إ
إبو الياس
ضيف
من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شرح حديث أبي هريرة: "أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا"
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم
(( أكمَلُ المؤمنينَ إيمانًا أحسنُهم خلُقًا ، وخيارُكم خيارُكم لنسائِهم ))؛
رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
قال سَماحة العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
أما الحديث الثاني حديثُ أبي هريرة رضي الله عنه، فإنه حديث عظيم،
قال فيه النبيُّ ﷺ: ((أكمَلُ الناس إيمانًا أحسَنُهم خلقًا)).
الإيمان يتفاوت ويتفاضل كما قال الله تعالى: ﴿وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا ﴾ [المدثر: 31]،
وليس الناس في الإيمان سواءً؛ من الناس من يؤمِن بالغيب وكأنه يشاهِد شهودَ عيان،
يؤمِن بيوم القيامة وكأنه الآن في تلك الساعات، يؤمِن بالجنة وكأنها في تلك الرِّياض،
يؤمن بالنار وكأنه يراها بعينه، يؤمن إيمانًا حقيقيًّا مطمئنًّا لا يخالطه شكٌّ.
ومِن الناس مَن يعبُد الله على حرفٍ - نسأل الله العافية - كما قال تعالى:
﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَّ عَلَي حَرْفٍ ﴾ يعني على طرَف،
﴿فَإنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ ﴾ يعني إن لم يواجه أحدًا يُشكِّكُه في الدِّين، ولم يواجه إلا صُلَحاء يُعينونه
﴿اطْمَأَنَّ بِهِ ﴾؛ أي ركَن إليه.
﴿ وَإَن أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَي وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةَ ﴾ [الحج: 11]،
إنْ أصابتْه فتنةٌ في بدنه، أو ماله، أو أهله، انقلَبَ على وجهه،
واعترَضَ على القضاء والقدر، وتَسخَّطَ وهلَكَ والعياذ بالله ﴿ خَسِرَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةَ ﴾.
فأكمل المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خلقًا،
وفي هذا حثٌّ عظيم على حُسنِ الخُلُق مع الله، وحُسنِ الخلق مع الناس.
أما حسن الخلق مع الله، فأنْ يرضى الإنسان بشريعته، وينقاد إليها راضيًا، مطمئنًّا بها، مسرورًا بها، سواء كانت أمرًا يؤمَر به، أو نهيًا يُنهى عنه، وأن يرضى الإنسانُ بقدر الله عز وجل، ويكون ما قدَّر الله عليه مما يسُوءه كالذي قدَّر الله عليه مما يسُرُّه، فيقول: يا رب، كلُّ شيء مِن عندك، فأنا راضٍ بك ربًّا، إنْ أعطيتَني ما يسُرُّني شكرتُ، وإنْ أصابني ما يسُوءني صبرتُ، فيَرضى بالله قضاءً وقدرًا، وأمرًا وشرعًا؛ هذا حسنُ الخلق مع الله.
أما حسنُ الخلُق مع الناس، فظاهرٌ، فكفُّ الأذى، وبذلُ الندى، والصبر عليهم وعلى أذاهم،
هذا من حسنِ الخلق مع الناس؛ أن تُعامِلَهم بهذه المعاملة؛ تكُفُّ أذاك عنهم، وتبذُلُ نَداك.
الندى يعني العطاء، سواء كان مالًا أو جاهًا أو غير ذلك، وكذلك تصبر على البلاء منهم،
فإذا كنتَ كذلك، كنتَ أكمَلَ الناس إيمانًا.
ثم قال النبي ﷺ: ((خيرُكم خيرُكم لأهله،وأنا خيرُكم لأهلي )) هذا خيرُ الناس، هو خيرُهم لأهله؛ فإذا كان فيك خيرٌ، فاجعَلْه عند أقرَبِ الناس لك، وليكنْ أهلُك أولَ المستفيدين من هذا الخير.
وهذا عكس ما يفعله بعضُ الناس اليوم، تجده سيِّئَ الخلُقِ مع أهله، حسَنَ الخلُقِ مع غيرهم، وهذا خطأٌ عظيم؛ أهلُك أحقُّ بإحسان الخلُق، أَحْسِنِ الخلُقَ معهم؛ لأنهم هم الذين معك ليلًا ونهارًا، سرًّا وعلانية، إن أصابك شيءٌ أُصيبوا معك، وإن سُرِرتَ سُرُّوا معك، وإن حَزِنتَ حَزِنوا معك، فلتكنْ معاملتُك معهم خيرًا من معاملتك مع الأجانب؛ فخيرُ الناس خيرُهم لأهله.
أسأل الله أن يكمل لي وللمسلمين الإيمان، وأن يجعلنا خير عباد الله في أهلنا ومن لهم حقٌّ علينا.
المصدر: «شرح رياض الصالحين» (3/ 132 - 134)
رابط الموضوع:
شرح حديث أبي هريرة: "أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا"
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم
(( أكمَلُ المؤمنينَ إيمانًا أحسنُهم خلُقًا ، وخيارُكم خيارُكم لنسائِهم ))؛
رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
قال سَماحة العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
أما الحديث الثاني حديثُ أبي هريرة رضي الله عنه، فإنه حديث عظيم،
قال فيه النبيُّ ﷺ: ((أكمَلُ الناس إيمانًا أحسَنُهم خلقًا)).
الإيمان يتفاوت ويتفاضل كما قال الله تعالى: ﴿وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا ﴾ [المدثر: 31]،
وليس الناس في الإيمان سواءً؛ من الناس من يؤمِن بالغيب وكأنه يشاهِد شهودَ عيان،
يؤمِن بيوم القيامة وكأنه الآن في تلك الساعات، يؤمِن بالجنة وكأنها في تلك الرِّياض،
يؤمن بالنار وكأنه يراها بعينه، يؤمن إيمانًا حقيقيًّا مطمئنًّا لا يخالطه شكٌّ.
ومِن الناس مَن يعبُد الله على حرفٍ - نسأل الله العافية - كما قال تعالى:
﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَّ عَلَي حَرْفٍ ﴾ يعني على طرَف،
﴿فَإنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ ﴾ يعني إن لم يواجه أحدًا يُشكِّكُه في الدِّين، ولم يواجه إلا صُلَحاء يُعينونه
﴿اطْمَأَنَّ بِهِ ﴾؛ أي ركَن إليه.
﴿ وَإَن أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَي وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةَ ﴾ [الحج: 11]،
إنْ أصابتْه فتنةٌ في بدنه، أو ماله، أو أهله، انقلَبَ على وجهه،
واعترَضَ على القضاء والقدر، وتَسخَّطَ وهلَكَ والعياذ بالله ﴿ خَسِرَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةَ ﴾.
فأكمل المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خلقًا،
وفي هذا حثٌّ عظيم على حُسنِ الخُلُق مع الله، وحُسنِ الخلق مع الناس.
أما حسن الخلق مع الله، فأنْ يرضى الإنسان بشريعته، وينقاد إليها راضيًا، مطمئنًّا بها، مسرورًا بها، سواء كانت أمرًا يؤمَر به، أو نهيًا يُنهى عنه، وأن يرضى الإنسانُ بقدر الله عز وجل، ويكون ما قدَّر الله عليه مما يسُوءه كالذي قدَّر الله عليه مما يسُرُّه، فيقول: يا رب، كلُّ شيء مِن عندك، فأنا راضٍ بك ربًّا، إنْ أعطيتَني ما يسُرُّني شكرتُ، وإنْ أصابني ما يسُوءني صبرتُ، فيَرضى بالله قضاءً وقدرًا، وأمرًا وشرعًا؛ هذا حسنُ الخلق مع الله.
أما حسنُ الخلُق مع الناس، فظاهرٌ، فكفُّ الأذى، وبذلُ الندى، والصبر عليهم وعلى أذاهم،
هذا من حسنِ الخلق مع الناس؛ أن تُعامِلَهم بهذه المعاملة؛ تكُفُّ أذاك عنهم، وتبذُلُ نَداك.
الندى يعني العطاء، سواء كان مالًا أو جاهًا أو غير ذلك، وكذلك تصبر على البلاء منهم،
فإذا كنتَ كذلك، كنتَ أكمَلَ الناس إيمانًا.
ثم قال النبي ﷺ: ((خيرُكم خيرُكم لأهله،وأنا خيرُكم لأهلي )) هذا خيرُ الناس، هو خيرُهم لأهله؛ فإذا كان فيك خيرٌ، فاجعَلْه عند أقرَبِ الناس لك، وليكنْ أهلُك أولَ المستفيدين من هذا الخير.
وهذا عكس ما يفعله بعضُ الناس اليوم، تجده سيِّئَ الخلُقِ مع أهله، حسَنَ الخلُقِ مع غيرهم، وهذا خطأٌ عظيم؛ أهلُك أحقُّ بإحسان الخلُق، أَحْسِنِ الخلُقَ معهم؛ لأنهم هم الذين معك ليلًا ونهارًا، سرًّا وعلانية، إن أصابك شيءٌ أُصيبوا معك، وإن سُرِرتَ سُرُّوا معك، وإن حَزِنتَ حَزِنوا معك، فلتكنْ معاملتُك معهم خيرًا من معاملتك مع الأجانب؛ فخيرُ الناس خيرُهم لأهله.
أسأل الله أن يكمل لي وللمسلمين الإيمان، وأن يجعلنا خير عباد الله في أهلنا ومن لهم حقٌّ علينا.
المصدر: «شرح رياض الصالحين» (3/ 132 - 134)
رابط الموضوع:
يجب عليك
تسجيل الدخول
او
تسجيل لمشاهدة الرابط المخفي
التعديل الأخير بواسطة المشرف: