حياك الله أخي الكريم وبارك الله فيك وزادك الله علما ونورا.
في البداية أخي الكريم لابد لنا من معرفة الفرق بين القوانين السماوية والقوانين الوضعية حتى يتسنى لنا المضي في الحوار بهذا الموضوع ومعرفة ما نود التوصل إليه من خلال النتائج التي ستظهر لنا في سياق هذا الموضوع.
القوانين السماوية: وهي قواعد تتميز بالثبات وتلائم كل زمان ومكان وفيها من المرونة والدلائل والقواعد التي تبنى عليها القوانين الوضعية والتي يقوم بصياغتها البشر لتكون لهم قواعد حياتيه يتماشون معها طبقا للقانون المعمول به في بلد معين وحسب الديانة التي يدينون بها. وطبعا نحن كمسلمين نشتق قوانينا من القران الكريم والسنة النبوية ومنها نبني القوانين الوضعية وهي وضعية بمعنى أن البشر وضعوها لتتماشي مع أسلوب حياتهم اليومية وضبط الأمور داخل مجتمعاتهم.
القوانين الوضعية: هي ما تستمد من عقول البشر وأما أن تكون مشتقه لنا نحن كمسلمين كما ذكرت أعلاه من القرآن الكريم والسنة النبوية وتخدم مصلحة المجتمع وفيها قوانين أدخلت عليها زيادة تضبط أمور تختص بضبط أفراد المجتمع بكافة شرائحه ومستمدة أحيانا من الشرائع السماوية وأحيانا قوانين تظهر في حينه لضبط موضوع ما تطبق فيه غرامات مالية أو ما تراه الجهة المشرعة في حينه وهذا ينطبق على شريعة كل بلد يستنبط منه القانون الذي يضبط أفراد مجتمعه منها الحلال والحرام فربما ما يكون حرام لديهم حلال عندنا والعكس فالزائر لبلد معنية ويجهل قوانينها يعمل ما يعتقده بأنه غير مجرم في بلده ليتضح له بأن الفعل الذي قام به جريمة بهذا البلد وهكذا أختلاف القوانين بما فيها من حرام وحلال من بلد لآخر والحمد لله على دين الإسلام.
ولننظر للفقرة الأولى من طرحك للموضوع:
للعقاب سمات متنوعة، فهو قصاص عادل للرعية، وهو رادع، وكثيراً ما يعمل على إصلاح المجرم، ان العقاب ليس ظاهرة تاريخية فقط، بل هو جزء من نظام الحق، ومكانه في هذا النظام، يُضفي عليه مغزى متميزاً.
ويتخذ الخطأ ثلاثة أشكال. الأول هو الخطأ غير المتعمد، والمُخطئ هنا يحترم الحق أو القانون، لكنه يُخطئ في تطبيقه على حالة جزئية كما هي الحال في النزاع على الملكية، وهذا النوع من الخطأ، يؤدي إلى ظهور فعل مدني يعيد الوضع إلى حالته السابقة، لكنه لا يؤدي إلى ظهور العقاب.
. والمحاكم وحدها هي التي تختص بالفصل
في الحقيقة أخي الكريم موضوع القصاص موضوع كبير وخاصة في قضايا القتل العمد أو غير العمد أو وضع اليد على ممتلكات الغير بتزوير المستندات وعرضها على جهات الاختصاص لحيازة ملكية لا تعود للمشكو ضدة فنظرة القضاء في هذه الناحية ليست نظرة سطحية بأعاده الحق المسلوب لصاحبه ولكن تترتب عليه أمور أخرى كالتزوير وهذا موضوع آخر يندرج تحت الموضوع نفسه فتصبح الجريمة جريمتين ويضاف إليها الحق العام طبقا للقانون المعمول فيه بهذا البلد ويقصد به حماية حقوق كافة أفراد المجتمع من هذه التصرفات الغير مسؤولة وكما جزئت هذا الخطأ لثلاث أجزاء متعمد وغير متعمد واحترام ولا يحترم والنصب ويالها من طريقة لسلب حقوق الآخرين والإكراه والجريمة.
لنأخذ هذا المثال: قام رجل بمحاولة إكراه مزارع على التنازل عن ملكية ورفض ذلك وقام الرجل بتزوير مستندات وقدمها للحكومة تثبت ملكيته لهذا العقار متعمدا ذاك وغير محترم للقانون وقام بعملية النصب هذه ليست فقط على المزارع وإنما على القانون نفسه وأستخدم القانون بأثبات الملكية لنفسه عن طريق التزوير لأكراه المزارع وانتزاع الملكية منه إذن هي جريمة متكاملة الأركان لشخص واحد فقط وحقيقة لا نستطيع أن نقول بتجزئتها بتوافر أركان الجريمة فيها وتنطبق عليه. وأما من ناحية قولك هو فعل مدني يعيد الوضع الى حالته السابقة لكنه لا يؤدى إلى ظهور العقاب صراحة لست معك في هذا فلو كل شخص قام بعمل ذلك وحكم للآخر برد ما سلبه منه فقط إن تمكن من ذلك فسنجد النصابين يعلمون ليلا نهارا على هذا الموضوع بدون أن تطالهم يد القانون لعدم وجود بند فيه يدين فعلهم هذا وتجريمه قانونا.
بالنسبة للجزء الثاني من طرحك للموضوع:
والخطأ الثاني هو النصب، فالمُخطئ هنا لا يحترم الحق، لكنه على الأقل يحترم ظاهر الحق، العقاب مُناسب للنصب، لأن الحق ظاهر وباطن، ومتى انْتُهك أحد جناحي الحق، فإن الحق يكون مُنتهكاً، لذلك وجب العقاب.
والخطأ الثالث هو الإكراه والجريمة، وهنا لا نجد احتراماً للحق ولا لمظهره، ولهذا كان العقاب لازماً.
فالمجرم يريد تلك الملكية التي سرقها، لكنه يتوقع أن تُؤخذ منه، ومن هذه الزاوية، له الحق في أن يُعَاقَب، فمعاقبته تعني أننا نُعامله على أنه شخص عاقل حر. والعقاب يُلغي الجريمة صراحةً، العقاب قصاص يُشبه الانتقام، أن العقاب انتقام، لكنه انتقام عادل، إلا أن العقاب على خلاف الانتقام، هو رد مناسب على الإهانة المُعترف بها التي وُجِّهَت للحق على أن سلطة مُحايدة مُعترف بها، لا الشخص المُضار ولا أقربائه، هي التي تنفذ العقاب، ذلك أن الانتقام على خلاف العقاب، يمكن أن يؤدي إلى سلسلة لا نهاية لها من الأخذ بالثأر. فالمطلب الذي يقضي بوجود سلطة مُحايدة، وبوجود إرادة ذاتية جزئية، هي إرادة القاضي. لا تكون العدالة انتقاماً بل عقاباً، وهنا تكون النجدة من الأخلاق، أي أن الإرادة الذاتية الجزئية للقاضي لا تحقق العدالة الكلية بوصفها عقاباً إلا إذا استعانتْ بالأخلاق.
قلة العقاب تؤدي إلى وفرة في الجرائم. إن المجرم يخترق القانون بإحساس أنه فوق الآخرين، ولذلك علينا ألا نخزله، ونعامله مُعاملة أدنى، والمُعاملة الأدنى، هي أنه غير مسؤول عن أفعاله، هي نفي لفعله الإجرامي، نُفي لفعله الوجودي.إن ترك المجرم من غير عقاب، هو انتهاك صارخ لحقوقه.
هنا أنت أخي الكريم تفصل الأفعال وتنفدها وتفيد الجوانب التنفيذية للعقاب من قبل السلطات المختصة بما يفيد تطبيق القانون طبقا للجريمة المفتعلة وهناك قرارات ينظر القاضي لها عند أصدراه للحكم عن من قام بهذا الفعل وهل هو الأول له وهل هو متعمد أم لا وهل هو جاهل أو متعلم أو غير عاقل أو من قام بدفعه لذلك وطبعا نعود لبداية موضوعك فالقصاص يختلف اختلافا تاما عن أي جريمة أخرى فهو قتل متعمد أو غير ذلك وهل فيه عفو أو دية أو عفو بدونها لوجه الله تعالى من تنازل أهل المقتول وننظر لقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم) سورة : البقرة الآية : (178). وهذا ما نشير إليه في قولك يمكن أن يؤدي ذلك الى أخذ التأثر وخلافه نتوقف عنه لشرحك له سابقا ونكتفى بهذا الجزء منه حيث تطرقنا إلى تفاصيل ذلك في الرد الأول.
والى الجزء الثالث من طرحك بارك الله فيك:
وبالتالي فالغاية من الجزاء او العقاب يجب ان تكون اخلاقية واجتماعية في الان نفسه ، ذلك لان العقاب في حد ذاته مشروع باعتباره يقوم ويوجه سلوك الفرد والمجتمع ، كما قد نراعي الظروف والبواعث والاسباب المتعلقة بالجريمة .
حل المشكلة
الخاتمة :وكحل لهذه المشكلة يمكن ان نقول ان العقاب مطلب اخلاقي حاسم وضرورة اجتماعية لضبط الافراد وحماية الممتلكات العامة ، وبهذا نفصل بان العقاب هو الذي يهدف الى ردع المجرم وحماية المجتمع ، لكن يجب ان ننظر الاسباب المؤدية الى الجرم .
أن الدين لا يعد شأناً شخصياً وإنما يعدّ -بالمقام الأول-
مكوناً من مكونا الهوية الجماعية والفردية لن يجد الخلاص إلا بالعودة لهويته الدينية،
نجيب عن تساؤلك بهذه بهذا الحديث الشريف:
أنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ في عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزْوَةِ الفَتْحِ، فَفَزِعَ قَوْمُها إلى أُسامَةَ بنِ زَيْدٍ يَسْتَشْفِعُونَهُ، قالَ عُرْوَةُ: فَلَمَّا كَلَّمَهُ أُسامَةُ فيها، تَلَوَّنَ وجْهُ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: أتُكَلِّمُنِي في حَدٍّ مِن حُدُودِ اللَّهِ؟! قالَ أُسامَةُ: اسْتَغْفِرْ لي يا رَسولَ اللَّهِ، فَلَمَّا كانَ العَشِيُّ قامَ رَسولُ اللَّهِ خَطِيبًا، فأثْنَى علَى اللَّهِ بما هو أهْلُهُ، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ؛ فإنَّما أهْلَكَ النَّاسَ قَبْلَكُمْ: أنَّهُمْ كانُوا إذا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وإذا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أقامُوا عليه الحَدَّ، والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لو أنَّ فاطِمَةَ بنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ، لَقَطَعْتُ يَدَها. ثُمَّ أمَرَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بتِلْكَ المَرْأَةِ، فَقُطِعَتْ يَدُها، فَحَسُنَتْ تَوْبَتُها بَعْدَ ذلكَ وتَزَوَّجَتْ. قالَتْ عائِشَةُ: فَكانَتْ تَأْتي بَعْدَ ذلكَ فأرْفَعُ حاجَتَها إلى رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
الراوي : عروة بن الزبير | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري.
الصفحة أو الرقم: 4304 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
نأتي الآن لنرد على تساؤلاتك بخصوص هذا الطرح بارك الله فيك
هل تعتقد أن العقاب لابد أن يتم بحسب دوافع الجريمة؟
نعم أخي الكريم يجب أن يتم العقاب بحسب درجة الجريمة وحسب دوافعها ودرجة الضرر فيها.
هل العقاب يعمل على إصلاح المجرم؟
أحيانا وليس دائما.
كيف يكون حال المجتمع إذا لم يكن هناك عقاب للمجرمين؟
تسود الفوضى والجرائم ويفسد المجتمع ويأكل القوى الضعيف.
هل تعتقد أن الجرائم الالكترونية أصبحت من أكبر الجرائم العالمية؟
نعم للأسف الشديد فتبدأ من البيت متسلله للمجتمع ومن ثم للعالم الإسلامي ومن صدره إلينا.
يامرحبابك وحياك الله والله يعطيك العافية.