نظائر قرآنية (كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون)

معلومات العضو

إنضم
20 أغسطس 2021
الأوسمة
4
الإقامة
من أرض الله
الموقع الالكتروني
الجنس
ذكر
نشاط العبد الفقير إلى الله:
2,972
10
1,863
  • نظائر قرآنية (كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون)
1.png





CKMy6c1.png





بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
*********************************************

كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون


24-9-2021_183058_.jpeg


من النظائر القرآنية ما جاء في الآيتين الكريمتين التاليتين:

الآية الأولى:

{أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (الأنعام:122).

الآية الثانية:
{وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (يونس:12).

فقد خُتمت آية الأنعام بقوله تعالى:

{كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}

وخُتمت آية بونس بقوله سبحانه:

{كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}

فما وجه خَتْم كل آية بما خُتمت به؟

24-9-2021_183058_.jpeg


أجاب الإسكافي عن الفرق بين الآيتين بما حاصله: إن آية الأنعام تقدَّمها قوله عز من قائل: {أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا} والمراد بـ (الميت) ها هنا: الكافر، والمراد بـ (النور) الإيمان وحياته به، ومَن {في الظلمات} أي: من استمر به الكفر، ولم ينتقل عنه، فكان ذِكْرُ الكافرين بعده أولى.

24-9-2021_183058_.jpeg


أما آية يونس فقد جاء قبلها
قوله سبحانه:

{إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ} (يونس:7)

فهذا صفة كفار نعَّموا أبدانهم، ودنَّسوا أديانهم، واقتصروا على عمارة الحياة الدنيا، واطمأنوا بها، ولم يتوجهوا لطلب الآخرة، وهم المسرفون الذين

قال الله تعالى فيهم:
{لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} (غافر:43)

لأنهم غلوا في إيثار الدنيا وتعجل نعيمها، وتجاوزهم الحد في عمارتها، والإعراض عما هو أهم لهم منها.
ويجوز أن يكون الكفار سُموا (مسرفين) لمجاوزتهم الحد في العصيان، إذ يقال لمن أفرط في ظلم: أسرف، والذين رضوا بالحياة الدنيا، واطمأنوا بها، وغفلوا عن تدبر آيات الله تعالى، يقال لهم: مسرفون على وجهين:

أحدهما: المبالغة في تنعيم النفوس، وجعلهم الدنيا حظهم مما عرضوا له من النعيم.

الثاني: مجاوزتهم الحد في معصية الله تعالى.

24-9-2021_183058_.jpeg


فلما قال سبحانه:
وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ ۖ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} (يونس:11)

وأشار إلى من تقدم ذكرهم
في قوله:
{إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ} (يونس:7)

ثم وصف حال الإنسان في الشدة والرخاء، وانقطاعه في الشدة إلى الدعاء، ونسيانه ربه في الرخاء، فسمى الذين هذه صفتهم (مسرفين) على أحد الوجهين المتقدمين؛ لإسرافهم في الحالين.

24-9-2021_183058_.jpeg


وأجاب ابن الزبير الغرناطي عن الفرق بين الآيتين بنحو ما أجاب به الإسكافي، وحاصل جوابه: أنه لما تقدم قبل آية الأنعام

قوله تعالى:
{أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (الأنعام:122)

والمراد {أو من كان ميتا} في غمرات الجهل والكفر {فأحييناه} بنور الإيمان والعلم {كمن مثله في الظلمات}
أي: ظلمات الجهل والكفر، متمادياً على غيِّه، غير مقلع عن كفره، لا يجدي عليه إنذار، ولا ينتفع بوعظ مذكِّر، فسواء في حقه الإنذار وعدمه، فلما ذكر في هذا الطرف من لم يشم بارق إيمان، ولم يخرج عن مقتضى موبقاته في شنيع ذلك الخذلان، أعقب تعالى: {كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون} فوُسِمَ بكفره لليأس من خيره.

24-9-2021_183058_.jpeg


أما آية يونس فقد تقدم قبلها

قوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (12)} سورة يونس

والمراد هنا جنس الإنسان: {دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا} أي: دعانا على أي حال كان،

كقوله تعالى: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ۖ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} (النحل:53)

ثم قال:
{فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ}

فذكر سبحانه من حال الإنسان حال متذكر داع عند مسِّ الضر، غير مشرك ولا كافر، ففي حاله في دعائه عند الضر ومروره في المخالفات، أو الغفلة عند كشفه شَبَه من حال المقول فيهم:

{وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (التوبة:102)

فأعقب ذكر هذا الضرب

بقوله تعالى: {كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ}

أي: أن هؤلاء زُين لهم لمرتكبهم في مرورهم بعد كشف الضر عنهم على أحوالهم قبل مس الضر إياهم، كما

{زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}

فتشابهت أحوالهم بأحوال المسرفين؛ ليزدجر المؤمن، ويستعيذ من مثل تلك الحال، ويدأب على الطاعة والتضرع إلى الله سبحانه.

و(المسرف) هنا يحتمل أن يراد به المسرف في المعاصي دون الكفر، أو المسرف في كفره المقول فيه، وفيمن كان على حاله:

{لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} (غافر:43)

فعدل في آية يونس عن أن يقال: {للكافرين} إلى قوله: {للمسرفين} لما في صفة (الإسراف) من الاحتمال لمناسبة ما تقدمه من تقلب حالتي الإنسان عند مس الضر إياه وكشفه عنه.

24-9-2021_183058_.jpeg


أما آية الأنعام فقد تقدمها

قوله تعالى:
{أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (الأنعام:122)

فإنما ذكر في هذه الآية طرفان قد بولغ فيهما، وهما: المجعول له نور {يمشي به في الناس} لا يفارقه، والمتخبط في ظلمات لا يخرج منها، فلا يمكن أن تكون حاله أسوأ من حال هذا؛ لأن ذكر الطرفين لا واسطة بينهما يقتضي من حيث البلاغة النهاية في كل طرف، فعبر هنا بصفة الكفر، أما حال (المسرف) من حيث ما تقدم من الاحتمال، فدون حال (المتخبط في الظلمات) فعلى هذا يُحتمل أن يكون الإسراف فيما دون الكفر، فيكون المتصف به غير منقطع الرجاء؛ إذ لم يبلغ الكفر، قال تعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله} (الزمر:53)، فشتان ما بين مسرف راج، ومتخبط في ظلمات كفر داج، فجاء ختم كل آية على ما يناسب، ولم يكن ليناسب العكس بوجه.

24-9-2021_183058_.jpeg


المصدر

 
توقيع العبد الفقير إلى الله

lFPm3qh.png

إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الاعتقاد الفاسد إلى الاعتقاد الصحيح،
والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.
----------
410.png
الاقتراحات والشكاوى
410.png
أعلن على منتديات المشاغب
410.png
مركز ملفات المشاغب

محمد عمر

مؤسس منتديات المشاغب
فريق الإدارة
مدير منتديات المشاغب

معلومات العضو

إنضم
27 مارس 2021
المشاركات
13,367
الحلول
65
مستوى التفاعل
6,708
الأوسمة
4
العمر
49
الإقامة
ليبيا
الجنس
ذكر
بارك الله فيك اخي العزيز
 
توقيع محمد عمر


منتديات الشارقة سوفت

الغريبة

مديرة المنتديات الإسلامية
فريق الإدارة
مديرة المنتديات الإسلامية

معلومات العضو

إنضم
15 يوليو 2021
المشاركات
4,157
مستوى التفاعل
3,405
الأوسمة
4
الإقامة
الاسكندرية
الجنس
أنثى
نقل موفق بارك الله فيك ونفع بك
 
توقيع الغريبة

26543.imgcache.gif

SHH

من أصدقاء منتديات المشاغب
كبار الشخصيات VIP

معلومات العضو

إنضم
11 مارس 2021
المشاركات
2,529
مستوى التفاعل
798
الأوسمة
4
الإقامة
السعوديه
الجنس
ذكر
بارك الله فيكم
 

معلومات العضو

إنضم
20 أغسطس 2021
المشاركات
2,972
الحلول
10
مستوى التفاعل
1,863
الأوسمة
4
الإقامة
من أرض الله
الموقع الالكتروني
الجنس
ذكر
توقيع العبد الفقير إلى الله

lFPm3qh.png

إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الاعتقاد الفاسد إلى الاعتقاد الصحيح،
والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.
----------
410.png
الاقتراحات والشكاوى
410.png
أعلن على منتديات المشاغب
410.png
مركز ملفات المشاغب
المنتدى غير مسؤول عن أي اتفاق تجاري أو تعاوني بين الأعضاء.
فعلى كل شخص تحمل مسؤولية نفسه تجاه ما يقوم به من بيع وشراء واتفاق واعطاء معلومات موقعه.
المواضيع والتعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي منتديات المشاغب ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك (ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)
عودة
أعلى