الغريبة
عضو مشاغب
من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي
ما الرد على من يهوّن من شأن يوم القيامة ويراه يوما سعيدا وحفلة ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
ما رأيك بهذا المنشور ؟
من طفولتنا وحتى الممات عندما نذكر يوم القيامة نشعر برعب
ولكن نشر أحدهم عن يوم القيامة بطريقة شيقة بعيدة عن التخويف وهذا ما كتب :
لتكن على الموعد الجميل فالموعد قد اقترب !
سيكون يومًا رائعًا عندما تُبعث وترى الملائكة في انتظارك تتلقاك
{وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ}
سيكون يومًا رائعًا عندما تطلقها صرخة في العالمين من الفرح
{هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ}
سيكون يومًا سعيدًا عندما تنظر خلفك وترى ذريتك تتبعك لمشاركتك فرحتك
{أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ}
سيكون يومًا في غاية الروعة وأنت تمشي ولأول مرة في زمرة
المرضي عنهم ويتقدمك النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم
{يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ}
سيكون يومًا جميلًا جدًا عندما تكون ضيفًا مرغوبًا وتسمع نداءً خاصًا لك "ادخل"
{ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ}
لن تكون قادرًا على إخفاء نضارة وجهك السعيد عندما يكون رفيقك هناك
(محمد وموسى وعيسى ونوح وإبراهيم عليهم السلام)
{فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ
وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}
هناك ستتذكر ما تلوته هنا
{أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ}
استعد جيدًا لحفلة تكريم سرمدية ،كن على العهد ، واصل المسير .
_____________________________________
الجواب :
هذا وَضَع آيات في غير موضعها ، واستدلّ به على غير المراد ،
وغير ما جاءت به في سياق الآيات .
وهذا الاستدلال مُتعقّب مِن عِدّة أوجُه .
الوجه الأول :
أنه ساق آيات في دُحول أهل الجنة الجنة ، وآيات قبل دُحول أهل الجنة الجنة .
وما وَرَد في ذِكْر تحاوُر أهل الجنة .
وهذا لا يصِحّ أن يُقال فيه يوم القيامة على إطلاقه .
وأغْفَل الآيات التي فيها تعظيم يوم القيامة .
الوجه الثاني :
أنه خِلاف ما جاء في تعظيم وتهويل يوم القيامة .
والآيات الوارِدة في هذا الشأن لم يُعرَّج عليها في هذا المنشور ، ولم يُشَر إليها .
والواجِب تعظيم ما عَظّمه الله تبارك وتعالى ورسوله ﷺ .
ويوم القيامة يوم عظيم .
قال الله عزّ وجَلّ :
(أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)
وسَمّاه الله يوم " التَغابُن " ، ويوم " الصّاخّة " ويوم " الفَزَع " ويوم " الطّامّة " .
وقال الله عزّ وجَلّ في وصف قيام الساعة : (إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ)
قال ابن كثير :
أَيْ : أَمْرٌ كَبِيرٌ ، وَخَطْبٌ جَلِيلٌ ، وَطَارِقٌ مُفْظِعٌ ،
وَحَادِثٌ هَائِلٌ ، وَكَائِنٌ عَجِيب .
وَالزِّلْزَالُ : هُوَ مَا يَحْصُلُ لِلنُّفُوس مِن الْفَزَع وَالرُّعْب .
وقال :
وَالأَحَادِيثُ فِي أَهْوَال يَوْم الْقِيَامَة وَالآثَارُ كَثِيرَةٌ جِدًّا . اهـ .
قال ابن القيم :
اشْتَر نَفسك اليَوم فإن السّوق قَائِمَة ، وَالثمن مَوْجُود ، والبضائع رخيصة ،
وَسَيَأْتِي على تِلْكَ السُّوق والبضائع يَوْم لا تَصِل فِيهَا إلى قَلِيل وَلا كثير :
ذَلِكَ يَوْم التغابن ، يَوْم يَعَضّ الظَّالِم عَلى يَدَيْه . اهـ .
الوجه الثالث :
أن النبي ﷺ كان يَفَزع ليوم القيامة ، ويستعيذ بالله مِن شرّ ذلك اليوم .
وفي حديث أَبِي مُوسَى رضي الله عنه ، قَال :
خَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ﷺ ، فَقَامَ فَزِعًا يَخْشَى أَنْ تَكُونَ السَّاعَةُ حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ .
رواه البخاري ومسلم .
وفي دُعائه عليه الصلاة والسلام :
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَالأَمْنَ يَوْمَ الْخَوْفِ .
رواه الإمام أحمد والبخاري في " الأدب المفْرَد " والنسائي في " الكبرى " والحاكم وصححه .
والنبي ﷺ قال :
فيُضْرَب الصّراط بين ظَهْرَاني جَهنّم ، فأكُون أول مَن يَجُوز مِن الرّسُل بِأُمّته ،
ولا يتكلم يومئذ أحَدٌ إلاّ الرّسُل ، وكلام الرّسُل يومئذ : اللهم سَلِّم سَلِّم .
رواه البخاري ومسلم .
وقال ابن مسعود رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى :
(وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وَارِدُهَا) :
قَالَ: الصِّرَاطُ عَلَى جَهَنَّمَ مِثْلُ حَدِّ السَّيْفِ، فَتَمُرُّ الطَّبَقَةُ الأُولَى كَالْبَرْقِ ، وَالثَّانِيَةُ كَالرِّيحِ ،
وَالثَّالِثَةُ كَأَجْوَدِ الْخَيْلِ ، وَالرَّابِعَةُ كَأَجْوَدِ الْبَهَائِمِ ، ثُمَّ يَمُرُّونَ وَالْمَلائِكَةُ يَقُولُونَ : اللَّهُمَّ سَلِّم سَلِّم .
رواه ابن جرير في " تفسيره " .
والناس تَفزَع يوم القيامة إلى الأنبياء فيأتون آدم عليه الصلاة والسلام حتى يَنتهوا إلى
محمد عليه الصلاة والسلام ؛ فيشفع للخلائق في القضاء بينهم .
كما في أحاديث الشفاعة يوم القيامة .
الوجه الرابع :
أن يوم القيامة يوم فَزَع ، فيَذهَل كُل قَريب عن قَرِيبه .
قال الله تبارك وتعالى :
(يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا
وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ)
قَالَت عائشة رضي الله عنها :
قُلْت : يَا رَسُول الله هل يَذْكُر الْحَبِيب حَبِيبَه يَوْم القِيَامَة ؟
قَال : يَا عَائشة أمَّا عِنْد ثَلاث فَلا : أمَّا عِنْد الْمِيزَان حَتى يَثْقُل أوْ يَخِفّ ؛ فَلا ،
وأمَّا عِنْد تَطَايُر الكُتُب ، فَإمَّا أن يُعْطَى بِيَمِينِه أوْ يُعْطَى بِشِمَاله ؛ فَلا ،
وحِين يَخْرُج عُنُق مِن النَّار فَيَنْطُوي عَلَيهم ويَتَغَيَّظ عَليهم .
رواه أحمد ، وفي إسناده : ابن لهيعة ، وهو ضعيف ، وله شاهِد يَرْتَقِي به إلى الْحَسَن .
وصحيح أنه يُخفّف عن المؤمن يوم القيامة ،
إلاّ أن الكلام عن يوم القيامة وعن تعظيمه كما جاء في الكتاب والسّنة .
الوجه الخامس :
أن السَّلَف كانوا يَستحِبّون أن يَكون الإنسان على وَجَل وخَوْف في حال الصّحة ،
وأن يُغلِّب جانب الرجاء عند الموت .
وكانوا يَخافُون أن لا يُتقبّل منهم .
وهذا خلاف ما جاء في المنشور مِن قول :
(استعد جيدًا لحفلة تكريم سرمدية)
والمسلم يَعمل العَمل الصالح ويَرجُو رَحمة ربّه ، ويخاف أن يُردّ عليه عَمَله .
وكان السلف يتّهمون أعمالهم ، ويخشون أن تُردّ عليهم لتقصيرهم فيها مع اجتهادهم .
و لذا لَمَّا نَزَل قوله تعالى :
(وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ)
قالت عائشة رضي الله عنها : سألتُ رسولَ الله ﷺ :
أهُم الذين يَزنون ويَسرقون ويشربون الخمر ؟ قال : لا يا ابنة الصديق ،
ولكنهم الذين يُصَلُّون ويَصُومُون ويَتَصَدَّقُون ، وهم يَخَافُون أن لا يُقْبَل منهم ،
أولئك الذين يُسَارِعُون في الخيرات .
رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه ، والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي ، وصححه الألباني .
ولَمَّا جاء سائل إلى ابن عمر رضي الله عنهما ، فقال ابن عمر لابنه : أعْطِه دِينارًا .
فأعْطَاه ثم قال له ابْنُه : تَقَبَّل الله مِنك يا أبَتَاه .
فقال : لو عَلِمْتُ أنَّ الله تَقَبَّل مِنِّي سَجْدة واحِدَة ،
أوْ صَدَقة دِرْهم واحِد لم يَكُن غَائب أحَبّ إليّ مِن الْمَوْت .
أتَدْرِي مِمَّن يَتَقَبَّل الله ؟ (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) .
وكان فُضَالة بن عُبيد رضي الله عنه يقول :
لأن أكُون أعْلَم أنَّ الله تَقَبَّل مِنِّي مِثْقَال حَبَّة مِن خَرْدَل أحَبّ إليَّ مِن الدّنيا ومَا فيها ؛
لأنَّ الله تبارك وتعالى يَقول : (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) .
قال الحسن البصري :
إن المؤمن جمع إحسانا وشفقة ، وإن المنافق جمع إساءة وأمْنًا .
يعني إساءةً في العمل وأمْنًا مِن مَكْر الله
وكان مُطرّف بن عبد الله يقول :
لأن أبيت نائما ، وأصبح نادِمًا ، أحب إليّ مِن أن أبيت قائما ، فأصْبِح مُعْجَبا . يعني بِعَمَلِه .
ومِن كَمَال العَقل :
أن لا يَغتَرّ الإنسان بِسَعة رَحمة الله عزّ وجَلّ ، وأن يكون مُستعِدّا لِما بَعد الموت ،
لا أنه يَرى أن ما بعد الموت (حَفْلَة) !
قال ابن عمر رضي الله عنهما : كنتُ مع رسول الله ﷺ ، فجاءه رَجُل مِن الأنصار ،
فَسَلّم على النبي ﷺ ، ثم قال : يا رسول الله ،
أيّ المؤمنين أفضل ؟ قال : أحْسَنُهم خُلُقا .
قال : فأيّ المؤمنين أكْيَس ؟
قال : أكْثَرُهم للمَوت ذِكْرا ، وأحْسَنهم لِمَا بَعده استِعْدَادا ، أولئك الأكْيَاس .
رواه ابن ماجه وابن عبد البر في " الاستذكار " ، وحسّنه الألباني والأرنؤوط .
قال السّنْدِيّ : قوله : " أحْسَنهم خُلُقا " بِضَمّتَين ، أي : الذين يُحْسِنون مُعَامَلتهم مع الله ومَع الناس فيكون أفضل . اهـ .
وفي " لِسَان العَرَب " :
قال أبو العباس : الكيّس العاقِل ، والكَيْس خِلاف الْحُمْق ، والكَيْس العَقْل . اهـ .
الوجه السادس :
أنه لم يأتِ بِقَول عَالِم مُعتَبَر على ما قال ،
بل قال ما انقَدَح في ذِهنه ، دون أن يسنِد كلامه بِكلام أهل العلم .
ورَحِم الله الإمام أحمد إذْ كان يقول :
إياك أن تتكلّم في مسألة ليس لك فيها إمام .
والسَّلَف كانوا يُعظِّمون القول في القرآن بِغير عِلْم
ورَحِم الله الإمام مالك إذْ كان يقول :
لا أُوتَي بِرَجُلٍ غير عالِم بِلُغَاتِ العَرَب يُفَسِّر كِتاب الله إلاَّ جَعَلْتُه نَكَالاً !
وكثير مِمّن يَكتب أو يتكلّم وينشر ويُجادِل في مواقع التّواصُل :
إنما يتكلّم بِعاطِفة ، ويُجادِل بالباطِل ؛
لأن الذي يُجادِل إما أن يَكون مُجادِلا بِالْحَقّ ؛
وهذا عن عِلْم وبصيرة ، ويَكون عُرِف بالعِلْم وطَلَب العِلْم .
وإمّا أن يكون مُجادِلا بِالباطِل ؛ فيُجادِل ويتكلّم بغير عِلْم ، ولا عُرِف بِطَلب العِلْم وهذا كثير .
وكثير ممن يُجادِل ويَكتب وينشر يتَخَفّى تحت اسْم مُستَعار !
والعِلْم لا يُؤخذ مِن مَجْهول !
قال رسول الله ﷺ :
سيكون في آخر أُمّتي أناس يُحَدّثُونكم ما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم ؛ فإياكم وإياهم .
رواه مسلم في " الْمُقدِّمة " .
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :
إن الشيطان ليَتَمَثّل في صُورَة الرّجُل ،
فيأتي القوم فيُحَدّثهم بِالْحَدِيث مِن الكَذِب ، فيَتَفَرّقون ، فيَقُول الرّجُل منهم :
سَمِعتُ رَجُلا أعرف وَجْهه ، ولا أدري ما اسْمُه يُحَدِّث . رواه مسلم في " الْمُقدِّمة " .
تنبيه :
إذا وَصَلَك منشور أو رسالة وقيل فيها : لأول مرة تسمع هذه المعلومة ،
أو : منذ صغرنا ونحن نسمع كذا ، أو (مَلعُوب علينا) ،
فتوقّف عن نشرها ؛ لأن العلماء في الغالب ما تَرَكوا شيئا إلاّ بيّنوه ونَبّهوا عليه .
ولأن ما يَنفَرِد به المتأخِّر عن المتقدِّمِين يكون غالبا خطأ .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
وكل قول يَنْفَرِد به المتأخِّر عن المتقدمين ولم يَسبقه إليه أحدٌ منهم ؛ فإنه يكون خطأ . اهـ .
والله تعالى أعلم
المجيب فضيلة الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
التعديل الأخير: