الغريبة
عضو مشاغب
ما صحة الأحاديث التي فيها ذكر
اليماني والأبقع والأصهب .
السؤال
هناك أحاديث عن اليماني والأبقع والأصهب والأعرج وغيرهم .
هل هي أحاديث صحيحة تسبق نزول المهدي ؟
وهل تنزل على أشخاص في هذا الزمان ؟
الجواب
الحمد لله.
لم يرد عن النبي ﷺ حديث صحيح
ولا ضعيف فيه ذكر لليماني ولا الأبقع ولا الأصهب ولا الأعرج ،
إنما ورد ذكرهم في بعض الآثار عن الصحابة والتابعين ،
وكلها لا تصح .
أما ما ورد عن الصحابة فقد جاء عن علي بن أبي طالب
وعمار بن ياسر رضي الله عنهما ، وذي قربات
وهو مختلف في صحبته ، وهذا بيان ما ورد عنهم .
ما جاء عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه :
أخرجه نعيم بن حماد في "الفتن" (841) فقال : حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ ، وَرِشْدِينُ ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ ،
عَنْ أَبِي قَبِيلٍ ، عَنْ أَبِي رُومَانَ ، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ: " إِذَا اخْتَلَفَتْ أَصْحَابُ الرَّايَاتِ السُّودِ خُسِفَ بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَى أُرَمَ ،
وَيَسْقُطُ جَانِبُ مَسْجِدِهَا الْغَرْبِيُّ ، ثُمَّ تَخْرُجُ بِالشَّامِ ثَلَاثُ رَايَاتٍ: الْأَصْهَبُ ، وَالْأَبْقَعُ ، وَالسُّفْيَانِيُّ ،
فَيَخْرُجُ السُّفْيَانِيُّ مِنَ الشَّامِ ، وَالْأَبْقَعُ مِنْ مِصْرَ ، فَيَظْهَرُ السُّفْيَانِيُّ عَلَيْهِمْ ".
وإسناده ضعيف جدا ، فيه أكثر من علة ،
منها :
أبو رومان :لم يترجم له إلا ابن منده
في فتح الباب في "الكنى والألقاب" (2882) فقال :
" حدث عَن: عَليّ بن أبي طَالب فِي الْفِتَن. روى حَدِيثه :
عبد الله بن لَهِيعَة، عَن أبي قبيل عَن أبي رُومَان ".انتهى .
ومن هذا حاله كان في عداد المجهولين .
عبد الله بن لهيعة : من أهل العلم من يضعفه مطلقا
كما قال الذهبي :
" ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَغَيْرُهُ ، وَسَائِرُ النُّقَّادِ عَلَى أَنَّهُ لا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ.".
"تاريخ الإسلام" (4/668) .
ومنهم من يعتبر من حديثه ما كان قبل الاختلاط كرواية العبادلة
كما قال الدارقطني في الضعفاء والمتروكين(319) :
" يعتبر بما يروي عنه العبادلة ابن المبارك، والمقرىء، وابن وهب". انتهى .
ومنهم من يحسن حديث من روى عنه قبل الاختلاط كالعبادلة ونفر يسير ، كما نقل ابن شاهين في
"ذكر من اختلف العلماء ونقاد الحديث فيه"(18) :
" أَحْمد بن صَالح أَنه سُئِلَ عَن ابْن لَهِيعَة فَقَالَ: ثِقَة. قيل لَهُ: فَمَا روى الثِّقَات عَن ابْن لَهِيعَة
وَوَقع فِيهَا تَخْلِيط ترى أَن يطْرَح ذَلِك التَّخْلِيط ؟ قَالَ : نعم ، وَرفع بِابْن لَهِيعَة.
قَالَ أَبُو حَفْص :
وَالْقَوْل فِي ابْن لَهِيعَة عِنْدِي قَول أَحْمد بن صَالح لِأَنَّهُ من بَلَده،
وَمن أعرف النَّاس بِهِ وبأشكاله من المصريين".
وقال ابن حجر في "التقريب" (2563) :
" صدوق من السابعة خلط بعد احتراق كتبه ، ورواية بن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما".
انتهى .
وهذا هو الأقرب في حاله . والله أعلم ،
وليس الوليد ولا رشدين ممن روى عنه قبل الاختلاط .
وانظر في ذلك "الكواكب النيرات" (25) .
الوليد بن مسلم : وهو ثقة إلا أنه يدلس ، ذكر ذلك غير واحد من أهل العلم ،
قال أبو مسهر :
" كان الوليد بن مسلم يحدث بأحاديث الأوزاعي
عن الكذابين ثم يدلسها عنهم . " .
انتهى . تاريخ دمشق" (63/291) ،
وقال الذهبي في "تاريخ الإسلام" (4/1240) :
" كان الوليد مَعَ حفظه وثقته قبيح التدليس ، يحملُ عَنْ أُناسٍ كذّابين وتلفى عَنِ ابن جُرَيج وغيره ،
ثمّ يُسْقِط الَّذِي سمع منه ويقول: عَنِ ابن جُرَيج.". انتهى ،
بل وتدلسيه شر أنواع التدليس وهو تدليس التسوية
كما قال الدارقطني في "الضعفاء والمتروكين" (632) :
" الوليد بن مسلم يرسل ، يروي عن الأوزاعي أحاديث الأوزاعي، عن شيوخ ضعفاء ، عن شيوخ قد أدركهم الأوزاعي ،
مثل نافع وعطاء والزهري ، فيسقط أسماء الضعفاء ويجعلها عن الأوزاعي عن عطاء ،
يعني مثل عبد الله بن عامر الأسلمي ، وإسماعيل بن مسلم ". انتهى .
وكذا قال ابن القطان في" بيان الوهم والإيهام" (4/110) والعلائي في "جامع التحصيل" (58)
وأبو زرعة العراقي في "المدلسين" (69) ، وسبط ابن العجمي في "التبيين لأسماء المدلسين" (83) .
ويشترط لقبول حديث من يدلس تدليس التسوية
أن يصرح بالتحديث في جميع طبقات الإسناد ،
وهو هنا قد عنعن .
رشدين بن سعد : ضعفه أحمد وابن معين وأبو زرعة ،
وقال أبو حاتم :
" منكر الحديث وفيه غفلة، ويحدث بالمناكير عن الثقات،
ضعيف الحديث ". "الجرح والتعديل" (3/513) .
وقال فيه النسائي :
"متروك الحديث ". "الضعفاء والمتروكون" (203) ،
وضعفه الدارقطني كما في "الضعفاء والمتروكين" (220) ،
وقال فيه الذهبي :
سيء الحفظ لا يُبَالِي عَمَّنْ رَوَى.
انتهى . "تاريخ الإسلام" (4/894).
نعيم بن حماد : مصنف كتاب الفتن من أئمة السنة ،
إلا أنه في الحديث كثير الوهم ، خاصة في باب الملاحم والفتن ،
بل واستنكر أهل العلم ما رواه في كتاب الفتن ،
وهذه أقوال أهل العلم فيه :
ضعفه النسائي فقال :
روى أحاديث مناكير عن الثقات .
انتهى "الضعفاء" (ص101) ،
وقال أيضا :
كثر تفرده عن الأئمة المعروفين بأحاديث كثيرة
فصار في حد من لا يحتج به .
انتهى. "تاريخ دمشق" (62/169) ،
وقال الدارقطني كما في "سؤالات الحاكم" (503) :
" إمام في السنة كثير الوهم. انتهى ،
وقال مسلمة بن قاسم في كتاب الصلة :
كان صدوقا، أدخله العقيلي في الصحيح، وهو كثير الخطأ،
وله أحاديث منكرة في الملاحم انفرد بها.
انتهى "إكمال تهذيب الكمال" (12/67) ،
وقال الذهبي :
" لاَ يَجُوْزُ لأَحَدٍ أَنْ يَحْتَجَّ بِهِ وَقَدْ صَنَّفَ كِتَابَ الفِتَنِ فَأَتَى فِيْهِ بِعَجَائِبَ وَمَنَاكِيْرَ .
انتهى "السير" (10/609) ،
وقال ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (2/394) :
" قُلْتُ: تَصْحِيحُ هَذَا الْحَدِيثِ بَعِيدٌ جِدًّا مِنْ وُجُوهٍ، مِنْهَا: أَنَّهُ حَدِيثٌ يَتَفَرَّدُ بِهِ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ الْمَرْوَزِيُّ،
وَنُعَيْمٌ هَذَا وَإِنْ كَانَ وَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ، وَخَرَّجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ، فَإِنَّ أَئِمَّةَ الْحَدِيثِ كَانُوا يُحْسِنُونَ بِهِ الظَّنَّ،
لِصَلَابَتِهِ فِي السُّنَّةِ، وَتَشَدُّدِهِ فِي الرَّدِّ عَلَى أَهْلِ الْأَهْوَاءِ، وَكَانُوا يَنْسُبُونَهُ إِلَى أَنَّهُ يُهِمُ، وَيُشَبَّهُ عَلَيْهِ
فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ، فَلَمَّا كَثُرَ عُثُورُهُمْ عَلَى مَنَاكِيرِهِ، حَكَمُوا عَلَيْهِ بِالضَّعْفِ". انتهى .
فتبين مما سبق أن الأثر مسلسل بالضعفاء فيه أكثر من علة ،
فلا يصح عن علي رضي الله عنه .
ما جاء عن عمار بن ياسر رضي الله عنه .
وقد ورد عنه خبران باطلان :
الأول : أخرجه نعيم بن حماد في "الفتن" (963) من طريق ابن لهيعة ، وأبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن" (497)
من طريق المؤمل ، كلاهما عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ الْغَافِقِيِّ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، قَالَ:
" إِذَا انْسَابَتْ عَلَيْكُمُ التُّرْكُ ، وَجَهَّزَتِ الْجُيُوشَ إِلَيْكُمْ ، وَمَاتَ خَلِيفَتُكُمُ الَّذِي يَجْمَعُ الْأَمْوَالَ ، وَيُسْتَخْلَفُ مِنْ بَعْدِهِ رَجُلٌ ضَعِيفٌ ،
فَيُخْلَعُ بَعْدَ سَنَتَيْنِ ، وَيُحَالِفَ الرُّومَ وَالتُّركَ وَتَظْهَرُ الْحُرُوبُ فِي الْأَرْضِ ، وَيُنَادِي مُنَادٍ عَلَى سُوَرِ دِمَشْقَ:
وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ ، وَيُخْسَفُ بِغَرْبِيِّ مَسْجِدِهَا ، حَتَّى يَخِرَّ حَائِطُهَا ، وَيَخْرُجَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ بِالشَّامِ ،
كُلُّهُمْ يَطْلُبُ الْمُلْكَ ، رَجُلٌ أَبْقَعُ ، وَرَجُلٌ أَصْهَبُ ، وَرَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ أَبِي سُفْيَانَ ، يَخْرُجُ بِكَلْبٍ وَيُحْصَرُ النَّاسَ بِدِمَشْقَ ،
وَيَخْرُجُ أَهْلُ الْمَغْرِبِ يَنْحَدِرُونَ إِلَى مِصْرَ ، فَإِذَا دَخَلُوا فَتِلْكَ إِمَارَةُ السُّفْيَانِيِّ ، وَيَخْرُجُ قَبْلَ ذَلِكَ مَنْ يَدْعُو لِآلِ مُحَمَّدٍ ،
وَتَتْرُكُ التُّرْكُ الْجَزِيرَةَ ، وَتَنْزِلُ الرُّومُ فِلَسْطِينَ ، وَيُقْبِلُ صَاحِبُ الْمَغْرِبِ ، فَيَقْتُلُ الرِّجَالَ ، وَيَسْبِي النِّسَاءَ ،
ثُمَّ يَرْجِعُ حَتَّى يَنْزِلَ الْجَزِيرَةَ إِلَى السُّفْيَانِيِّ ".
وإسناده تالف فيه : أبو زرعة عمرو بن جابر متهم بالكذب ، كذبه أحمد بن حنبل كما في "العلل" (4644) ،
وقال فيه النسائي في "الضعفاء والمتروكين" (447) : "ليس بثقة " ،
وقال ابن عدي في "الكامل" (6/201) :
" فِي جُمْلَةِ الضُّعَفَاءِ وَفِي جُمْلَةِ مَنْ كَانَ يَقُولُ إِنَّ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلامُ فِي السَّحَابِ
وَكَانَ النَّاسُ يَرْمُونَهُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعٌا مِنْ قَوْلِهِ فِي عَلِيٍّ وَمِنْ ضَعْفِهِ فِي رِوَايَاتِهِ". انتهى ،
وقال ابن حبان في "المجروحين" (2/68) :
" كَانَ سحابيا يزْعم أَن عليا فِي السَّحَاب ، كَأَنَّهُ جَالس الْكُوفِيّين فَأخذ هَذَا عَنْهُم ،
وَمَعَ ذَلِك ينْفَرد عَن جَابر بأَشْيَاء لَيست من حَدِيثه ، لَا يحل الِاحْتِجَاج بِخَبَرِهِ وَلَا الرِّوَايَة عَنهُ إِلَّا على وَجه التَّعَجُّب"
انتهى .
الثاني : أخرجه نعيم بن حماد في "الفتن" (882) فقال : حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، وَرِشْدِينُ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ،
عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، قَالَ:
فَيَتْبَعُ عَبْدُ اللَّهِ عَبْدَ اللَّهِ، فَتَلْتَقِي جُنُودُهُمَا بِقَرْقِيسِيَا عَلَى النَّهَرِ، فَيَكُونُ قِتَالٌ عَظِيمٌ، وَيَسِيرُ صَاحِبُ الْمَغْرِبِ
فَيَقْتُلُ الرِّجَالَ وَيَسْبِي النِّسَاءَ، ثُمَّ يَرْجِعُ فِي قَيْسٍ حَتَّى يَنْزِلَ الْجَزِيرَةَ إِلَى السُّفْيَانِيِّ، فَيَتْبَعُ الْيَمَانِيَّ
فَيَقْتُلُ قَيْسًا بِأَرِيحَا، وَيَحُوزُ السُّفْيَانِيُّ مَا جَمَعُوا، ثُمَّ يَسِيرُ إِلَى الْكُوفَةِ فَيَقْتُلُ أَعْوَانَ آلِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ يَظْهَرُ السُّفْيَانِيُّ
بِالشَّامِ عَلَى الرَّايَاتِ الثَّلَاثِ، ثُمَّ يَكُونُ لَهُمْ وَقْعَةٌ بَعْدَ قَرْقِيسِيَا عَظِيمَةٌ، ثُمَّ يَنْفَتِقُ عَلَيْهِمْ فَتْقٌ مِنْ خَلْفِهِمْ،
فَيُقْبِلُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ حَتَّى يَدْخُلُوا أَرْضَ خُرَاسَانَ، وَتُقْبِلُ خَيْلُ السُّفْيَانِيِّ كَاللَّيْلِ وَالسَّيْلِ، فَلَا تَمُرُّ بِشَيْءٍ إِلَّا أَهْلَكَتْهُ وَهَدَمَتْهُ،
حَتَّى يَدْخُلُوا الْكُوفَةَ، فَيَقْتُلُوا شِيعَةً مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ يَطْلُبُونَ أَهْلَ خُرَاسَانَ فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَيَخْرُجُ أَهْلُ خُرَاسَانَ
فِي طَلَبِ الْمَهْدِيِّ، فَيَدْعُونَ لَهُ وَيَنْصُرُونَهُ. انتهى .
وإسناده تالف كسابقه فيه : عمرو بن جابر متهم بالكذب ،
وتقدمت ترجمته في الأثر السابق .
ما جاء عن ذي قَرَنات الحميري صاحب أخبار الملاحم .
وهو مختلف في صحبته كما قال ابن منده في "معرفة الصحابة" (ص581) :"اختلف في صحبته ".
وضعف البغوي في "معجم الصحابة" (2/319) ثبوت صحبته ، فقال :
" ولا أحسب ذا قرنات سمع من النبي ﷺ شيئا ". انتهى ،
وعده ابن حجر من تابعي أهل الشام كما في "تبصير المنتبه" (1/12) ،
ومع ذلك فالسند إليه لا يصح ، وهذا ما جاء عنه :
ورد عنه خبران باطلان ، هما :
الأول : أخرجه نعيم بن حماد في "الفتن" (846) فقال :
حَدَّثَنَا رِشْدِينُ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي قَبِيلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ ذِي قَرَنَاتٍ، قَالَ:
" يَخْتَلِفُ النَّاسُ فِي صَفَرٍ، وَيَفْتَرِقُونَ عَلَى أَرْبَعَةِ نَفَرٍ: رَجُلٍ بِمَكَّةَ الْعَائِذُ، وَرَجُلَيْنِ بِالشَّامِ:
أَحَدُهُمَا السُّفْيَانِيُّ، وَالْآخَرُ مِنْ وَلَدِ الْحَكَمِ أَزْرَقُ أَصْهَبُ، وَرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ جَبَّارٍ، فَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ،
فَيَغْضَبُ رَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ فَيَخْرُجُ إِلَى الَّذِينِ بِالشَّامِ، فَيَأْتِي الْجَيْشَ إِلَى مِصْرَ، فَيُقْتَلُ ذَلِكَ الْجَبَّارُ،
وَيَفُتُّ مِصْرَ فَتَّ الْبَعْرَةِ، ثُمَّ يَبْعَثُ إِلَى الَّذِيِ بِمَكَّةَ " .انتهى .
وإسناده ضعيف جدا ، حيث فيه أكثر من علة ، منها :
سعيد بن الأسود : كذا جاء اسمه في كتاب الفتن ، وأغلب الظن أنه تصحيف وأن الصواب شعيب بن الأسود
كما ذكر ابن يونس في ترجمته لذي قربات . نقله ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (17/366) .
وسواء كان سعيد بن الأسود أو شعيب بن الأسود فكلاهما علة للحديث ، فأما سعيد بن الأسود فلم يترجم له أحد
فهو مجهول لا يعرف ، وأما شعيب بن الأسود فهو الجبائي ، قال فيه الذهبي في "ميزان الاعتدال" (2/278) :" أخباري متروك ".
انتهى .
والأثر فيه ابن لهيعة ورشدين ، وتقدم بيان حال ضعفهما في أثر علي رضي الله عنه السابق ذكره .
الثاني :ما أخرجه نعيم بن حماد في "الفتن" (855 ) فقال :
حَدَّثَنَا رِشْدِينُ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ صَبَاحٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ ذِي قَرَنَاتٍ قَالَ:
" إِذَا رَأَيْتَ رَجُلًا أَعْرَجَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ عَلَى مِصْرَ فَاخْرُجْ مِنَ الْفُسْطَاطِ عَلَى رَأْسِ بَرِيدٍ، فَإِنَّهُ يَقْتُلُهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ،
ثُمَّ يَبْعَثُ إِلَيْهِمْ أَهْلُ الشَّامِ جَيْشًا فَيَلْقَاهُمْ رَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ بِالْعَرِيشِ، فَيَمُتُّ بِطَاعَتِهِمُ الْأُولَى وَالْآخِرَةِ،
وَيَقُولُ: أَنَا أَكْفِيكُمْ هَذَا الْأَمْرَ، فَيُقْبِلُ بِالْجَيْشِ فَيَقْتُلُ ذَلِكَ الرَّجُلَ وَمَنْ يُتَابِعُهُ حَتَّى يَسْبِي أَهْلَ مِصْرَ،
وَيَتْبَعُونَهُمْ بِسُوقِ مَازِنٍ ".
انتهى .
وإسناده تالف مليء بالعلل ، حيث فيه شعيب بن الأسود الجبائي متروك ، وأبو زرعة عمرو بن جابر متهم بالكذب ،
وفيه ابن لهيعة ورشدين ، وقد تقدمت تراجمهم جميعا فيما سبق .
وأما ما ورد عن التابعين :
فقد ورد عن محمد بن الحنفية ، وكعب الأحبار ، وأبي جعفر الصادق ، وأرطأة بن المنذر ، والأسانيد عنهم جميعا ضعيفة لا تثبت ،
وقد أعرضنا عن الاستطراد في بيان ضعفها لأنها لو ثبتت لما كان فيها من حجة ، حيث لا يحتج إلا بالقرآن وصحيح السنة ،
وما صح عن الصحابة ممن لا يعرف عنه الأخذ عن أهل الكتاب ، مما يمكن أن يقال فيه :
إن له حكم الرفع حيث أن هذا الباب من أمور الغيب التي لا تقال بالرأي .
ثم إن صحت هذه الآثار فلا يجوز تنزيلها على حدث أو شخص بعينه في هذا الزمان أو بعده ، فكم قد رأينا من الناس
من ضل في شأن المهدي وغيره ، بسبب التنزيل على أشخاص بأعيانهم ، وحصل من ذلك من الفتن ،
وإدخال اللبس على الناس ، ما الله به عليهم .
وكل ذلك من القول على الله بلا علم ، وكم جرّ على الأمة الإسلامية من ويلات ، وترك للعمل ، وتكذيب للدين ، وكهانة تحت
مسمى الديانة ، والإسلام من ذلك بريء ، فديننا واضح قد أكمله رب العالمين ، ولا يصح أن يترك الناس في عمى وغموض ،
بل هي المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك .
" قيل ِلسُفْيَانَ:مَا تَقُولُ فِي الْمَهْدِيِّ فَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ؟
قَالَ: إِنْ مَرَّ عَلَى بَابِكَ فَلَا تَكُنْ مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْهِ." .
انتهى من "المعرفة والتاريخ" للفسوي (1/726) .
وختاما :
من النصيحة لنا ولإخواننا الانشغال بالواجب علينا ، فإن النبي ﷺ قال :
" إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ، وَفِي يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا ".
أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" (12902) وصححه الألباني في "الصحيحة" (9)
والله أعلم
المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب
اليماني والأبقع والأصهب .
السؤال
هناك أحاديث عن اليماني والأبقع والأصهب والأعرج وغيرهم .
هل هي أحاديث صحيحة تسبق نزول المهدي ؟
وهل تنزل على أشخاص في هذا الزمان ؟
الجواب
الحمد لله.
لم يرد عن النبي ﷺ حديث صحيح
ولا ضعيف فيه ذكر لليماني ولا الأبقع ولا الأصهب ولا الأعرج ،
إنما ورد ذكرهم في بعض الآثار عن الصحابة والتابعين ،
وكلها لا تصح .
أما ما ورد عن الصحابة فقد جاء عن علي بن أبي طالب
وعمار بن ياسر رضي الله عنهما ، وذي قربات
وهو مختلف في صحبته ، وهذا بيان ما ورد عنهم .
ما جاء عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه :
أخرجه نعيم بن حماد في "الفتن" (841) فقال : حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ ، وَرِشْدِينُ ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ ،
عَنْ أَبِي قَبِيلٍ ، عَنْ أَبِي رُومَانَ ، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ: " إِذَا اخْتَلَفَتْ أَصْحَابُ الرَّايَاتِ السُّودِ خُسِفَ بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَى أُرَمَ ،
وَيَسْقُطُ جَانِبُ مَسْجِدِهَا الْغَرْبِيُّ ، ثُمَّ تَخْرُجُ بِالشَّامِ ثَلَاثُ رَايَاتٍ: الْأَصْهَبُ ، وَالْأَبْقَعُ ، وَالسُّفْيَانِيُّ ،
فَيَخْرُجُ السُّفْيَانِيُّ مِنَ الشَّامِ ، وَالْأَبْقَعُ مِنْ مِصْرَ ، فَيَظْهَرُ السُّفْيَانِيُّ عَلَيْهِمْ ".
وإسناده ضعيف جدا ، فيه أكثر من علة ،
منها :
أبو رومان :لم يترجم له إلا ابن منده
في فتح الباب في "الكنى والألقاب" (2882) فقال :
" حدث عَن: عَليّ بن أبي طَالب فِي الْفِتَن. روى حَدِيثه :
عبد الله بن لَهِيعَة، عَن أبي قبيل عَن أبي رُومَان ".انتهى .
ومن هذا حاله كان في عداد المجهولين .
عبد الله بن لهيعة : من أهل العلم من يضعفه مطلقا
كما قال الذهبي :
" ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَغَيْرُهُ ، وَسَائِرُ النُّقَّادِ عَلَى أَنَّهُ لا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ.".
"تاريخ الإسلام" (4/668) .
ومنهم من يعتبر من حديثه ما كان قبل الاختلاط كرواية العبادلة
كما قال الدارقطني في الضعفاء والمتروكين(319) :
" يعتبر بما يروي عنه العبادلة ابن المبارك، والمقرىء، وابن وهب". انتهى .
ومنهم من يحسن حديث من روى عنه قبل الاختلاط كالعبادلة ونفر يسير ، كما نقل ابن شاهين في
"ذكر من اختلف العلماء ونقاد الحديث فيه"(18) :
" أَحْمد بن صَالح أَنه سُئِلَ عَن ابْن لَهِيعَة فَقَالَ: ثِقَة. قيل لَهُ: فَمَا روى الثِّقَات عَن ابْن لَهِيعَة
وَوَقع فِيهَا تَخْلِيط ترى أَن يطْرَح ذَلِك التَّخْلِيط ؟ قَالَ : نعم ، وَرفع بِابْن لَهِيعَة.
قَالَ أَبُو حَفْص :
وَالْقَوْل فِي ابْن لَهِيعَة عِنْدِي قَول أَحْمد بن صَالح لِأَنَّهُ من بَلَده،
وَمن أعرف النَّاس بِهِ وبأشكاله من المصريين".
وقال ابن حجر في "التقريب" (2563) :
" صدوق من السابعة خلط بعد احتراق كتبه ، ورواية بن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما".
انتهى .
وهذا هو الأقرب في حاله . والله أعلم ،
وليس الوليد ولا رشدين ممن روى عنه قبل الاختلاط .
وانظر في ذلك "الكواكب النيرات" (25) .
الوليد بن مسلم : وهو ثقة إلا أنه يدلس ، ذكر ذلك غير واحد من أهل العلم ،
قال أبو مسهر :
" كان الوليد بن مسلم يحدث بأحاديث الأوزاعي
عن الكذابين ثم يدلسها عنهم . " .
انتهى . تاريخ دمشق" (63/291) ،
وقال الذهبي في "تاريخ الإسلام" (4/1240) :
" كان الوليد مَعَ حفظه وثقته قبيح التدليس ، يحملُ عَنْ أُناسٍ كذّابين وتلفى عَنِ ابن جُرَيج وغيره ،
ثمّ يُسْقِط الَّذِي سمع منه ويقول: عَنِ ابن جُرَيج.". انتهى ،
بل وتدلسيه شر أنواع التدليس وهو تدليس التسوية
كما قال الدارقطني في "الضعفاء والمتروكين" (632) :
" الوليد بن مسلم يرسل ، يروي عن الأوزاعي أحاديث الأوزاعي، عن شيوخ ضعفاء ، عن شيوخ قد أدركهم الأوزاعي ،
مثل نافع وعطاء والزهري ، فيسقط أسماء الضعفاء ويجعلها عن الأوزاعي عن عطاء ،
يعني مثل عبد الله بن عامر الأسلمي ، وإسماعيل بن مسلم ". انتهى .
