الغريبة
عضو مشاغب
اذكروا الله يذكركم
الشيخ : خالد القرعاوي
المكان : المملكة العربية السعودية / القصيم - عنيزة / ابي موسى الأشعري /
التصنيف الرئيسي : أحوال القلوب التربية
عناصر الخطبة
1/ أسباب الْمَصائِب والفتن التي تحيط بالأمة
2/ من أعظمِ ما يُقَربُ المسلِمُ من رَبِّه
3/ فضائل ذكر الله وثمراته
4/ حيَاةَ المُسلِمِ كُلُّها مَبنِيَّةٌ على الذِّكر
5/حقيقة ذكر الله ومقتضياته
6/ التحذير من الغفلة عن الذكر .
الخطبة الأولى:
الحمدُ للهِ الْمذكُورِ بِكُلِّ لِسانٍ، الْمَشكُورِ على كلِّ إِحسانٍ، خَلقَ الْخلقَ لِيعبدُوهُ، وأَظهَر لَهمُ الآياتِ لِيعرفُوه، وَيَسَّر لَهم الخَيرَ لِيَصِلُوهُ، ذُو الفَضلِ العظيمِ، والخيرِ العَميمِ، نَشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، لا نحصِي ثناءً عليه.
ونشهدُ أنَّ نَبِيَّنَا مُحمداً عبدُ اللهِ ورسُولُهُ، أحبُّ العِبادِ إليهِ، صلواتُ رَبِّي وَسَلامُهُ وَرَحَمَاتُهُ وَبَرَكاتُهُ عليه، وعلى آلِهِ وأصحابِهِ الأَتقِيَاءِ الأَبرَارِ، والتَّابِعينَ وَمَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ وإيمانٍ ما تعاقبَ الَّليلُ والنَّهارُ.
أمَّا بَعدُ: فيَا مُسلمونَ، خَيرُ ما نَتواصَى به تَقوَى اللهِ وطاعتُهُ، واتِّبَاعُ رَسُولِهِ وَسُنَّتِهِ؛ فَبِذَلِكَ الفَلاحُ والخيرُ والصَّلاحُ.
عبادَ اللهِ: نَتَساءَلُ كَثِيراً عن أَحوَالِنا: ما الذي أصابَنا؟! كيفَ ذهبَت بَرَكاتُ أرزَاقِنا؟ أينَ مَواسِمُ أمطَارِنَا التي كانَت فيها الأرضُ تُنبِتُ من جَمِيعِ خَيراتِها؟! نَتَساءَلُ ما سَبَبُ تَغيُّرِ كَثِيرٍ من النُّفُوسِ، لِماذَا كثُرتِ الأحقَادُ والضَّغائنُ؟! حتى بينَ الأزواجِ مِمَّن كانتْ بينَهم عِشْرَةٌ طَويلَةٌ وأولادٌ؟! لِماذا بعضُ الجِيرانِ بينهم أحقادٌ وَتَقَاطُعٌ؟! أينَ مَا كانَ مَعهُودَاً بَينَنا من الْمَحَبَّةِ والصَّفَاءِ، والتَّعاوُنِ والوَفَاءِ؟!
عبادَ اللهِ: تِلكَ الْمَصائِبُ بأشكَالِها، والْفِتَنُ بألوانِها، بِسَبَبِ فُشُوِّ الذُّنوبِ، والْمُجَاهَرةِ بالمعَاصِي، والبُعدِ عن طاعَةِ الْغَفُورِ الشَّكُورِ، وإنَّ آيةً واحِدَةً من كتابِ اللهِ -تعالى- تصِفُ لنا الدَّاءَ، وَتُبِيِّنُ الدَّوَاءَ! ألم يَقُل -جَلَّ وَعَلا-: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الروم: 41]. أي: لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ عن أعمَالِهمُ الفَاسِدَةِ، فَتَصلُحَ أَحوَالُهم وَتَستقِيمَ أُمُورُهم. فَيَرجِعُونَ إلى اللهِ بِالأعمالِ الصَّالِحةِ والتَّوبةِ الصَّادِقَةِ.
عبادَ اللهِ: ألا وإنَّ من أعظمِ ما يُقَربُ المسلِمُ من رَبِّهِ، وَيَحجُزُهُ عن مَعصِيَتِهِ وَمَقتِهِ، ذِكرُ اللهِ -تعالى- على كُلِّ أحيانِهِ وأحوالِهِ! (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرَاً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) [الأحزاب: 41- 42]، كُونُوا من أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ، كُونُوا مِن الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ.
عبادَ اللهِ: ذِكرُ اللهِ عبادةٌ يَسيرَةٌ، ليسَ فيها مَالٌ، ولا جُهدٌ كَبيرٌ، ولكِنَّها تحتاجُ إلى قَلْبٍ حيٍّ، وعَقلٍ بَصيرٍ! الذِّكرُ عِبادَةٌ شَأنُها عَظيمٌ، وَأَثَرُهُا كَبِيرٌ! وَيستَطيعُها الصَّغِيرُ والكَبِيرُ! والغَنِيُّ والفَقيِرُ! قَارَبَ في فَضْلِهِ الجهادَ في سَبِيلِ اللهِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ -ﷺ-: "أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ؟وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ تَعَاطِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَمِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ غَدًا فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ، وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ". قَالُوا: بَلَى. يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: "ذِكْرُ اللهِ".
ولمَّا جَاءَ رَجُلٌ يَشكُو إلى رَسولِ الله -ﷺ- كَثرَةَ شَرَائِعَ الإسلامِ عليهِ، ويَطلُبُ مِنهُ إرشَادَاً إلى ما يَتَمَسَّكُ بِهِ، وَيوصِلُهُ إلى الْجَنَّةِ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ: "لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطِبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ".
وذِكرُ اللهِ -عبدَ اللهِ-: لَهُ فَوائِدُ مَحسُوسَةٌ يَلمَسُها الذَّاكِرُونَ، وَيَتَذَوَّقُها العَارِفُونَ،
منها فَائِدَتَانِ كَبِيرتَانِ ذَكَرَهُمَا ابنُ القَيَّمِ -رَحِمَهُ اللهُ-:
"أُولاهُمَا: أنَّ دَوامَ ذِكرِ الرَّبِ يُوجِبُ الأَمَانَ مِنْ نِسيانِهِ الذي هو سَبَبُ شَقَاءِ العَبدِ في مَعَاشِهِ وَمَعَادِهِ، وَمن نَسِيَ اللهَ -تعالى- أَنْسَاهُ نَفْسَهُ في الدَّنيا وَنَسِيَهُ فِي العَذَابِ فِي الآخِرِةِ.
الثَّانِيَةُ: أنَّ الذِّكرَ يُعطِي الذَّاكِرَ قُوَّةً وَنَشاطَاً، حتى إنَّهُ لَيَفعَلُ معَ الذَّكْرِ مَا لَم يَظُنَّ فِعلَهُ بِدُونِهِ، كَما أنَّهُ يُعِينُ على حَيَاةِ القَلْبِ وَطُمأنِينَةِ النَّفسِ وَرَاحِةِ البَالِ، فَنِعمَ الزَّادُ، لِنِعمَ المَعاد. أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ".
عبادَ اللهِ: يكفي مِن فوائِدِ الذِّكر أنَّهُ يَحجِزُكَ عن فِعلِ الباطِلِ، وقولِ الباطِلِ، والتَّجَنِّي على الغيرِ! فعندما تَرى مَا يَسُرُّكَ تقُولُ: ما شاءَ اللهُ تباركَ اللهُ. وعندما تَغْضَبُ تَستعيذُ باللهِ من الشًّيطانِ الرَّجيمِ فَيذهَبُ عنكَ ما تَجِدُ! أليستْ هذهِ فائِدَةً تَستَحِقُّ مُجاهَدَةَ النَّفْسِ عليها وتَدْرِيبَها؟!
وذِكرُ اللهِ -يا مؤمنُونَ-: يكُونُ بِالقَلبِ واللسانِ والْجَوارِحِ، فَذِكرُ القَلبِ، تَفَكُّرٌ وتَدَبُّرٌ في آياتِ اللهِ وأسمَائِهِ وصِفَاتِهِ وأفعالِهِ سُبحانَهُ وبِحمدِهِ.فَلا بُدَ مَع الذَّكرِ مِن تَدَبُّرٍ وفِكرٍ ، قالَ -تعالى-: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [آل عمران: 190- 191]، وَذِكرُ اللِّسانِ، بأنْ يَكُونَ رَطِبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ دَائِماً وأبَدَاً.
فيا مؤمنونَ: قُولوا لا إلهَ إلا اللهُ، وسُبحانَ الله، والحمدُ للهِ، واللهُ أَكبَرُ. ويا حيُّ يا قَيُّومُ، ولا حولَ ولا قٌوَّةَ إلا باللهِ العليِّ العظِيمِ.
وأمَّا ذِكرُ الْجَوارِحِ، فَهو يُصَدِّقُ الذِّكرَ ويُكَذِّبُهُ، فَلَيسَ ذَاكِراً للهِ مَن يتخلَّفُ عن الصَّلاةِ وَيَتَّبِعُ الشَّهوَاتِ! لَيسَ ذَاكِراً للهِ مَنْ يَعُقُّ والِدَيهِ، ويُؤذي أهلَهُ وجِيرَانَهُ، لَيسَ ذَاكِراً للهِ مَنْ أطلَقَ لِبَصَرِهِ العَنَانَ بِمُشاهَدَةِ كُلِّ مَقطعٍ وَحَرَامٍ، لَيسَ ذَاكِراً مَنْ جَعَلَ لِسَانَهُ يَفري في أعراضِ النَّاسِ وحُرُماتِهم، لَيسَ ذَاكِراً للهِ مَنْ أرخى لِأُذُنَيهِ السَّمَاعِ لِكُلِّ َماجِنٍ! لَيسَ ذَاكِراً للهِ مَنْ أخَذَ الحرامَ وتَعَامَلَ بالرِّبا!
فيا مؤمنونَ: اذكروا اللهَ -تعالى- بِجَوارِحِكُم بِفِعلِ الطَّاعاتِ وَتَرْكِ الْمُحَرَّماتِ، فإنَّ كُلَّ فِعلٍ أو تَرْكٍ تَقُومُونَ بِهِ طَاعَةً للهِ وَتَقَرُّبَاً إليهِ فَهُو مِنْ ذِكرِ اللهِ -تعالى-، وإذا هَمَمْتَ بِمَعصِيَةٍ: (فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [النحل: 98- 99]. إذا اقتَرفْتَ ذَنبَّاً فاذكُرِ اللهَ -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) [الأعراف: 201].
فاللهمَّ أعنِّا على ذِكرِكَ وَشُكرِكَ وحُسْنِ عِبَادَتِكَ. وأستغفِرُ اللهَ لي ولكم ولِسائِرِ الْمُسلِمينَ من كلِّ ذنبٍّ وغَفلَةٍ وخَطِيئَةٍ فاستغفِروهُ إنَّهُ هو الغفُورُ الرَّحيمُ.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ العَليِّ الأَعلَى، نَشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، له الأسْمَاءُ الْحُسنى والصِّفَاتُ العُليا، وَنَشهَدُ أنَّ نَبِيَّنَا مُحمَّدَاً عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، الذَّاكِرُ الأوَّابُ، اللهمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عليهِ وعلى جَميع الآلِ والأصحابِ والتَّابعينَ لهم بِإحسانٍ وإيمانٍ إلى يومِ المآبِ.
أمَّا بَعدُ: فيا عبادَ اللهِ، اتَّقُوا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، ولازِمُوا شُكرَهُ وذِكْرَهُ، فَلَكمُ الأَجرُ الأَوفَى، والْمَحَلُّ الأَسْمَى، قال سبحانه: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ) [البقرة: 152].
لا تَظُنُّوا يا كِرَامُ: أنَّ دوامَ الذِّكرِ إضاعةٌ للوَقْتِ، أو أنَّهُ يقُودُ إلى التَّكاسُلِ عن العَمَلِ، أو هو نَوعُ سَذاجَةٍ وَدَروَشَةٍ، كلاَّ وربِّي فالذِّكرُ الحقِيقيُّ هو وَقُودٌ إلى الإخلاصِ وَمَزيدٌ من الجُهدِ والبذلِ والعَطاءِ والعَمَلِ، فَهُو قُوتُ القُلُوبِ، وسِلاحُ الْمؤمِنِينَ، وَرَأَسُ السَّعَادَةِ، كَفَى بِالذِّكرِ شَرَفَاً أنَّهُ عندَ البَلاءِ ومُلاقاةِ الأعدَاءِ أمَرَ اللهُ بهِ فَقالَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الأنفال: 45].
وبعدَ أداءِ الصَّلواتِ أوصانَا رَبُّنا فَقَالَ: (فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ) [النساء: 103].
وبعدَ أداءِ الجُمُعَةِ والابتِغاءِ من فضلِهِ قالَ -تعالى-: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون) [الجمعة: 10].
والحَجُّ كُلُّهُ ذِكرٌ للهِ -تعالى-، والصِّيَامُ قائِمٌ على الدُّعاء والذِّكرِ والطَّاعَةِ!
وتأمَّلوا يا مؤمنُونَ: فإنَّ حيَاةَ المُسلِمِ كُلُّها مَبنِيَّةٌ على الذِّكر، فَعندَ النَومِ ذِكْرٌ، وإذا تَعَارَّ من الَّليلِ ذِكْرٌ، وإذا استَيقَظَ ذِكْرٌ، وإذا خَرجَ مِن بيتِهِ أو دَخَلَ ذِكْرٌ، وفي طَرِيقِهِ ذِكْرٌ، وعندَ دُخُولِهِ مَسجِدَهُ وخُرُجِهِ ذِكْرٌ، وفي صَبَاحِهِ وَمَسَائِهِ ذِكْرٌ، وعندَ فَرَحِهِ ومُصابِهِ ذِكْرٌ، وَعِندَ دُخُولِ خَلائِهِ وخُرُجهِ ذِكْرٌ، فَفِي كُلِّ أحيانِهِ ذِكْرٌ وارتِبَاطٌ باللهِ -تعالى-! ومن جُملَةِ الذِّكر على سبيلِ المِثالِ لا الحصْرِ ما قَالَهُ رسُولُ الله -ﷺ-: "كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمانِ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللهِ العظيمِ" .
وقَالَ رسُولُ الله -ﷺ-: "مَنْ قَالَ لا إلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَريكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ؛ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، في يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ وكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِي، وَلَمْ يَأتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلاَّ رَجُلٌ عَمِلَ أكْثَرَ مِنْهُ".
وقَالَ رسُولُ الله -ﷺ-: "مَنْ سَبَّحَ اللهَ في دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وحَمِدَ اللهَ ثَلاثًا وَثَلاَثِينَ، وَكَبَّرَ الله ثَلاثًا وَثَلاَثِينَ، وقال تَمَامَ المِائَةِ: لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ" .
وقَالَ رسُولُ الله لأبي مُوسَى -رضي الله عنه-: "ألا أدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ؟" فَقَالَ: بلى يَا رسولَ الله قَالَ: "لا حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ باللهِ"
وخاتِمَةُ القَولِ أنَّ رسُول اللهِ -ﷺ- قالَ: "مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لا يَذْكُرُهُ مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ، ومَثَلُ البَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ اللهُ فِيهِ، وَالبَيْتِ الَّذِي لا يُذْكَرُ اللهُ فِيهِ، مَثَلُ الحَيِّ والمَيِّتِ".
فَمَا أَحرَانَا يا مُسلِمُونَ: أنْ نُعَطِّرَ أَفوَاهَنا وَنَعمُرَ قُلُوبَنا وأوقَاتَنَا بذكرِ اللهِ -تعالى-، ما أحوَجَنَا إلى تَكفِيرِ ذُنُوبِنَا، وَرِفعَةِ دَرَجَاتِنَا، طُوبَى لِمن وَجَدَ في صَحِيفَتِهِ استغفَاراً كَثِيرَاً.هنيئَاً لِمَن جَعَلَ شِعَارَ جَهَازِهِ الكَفِّيِّ أو الْمَكتَبِيِّ ذِكْراً للهِ وتَذْكِيراً فذاكَ يَقِيهِ بِإذنِ اللهِ شَرَّاً كَثِيراً.
فاللَّهُمَّ أَعِنِّا جَمِيعاً عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ، سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اهدنِا لأحسنِ الأخلاقِ والأقوالِ والأعمالِ لا يهدي لأحسَنِها إلا أنتَ، واصرف عنَّا سيئَها لا يَصرِفُ عنَّا سيئَها إلا أنت، اللهم زيِّنا بزينة التقوى والإيمان.
اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولِكَ مُحمَّدِ، وعلى آلِهِ وصحبِه أجمعين. اللهم ارزقنا اتِّبَاعَهُ ظَاهِرَاً وَبَاطِنَا، اللهم احشرنا في زمرتِهِ وارزقنا السَّيرَ على سُنَّتِهِ يا ربَّ العالمين، اللهم وفق ولاة أمورنا لما تحبُّ وترضى وأعنهم على البرِّ والتقوى واجعلهم هداةً مهتدين غير ضالين ولا مضلين وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يا ربَّ العالمين.
رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ، اللهم وارحم ضَعفَ إخوانَنا المُستَضعفِينَ في كلِّ مكانٍ وكن لهم ناصِراً ومعيناً.
عبادَ اللهِ: اذكروا الله العظيمَ يذكركم واشكروه على عمومِ نعمه يزدكم، ولذكرُ الله أكبرُ واللهُ يَعلَمُ ما تَصنَعُونَ.
ملتقى الخطباء