خطب ثقافة التبرع

فزاععضوية موثوقة

مشرف الذكاء الاصطناعي والسيارات وأخبار التكنولوجيا
فريق الإشراف
LV
0
 
إنضم
16 سبتمبر 2024
المشاركات
1,001

الحمد لله الواسع في عطائه، الكريم في جزائه، دعا إلى التبرع والإحسان، ووعد بالأجر والرضوان، ونشهد أن لا إله إلا الله، ونشهد أن سيدنا محمدا رسول الله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله، ﴿وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى﴾.

أيها المؤمنون: قيمة إيمانية سامية، وثقافة إنسانية راقية، هي أصل التكامل، وجوهر التكافل، وذروة الفضائل، إنها ثقافة التبرع، وتعني: العطاء بلا مقابل، والتفضل بلا عوض، والبذل بلا ثمن، ابتغاء وجه الله، وطلبا لمرضاته جل في علاه. وميادين التبرع يا عباد الله واسعة، وأبوابه متنوعة، قال رسول الله ﷺ: «‌كل ‌معروف ‌صدقة»،

بهذا الحديث النبوي الشريف؛ غرس ﷺ في قلوب أصحابه ثقافة التبرع، وحب البذل من كل باب، فإن أغلق باب طرقوا آخر، فبذل المال -تطوعا- تبرع، وبناء المساجد والمستشفيات تبرع، وتقديم العلم والخبرة تبرع، ومساعدة الناس تبرع، قال ﷺ: «تعدل بين الاثنين صدقة، وتعين الرجل في دابته، فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه؛ صدقة، والكلمة ‌الطيبة ‌صدقة ... وتميط الأذى عن الطريق صدقة»،

وعندما سئل عليه الصلاة والسلام: أي الناس أحب إلى الله، وأي الأعمال أحب إلى الله؟ قال ﷺ: «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا...».

وكلها من أوجه التبرع العظيمة، وأبوابه الجليلة، ومن أسمى تلك الأبواب وأنفعها: الجود بالطعام، وسقي الماء، فهذا نبينا وحبيبنا ﷺ يمر على قوم تبرعوا بإخراج الماء من البئر لسقاية الناس، فشجعهم قائلا: «اعملوا؛ فإنكم على عمل صالح»، ثم قال: «لولا أن تغلبوا -أي: يزاحمكم الناس على السقاية- لنزلت حتى أضع الحبل على هذه». يعني: عاتقه الشريف ﷺ، فانظروا إلى حرصه ﷺ على التبرع بما ينفع الآخرين.

عباد الله: إن من أعظم صور التبرع أثرا، وأكبرها أجرا؛ الوقف، لعموم نفعه، واستدامة خيره، وكذلك التبرع بالدم والأنسجة والأعضاء، وفق الضوابط الشرعية، والقوانين الرسمية، ففيه إنقاذ للنفس البشرية، وربنا جل وعلا يقول: ﴿ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا﴾ إنه تبرع تحيا به الأرواح، وتبتهج القلوب، ويعيد الأمل، ويدخل السرور على الأسر، فأي تبرع أرفع منه قدرا، وأعلى منه فضلا، وأعظم عند الله أجرا؟ فطوبى لمن بذل من دمه حياة، ومن جسده نجاة، ومن عطائه رحمة ومواساة، أولئك أهل البر والإحسان، الذين امتلأت قلوبهم بالرحمة والإيمان.

﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم﴾.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.

الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي جعل التبرع بابا عظيما من أبواب البر، وسبيلا كريما لنيل الأجر، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم المرسلين، وعلى آله وصحبه والتابعين.

أما بعد: فيا أيها المؤمنون: إن التبرع ليس عملا عابرا، بل هو خلق راسخ، وسلوك مستدام، يجسد تلاحم المجتمعات وترابطها، ويعلي قيم التكافل والتراحم بينها، يجد فيه المتبرع سعادة قلبه، وانشراح صدره، ورضا نفسه، مصداقا لقول الله تعالى: ﴿ولسوف يرضى

وبالتبرع تزكو النفس من بخلها، وتتخلص من شحها، قال سبحانه: ﴿ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون﴾ وفي الآخرة يعوض الله المتبرعين عما تبرعوا، ويعطيهم أضعاف ما بذلوا، كما قال جل شأنه: ﴿وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين﴾ ﴿وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون﴾.

فلا تحرموا أنفسكم فضل التبرع وثوابه، ولو بأقل ما تستطيعون، وأيسر ما تحسنون، وعززوا ثقافة التبرع في أسركم، واغرسوها في أولادكم، يرض عنكم ربكم، ويسعد مجتمعكم.

اللهم اجعل التبرع ثقافتنا، والعطاء نهجنا، والكرم خلقنا، والسخاء شيمتنا، واجعلنا لخلقك نافعين، ولأبواب البر موفقين، وإلى ميادين الخير سابقين، ولوجهك مخلصين.

اللهم ارزقنا قلوبا سخية، تعطي ولا تضن، وتحسن ولا تمن، وتتبرع ولا تتوقف، وتسارع في الخير ولا تتخلف، وتبتغي بعطائها وجهك، وبتبرعها رضاك وأجرك.

اللهم صل وسلم على سيدنا ونبينا محمد خاتم المرسلين، وعلى آله وصحبه والتابعين، وارض اللهم عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة الأكرمين.

اللهم اجعلنا بك مؤمنين، ولك عابدين، وإلى التبرع سباقين، وبوالدينا بارين، وارحمهم كما ربونا صغارا يا أرحم الراحمين، يا من لا ترد من ناداك، ولا تخيب من رجاك، من الذي دعاك فلم تجبه، من الذي استجارك فلم تجره، ومن الذي استعان بك فلم تعنه، اهدنا بهداك، واجعل عملنا في رضاك، واقض حوائجنا، واشف مرضانا، وارحم موتانا، واحفظ أولادنا، وأسعد أسرنا يا رب العالمين
.​
 

بارك الله فيك يالغالي
يجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لمشاهدة الاقتباس المخفي
اللهم آمين يارب العالمين
 
عودة
أعلى أسفل