قبيلة العوالق السفلى: دراسة في النشأة، النسب، والتأثير التاريخي:


الباحث

عضو جديد
LV
0
 
إنضم
11 أغسطس 2025
المشاركات
11
قبيلة العوالق السفلى: دراسة في النشأة، النسب، والتأثير التاريخي:
.
تُعد قبائل العوالق تحالفًا قبليًا ذو امتداد تاريخي وجغرافي واسع في جنوب شبه الجزيرة العربية، وتتركز بشكل رئيسي في اليمن، مع انتشار ملحوظ في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ووصول بعض فروعها إلى شمال إفريقيا. هذا الكيان القبلي، الذي يضم أكثر من عشرين قبيلة، ينقسم بشكل عام إلى العوالق العليا والعوالق السفلى، وكلٌ منهما يمتلك خصائص تاريخية واجتماعية مميزة. يهدف هذا المقال إلى تسليط الضوء على قبيلة العوالق السفلى، مع التركيز على نشأتها، تفرعاتها، ونسبها المرجح إلى قبائل همدان، بالإضافة إلى دورها التاريخي في المنطقة.
العوالق السفلى: النشأة والتطور السياسي:
تُشكل قبائل العوالق السفلى مكونًا أساسيًا من التحالف العوالقي الأكبر، ويُعرفون أيضًا باسم "آل باكازم" أو "الكوازم". اتخذت هذه القبائل من أحور، الواقعة حاليًا في محافظة أبين، عاصمة لها. يتميز تاريخ العوالق السفلى بتأسيس سلطنة العوالق السفلى في القرن الثامن عشر الميلادي، والتي انفصلت عن السلطنة الأم، مؤكدة استقلاليتها في إدارة شؤونها، خاصة خلال فترة نفوذ الدولة العثمانية. هذا الانفصال يعكس ديناميكية التكوينات القبلية والسياسية في المنطقة وقدرتها على تشكيل كيانات حكم ذاتي.
البطون والفروع: النسيج الاجتماعي للعوالق السفلى:
تتميز قبائل العوالق السفلى بتفرعها إلى عدد كبير من البطون والفروع، مما يعكس عمق وتنوع البنية الاجتماعية لهذه القبيلة. من أبرز هذه الفروع: آل علي بن ناصر، آل المساعدة، آل عوض بن عيدة، آل عميسي، آل ذيب، آل عفوي، آل بولقيش، آل رطيل، آل عمبور، آل شعر، آل سعد، آل سفلان، آل شمعي، آل خليل، آل حنشي، آل النوبه، آل مقرومي، آل لحاق، آل مسعود، آل جهيمان، وآل شلوان. هذا التنوع في الفروع يدل على تاريخ طويل من الاستقرار والتكاثر، ويعكس الأدوار المتعددة التي لعبها كل فرع في تشكيل الهوية الجماعية والتاريخ المجتمعي للعوالق السفلى.
الأصول النسبية: العوالق السفلى وبنو أحور من همدان:
تتباين الآراء حول الأصول النسبية لتحالف العوالق ككل، حيث تُرجع بعض الروايات نسبهم إلى أصول قحطانية وعدنانية، وتحديدًا إلى حمير وكندة. ومع ذلك، تشير بعض المصادر التاريخية، لا سيما ما ذكره الهمداني في "الإكليل"، إلى أن العوالق السفلى من أحور هم في الأصل بنو أحور، وينتمون إلى قبيلة بكيل من همدان. يوضح الهمداني نسبهم على النحو التالي: "بني أحور بن المعاور بن أدهم بن قيس بن ربيعة بن عبد بن عليان بن أرحب من بكيل همدان". هذا القول يدعم فرضية أن جزءًا كبيرًا، إن لم يكن أغلب، من العوالق السفلى ينحدرون من هذا الفرع الهمداني العريق.
بنو أحور من بكيل: تفاصيل النسب وتفرعات المعاور:
تُعد قبيلة بنو أحور جزءًا لا يتجزأ من قبائل بكيل الهمدانية العريقة، وتحديدًا من نسب بني المعاور. يتتبع الهمداني في "الإكليل" أنساب أدهم بن قيس، الذي أولد سبعة أبناء، منهم المعاور. وقد أنجب المعاور ابنين رئيسيين: أحور وبني عبدالله.
بنو أحور بن المعاور: أولدوا صقلان بن أحور ومقتر بن أحور، واللذان دخلا في "السقل بالحلاة"، مما يشير إلى تحالف أو اندماج قبلي.
بنو عبدالله بن المعاور: أولدوا عمرو وبريه، واللذان اشتهرا بالهجرة.
يشير الهمداني أيضًا إلى أبناء عمومة بني أحور ضمن بكيل همدان، مثل بني شريف، وبني الحباب بن عرعرة، وبني حبيش بن الحسن بن طارق (الذين يُرجع إليهم الجحادر). هذا التشابك النسبي يوضح عمق الجذور الهمدانية لبني أحور وامتدادهم ضمن نسيج قبلي أكبر.
إن وجود تقسيمات ثنائية ضمن نسب بني المعاور (أحور وعبدالله) قد يعكس نمطًا من الثنائية في التركيب القبلي للعوالق، مما يتوافق مع انقسامهم المعروف إلى العوالق العليا والعوالق السفلى. هذه الثنائية، وإن كانت استنتاجية، توفر منظورًا محتملًا لفهم العلاقات البنائية ضمن هذه التحالفات القبلية.
الهجرة والتأثير الثقافي:
لم يقتصر وجود قبائل العوالق، بما في ذلك العوالق السفلى، على موطنهم الأصلي في جنوب الجزيرة العربية. فقد دفعتهم النزاعات الداخلية أو الظروف الاقتصادية إلى موجات من الهجرة عبر التاريخ، مما أدى إلى انتشارهم في مناطق متعددة داخل الجزيرة العربية (كالسعودية والإمارات) وخارجها، وصولًا إلى العراق، تونس، ليبيا، والجزائر. ساهم هؤلاء المهاجرون في نشر ثقافتهم وتعزيز الروابط الاجتماعية في المجتمعات الجديدة، مما يعكس قدرتهم على التكيف مع بيئات مختلفة مع الحفاظ على هويتهم القبلية.
الخلاصة:
تُعد قبيلة العوالق السفلى في أحور نموذجًا حيًا للتعقيد والتنوع في التركيب القبلي والتاريخ الاجتماعي لجنوب شبه الجزيرة العربية. من خلال نشأتها كسلطنة مستقلة، وتفرعاتها الواسعة، ونسبها المرجح إلى بني أحور من بكيل همدان، تجسد العوالق السفلى رمزًا للهوية والقيادة التاريخية. يظل فهم الأصول الدقيقة والروابط النسبية المعقدة لهذه القبيلة مجالًا خصبًا للبحث العلمي، الذي يمكن أن يساهم في إثراء فهمنا لتاريخ اليمن والجزيرة العربية بشكل عام.
 

بارك الله فيك اخي الكريم

لتعرفنا عن القبائل العربية العريقة موضوع جيد

يرجى التنسيق اكثر من ذالك

تحياتي
 
شكرا لك
.
 
عودة
أعلى أسفل