه سيخرج في أمتي أقوام تجاري بهم تلك الأهواء، كما يتجارى الكلب بصاحبه، لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله، والله - يا معشر العرب - لئن لم تقوموا بما جاء به نبيكم ﷺ لغيركم من الناس أحرى ألا يقوم به" [6].
-----------------------------------
[1] قلت: ضعف نحوه الألباني في الضعيفة برقم 4538 - (من أحيا سنتي فقد أحبني، ومن أحبني كان معي في الجنة)؛ قال الألباني: ضعيف..، وخيرٌ منه في معناه الحديث الصحيح لغيره - كما قال الألباني - عند ابن ماجه أن رسول الله ﷺ قال: "من أحيا سنة من سنتي فعمل بها الناس، كان له مثل أجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شيئًا، ومن ابتدع بدعة فعمل بها كان عليه أوزار من عمل بها لا ينقص من أوزار من عمل بها شيئًا"؛ صحيح وضعيف ابن ماجه برقم (209)، وانظر رحمك الله كيف أنَّ المرء يكسب ما لا يحصى كثرةً، وما يدركه عمل مثل عمره مراتٍ ومراتٍ بالدعوة الصادقة إلى السنة وقمع البدعة، وكذا حال الهلكى دعاة البدعة في كسب أوزارٍ لا تُحصى ببدعتهم..، فالسلامة والنجاة في لزوم سنة المصطفى ﷺ..
• وجاء في الاعتصام: حكى ابن العربي عن الزبير بن بكار قال:
سمعت مالك بن أنس وأتاه رجل، فقال: يا أبا عبدالله: من أين أحرم؟
قال: من ذي الحليفة، من حيث أحرم رسول الله ﷺ،
فقال: إني أريد أن أُحرم من المسجد، فقال: لا تفعل، قال: فإني أريد أن أُحرم من المسجد من عند القبر، قال: لا تفعل؛ فإني أخشى عليك الفتنة، فقال: وأي فتنة هذه؟ إنما هي أميال أزيدها، قال: وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قَصَّر عنها رسول الله ﷺ؟
إني سمعتُ الله يقول: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ
أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63]؛ ا.هـ.
• وجاء في ذم الكلام عن ابن وهب قال: كنا عند مالك بن أنس، فذكرت السنة، فقال: السنة سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق.
• وجاء في ذم الكلام عنه قال: من أراد النجاة، فعليه بكتاب الله
وسنة نبيه ﷺ..) [5].
قلتُ: هذه هي السنة الشريفة والمنهاج الرباني في ضبط حركة الإنسان على الأرض تنتقل من أسدٍ إلى أسدٍ، ولا يحمل تبعاتها في زمن الغربة
إلا الأسود ... إلا بالوقوف خلف رسول الله ﷺ
إمامًا وقدوة وهاديًا وسبيلاً.
روى أحمد وأبو داود عن معاوية رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ، قال: إن أهل الكتابين افترقوا في دينهم على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة - يعني الأهواء - كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة، وإنه سيخرج في أمتي أقوام تجاري بهم تلك الأهواء، كما يتجارى الكلب بصاحبه، لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله، والله - يا معشر العرب - لئن لم تقوموا بما جاء به نبيكم ﷺ لغيركم من الناس أحرى ألا يقوم به" [6].
-----------------------------------
[1] قلت: ضعف نحوه الألباني في الضعيفة برقم 4538 - (من أحيا سنتي فقد أحبني، ومن أحبني كان معي في الجنة)؛ قال الألباني: ضعيف..، وخيرٌ منه في معناه الحديث الصحيح لغيره - كما قال الألباني - عند ابن ماجه أن رسول الله ﷺ قال: "من أحيا سنة من سنتي فعمل بها الناس، كان له مثل أجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شيئًا، ومن ابتدع بدعة فعمل بها كان عليه أوزار من عمل بها لا ينقص من أوزار من عمل بها شيئًا"؛ صحيح وضعيف ابن ماجه برقم (209)، وانظر رحمك الله كيف أنَّ المرء يكسب ما لا يحصى كثرةً، وما يدركه عمل مثل عمره مراتٍ ومراتٍ بالدعوة الصادقة إلى السنة وقمع البدعة، وكذا حال الهلكى دعاة البدعة في كسب أوزارٍ لا تُحصى ببدعتهم..، فالسلامة والنجاة في لزوم سنة المصطفى ﷺ..
[2] روى البخاري ومسلم في الصحيحين عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: يَوْمَ خَيْبَرَ: «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ»، فَقَامُوا يَرْجُونَ لِذَلِكَ أَيُّهُمْ يُعْطَى، فَغَدَوْا وَكُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَى، فَقَالَ: «أَيْنَ عَلِيٌّ؟»، فَقِيلَ: يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، فَأَمَرَ، فَدُعِيَ لَهُ، فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ، فَبَرَأَ مَكَانَهُ حَتَّى كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ شَيْءٌ، فَقَالَ: نُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا؟ فَقَالَ: «عَلَى رِسْلِكَ، حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، فَوَاللَّهِ لَأَنْ يُهْدَى بِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ»، و(حمر النعم) هي الإبل الحمر، وهي أنفس أموال العرب يضربون بها المثل في نفاسة الشيء، وإنه ليس هناك أعظم منه].
[3] هو أثر رواه ابن وضاح في البدع عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، قَالَ: "مَنْ جَالَسَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ لَمْ يَسْلَمْ مِنْ إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ فِتْنَةً لِغَيْرِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ، فَيَزِلَّ بِهِ فَيُدْخِلَهُ اللَّهُ النَّارَ، وَإِمَّا أَنْ يَقُولَ: وَاللَّهِ مَا أُبَالِي مَا تَكَلَّمُوا، وَإِنِّي وَاثِقٌ بِنَفْسِي، فَمَنْ أَمِنَ اللَّهَ عَلَى دِينِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ سَلَبَهُ إِيَّاهُ".
[4] مجالس التذكير من حديث البشير النذير؛ لعبدالحميد بن باديس، مطبوعات وزارة الشؤون الدينية، الطبعة الأولى، 1403هـ - 1983م، ص187، 188.
[3] هو أثر رواه ابن وضاح في البدع عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، قَالَ: "مَنْ جَالَسَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ لَمْ يَسْلَمْ مِنْ إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ فِتْنَةً لِغَيْرِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ، فَيَزِلَّ بِهِ فَيُدْخِلَهُ اللَّهُ النَّارَ، وَإِمَّا أَنْ يَقُولَ: وَاللَّهِ مَا أُبَالِي مَا تَكَلَّمُوا، وَإِنِّي وَاثِقٌ بِنَفْسِي، فَمَنْ أَمِنَ اللَّهَ عَلَى دِينِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ سَلَبَهُ إِيَّاهُ".
[4] مجالس التذكير من حديث البشير النذير؛ لعبدالحميد بن باديس، مطبوعات وزارة الشؤون الدينية، الطبعة الأولى، 1403هـ - 1983م، ص187، 188.
[5] موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية، لأبي سهل محمد بن عبدالرحمن المغراوي، المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع، القاهرة - مصر، 3/ 2.
[6] جاء في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (1/ 260):
[6] جاء في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (1/ 260):
(ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ)، أَيْ: أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ الَّذِينَ اجْتَمَعُوا عَلَى اتِّبَاعِ آثَارِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي النَّقِيرِ وَالْقِطْمِيرِ، وَلَمْ يَبْتَدِعُوا بِالتَّحْرِيفِ وَالتَّغْيِيرِ.
قَالَ شُرَيْحٌ: إِنَّ السُّنَّةَ قَدْ سَبَقَتْ قِيَاسَكُمْ فَاتَّبِعْ وَلَا تَبْتَدِعْ، فَإِنَّكَ لَمْ تَضِلَّ مَا أَخَذْتَ بِالْأَثَرِ،
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: إِنَّمَا رَأْيِي بِمَنْزِلَةِ الْمَيْتَةِ إِذَا احْتَجْتَ إِلَيْهَا أَكَلْتَهَا، وَعَنْ سُفْيَانَ: لَوْ أَنَّ فَقِيهًا عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ لَكَانَ هُوَ الْجَمَاعَةُ، (وَإِنَّهُ سَيَخْرُجُ): وَفِي الْمَصَابِيحِ وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ: وَإِنَّهُ سَيَخْرُجُ أَيْ يَظْهَرُ (فِي أُمَّتِي): وَفِي نُسْخَةٍ: مِنْ أُمَّتِي (أَقْوَامٌ)، أَيْ: جَمَاعَاتٌ (تَتَجَارَى): بِالتَّاءَيْنِ أَيْ تَدْخُلُ وَتَجْرِي وَتَسْرِي (بِهِمْ)، أَيْ: فِي مَفَاصِلِهِمْ (تِلْكَ الْأَهْوَاءُ): جَمْعُ هَوًى وَهُوَ مَيْلُ النَّفْسِ إِلَى مَا تَشْتَهِيهِ، وَالْمُرَادُ هُنَا الْبِدْعَةُ، فَوَضَعَهَا مَوْضِعَهَا وَضْعًا لِلسَّبَبِ مَوْضِعَ الْمُسَبَّبِ لِأَنَّ هَوَى الرَّجُلِ هُوَ الَّذِي يَحْمِلُهُ عَلَى إِبْدَاعِ الرَّأْيِ الْفَاسِدِ أَوِ الْعَمَلِ بِهِ، وَذِكْرُ الْأَهْوَاءِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ تَنْبِيهًا عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِ الْهَوَى وَأَصْنَافِ الْبِدَعِ يُقَالُ: تَجَارُوا فِي الْحَدِيثِ إِذَا جَرَى كُلٌّ مِنْهُمْ مَعَ صَاحِبِهِ، (كَمَا يَتَجَارَى الْكَلْبُ): بِفَتْحَتَيْنِ دَاءٌ مَخُوفٌ يَحْصُلُ مِنْ عَضِّ الْكَلْبِ الْمَجْنُونِ وَيَتَفَرَّقُ أَثَرُهُ (بِصَاحِبِهِ)، أَيْ: مَعَ صَاحِبِهِ إِلَى جَمِيعِ أَعْضَائِهِ، أَيْ: مِثْلُ جَرْيِ الْكَلْبِ فِي الْعُرُوقِ (لَا يَبْقَى مِنْهُ عِرْقٌ): بِكَسْرِ الْعَيْنِ (وَلَا مَفْصِلٌ إِلَّا دَخَلَهُ)، فَكَذَلِكَ تَدْخُلُ الْبِدَعُ فِيهِمْ وَتُؤَثِّرُ فِي أَعْضَائِهِمْ، قِيلَ: الْكَلْبُ دَاءٌ يَعْرِضُ لِلْإِنْسَانِ مِنْ عَضَّةِ الْكَلْبِ الْكَلِبِ أَيْ الْمَكْلُوبِ، وَهُوَ الْمَجْنُونُ فَيُصِيبُهُ شِبْهُ الْجُنُونِ، وَلَا يَعَضُّ الْمَجْنُونُ أَحَدًا إِلَّا كَلِبَ أَيْ جُنَّ، وَيَعْرِضُ لَهُ أَعْرَاضٌ رَدِيئَةٌ تُشْبِهُ الْمَالِيخُولْيَا مُهْلِكَةٌ غَالِبًا، وَيَمْتَنِعُ مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ حَتَّى يَمُوتَ عَطَشًا، وَأَجْمَعَتِ الْعَرَبُ أَنَّ دَوَاءَهُ قَطْرَةٌ مِنْ دَمٍ يُخْلَطُ بِمَاءٍ فَيُسْقَاهُ.
قَالَ شُرَيْحٌ: إِنَّ السُّنَّةَ قَدْ سَبَقَتْ قِيَاسَكُمْ فَاتَّبِعْ وَلَا تَبْتَدِعْ، فَإِنَّكَ لَمْ تَضِلَّ مَا أَخَذْتَ بِالْأَثَرِ،
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: إِنَّمَا رَأْيِي بِمَنْزِلَةِ الْمَيْتَةِ إِذَا احْتَجْتَ إِلَيْهَا أَكَلْتَهَا، وَعَنْ سُفْيَانَ: لَوْ أَنَّ فَقِيهًا عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ لَكَانَ هُوَ الْجَمَاعَةُ، (وَإِنَّهُ سَيَخْرُجُ): وَفِي الْمَصَابِيحِ وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ: وَإِنَّهُ سَيَخْرُجُ أَيْ يَظْهَرُ (فِي أُمَّتِي): وَفِي نُسْخَةٍ: مِنْ أُمَّتِي (أَقْوَامٌ)، أَيْ: جَمَاعَاتٌ (تَتَجَارَى): بِالتَّاءَيْنِ أَيْ تَدْخُلُ وَتَجْرِي وَتَسْرِي (بِهِمْ)، أَيْ: فِي مَفَاصِلِهِمْ (تِلْكَ الْأَهْوَاءُ): جَمْعُ هَوًى وَهُوَ مَيْلُ النَّفْسِ إِلَى مَا تَشْتَهِيهِ، وَالْمُرَادُ هُنَا الْبِدْعَةُ، فَوَضَعَهَا مَوْضِعَهَا وَضْعًا لِلسَّبَبِ مَوْضِعَ الْمُسَبَّبِ لِأَنَّ هَوَى الرَّجُلِ هُوَ الَّذِي يَحْمِلُهُ عَلَى إِبْدَاعِ الرَّأْيِ الْفَاسِدِ أَوِ الْعَمَلِ بِهِ، وَذِكْرُ الْأَهْوَاءِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ تَنْبِيهًا عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِ الْهَوَى وَأَصْنَافِ الْبِدَعِ يُقَالُ: تَجَارُوا فِي الْحَدِيثِ إِذَا جَرَى كُلٌّ مِنْهُمْ مَعَ صَاحِبِهِ، (كَمَا يَتَجَارَى الْكَلْبُ): بِفَتْحَتَيْنِ دَاءٌ مَخُوفٌ يَحْصُلُ مِنْ عَضِّ الْكَلْبِ الْمَجْنُونِ وَيَتَفَرَّقُ أَثَرُهُ (بِصَاحِبِهِ)، أَيْ: مَعَ صَاحِبِهِ إِلَى جَمِيعِ أَعْضَائِهِ، أَيْ: مِثْلُ جَرْيِ الْكَلْبِ فِي الْعُرُوقِ (لَا يَبْقَى مِنْهُ عِرْقٌ): بِكَسْرِ الْعَيْنِ (وَلَا مَفْصِلٌ إِلَّا دَخَلَهُ)، فَكَذَلِكَ تَدْخُلُ الْبِدَعُ فِيهِمْ وَتُؤَثِّرُ فِي أَعْضَائِهِمْ، قِيلَ: الْكَلْبُ دَاءٌ يَعْرِضُ لِلْإِنْسَانِ مِنْ عَضَّةِ الْكَلْبِ الْكَلِبِ أَيْ الْمَكْلُوبِ، وَهُوَ الْمَجْنُونُ فَيُصِيبُهُ شِبْهُ الْجُنُونِ، وَلَا يَعَضُّ الْمَجْنُونُ أَحَدًا إِلَّا كَلِبَ أَيْ جُنَّ، وَيَعْرِضُ لَهُ أَعْرَاضٌ رَدِيئَةٌ تُشْبِهُ الْمَالِيخُولْيَا مُهْلِكَةٌ غَالِبًا، وَيَمْتَنِعُ مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ حَتَّى يَمُوتَ عَطَشًا، وَأَجْمَعَتِ الْعَرَبُ أَنَّ دَوَاءَهُ قَطْرَةٌ مِنْ دَمٍ يُخْلَطُ بِمَاءٍ فَيُسْقَاهُ.
التعديل الأخير: