الغريبة
عضو مشاغب
من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي
هل تصح قصة الجار اليهودي الذي كان النبي ﷺ يحسن إليه؟
السؤال
هل صحيح ما نسمعه من سيرة الرسول ﷺ أنه كان له جار يهودي ،
وكان يُحسن إليه . سبب سؤالي هو ما قرأته عن عدم صحة هذا !
وكان يُحسن إليه . سبب سؤالي هو ما قرأته عن عدم صحة هذا !
الجواب
الحمد لله.
أولا :
القصة المذكورة في مجاورة النبي ﷺ لأحد اليهود ، وردت في كتب الحديث :
عن بريدة رضي الله عنه قال :
( كنا جلوسا عند رسول الله ﷺ ، فقال : اذهبوا بنا نعود جارنا اليهودي .
قال : فأتيناه ، فقال : كيف أنت يا فلان ؟ فسأله ، ثم قال : يا فلان ، اشهد أن لا إله إلا الله ،
وأني رسول الله . فنظر الرجل إلى أبيه ، فلم يكلمه ، ثم سكت ثم قال وهو عند رأسه ، فلم يكلمه ،
فسكت ، فقال : يا فلان ، اشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله . فقال له أبوه :
اشهد له يا بني . فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله .
فقال : الحمد لله الذي أعتق رقبة من النار )
رواه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (رقم/553)
باب ما يقول لمرضى أهل الكتاب ، وغيره ، وإسناده ضعيف .
وقد وردت القصة أيضا من حديث أبى هريرة رضي الله عنه ، عند العقيلي في " الضعفاء الكبير " (2/242) ، وإسناده أيضا ضعيف . قال العقيلي : " وقد روي هذا من غير هذا الوجه بإسناد أصلح من هذا " انتهى.
ومن حديث أنس بن مالك رضي الله عنه ، رواه الجوزقاني في " الأباطيل والمناكير " (2/195) ، ورجح الدارقطني أنه من مراسيل ثابت ، وليس مسندا عن أنس بن مالك رضي الله عنه . ينظر : " العلل " للدارقطني (12/31-32) .
وروي أيضا من حديث ابن أبي حسين ، رواه عبد الرزاق في " المصنف " (6/34-35) وأيضا (10/315-316) وابن أبي حسين – واسمه عمر بن سعيد بن أبي حسين – من الذين عاصروا صغار التابعين ، ولم يدرك أحدا من الصحابة . انظر : " تهذيب التهذيب " (7/453) فالإسناد مرسل ، منقطع .
والخلاصة : أن طرق القصة كلها ضعيفة ، لا يصح منها شيء .
وننبه هنا إلى زيادة اشتهرت عند كثير من الناس اليوم ، أن هذا الجار اليهودي
كان يؤذي النبي ﷺ ، ويضع القمامة والشوك في طريقه .
والحق أن هذه الزيادة لا أصل لها في كتب السنة ، ولم يذكرها أحد من أهل العلم ،
وإنما اشتهرت لدى المتأخرين من الوعاظ والزهاد من غير أصل ولا إسناد ،
والأصل في المسلم الوقوف عند الثابت والمقبول ، خاصة وأن متنها فيه نكارة ،
إذ من المستبعد جدا أن يؤذي اليهودي النبي ﷺ في جواره له
من غير اعتراض الصحابة ولا دفاعهم عن نبيهم عليه الصلاة والسلام .
ثانيا :
مما يدل ـ أيضا ـ على بطلان الزيادة التي أشرنا إليها من أن هذا الجار
كان يؤذي النبي ﷺ ، أن الحديث قد ثبت على وجه آخر سوى المذكور هنا :
فعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَمَرِضَ ،
فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ : أَسْلِمْ !!
فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ ،
فَقَالَ لَهُ : أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
فَأَسْلَمَ ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ :
( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ ) .
رواه أحمد (13565) والبخاري (1356) وأبو داود (3095) .
ففي هذا الحديث أن الغلام اليهودي كان يخدم النبي ﷺ ؛
بل في بعض رواياته ـ كما في مسند أحمد (12381) ـ أنه :
( كَانَ يَضَعُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضُوءَهُ وَيُنَاوِلُهُ نَعْلَيْهِ .. )
فأين هذا مما ذكر من أنه كان يؤذي النبي ﷺ ؟!!
ولا يمنع ذلك أن يكون هذا الغلام جارا للنبي ﷺ .
والله أعلم .
المصدر: الإسلام سؤال وجواب
التعديل الأخير: