لا يزال التكهن حول تطور "كوفيد-19" مستقبلاً شديد الصعوبة، فيما يَسهُل توقع رد فعل البشر، لأن التاريخ دليلنا في ذلك.
كانت مقالة جينا كولاتا "كيف تنتهي الأوبئة؟"، التي نُشرت في مايو 2020 بصحيفة "نيويورك تايمز"، من أكثر المقالات حول مستقبل الوباء تبصّراً، إذ دعمتها بآراء مؤرخين طبيين وصفوا ردود فعل المجتمع تجاه "إيبولا" والطاعون الأسود والإنفلونزا الإسبانية في 1918.
وزير: بريطانيا تجاوزت مرحلة الوباء.. و"كورونا" أصبح مرضاً "مستوطناً"
كانت للجائحة نهاية بيولوجية بانخفاض معدلات الإصابات والوَفَيَات، وكذلك نهاية اجتماعية حين يسأم الناس الخوف ويتقبلون قدراً معيناً من المخاطرة ليستأنفوا الحياة الاجتماعية والتجارية. تأتي نهاية الوباء الاجتماعية أولاً في بعض الأحيان.
لا يُستغرب بعد عامين من العيش في ظل وجود كوفيد أن يكون كثير من الناس أقل خوفاً من الفيروس، بل وأن يتشوّقوا للعودة إلى حياة أقرب إلى الطبيعية.
يريد الناس مصطلحاً لوصف المستقبل الأفضل الذي نتصوره. تحدثنا عن "مناعة القطيع" في 2020، فيما نستخدم عبارة "الفيروسات المستوطنة" حالياً بدلاً من تلك.
يحاجج أريس كاتزوراكيس، عالم الأحياء بجامعة أكسفورد، بأن مصطلح "المستوطن" يُستخدم بطريقة مضللة، للإشارة إلى أن الوباء سينتهي دون أن نبذل مزيداً من الجهد. وصف كاتزوراكيس في مقال نشرته مجلة "نيتشر" بعنوان "كوفيد-19: الفيروسات المستوطنة لا تعني أنها غير مؤذية"، كلمة "مستوطن" بأنها من أكثر المصطلحات الوبائية التي أُسيء استخدامها.
كنا نصفق لفرق التمريض.. والآن نتركهم يُستنزفون
قال كاتزوراكيس إنّ تعبير "المستوطن" يشير إلى حالة لا ينخفض فيها العدد الإجمالي للعدوى ولا يزيد، رغم أن المرض المستوطن قد تكون له تقلبات موسمية كبيرة يمكن التنبؤ بها. كما يمكن أن تكون الأمراض المستوطنة مميتة ومدمرة، إذ تُعتبر نزلات البرد مرضاً مستوطناً وكذلك الملاريا، التي تقتل 600 ألف شخص كل عام. قال كاتزوراكيس: "يمكن أن يكون المرض المستوطن منخفض الانتشار أو واسعاً، كما قد يكون خطيراً أو غير خطير".
لا تدوم حالة التوطن غالباً، إذ يمكن لمرض مثل الإنفلونزا أن يكون وبائياً أو متوطناً. حين تنتقل سلالات جديدة من الحيوانات يمكن أن تتسبب الإنفلونزا بجائحة، كما كانت حال إنفلونزا الخنازير في 2009. استقرت هذه السلالة نفسها من الإنفلونزا الآن وباتت مستوطنة. يمكن أن يحصل ذات الفيروس على كلا الوصفين، اعتماداً على سلوكه الآني.
لكن لن يظل الناس حذرين طَوال الوقت، إذ سيبقى البعض في قلق مستمر فيما عاد آخرون منذ فترة طويلة إلى الحياة الطبيعية وغيرها من الاهتمامات. لكن هذا ليس سبباً للاعتقاد بأن المعركة ضد هذا الفيروس توشك على الانتهاء.
تطور "كوفيد" لن يتوقف عند "أوميكرون"
ما يمكن أن تفعله سلطات الصحة العامة الآن هو تطبيق الدروس المستفادة من التجربة التي استمرت عامين، عبر إطلاق أنشطة إنسانية ومستدامة ومنقذة للحياة ووقائية ضد السلالات الجديدة. تتمثل إحدى الخطوات في صُنع لقاحات أكثر وأفضل، إضافة إلى إنتاج أدوية مضادة للفيروسات ونقلها إلى الدول ضعيفة مستويات التلقيح. رغم وجود بعض الخلاف حول كيفية نشوء السلالات الجديدة، فإنّ المشتبه بهم الأساسيين هم من لم يتلقَّوا اللقاح، الذين يعانون من أمراض مثل فيروس نقص المناعة بلا علاج، إذ يتمكن الفيروس من التكاثر والتطور داخلهم على مدى أسابيع أو أشهر.
يمكن أن تحمي البروتوكولات الجديدة للاختبارات السريعة دور رعاية المسنين، وتجعل المستشفيات وعيادات الأطباء أكثر أماناً. يحتاج الموظفون المأجورون والعمالة المؤقتة في جميع أنحاء العالم إلى إجازات مرضية أفضل وشبكة أمان، وهو ما تصدّت له الطبيبة موغي سيفيك في المملكة المتحدة منذ ربيع 2020، حين اطلعت على عدد الأشخاص المصابين بمرض شديد دون أن يتمكنوا من ترك العمل حتى لبضعة أيام.
حاجج ويليام هاناج، وهو باحث آخر من كلية هارفارد للصحة العامة، منذ أمد بأننا قد لا نرى معدل إصابات ثابتاً ومتوقعاً من المرض لبعض الوقت. لكننا نحتاج إلى مراقبة وبيانات أفضل للاستعداد لمستقبل فيه مزيد من موجات ارتفاع وانخفاض الإصابات.
لكي نستعيد حياتنا الطبيعية.. علينا أن نتعايش مع كورونا
يمكن أن تكون البيانات المتعلقة بزيادة الإصابات والتفشيات أكثر اتساقاً وموثوقية وسهولة في الوصول إليها، كما جادل الطبيب والباحث إريك توبول. يتخذ الناس احتياطات حين يكون الأمر أكثر إلحاحاً، فمن غير الواقعي أن نتوقع أن يغيير الناس أنماط حياتهم لتجنب الإصابة إلى أجل غير مسمى.
لا نعرف كيف سيتطور الفيروس في المستقبل، لكن يخبرنا تاريخ طويل كيف سيتصرف الناس. سواء استخدمنا وصف "مستوطن" أو عثرنا على مصطلح آخر لوصف مرحلة ما بعد أزمة "كوفيد-19"، فهناك طرق لمواكبة الحرب على الفيروس، عبر تدابير تهدف إلى حماية البشر عوضاً عن تغييرهم، لنستمر كما كنا دائماً دون أن نتحول إلى نسخ نموذجية كما يتمنى مسؤولو الصحة العامة.
كانت مقالة جينا كولاتا "كيف تنتهي الأوبئة؟"، التي نُشرت في مايو 2020 بصحيفة "نيويورك تايمز"، من أكثر المقالات حول مستقبل الوباء تبصّراً، إذ دعمتها بآراء مؤرخين طبيين وصفوا ردود فعل المجتمع تجاه "إيبولا" والطاعون الأسود والإنفلونزا الإسبانية في 1918.
وزير: بريطانيا تجاوزت مرحلة الوباء.. و"كورونا" أصبح مرضاً "مستوطناً"
كانت للجائحة نهاية بيولوجية بانخفاض معدلات الإصابات والوَفَيَات، وكذلك نهاية اجتماعية حين يسأم الناس الخوف ويتقبلون قدراً معيناً من المخاطرة ليستأنفوا الحياة الاجتماعية والتجارية. تأتي نهاية الوباء الاجتماعية أولاً في بعض الأحيان.
لا يُستغرب بعد عامين من العيش في ظل وجود كوفيد أن يكون كثير من الناس أقل خوفاً من الفيروس، بل وأن يتشوّقوا للعودة إلى حياة أقرب إلى الطبيعية.
يريد الناس مصطلحاً لوصف المستقبل الأفضل الذي نتصوره. تحدثنا عن "مناعة القطيع" في 2020، فيما نستخدم عبارة "الفيروسات المستوطنة" حالياً بدلاً من تلك.
عكاز نفسي
أضعف انتشار سلالة "دلتا" بين مجموعات تلقت اللقاح الأمل حول مناعة القطيع، ثم أتى متحول "أوميكرون" ليزيده بُعداً. هكذا برز الحديث عن "الفيروسات المستوطنة"، إذ ترغب الشعوب المنهكة في عكاز نفسي تتكئ عليه. رغم أن معنى "مستوطن" فضفاض فإنّ الخبراء يختلفون حوله.يحاجج أريس كاتزوراكيس، عالم الأحياء بجامعة أكسفورد، بأن مصطلح "المستوطن" يُستخدم بطريقة مضللة، للإشارة إلى أن الوباء سينتهي دون أن نبذل مزيداً من الجهد. وصف كاتزوراكيس في مقال نشرته مجلة "نيتشر" بعنوان "كوفيد-19: الفيروسات المستوطنة لا تعني أنها غير مؤذية"، كلمة "مستوطن" بأنها من أكثر المصطلحات الوبائية التي أُسيء استخدامها.
كنا نصفق لفرق التمريض.. والآن نتركهم يُستنزفون
قال كاتزوراكيس إنّ تعبير "المستوطن" يشير إلى حالة لا ينخفض فيها العدد الإجمالي للعدوى ولا يزيد، رغم أن المرض المستوطن قد تكون له تقلبات موسمية كبيرة يمكن التنبؤ بها. كما يمكن أن تكون الأمراض المستوطنة مميتة ومدمرة، إذ تُعتبر نزلات البرد مرضاً مستوطناً وكذلك الملاريا، التي تقتل 600 ألف شخص كل عام. قال كاتزوراكيس: "يمكن أن يكون المرض المستوطن منخفض الانتشار أو واسعاً، كما قد يكون خطيراً أو غير خطير".
لا تدوم حالة التوطن غالباً، إذ يمكن لمرض مثل الإنفلونزا أن يكون وبائياً أو متوطناً. حين تنتقل سلالات جديدة من الحيوانات يمكن أن تتسبب الإنفلونزا بجائحة، كما كانت حال إنفلونزا الخنازير في 2009. استقرت هذه السلالة نفسها من الإنفلونزا الآن وباتت مستوطنة. يمكن أن يحصل ذات الفيروس على كلا الوصفين، اعتماداً على سلوكه الآني.
لم نستعِد مألوفنا
لا تعني الحالة "المستوطن" أن الوقت حان للعودة إلى الوضع الطبيعي. كتبت الصحفية مارين ماكينا مؤخراً في مجلة "وايرد": "التوطن... ليس وعداً بالأمان. إنه ضمانة لتبقى على الحذر طَوال الوقت، وَفْقاً لعالمة الأوبئة إيلي موراي".لكن لن يظل الناس حذرين طَوال الوقت، إذ سيبقى البعض في قلق مستمر فيما عاد آخرون منذ فترة طويلة إلى الحياة الطبيعية وغيرها من الاهتمامات. لكن هذا ليس سبباً للاعتقاد بأن المعركة ضد هذا الفيروس توشك على الانتهاء.
تطور "كوفيد" لن يتوقف عند "أوميكرون"
ما يمكن أن تفعله سلطات الصحة العامة الآن هو تطبيق الدروس المستفادة من التجربة التي استمرت عامين، عبر إطلاق أنشطة إنسانية ومستدامة ومنقذة للحياة ووقائية ضد السلالات الجديدة. تتمثل إحدى الخطوات في صُنع لقاحات أكثر وأفضل، إضافة إلى إنتاج أدوية مضادة للفيروسات ونقلها إلى الدول ضعيفة مستويات التلقيح. رغم وجود بعض الخلاف حول كيفية نشوء السلالات الجديدة، فإنّ المشتبه بهم الأساسيين هم من لم يتلقَّوا اللقاح، الذين يعانون من أمراض مثل فيروس نقص المناعة بلا علاج، إذ يتمكن الفيروس من التكاثر والتطور داخلهم على مدى أسابيع أو أشهر.
يمكن أن تحمي البروتوكولات الجديدة للاختبارات السريعة دور رعاية المسنين، وتجعل المستشفيات وعيادات الأطباء أكثر أماناً. يحتاج الموظفون المأجورون والعمالة المؤقتة في جميع أنحاء العالم إلى إجازات مرضية أفضل وشبكة أمان، وهو ما تصدّت له الطبيبة موغي سيفيك في المملكة المتحدة منذ ربيع 2020، حين اطلعت على عدد الأشخاص المصابين بمرض شديد دون أن يتمكنوا من ترك العمل حتى لبضعة أيام.
حلول مستدامة
قال جوزيف ألين من جامعة هارفارد إنّ الانتقال إلى مبانٍ صحية جيدة التهوية قد يمنع المرض والوَفَيَات، وذلك بعد أن دعا لاستخدام الكمامات في وقت مبكر من الوباء. أخبرني ألين في الخريف أنه يتعين علينا البدء بالبحث عن حلول قد تكون مستدامة ومتعددة الفوائد.حاجج ويليام هاناج، وهو باحث آخر من كلية هارفارد للصحة العامة، منذ أمد بأننا قد لا نرى معدل إصابات ثابتاً ومتوقعاً من المرض لبعض الوقت. لكننا نحتاج إلى مراقبة وبيانات أفضل للاستعداد لمستقبل فيه مزيد من موجات ارتفاع وانخفاض الإصابات.
لكي نستعيد حياتنا الطبيعية.. علينا أن نتعايش مع كورونا
يمكن أن تكون البيانات المتعلقة بزيادة الإصابات والتفشيات أكثر اتساقاً وموثوقية وسهولة في الوصول إليها، كما جادل الطبيب والباحث إريك توبول. يتخذ الناس احتياطات حين يكون الأمر أكثر إلحاحاً، فمن غير الواقعي أن نتوقع أن يغيير الناس أنماط حياتهم لتجنب الإصابة إلى أجل غير مسمى.
لا نعرف كيف سيتطور الفيروس في المستقبل، لكن يخبرنا تاريخ طويل كيف سيتصرف الناس. سواء استخدمنا وصف "مستوطن" أو عثرنا على مصطلح آخر لوصف مرحلة ما بعد أزمة "كوفيد-19"، فهناك طرق لمواكبة الحرب على الفيروس، عبر تدابير تهدف إلى حماية البشر عوضاً عن تغييرهم، لنستمر كما كنا دائماً دون أن نتحول إلى نسخ نموذجية كما يتمنى مسؤولو الصحة العامة.