وكذا قال ابن القطان في" بيان الوهم والإيهام" (4/110) والعلائي في "جامع التحصيل" (58)
وأبو زرعة العراقي في "المدلسين" (69) ، وسبط ابن العجمي في "التبيين لأسماء المدلسين" (83) .
ويشترط لقبول حديث من يدلس تدليس التسوية
أن يصرح بالتحديث في جميع طبقات الإسناد ،
وهو هنا قد عنعن .
رشدين بن سعد : ضعفه أحمد وابن معين وأبو زرعة ،
وقال أبو حاتم :
" منكر الحديث وفيه غفلة، ويحدث بالمناكير عن الثقات،
ضعيف الحديث ". "الجرح والتعديل" (3/513) .
وقال فيه النسائي :
"متروك الحديث ". "الضعفاء والمتروكون" (203) ،
وضعفه الدارقطني كما في "الضعفاء والمتروكين" (220) ،
وقال فيه الذهبي :
سيء الحفظ لا يُبَالِي عَمَّنْ رَوَى.
انتهى . "تاريخ الإسلام" (4/894).
نعيم بن حماد : مصنف كتاب الفتن من أئمة السنة ،
إلا أنه في الحديث كثير الوهم ، خاصة في باب الملاحم والفتن ،
بل واستنكر أهل العلم ما رواه في كتاب الفتن ،
وهذه أقوال أهل العلم فيه :
ضعفه النسائي فقال :
روى أحاديث مناكير عن الثقات .
انتهى "الضعفاء" (ص101) ،
وقال أيضا :
كثر تفرده عن الأئمة المعروفين بأحاديث كثيرة
فصار في حد من لا يحتج به .
انتهى. "تاريخ دمشق" (62/169) ،
وقال الدارقطني كما في "سؤالات الحاكم" (503) :
" إمام في السنة كثير الوهم. انتهى ،
وقال مسلمة بن قاسم في كتاب الصلة :
كان صدوقا، أدخله العقيلي في الصحيح، وهو كثير الخطأ،
وله أحاديث منكرة في الملاحم انفرد بها.
انتهى "إكمال تهذيب الكمال" (12/67) ،
وقال الذهبي :
" لاَ يَجُوْزُ لأَحَدٍ أَنْ يَحْتَجَّ بِهِ وَقَدْ صَنَّفَ كِتَابَ الفِتَنِ فَأَتَى فِيْهِ بِعَجَائِبَ وَمَنَاكِيْرَ .
انتهى "السير" (10/609) ،
وقال ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (2/394) :
" قُلْتُ: تَصْحِيحُ هَذَا الْحَدِيثِ بَعِيدٌ جِدًّا مِنْ وُجُوهٍ، مِنْهَا: أَنَّهُ حَدِيثٌ يَتَفَرَّدُ بِهِ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ الْمَرْوَزِيُّ،
وَنُعَيْمٌ هَذَا وَإِنْ كَانَ وَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ، وَخَرَّجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ، فَإِنَّ أَئِمَّةَ الْحَدِيثِ كَانُوا يُحْسِنُونَ بِهِ الظَّنَّ،
لِصَلَابَتِهِ فِي السُّنَّةِ، وَتَشَدُّدِهِ فِي الرَّدِّ عَلَى أَهْلِ الْأَهْوَاءِ، وَكَانُوا يَنْسُبُونَهُ إِلَى أَنَّهُ يُهِمُ، وَيُشَبَّهُ عَلَيْهِ
فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ، فَلَمَّا كَثُرَ عُثُورُهُمْ عَلَى مَنَاكِيرِهِ، حَكَمُوا عَلَيْهِ بِالضَّعْفِ". انتهى .
فتبين مما سبق أن الأثر مسلسل بالضعفاء فيه أكثر من علة ،
فلا يصح عن علي رضي الله عنه .
ما جاء عن عمار بن ياسر رضي الله عنه .
وقد ورد عنه خبران باطلان :
الأول : أخرجه نعيم بن حماد في "الفتن" (963) من طريق ابن لهيعة ، وأبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن" (497)
من طريق المؤمل ، كلاهما عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ الْغَافِقِيِّ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، قَالَ:
" إِذَا انْسَابَتْ عَلَيْكُمُ التُّرْكُ ، وَجَهَّزَتِ الْجُيُوشَ إِلَيْكُمْ ، وَمَاتَ خَلِيفَتُكُمُ الَّذِي يَجْمَعُ الْأَمْوَالَ ، وَيُسْتَخْلَفُ مِنْ بَعْدِهِ رَجُلٌ ضَعِيفٌ ،
فَيُخْلَعُ بَعْدَ سَنَتَيْنِ ، وَيُحَالِفَ الرُّومَ وَالتُّركَ وَتَظْهَرُ الْحُرُوبُ فِي الْأَرْضِ ، وَيُنَادِي مُنَادٍ عَلَى سُوَرِ دِمَشْقَ:
وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ ، وَيُخْسَفُ بِغَرْبِيِّ مَسْجِدِهَا ، حَتَّى يَخِرَّ حَائِطُهَا ، وَيَخْرُجَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ بِالشَّامِ ،
كُلُّهُمْ يَطْلُبُ الْمُلْكَ ، رَجُلٌ أَبْقَعُ ، وَرَجُلٌ أَصْهَبُ ، وَرَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ أَبِي سُفْيَانَ ، يَخْرُجُ بِكَلْبٍ وَيُحْصَرُ النَّاسَ بِدِمَشْقَ ،
وَيَخْرُجُ أَهْلُ الْمَغْرِبِ يَنْحَدِرُونَ إِلَى مِصْرَ ، فَإِذَا دَخَلُوا فَتِلْكَ إِمَارَةُ السُّفْيَانِيِّ ، وَيَخْرُجُ قَبْلَ ذَلِكَ مَنْ يَدْعُو لِآلِ مُحَمَّدٍ ،
وَتَتْرُكُ التُّرْكُ الْجَزِيرَةَ ، وَتَنْزِلُ الرُّومُ فِلَسْطِينَ ، وَيُقْبِلُ صَاحِبُ الْمَغْرِبِ ، فَيَقْتُلُ الرِّجَالَ ، وَيَسْبِي النِّسَاءَ ،
ثُمَّ يَرْجِعُ حَتَّى يَنْزِلَ الْجَزِيرَةَ إِلَى السُّفْيَانِيِّ ".
وإسناده تالف فيه : أبو زرعة عمرو بن جابر متهم بالكذب ، كذبه أحمد بن حنبل كما في "العلل" (4644) ،
وقال فيه النسائي في "الضعفاء والمتروكين" (447) : "ليس بثقة " ،
وقال ابن عدي في "الكامل" (6/201) :
" فِي جُمْلَةِ الضُّعَفَاءِ وَفِي جُمْلَةِ مَنْ كَانَ يَقُولُ إِنَّ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلامُ فِي السَّحَابِ
وَكَانَ النَّاسُ يَرْمُونَهُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعٌا مِنْ قَوْلِهِ فِي عَلِيٍّ وَمِنْ ضَعْفِهِ فِي رِوَايَاتِهِ". انتهى ،
وقال ابن حبان في "المجروحين" (2/68) :
" كَانَ سحابيا يزْعم أَن عليا فِي السَّحَاب ، كَأَنَّهُ جَالس الْكُوفِيّين فَأخذ هَذَا عَنْهُم ،
وَمَعَ ذَلِك ينْفَرد عَن جَابر بأَشْيَاء لَيست من حَدِيثه ، لَا يحل الِاحْتِجَاج بِخَبَرِهِ وَلَا الرِّوَايَة عَنهُ إِلَّا على وَجه التَّعَجُّب"
انتهى .
الثاني : أخرجه نعيم بن حماد في "الفتن" (882) فقال : حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، وَرِشْدِينُ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ،
عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، قَالَ:
فَيَتْبَعُ عَبْدُ اللَّهِ عَبْدَ اللَّهِ، فَتَلْتَقِي جُنُودُهُمَا بِقَرْقِيسِيَا عَلَى النَّهَرِ، فَيَكُونُ قِتَالٌ عَظِيمٌ، وَيَسِيرُ صَاحِبُ الْمَغْرِبِ
فَيَقْتُلُ الرِّجَالَ وَيَسْبِي النِّسَاءَ، ثُمَّ يَرْجِعُ فِي قَيْسٍ حَتَّى يَنْزِلَ الْجَزِيرَةَ إِلَى السُّفْيَانِيِّ، فَيَتْبَعُ الْيَمَانِيَّ
فَيَقْتُلُ قَيْسًا بِأَرِيحَا، وَيَحُوزُ السُّفْيَانِيُّ مَا جَمَعُوا، ثُمَّ يَسِيرُ إِلَى الْكُوفَةِ فَيَقْتُلُ أَعْوَانَ آلِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ يَظْهَرُ السُّفْيَانِيُّ
بِالشَّامِ عَلَى الرَّايَاتِ الثَّلَاثِ، ثُمَّ يَكُونُ لَهُمْ وَقْعَةٌ بَعْدَ قَرْقِيسِيَا عَظِيمَةٌ، ثُمَّ يَنْفَتِقُ عَلَيْهِمْ فَتْقٌ مِنْ خَلْفِهِمْ،
فَيُقْبِلُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ حَتَّى يَدْخُلُوا أَرْضَ خُرَاسَانَ، وَتُقْبِلُ خَيْلُ السُّفْيَانِيِّ كَاللَّيْلِ وَالسَّيْلِ، فَلَا تَمُرُّ بِشَيْءٍ إِلَّا أَهْلَكَتْهُ وَهَدَمَتْهُ،
حَتَّى يَدْخُلُوا الْكُوفَةَ، فَيَقْتُلُوا شِيعَةً مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ يَطْلُبُونَ أَهْلَ خُرَاسَانَ فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَيَخْرُجُ أَهْلُ خُرَاسَانَ
فِي طَلَبِ الْمَهْدِيِّ، فَيَدْعُونَ لَهُ وَيَنْصُرُونَهُ. انتهى .
وإسناده تالف كسابقه فيه : عمرو بن جابر متهم بالكذب ،
وتقدمت ترجمته في الأثر السابق .
ما جاء عن ذي قَرَنات الحميري صاحب أخبار الملاحم .
وهو مختلف في صحبته كما قال ابن منده في "معرفة الصحابة" (ص581) :"اختلف في صحبته ".
وضعف البغوي في "معجم الصحابة" (2/319) ثبوت صحبته ، فقال :
" ولا أحسب ذا قرنات سمع من النبي ﷺ شيئا ". انتهى ،
وعده ابن حجر من تابعي أهل الشام كما في "تبصير المنتبه" (1/12) ،
ومع ذلك فالسند إليه لا يصح ، وهذا ما جاء عنه :
ورد عنه خبران باطلان ، هما :
الأول : أخرجه نعيم بن حماد في "الفتن" (846) فقال :
حَدَّثَنَا رِشْدِينُ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي قَبِيلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ ذِي قَرَنَاتٍ، قَالَ:
" يَخْتَلِفُ النَّاسُ فِي صَفَرٍ، وَيَفْتَرِقُونَ عَلَى أَرْبَعَةِ نَفَرٍ: رَجُلٍ بِمَكَّةَ الْعَائِذُ، وَرَجُلَيْنِ بِالشَّامِ:
أَحَدُهُمَا السُّفْيَانِيُّ، وَالْآخَرُ مِنْ وَلَدِ الْحَكَمِ أَزْرَقُ أَصْهَبُ، وَرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ جَبَّارٍ، فَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ،
فَيَغْضَبُ رَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ فَيَخْرُجُ إِلَى الَّذِينِ بِالشَّامِ، فَيَأْتِي الْجَيْشَ إِلَى مِصْرَ، فَيُقْتَلُ ذَلِكَ الْجَبَّارُ،
وَيَفُتُّ مِصْرَ فَتَّ الْبَعْرَةِ، ثُمَّ يَبْعَثُ إِلَى الَّذِيِ بِمَكَّةَ " .انتهى .
وإسناده ضعيف جدا ، حيث فيه أكثر من علة ، منها :
سعيد بن الأسود : كذا جاء اسمه في كتاب الفتن ، وأغلب الظن أنه تصحيف وأن الصواب شعيب بن الأسود
كما ذكر ابن يونس في ترجمته لذي قربات . نقله ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (17/366) .
وسواء كان سعيد بن الأسود أو شعيب بن الأسود فكلاهما علة للحديث ، فأما سعيد بن الأسود فلم يترجم له أحد
فهو مجهول لا يعرف ، وأما شعيب بن الأسود فهو الجبائي ، قال فيه الذهبي في "ميزان الاعتدال" (2/278) :" أخباري متروك ".
انتهى .
والأثر فيه ابن لهيعة ورشدين ، وتقدم بيان حال ضعفهما في أثر علي رضي الله عنه السابق ذكره .
الثاني :ما أخرجه نعيم بن حماد في "الفتن" (855 ) فقال :
حَدَّثَنَا رِشْدِينُ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ صَبَاحٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ ذِي قَرَنَاتٍ قَالَ:
" إِذَا رَأَيْتَ رَجُلًا أَعْرَجَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ عَلَى مِصْرَ فَاخْرُجْ مِنَ الْفُسْطَاطِ عَلَى رَأْسِ بَرِيدٍ، فَإِنَّهُ يَقْتُلُهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ،
ثُمَّ يَبْعَثُ إِلَيْهِمْ أَهْلُ الشَّامِ جَيْشًا فَيَلْقَاهُمْ رَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ بِالْعَرِيشِ، فَيَمُتُّ بِطَاعَتِهِمُ الْأُولَى وَالْآخِرَةِ،
وَيَقُولُ: أَنَا أَكْفِيكُمْ هَذَا الْأَمْرَ، فَيُقْبِلُ بِالْجَيْشِ فَيَقْتُلُ ذَلِكَ الرَّجُلَ وَمَنْ يُتَابِعُهُ حَتَّى يَسْبِي أَهْلَ مِصْرَ،
وَيَتْبَعُونَهُمْ بِسُوقِ مَازِنٍ ".
انتهى .
وإسناده تالف مليء بالعلل ، حيث فيه شعيب بن الأسود الجبائي متروك ، وأبو زرعة عمرو بن جابر متهم بالكذب ،
وفيه ابن لهيعة ورشدين ، وقد تقدمت تراجمهم جميعا فيما سبق .
وأما ما ورد عن التابعين :
فقد ورد عن محمد بن الحنفية ، وكعب الأحبار ، وأبي جعفر الصادق ، وأرطأة بن المنذر ، والأسانيد عنهم جميعا ضعيفة لا تثبت ،
وقد أعرضنا عن الاستطراد في بيان ضعفها لأنها لو ثبتت لما كان فيها من حجة ، حيث لا يحتج إلا بالقرآن وصحيح السنة ،
وما صح عن الصحابة ممن لا يعرف عنه الأخذ عن أهل الكتاب ، مما يمكن أن يقال فيه :
إن له حكم الرفع حيث أن هذا الباب من أمور الغيب التي لا تقال بالرأي .
ثم إن صحت هذه الآثار فلا يجوز تنزيلها على حدث أو شخص بعينه في هذا الزمان أو بعده ، فكم قد رأينا من الناس
من ضل في شأن المهدي وغيره ، بسبب التنزيل على أشخاص بأعيانهم ، وحصل من ذلك من الفتن ،
وإدخال اللبس على الناس ، ما الله به عليهم .
وكل ذلك من القول على الله بلا علم ، وكم جرّ على الأمة الإسلامية من ويلات ، وترك للعمل ، وتكذيب للدين ، وكهانة تحت
مسمى الديانة ، والإسلام من ذلك بريء ، فديننا واضح قد أكمله رب العالمين ، ولا يصح أن يترك الناس في عمى وغموض ،
بل هي المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك .
" قيل ِلسُفْيَانَ:مَا تَقُولُ فِي الْمَهْدِيِّ فَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ؟
قَالَ: إِنْ مَرَّ عَلَى بَابِكَ فَلَا تَكُنْ مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْهِ." .
انتهى من "المعرفة والتاريخ" للفسوي (1/726) .
وختاما :
من النصيحة لنا ولإخواننا الانشغال بالواجب علينا ، فإن النبي ﷺ قال :
" إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ، وَفِي يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا ".
أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" (12902) وصححه الألباني في "الصحيحة" (9)
والله أعلم
المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب