• أعضاء وزوار منتديات المشاغب ، نود أن نعلمكم أن المنتدى سيشهد في الفترة القادمة الكثير من التغيرات سواءاً على المستوى الإداري او مستوى الاقسام، لذا نرجو منكم التعاون، وأي ملاحظات او استفسارات يرجى التواصل معنا عبر قسم الشكاوي و الإقتراحات ونشكركم على حسن تفهمكم وتعاونكم ،مع خالص الشكر والتقدير والاحترام من إدارة منتديات المشاغب.
اعلان اعلان 1 اعلان 2

شرح حديث: إني حرمت الظلم على نفسي

سجل
20 أغسطس 2021
المشاركات
2,811
الحلول
10
التفاعل
1,846
الإقامة
من أرض الله
الموقع الالكتروني
absba.cc
الجنس
ذكر
CKMy6c1.png




بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
*********************************************


24-9-2021_183058_.jpeg



1633464401327.png


سؤالي عن إشكالية الحديث: إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً ... فالذي يبدو لي من الحديث أن تحريم الظلم فعل اختياري من الله، حرمه على نفسه ولو شاء فعله، كما أنه لو شاء الكلام تكلم، ولو شاء عدمه لم يتكلم. وهذا يتعارض عندي مع عدل الله -تعالى-، فالظلم منه محال، والظلم ممتنع لغيره، فهو لا يظلم لكمال عدله، لا لعجز قدرته.
بمعنى أني أستشكل قول الله: حرمت الظلم على نفسي. لأنه يبدو أن الظلم من الله كان ممكنا قبل تحريمه، وهذا محال، وهذا يتعارض مع كونه ممتنعا لغيره.
أرجو الرد، وتوضيح الإشكال.


24-9-2021_183058_.jpeg


1633464430960.png




الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد سلك العلماء مسالك شتى في هذا الحديث وأشباهه، مما ورد فيه نفي الظلم عن الله -تعالى- فمنهم من قال إن الظلم ممتنع عقلا في حق الرب -تعالى-؛ لأن الظلم هو تصرف الإنسان فيما لا يملك، والكل ملك لله -تعالى- فتصرفه فيه كيف شاء لا يكون ظلما.

ومنهم من نفى خلقه لأفعال العباد؛ ليتوصل بذلك إلى نفي الظلم عنه -تعالى- كما قالت المعتزلة.

وتوسط جماعة من محققي العلماء، فقالوا بأن الظلم جائز عقلا، ولكن الله -تعالى- حرمه على نفسه أزلا؛ لكمال عدله، فهو ممتنع على الله -تعالى- لكونه حرمه على نفسه، لا لعدم قدرته عليه، وهو إنما حرمه على نفسه -تعالى- لاتصافه بصفات الكمال ولتنزهه عن أضدادها، وهي النقائص كلها، ولا شك في أن الظلم مما ينزه الله -تعالى- عنه؛ لكونه من النقائص التي لا تليق به تعالى.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- بعد ما رد على الطائفتين المتقابلتين في تفسير الظلم ما عبارته: وقوله تعالى: وما الله يريد ظلما للعباد. يُبَيِّنُ أَنَّ هَذَا الْعِقَابَ لَمْ يَكُنْ ظُلْمًا؛ لِاسْتِحْقَاقِهِمْ ذَلِكَ، وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُرِيدُ الظُّلْمَ. وَالْأَمْرُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ الْقُدْرَةُ عَلَيْهِ لَا يَصْلُحُ أَنْ يُمْدَحَ الْمَمْدُوحُ بِعَدَمِ إرَادَتِهِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْمَدْحُ بِتَرْكِ الْأَفْعَالِ إذَا كَانَ الْمَمْدُوحُ قَادِرًا عَلَيْهَا، فَعُلِمَ أَنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى مَا نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنْهُ مِن الظُّلْمِ، وَأَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ. وَبِذَلِكَ يَصِحُّ قَوْلُهُ: «إنِّي حَرَّمْت الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي»، وَأَنَّ التَّحْرِيمَ هُوَ الْمَنْعُ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيمَا هُوَ مُمْتَنِعٌ لِذَاتِهِ، فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يُقَالَ: حَرَّمْت عَلَى نَفْسِي، أَوْ مَنَعْت نَفْسِي مِنْ خَلْقِ مِثْلِي، أَوْ جَعَلَ الْمَخْلُوقَاتِ خَالِقَةً وَنَحْوُ ذَلِكَ مِن الْمُحَالَاتِ.

وَأَكْثَرُ مَا يُقَالُ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، مَا يَكُونُ مَعْنَاهُ: إنِّي أَخْبَرْت عَنْ نَفْسِي بِأَنَّ مَا لَا يَكُونُ مَقْدُورًا لَا يَكُونُ مِنِّي، وَهَذَا الْمَعْنَى مِمَّا يَتَيَقَّنُ الْمُؤْمِنُ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادَ الرَّبِّ، وَأَنَّهُ يَجِبُ تَنْزِيهُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ عَنْ إرَادَةِ مِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي لَا يَلِيقُ الْخِطَابُ بِمِثْلِهِ، إذْ هُوَ مَعَ كَوْنِهِ شِبْهَ التَّكْرِيرِ، وَإِيضَاحَ الْوَاضِحِ، لَيْسَ فِيهِ مَدْحٌ وَلَا ثَنَاءٌ، وَلَا مَا يَسْتَفِيدُهُ الْمُسْتَمِعُ، فَعُلِمَ أَنَّ الَّذِي حَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ هُوَ أَمْرٌ مَقْدُورٌ لَكِنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ؛ لِأَنَّهُ حَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَهُوَ -سُبْحَانَهُ- مُنَزَّهٌ عَنْ فِعْلِهِ، مُقَدَّسٌ عَنْهُ.

يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ مَا قَالَهُ النَّاسُ فِي حُدُودِ الظُّلْمِ يَتَنَاوَلُ هَذَا دُونَ ذَلِكَ، كَقَوْلِ بَعْضِهِمْ: الظُّلْمُ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، كَقَوْلِهِمْ: مَنْ أَشْبَهَ أَبَاهُ فَمَا ظَلَمَ، أَيْ: فَمَا وُضِعَ الشَّبَهُ غَيْرَ مَوْضِعِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ اللَّهَ -سُبْحَانَهُ- حَكَمٌ عَدْلٌ، لَا يَضَعُ الْأَشْيَاءَ إلَّا مَوَاضِعَهَا. وَوَضْعُهَا غَيْرَ مَوَاضِعِهَا لَيْسَ مُمْتَنِعًا لِذَاتِهِ، بَلْ هُوَ مُمْكِنٌ، لَكِنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرِيدُهُ، بَلْ يَكْرَهُهُ وَيُبْغِضُهُ؛ إذْ قَدْ حَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ....

وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ الْقَوْلُ الْمُتَوَسِّطُ: وَهُوَ أَنَّ الظُّلْمَ الَّذِي حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى نَفْسِهِ، مِثْلُ أَنْ يَتْرُكَ حَسَنَاتِ الْمُحْسِنِ فَلَا يُجْزِيهِ بِهَا، وَيُعَاقِبَ الْبَرِيءَ عَلَى مَا لَمْ يَفْعَلْ مِن السَّيِّئَاتِ، وَيُعَاقِبَ هَذَا بِذَنْبِ غَيْرِهِ، أَوْ يَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِغَيْرِ الْقِسْطِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْأَفْعَالِ الَّتِي يَتَنَزَّهُ الرَّبُّ عَنْهَا، لِقِسْطِهِ وَعَدْلِهِ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّ الْحَمْدَ وَالثَّنَاءَ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ هَذَا الظُّلْمَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ، وَكَمَا أَنَّ اللَّهَ مُنَزَّهٌ عَنْ صِفَاتِ النَّقْصِ وَالْعَيْبِ، فَهُوَ أَيْضًا مُنَزَّهٌ عَنْ أَفْعَالِ النَّقْصِ وَالْعَيْبِ.

وَعَلَى قَوْلِ الْفَرِيقِ الثَّانِي: مَا ثَمَّ فِعْلٌ يَجِبُ تَنْزِيهُ اللَّهِ عَنْهُ أَصْلًا، وَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا، يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِك. انتهى.

فهذه أقوال الناس في هذا الحديث، وقد بينا لك ما ذهب إليه أهل السنة فيه بما يزيل كل إشكال بحمد الله.

والله أعلم.


المصدر

يجب عليك تسجيل الدخول او تسجيل لمشاهدة الرابط المخفي


24-9-2021_183058_.jpeg
 
شكرا لك أخي الكريم وبارك الله فيك والله يعطيك العافية على هذه المشاركة الطيبة والمجهود الطيب.

يامرحبابك.​
 
بارك الله فيك اخي الكريم
 
جزاكم الله كل خير اخوتي في الله شرفني مروركم الطيب
حفظكم الله
?
 
المنتدى غير مسؤول عن أي اتفاق تجاري أو تعاوني بين الأعضاء.
فعلى كل شخص تحمل مسؤولية نفسه إتجاه مايقوم به من بيع وشراء وإتفاق واعطاء معلومات موقعه.
المواضيع والتعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي منتدى المشاغب ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك (ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر)
عودة
أعلى