خطب ربنا الرحمن


فزاععضوية موثوقة

مشرف الذكاء الاصطناعي والسيارات وأخبار التكنولوجيا
فريق الإشراف
LV
0
 
إنضم
16 سبتمبر 2024
المشاركات
1,134
  • الخطبة الأولى:
الحمد لله الرحمن الرحيم، وسعت رحمته الخلائق أجمعين، ونشهد أن لا إله إلا الله، ونشهد أن سيدنا محمدا رسول الله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله، قال جل في علاه: ﴿وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون﴾.

أيها المؤمنون: الله الرحمن، اسم تأنس لسماعه القلوب، وتطمئن بمعانيه النفوس، به عرف ربنا نفسه إلى عباده، فقال في كتابه: ﴿وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم﴾ وذكره مرتين في مفتتح القرآن فقال: ﴿بسم الله الرحمن الرحيم* الحمد لله رب العالمين* الرحمن الرحيم﴾ ولم لا؟ فالقرآن ﴿تنزيل من الرحمن الرحيم﴾ أنزله ليكون رحمة للناس أجمعين، وبالرحمة أرسل نبينا الكريم: ﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾.

ومن تجليات رحمته سبحانه: ما هيأه لنا من أسباب العيش في أرضه، ﴿ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض والفلك تجري في البحر بأمره ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرءوف رحيم﴾، سبحانك ربنا ما أرحمك، فاضت على الوجود رحمتك، وعمت جميع خلقك، فحق قولك: ﴿ورحمتي وسعت كل شيء﴾، تعلق برحمتك الرسل والأنبياء، ورفعوا في طلبها أكف الرجاء، فقال موسى عليه السلام داعيا: ﴿رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين﴾ وقال سليمان عليه السلام سائلا: ﴿وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين﴾، وقال حبيبك محمد راجيا: «‌ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك»، سبحانك، كل الخلائق ترجو رحمتك، كل بحسب حاله، وأنت يا ﴿ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما﴾، اطلعت على المذنبين فسترت، ورحمت فعفوت، وعلى عرشك كتبت: «إن ‌رحمتي ‌سبقت ‌غضبي»، وفي القرآن ناديت: ﴿يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم﴾، سبحانه من رب عظيم ما أرحمه، فتح أبواب السماء بالعطاء، وبسط أسباب السخاء، ﴿وقال ربكم ادعوني أستجب لكم﴾، فإن دعوته استجاب دعاءك، وسمع مناجاتك، وجبر خاطرك، برحمته ﴿وهو أرحم الراحمين﴾، فكم أسعدك يا عبد الله بنعمة لك هيأها، وكم بكت عينك من كربة حين فرجها، وكم أراح قلبك من غموم حين أزاحها، وما ذاك ﴿إلا رحمة من ربك إن فضله كان عليك كبيرا﴾،

ومن رحمته أن جاد بعد الشدائد والمحن، بالعطايا والهبات والمنح، وشد من أزر عباده بقوله: ﴿سيجعل الله بعد عسر يسرا﴾، فلا تحزن ولا توجل، وفوقك سماء منها الرحمات تتنزل، إن لك ربا رحيما يطمئن قلبك، ويمسح ألمك، ويداوي سقمك، يأخذ منك ليمنحك، ويمنعك ليعطيك، يغلق بابا ليفتح أبوابا، ﴿إن ربكم لرءوف رحيم﴾، يوفقك في أعمالك، وييسر عليك مسؤولياتك، يدبر لك أمرك على أحسن الوجوه وأتمها، وأفضلها وأنسبها، فإن ألم بك أمر فثق برحمة ربك، واعلم أنك على الاجتهاد تؤجر، وعلى البلاء تؤجر، وعلى الصبر تؤجر، فـ«ما من شيء يصيب المؤمن، ‌حتى ‌الشوكة تصيبه، إلا كتب الله له بها حسنة أو حطت عنه بها خطيئة»، ﴿رحمة من ربك إنه هو السميع العليم﴾.

﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم﴾.

أقول قولي هذا وأستغفر اللهلي ولكم فاستغفروه.

الخطبة الثانية:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام علىمن لا نبي بعده.

أما بعد؛ فيا أيها المؤمنون :إن كل ما في الدنيا من مظاهر رحمة الله؛ إنما هو جزء من مائة جزء من واسع رحمته، قال رسول الله ﷺ: «جعل الله الرحمة ‌مائة ‌جزء، فأمسك عنده تسعة وتسعين، وأنزل في الأرض جزءا واحدا، فمن ذلك الجزء تتراحم الخلائق»، فمن أراد أن تشمله رحمة ربه؛ فليكن رحيما بغيره، قال النبي : «الراحمون ‌يرحمهم ‌الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء». فلنجعل الرحمة أساس التعامل مع والدينا، استجابة لأمره تعالى: ﴿واخفض لهما جناح الذل من الرحمة﴾، ولنزين حياتنا الأسرية بالرحمة والمحبة مع أزواجنا، إعمالا لقوله تعالى: ﴿وجعل بينكم مودة ورحمة﴾، فإن ذهبت المودة بقيت الرحمة، قال عمر رضي الله عنه لرجل أراد أن يطلق زوجته لعدم محبتها: ليس كل ‌البيوت ‌تبنى على الحب، أي: تبقى الرحمة عند ذهاب المحبة. وإن أولادنا من أولى الناس بعطفنا ورحمتنا، وذلك هدي نبينا ، قال أنس رضي الله عنه: «ما رأيت أحدا كان ‌أرحم ‌بالعيال من رسول الله ﷺ».

ألا فاجعلوا الرحمة سمة بارزة في مجتمعكم، وكافة سلوكياتكم وتعاملاتكم، وربوا عليها أولادكم، وتعرضوا لرحمة ربكم بالدعاء؛ كما فعل الأنبياء، وأكثروا من الطاعة والإحسان، فـ﴿إن رحمت الله قريب من المحسنين﴾، ﴿وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون﴾، ﴿وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون﴾، ﴿واستغفروا الله إن الله غفور رحيم﴾.

هذا وصل اللهم وسلم على سيدنا ونبينا محمد خاتم المرسلين، وعلى آله وصحبه والتابعين، وارض اللهم عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة الأكرمين. اللهم يا رحمن الدنيا والآخرة، ارحمنا رحمة تغنينا وتكفينا.

اللهم اجعلنا ممن رحمته، وشرحت صدره، ويسرت أمره، وغفرت ذنبه، يا أرحم الراحمين.

اللهم اجعلنا بك مؤمنين، ولك عابدين، وفيما بيننا متراحمين، وبوالدينا بارين، وارحمهم كما ربونا صغارا يا أرحم الراحمين.

اللهم ارحم أمواتنا يا رحمن، وعاملهم بالرحمة والإحسان، واملأ قبورهم رحمة، واجعل حسابهم رحمة، وثقل موازينهم برحمتك، وأدخلهم الجنة بمنتك.
 

بارك الله فيك أخوي الغالي

يجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لمشاهدة الرابط المخفي


خطبتين بقمة الروعة تلخص لنا معنى عبادت الله حق عبادته وتقوى القلوب لم اشاء ان ارد عليك لحين ماقراءة الخطبتين بتمعن

أحسنت الاختيار وجعله الله تعالى بميزان اعمالك

واللهم آمين يارب العالمين

تحياتي واحترامي
 
عودة
أعلى أسفل