الغريبة
عضو مشاغب
من فضلك قم بتحديث الصفحة لمشاهدة المحتوى المخفي
يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون؟
الالتزام أمرٌ مهمٌّ ينبغي أنْ يتَّصف به العُلَماء والدُّعاة والراغبون في الجنَّة والنَّجاة يوم القيامة.
التِزامُ المرء بما يَدعُو إليه سببٌ من أسباب نجاح الداعية.
الالتزام بالإسلام - هذا الدِّين العظيم - عقيدةً وسُلُوكًا هو المطلوب من كلِّ مسلم.
الالتزام بالواجبات والمُستَحبَّات ومكارم الأخلاق أمرٌ مهمٌّ كما قُلنا، ولا سيَّما إنْ كان المرء
داعيةً إلى الله يدعو الناس إلى أداء الواجبات والمستحبَّات، وإلى الاتِّصاف بمكارم الأخلاق.
ومعلومٌ أنَّه قبيحٌ بالإنسان أنْ يدعو إلى فضيلةٍ أو واجبٍ ثم لا يفعَلَه،
ويَكفِينا في تَقبِيح هذا ما جاء في كتاب الله وسنَّة رسوله
- صلَّى الله عليه وسلَّم - من إنكار ذلك؛
وممَّا جاء في الكتاب الآياتُ الكريمةُ الآتية
:
قال الله - تبارك وتعالى - مُخاطبًا اليهود:
﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾
[البقرة: 44].
وقال - تعالى -:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾
[الصف: 2 - 3].
وقال - سبحانه - حاكيًا مَقُولة شعيب - عليه السلام - لقومه:
﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ﴾ [هود: 88].
وقد جاء في السنَّة أحاديث كثيرة تُنكِر هذا الخُلُق،
وتدلُّ على أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم –
ما كان يأمُر بأمرٍ إلاَّ ويَأتِيه، وهو - صلَّى الله عليه وسلَّم -
الأُسوة الحسَنَة، والقُدوَة العُظمَى للمُسلِمين:
1- خطب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في حجَّة الوَداع،
فأبطَلَ أمور الجاهليَّة ووضَعَها تحت قدمَيْه وبَدَأ بأقاربه؛
كما جاء في حديث جابر الطويل الذي رواه مسلم وغيره،
قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
((ألاَ كلُّ شيءٍ من أمر الجاهليَّة تحت قدمي موضوع، ودِماء الجاهليَّة موضوعة،
وإنَّ أوَّل دمٍ أضَعُ من دِمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث، وربا الجاهليَّة موضوعٌ،
وأوَّل ربا أضع ربانا، ربا عبَّاس بن عبدالمطلب، فإنَّه موضوع كلُّه))[1].
فبدأ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بأهله.
2- سرَقت المرأة المخزوميَّة، وأرادَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -
أنْ يُقِيم عليها الحدَّ،
ولنَذكُر الخبرَ كما ورَد في الصحيحين:
عن عائشة - رضِي الله عنها - أنَّ قريشًا أهمَّهم شأنُ المرأة المخزوميَّة
التي سرَقتْ، فقالوا:
مَن يُكلِّم فيها رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم؟
قالوا: مَن يجتَرِئ عليه إلاَّ أسامة بن زيد،
حبُّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم؟!
فكلَّمَه أسامة، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
((أتشفَع في حَدٍّ من حُدود الله؟))، ثم قام فاختَطَب ثم قال:
((إنَّما أهلك مَن كان قبلَكم أنهم كانوا إذا سرَق فيهم الشَّريف ترَكُوه،
وإذا سرَق فيهم الضَّعيف أقاموا عليه الحدَّ،
وايمُ الله لو أنَّ فاطمةَ بنت محمد سرقتْ لقطعتُ يدها))[2].
وعمل بهذا الهدْي الخلفاء الراشدون:
فلقد جمع سيِّدنا عمر أمير المؤمنين أقاربَه وحذَّرهم من مخالفة أمرٍ يأمُر به الناس، أو من اقتِراف أمرٍ نهى الناسَ عنه.
جاء في "المصنف"؛ لابن أبي شيبة:
"كان أمير المؤمنين عمر - رضِي الله عنه - إذا نهى الناسَ عن شيءٍ جمَع أهلَ بيته فقال:
إنِّي نهيتُ الناس عن كذا وكذا، وإنَّ الناس يَنظُرون إليكم كما يَنظُر الطَّير إلى اللحم،
وايمُ الله، لا أجد أحدًا منكم فعَلَه إلاَّ أضعَفتُ له العقوبة ضعفين"[3].
3- ويُخبِر سيِّدنا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّ أهل النار يرَوْن مَنظرًا فظيعًا؛
يرَوْن رَجُلاً يُلقَى في النار فتخرُج أمعاؤه، فيحمِلها ويدُور بها كما يدُور الحمارُ في الرَّحَى،
فيجتَمِع إليه أهْل النار ويَعرِفُونه ،فيقولون له: يا فلان، ما لك؟
ما الذي جاء بك إلى هنا؟ ألم تكن تأمُر بالمعروف وتَنهَى عن المنكر
فيقول لهم: بلى، كنتُ آمُر بالمعروف ولا آتِيه، وأنهى عن المنكر وآتِيه.
عن أسامة بن زيد - رضِي الله عنه - قال:
سمعتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول:
((يُؤتَى بالرجل يومَ القيامة فيُلقَى في النار فتندَلِق أقتابُ بَطنِه،
فيَدُور بها كما يَدُور الحمار في الرَّحَى، فيجتَمِع إليه أهلُ النار فيقولون:
يا فلان، ما لك؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟
فيقول: بلى، قد كنتُ آمُر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه))[4]؛
متفق عليه.
إنها عقوبةٌ شنيعة للداعية الذي يُخالِف فِعلُه قولَه.
وكذلك الخُطَباء الذين لا يعمَلُون بما جاء في كتاب الله.
عن أنسٍ - رضِي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
((أتيتُ ليلةَ أُسرِي بي على قومٍ تُقرَض شِفاهُهم بِمَقارِيض من نارٍ،
كلَّما قُرِضَتْ وَفَتْ، فقلتُ: يا جبريل، مَن هؤلاء؟ قال: خُطَباء أمَّتك
الذين يقولون ما لا يفعَلُون، ويقرَؤُون كتابَ الله ولا يعمَلُون به))؛
رواه البيهقي[5].
4- عقَد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - معاهدة الحديبية مع قريش،
وقد رَآها كثيرٌ من الصحابة مجحفة بحقِّهم؛
يَدُلُّ على ذلك موقف عمر - رضِي الله عنه – منها، وهو موقفٌ معروفٌ.
"ولَمَّا انتهى الأمرُ، أمَرَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أصحابَه أنْ يحلقوا رؤوسهم
وينحَرُوا الهديَ ليتحلَّلوا من عُمرَتهم، فاحتَمَل المسلمون من ذلك هَمًّا عَظِيمًا،
حتى إنهم لم يُبادِروا بالامتِثال، فدخَل النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - على أمِّ سلمة
وقال لها:
((هلَك المسلمون؛ أمرتُهم فلم يمتَثِلوا))،
فقالت: يا رسول الله، اعذرهم، فقد حملت نفسَك أمرًا عظيمًا في الصُّلح،
ورجَع المسلمون من غير فَتْحٍ لهم، فهم لذلك مَكرُوبون،
ولكن اخرُج يا رسول الله وابدَأْهم بما تريد، فإذا رأَوْك فعلتَ اتَّبعوك.
فتقدَّم - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى هَديِه فنحَرَه، ودعا بالحلاَّق فحلق رأسَه،
فلمَّا رآه المسلمون تواثَبُوا على الهدْي فنحروا وحلقوا"[6].
وقال الزهري:
"... فلمَّا لم يَقُمْ منهم أحدٌ، دخَل على أمِّ سلمة، فذكَر لها ما لقي من الناس،
فقالت أم سلمة: يا نبيَّ الله، أتحبُّ ذلك؟ اخرُج ثم لا تُكلِّم أحدًا منهم كلمةً،
حتى تنحَرَ بُدنَك وتَدعُو حالقك فيحلقك، فخرَج رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم –
فلم يُكلِّم أحدًا منهم كلمةً حتى فعَل ذلك،
فلمَّا رأَوْا ذلك قامُوا فنحَرُوا وجعَل بعضهم يحلق بعضًا"[7].
إنَّ لسان الحال أبلَغُ من لسان المقال.
5- نادَى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أهلَه عندما أمَرَه ربُّه أنْ يُنذِر عشيرته الأقربين،
ناداهم واحدًا واحدًا قائلاً: أن اعمَلُوا ما شِئتُم، فإنِّي لا أُغنِي عنكم من الله شيئًا.
عن أبي هُرَيرَة قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم –
حين أنزَل الله ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ [الشعراء: 214]
، فقال: ((يا معشر قُرَيش، اشتَرُوا أنفُسَكم، لا أُغنِي عنكم من الله شيئًا
، يا بني عبدمَناف، لا أُغنِي عنكم من الله شيئًا، يا عباس بن عبدالمطلب،
لا أُغنِي عنك من الله شيئًا، يا صفيَّة عمَّة رسول الله، لا أغني عنك من الله شيئًا،
يا فاطمة بنت محمد، سَلِيني من مالي، لا أُغنِي عنك من الله شيئًا))[8].
وعن أبي هريرة - رضِي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
((ومَن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سَهَّل الله به طريقًا إلى الجنة، ومَن أبطأ به عملُه لم يُسرِع به نسَبُه))؛
رواه مسلمٌ وغيره[9].
إنَّ التزام الداعية في سلوكه بأحكام الشرع وبما يدعو الناسَ إليه يجعله
مُحتَرمًا في أعيُن الناس، وموضع ثقةٍ لدَيْهم،
وعندئذٍ تكون حَياته وسلوكه دعوةً مُؤثِّرة.
أمَّا الوعَّاظ الذين لا يلتَزِمون بما يَدعُون الناس إليه،
فلا بُدَّ أنْ ينكَشِف أمرُهم ويَعلَم الناس مُخالَفاتهم الشخصيَّة والأسريَّة،
وعندئذٍ يَسقُطون عند الناس.
ونحمد الله أنَّ عدد هؤلاء قليل، وأنَّ أكثر الوعَّاظ من الصالحين،
ولا يجوز أنْ نصدِّق الشائعات التي يفتَرِيها المُنحَرِفون عن العُلَماء والدُّعاة.
قال أمير المؤمنين سيِّدنا عمر بن الخطاب - رضِي الله عنه -:
"لا يحلُّ لامرئٍ مسلم سَمِعَ من أخيه كلمةً أنْ يظنَّ بها سوءًا وهو يجدُ لها في شيءٍ من الخير مَصدرًا"[10].
فالعُلَماء ورَثَة الأنبياء، ولقد كانوا في تاريخِنا موضعَ القُدوة والتعظيم،
وعليهم أنْ يكونوا كما كان أسلافهم،
قال القاضي الجرجاني:
يَقُولُونَ لِي فِيكَ انْقِبَاضٌ وَإِنَّمَا
رَأَوْا رَجُلاً عَنْ مَوْقِفِ الذُّلِّ أَحْجَمَا
أَرَى النَّاسَ مَنْ دَانَاهُمُ هَانَ عِنْدَهُمْ
وَمَنْ أَكْرَمَتْهُ عِزَّةُ النَّفْسِ أُكْرِمَا
وَمَا كُلُّ بَرْقٍ لاَحَ لِي يَسْتَفِزُّنِي
وَلاَ كُلُّ مَنْ لاَقَيْتُ أَرْضَاهُ مُنْعِمَا
وَإِنِّي إِذَا مَا فَاتَنِي الأَمْرُ لَمْ أَبِتْ
أُقَلِّبُ كَفِّي إِثْرَهُ مُتَنَدِّمَا
وَلَمْ أَقْضِ حَقَّ الْعِلْمِ إِنْ كَانَ كُلَّمَا
بَدَا طَمَعٌ صَيَّرْتُهُ لِيَ سُلَّمَا
إِذَا قِيلَ هَذَا مَنْهَلٌ قُلْتُ قَدْ أَرَى
وَلَكِنَّ نَفْسَ الْحُرِّ تَحْتَمِلُ الظَّمَا
وَلَمْ أَبْتَذِلْ فِي خِدْمَةِ الْعِلْمِ مُهْجَتِي
لِأَخْدُمَ مَنْ لاَقَيْتُ لَكِنْ لِأُخْدَمَا
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ صَانُوهُ صَانَهُمْ
وَلَوْ عَظَّمُوهُ فِي النُّفُوسِ لَعُظِّمَا
وَلَكِنْ أَهَانُوهُ فَهَانَ وَدَنَّسُوا
مُحَيَّاهُ بِالأَطْمَاعِ حَتَّى تَجَهَّمَا[11]
وأختم هذه الكلمة بالأبيات المنسوبة لأبي الأسود الدُّؤلي[12]،
فقد قال:
يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ المُعَلِّمُ غَيْرَهُ
هَلاَّ لِنَفْسِكَ كَانَ ذَا التَّعْلِيمُ
تَصِفُ الدَّوَاءَ لِذِي السَّقَامِ وَذِي الضَّنَا
كَيْمَا يَصِحَّ بِهِ وَأَنْتَ سَقِيمُ
فَابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا
فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ
فَهُنَاكَ تَعْدِلُ إِنْ وَعَظْتَ وَيُقْتَدَى
بِالقَوْلِ مِنْكَ وَيَنْفَعُ التَّعْلِيمُ
لاَ تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ
عَارٌ عَلَيْكَ إِذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ
وكذلك قول الشاعر:
يَا وَاعِظَ النَّاسِ قَدْ أَصْبَحْتَ مُتَّهَمًا
إِذْ عِبْتَ فِيهِمْ أُمُورًا أَنْتَ تَأْتِيهَا
أَصْبَحْتَ تَنْصَحُهُمْ بِالوَعْظِ مُجْتَهِدًا
فَالمُوبِقَاتُ لَعَمْرِي أَنْتَ جَانِيهَا
تَعِيبُ دُنْيَا وَنَاسًا رَاغِبِينَ لَهَا
وَأَنْتَ أَكْثَرُ مِنْهُمْ رَغْبَةً فِيهَا[13]
وقال آخَر:
وَغَيْرُ تَقِيٍّ يَأْمُرُ النَّاسَ بِالتُّقَى
طَبِيبٌ يُدَاوِي النَّاسَ وَهْوَ عَلِيلُ[14]
وصلَّى الله على سيدنا محمَّد وآله وصحْبه وسلَّم.
________________________________________
[1] "صحيح مسلم" برقم 1218.
[2] "صحيح البخاري" برقم 2648، و"صحيح مسلم" برقم 1688.
[3] "المصنف"؛ لابن أبي شيبة 11/125، وقد جاء الخبرُ نفسه في "تاريخ عمر"؛ لابن الجوزي، وانظر: "وقفات مع الأبرار" 335.
[4] "صحيح البخاري" برقم 3267، و"صحيح مسلم" برقم 2989.
[5] رواه البيهقي في "شعب الإيمان"، وانظر: "صحيح الجامع الصغير"؛ للألباني برقم 129.
[6] "نور اليقين" ص191.
[7] "البداية والنهاية" ط هجر 6/235-236.
[8] "صحيح البخاري" برقم 2753.
[9] "صحيح مسلم" برقم 2699، وأبو داود برقم 3643، والترمذي برقم 2945، وابن ماجه 2945.
[10] "فتح البر في الترتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالبر" 10/436-437.
[11] "طبقات الشافعية" 3/460، و"يتيمة الدهر" 4/23، و"معجم الأدباء" 4/159، و"معيد النعم" ص69.
[12] ونُسِبتْ هذه الأبيات أيضًا إلى المتوكل الليثي، والأرجح أنها لأبي الأسود، وانظر تعليقنا على الأبيات في كتابنا: "أقوال مأثورة" 1/207.
[13] "إحياء علوم الدين" 1/69، و"أقوال مأثورة" 2/165.
[14] انظر: "القصاص والمذكرون"؛ لابن الجوزي بتحقيقنا ص273، والقائل هو سعيد بن إسماعيل أبو عثمان الحيري المتوفَّى سنة 298 هـ.